اسكندر: الفيصل في الدولة المدنية هو الدستور ..وعبد الرازق: المرجعية الدينية تخل بمفهومها أبو بركة: الشريعة الاسلامية كمرجعية أصدق النظم وأوسعها مدي للحريات والحقوق اسحق: لابد من وضع مواد محصنة بالدستور الجديد كثوابت لمفهوم الدولة المدنية عبد الفتاح:الدولة المدنية مصطلح "مصري" غير موجود بالعلوم السياسية طرح كبديل للدول العلمانية كيف ترى التيارات السياسية مفهوم "الدولة المدنية"؟ " نريدها دولة مدنية " .. شعار اتخذته ودافعت عنه غالبية القوي الموجودة علي الساحة السياسية في مصر الآن بما فيهم جماعة الإخوان المسلمين ولكن إذا دققت في طرح كل منهم لما يقصده بالدولة المدنية ستكتشف أن هناك فروق جوهرية في هذا الطرح ، لا خلاف فيه علي المباديء الأساسية لشكل هذه الدولة والتي يعرفها المفكرون المصريون والقيادات الحزبية بانها الدولة التي تقوم علي أسس العدالة والحرية والحقوق المتساوية بين جميع المواطنين وسيادة القانون، ولكن يبدأ الخلاف والاختلاف عندما يقترب الحديث من المادة الثانية للدستور وفكرة المرجعية الإسلامية للدولة..فهنا يدلي كل تيار بدلوه فيما يخص الابقاء أو التعديل أوحتي إلغاء المادة الثانية من الدستور والذي يعتبره بعض شيوخ السلفيين "كفر بدين الله"... يفجر د.نبيل عبد الفتاح –الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات- مفاجأة في تصريحات خاصة "للدستور الأصلي" بقوله أنه لا وجود لمصطلح الدولة المدنية في مجال العلوم السياسية مؤكداً أن الدولة المدنية مصطلح "مصري" صاغه بعض المفكرين المصريين كبديل عن المصطلح الغربي المتعارف عليه دولياً ب"الدولة العلمانية" أو "الدولة الأمة" التي تعتمد علي حكم الدستور والقانون والمؤسسات السياسية وتتأسس علي مفهوم المواطنة والمساواة والحريات العامة ولا تميز بين المواطنين علي أساس الانتماء الديني ، ومفهوم الدولة الأمة سائد بأغلب الدول المتقدمة كالولايات المتحدة وأوروبا والصين واليابان . وأضاف عبد الفتاح-وهذه المصطلح الذي صاغه المصريون هو تكريس لمفاهيم الإمام محمد عبده عن الدولة الحديثة والتي جاءت لمواجهة الدولة الدينية التي يحكمها رجال الدين وذلك علي سبيل تقريب الفكرة للمواطنين وعدم ترهيبهم، فهناك عمليات تشويه متعمدة يقوم بها عناصر الحركات الاسلامية لمفهوم الدولة العلمانية المشتقة من مصطلح العالم وتصوريها علي أنها دولة ضد الدين وهذا غير صحيح وهم يحاولون بذلك احداث خلط وتدليس علي مفهوم الدولة الحديثة عند عوام الناس والنخب التي تلقت تعليم رديء. كما أكد عبد الفتاح أن الدولة الحديثة لاتوجد بها مرجعيات دينية وليس معني هذا أن الدولة المدنية تعادي الأديان، مشيراً إلي أن عدم طرح المادة الثانية للنقاش في التعديلات الدستورية يشكل فرز طائفي بين المواطنين علي أساس الدين مشيراً إلي أن الدساتير لا تصنع انتماءات البشر . في حين كان للتيارات المختلفة وجهات نظر متباينة حول مفهوم الدولة المدنية- التي أكد عبد الفتح أنها صناعة مصرية -وشروطها .. فيقول أمين اسكندر –وكيل مؤسسي حزب الكرامة - أن الخلاف ليس قاصراً علي مفهوم الدولة المدنية وشروطها ولكن هناك خلاف حتي علي مفهوم المرجعية الدينية ذاتها ،فهل هي مرجعية للتاريخ العربي الإسلامي والحضاري أم إلي الشريعة الإسلامية بأحكامها وحدودها. ونحن نرفض طرح الدولة المدنية التي يكون مرجعيتها الاسلام بمعني أن يحكمها الفقهاء ويكون الفيصل فيها للحكم علي الأشياء ما هو شرعي وغير شرعي، فالفيصل في مفهومنا للدولة المدنية هو الدستور. ويضيف اسكندر : ولابد من وضع إضافة للمادة الثانية بحيث تكون"الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع مع حق أصحاب الديانات الأخري أن تحكمهم شرائعهم" حتي لا يخل ذلك بمفهوم الدولة المدنية. فيما اعتبر حسين عبد الرازق-عضو المجلس الرئاسي لحزب التجمع- القول بأن الدولة "مدنية بمرجعية دينية "هو التفاف علي الواقع فطالما للدولة مرجعية دينية فهي -من وجهة نظري -دولة دينية معرفاً الدولة المدنية بأنها التي تقوم علي الفصل بين الدين والسياسة وعلي أسس المواطنة التي لا تفرق بين المواطنين علي أساس الدين أو الجنس أو الانتماء السياسي ويتحقق في ظلها دستور مدني وقوانين مدنية يتم صياغتها من خلال المجلس الشرعي الذي سيأتي عبر انتخابات حرة . وأضاف : ونحن ضد دستور 71 وما أدخل عليه من تعديلات نقلت المادة الثانية بنفس صياغتها لأنه يقيم دولة دينية أو شبه دينية فعندما يكون الاسلام دين الدولة والشريعة الاسلامية المصدر الاساسي للتشريع أو مصدر أساسي للتشريع فهذا يؤسس لدولة دينية ونحن نطرح صياغة أخري للمادة الثانية في الدستور وهي "الاسلام دين غالبية المواطنين و الدستور والقانون يستلهمان القيم العليا للأديان السماوية جميعاً" لأن بقاء هذه المادة علي حالها يخل بمفهوم الدولة المدنية . وأشار عبد الرازق إلي أن حزب التجمع بالتنسيق مع أحزاب الائتلاف الديمقراطي الأخري الثلاث سيدعو كافة الأحزاب المدنية لاجتماع موسع للإتفاق علي العمل المشترك للدفاع عن الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، مؤكدا ًأنه لن تتم دعوة الأحزاب التي أعلنت أنها أحزاب مدنية ذات مرجعية دينية كحزبي العدالة والحرية و الوسط مشدداً علي أن طرح الإخوان للدولة المدنية مرفوض تماماً لتمسكهم بالمرجعية الدينية التي لاتعبر عن الدولة المدنية التي نريد. وأكد جورج اسحق –الناشط السياسي وأحد مؤسسي حركة كفاية –أن المرجعية هي الدستور، ولفت إلي ضرورة أن تصيغ اللجنة التي تضع تصور للدستور الجديد مجموعة من المواد المحصنة التي تكون بمثابة ثوابت لمعني الدولة المدنية لا يقترب إليها أحد كحق حرية التظاهر وحرية العقيدة وحرية الرأي وممارسة العمل السياسي وغيرها من الحقوق والحريات ، ووضع تصور لدولة المواطنة القائمة علي المساواة.. وهذا هو السياق الطبيعي للمرجعيات والضمان الوحيد لقيام الدولة المدنية وعدم الإخلال بمفهومها..مضيفاً: وأنا مع بقاء المادة الثانية علي حالها علي أن يضاف مواد أخري تجعل أصحاب الشرائع الأخري يحتكمون إلي شرائعهم. في حين نفي عصام سلطان-نائب رئيس حزب الوسط- وجود خلافات حول مفهوم الدولة المدنية قائلاً: لا أحد يختلف حول مفهوم الدولة المدنية والخلاف حو فكرة المرجعية الاسلامية وهي تعني المباديء الأساسية التي قامت عليها الحضارة الاسلامية ،مضيفاً :الاسلام دين وحضارة وبالنسبة للدين فللمسلمين دينهم الذين يتعبدون به وللمسيحين دينهم، أما الحضارة فشارك في صنعها الاثنين مستطرداً: فهم بنوا الحضارة وشيدوا العمران وقاموا بالحروب معاً وبالتالي فالمسلمون والمسيحيون صنعوا حضارة الاسلام معاً التي نري أن يستلهم الدستور الجديد مرجعيتها . وبقاء المادة الثانية من دستور 71 علي شكلها الحالي لا يخل بمفهوم الدولة المدنية فالاسلام يقول أن لغير المسلمين حق الاحتكام إلي شرائعهم فيما يخص أمورهم الشخصية . ومن جانبه قال د.أحمد أبو بركة –عضو الكتلة البرلمانية السابق لجماعة الإخوان المسلمين- أن علم السياسية أو النظم السياسية لم تعرف مصطلح الدولة المدنية كما لم تعرف هذه العلوم مصطلح الدولة الدينية ولكنها عرفت الدولة الحكومية والدولة المطلقة والاستبدادية التي لا نستطيع فيها الفصل بين الدولة والشخص الحاكم ، مشيراً إلي أن النظام الاسلامي سبق البشرية كلها ب14 قرن في مسألة الفصل بين الحاكم والدولة مضيفاً: فالحاكم كان يختار بإرادة الناس وكان يخضع للمسائلة والنبي محمد لم يكن يحكم المدنية باعتباره نبياً ولكنه قبل أن يدخل المدينة عقد بيعة مع أهلها شملت النساء والشيوخ والأطفال واليهود والنصاري والمهاجرين واتفقوا خلالها علي ميثاق المدينة الذي نظموا من خلاله الحقوق والواجبات. واستكمل أبو بركة: وبالتالي حين توجد شريعة بهذه الدقة والتنظيم والسماح أكون خائن لمجتمعي حين لا أتخذها أساس للمشروع السياسي فالاسلام حدد قواعد المرجعية العليا للدولة في المجال السياسي والاقتصادي والمدني والجنائي ووضع أسس المساواة بين الجميع وأطلق الحريات الشخصية إلي أبعد الحدود كحرية الإعتقاد والرأي والتملك فكان أول من أنشأ زمة مالية مستقلة للمرأة وبالتالي لا يجوز إهدار هذه الشرائع واستلهام أحكامها عند صياغة الدستور الجديد فالشريعة الاسلامية كمرجعية أصدق النظم التي عرفتها البشرية وأوسعها مدي للحريات والحقوق ومعتبراً أن الضمانة الحقيقة في تطبيق مباديء الشريعة الاسلامية . وأضاف :الأفكار التي يقذفها العلمانيون العرب في وجه مجتمعاتهم حول ما يسمونه بالدولة الدينية "أكذوبة كبري" ليروجوا من خلالها أفكارهم غير المنضبطة للمرجعية الاسلامية فهم يدعون أن فكرة الدولة الدينية تقوم علي ثلاث ركائز وهي: تأليه البشر وأن الحاكم يختار بحق آلهي مباشر وأنه معصوم لا يسائل ، وهذه الأفكار الثلاث جاءت الأديان السماوية في الأساس لتهدهما، فالاديان لا تدعو لتأليه البشر وعصمتهم .. وتقديم هذه الأفكار علي أنها مرتبطة بالدولة الدينية افتراء وكذب علي الحقيقة. وحول رأيه من اقتراح إضافة الفقرة الخاصة بحق أصحاب الديانات الأخري الاحتكام لشرائعهم للمادة الثانية بالدستور ..قال أبو بركة: من يتحدث هذا الحديث لم يقرأ ولم يعرف فهذا مبدأ أساسي في الشريعة الاسلامية موجود في المادة الأولي من قانون الأحوال الشخصية وعليه تكون إضافة هذا الجزء بلا معني.