لايكفي رجال الأعمال أمثال أحمد عز وأبو العينين وفريد خميس ومنصور عامر وآلاف غيرهم.. أن يقرأوا في الصحف ماجري في مصر الأسبوع الماضي ثم يتركونها جانبا ويواصلون أعمالهم.. فقد انتظرت أن يخرج أحدهم ليقود حملة تبرعات حقيقية من أمواله.. لتخفيف الضرر قليلا عن مصريين فقراء يعيشون في هذا الوطن. في الأسبوع الماضي صدر قرار إخلاء معهد الأورام من ساكنيه من مرضي السرطان.. والذي لايرتاده إلا فقراء لايملكون حطاما.. وبعدها بساعات أغرقت السيول المنازل والشوارع في أكثر من محافظة كأسوان وجنوب سيناء.. وأصبح أخوة لنا في العراء.. ولأنها مشكلة كل عام التي لم تقدم الحكومات السابقة لها حلا.. فكان طبيعيا أن يقذف المواطنون رئيس الحكومة والوزراء بالطوب. الكوارث في هذا الوطن تقع حصريا علي فقرائه.. لعله ابتلاء الله لهم حتي يلقوه يوم القيامة أطهارا من كل دنس.. لكن إلي أن يأتي أمر الله.. ما الذي ينتظره أصحاب المال والأعمال المصريين.. ولماذا لم نسمع لهم صوتا واحدا يعلن التبرع لشركائهم في الوطن.. ما أقوله ليس حصة تعبير مدرسية.. بل الحقيقة التي علي أغنياء هذا الوطن أن يعوها كثيرا.. فلم يعد مقبولا استمرار هذه الحالة من الانفصام مع المجتمع الذي يعيشون فيه. نعم.. للحكومة وظيفتها ودورها.. لكن أين المسئولية الاجتماعية للأثرياء الذين يعيشون بيننا.. فمعهد الأورام الذي كاد يسقط علي نزلائه يحتاج ثلاثين مليون جنيه لبنائه وتأثيثه.. وهو رقم لا نراه كبيرا.. فيكفي أن يتكفل بسداده ثلاثة من رجال الأعمال ولن أقول واحداً فقط. بعضهم يمتلك طائرات خاصة ولهم مساعدوهم ومديروهم.. فلماذا لم يحطوا بطائراتهم في مناطق متضرري السيول.. ومشاركتهم الأحزان والآلام وتقديم التعازي وقبل ذلك تقديم العون المادي.. ولماذا إصرارهم علي أن يشعرونا دائما أنهم في واد منعزل عن هذا الوطن بمشاكله وهمومه.. رغم أنهم جمعوا ثرواتهم من هؤلاء المواطنين الثكالي.. أليس في ثرواتهم حق معلوم لفقراء هذا الوطن؟!. لماذا تتدفق أموالهم دون حساب علي صفحات الصحف بإعلانات التعازي لكبار المسئولين.. حتي إن الرئيس مبارك أصدر أوامره للصحف بعدم نشر إعلانات التعازي الموجهة له في فقد حفيده.. لأنه يعلم أن باب التعزية إذا فتحه.. لصدرت الصحف المصرية في عدد من الصفحات تدخل به موسوعة جينيس. الإنصاف يقتضي عدم جمع كل رجال الأعمال في سلة واحدة.. لكنني أيضا لا أستطيع قبول تخليهم الدائم عن مشاركة فقراء هذا الوطن في أحزانه.. ولا أنتظر اتصال أحدهم ليخبرني بأعماله الخيرية.. لأنها ستكون غالبا في (دائرته الانتخابية).. فلماذا لايثبت لنا أن مصر كلها دائرته الانتخابية.. ولماذا يقبعون علي ثرواتهم في انتظار تعليمات عليا بالتبرع.. مثلما جري في السابق فيما يشبه الهوجة.. مثل حملات التبرع لسداد ديون مصر.. ومساعدة الفلسطينيين.. والتبرع لمشروع مصر النووي.. وكلها كانت من أجل الشو الإعلامي.. كيف ننسي أننا لم نرهم عندما سقطت صخور المقطم ليلا علي سكان الدويقة لكن وجدناهم بدفاتر الشيكات وفي حلتهم الأنيقة في حريق مبني مجلس الشوري.. لا نظلمهم.. فأفعالهم تدل عليهم. لماذا يضن الزمان علينا برجال يمتلكون المال والثروات.. لكنهم يعلمون أنها في خدمة هذا المجتمع.. وأنها منه وإليه.. ولماذا لا نجد من بين هؤلاء شبيها لطلعت حرب وعبود باشا والمنشاوي باشا.. الذين بنوا وعمروا مصر وأوقفوا من أموالهم الكثير لصالح وخدمة إخوان لهم يشاركونهم العيش علي أرض واحدة؟!.