لم يُعاقب عبود الزمر لضلوعه بالاشتراك في جريمة قتل السادات وحده، بل تم عقاب المصريين جميعاً بالسجن ثلاثون عامًا وإن كان الافراج عنه قد تأخر شهراً فلقد تم الافراج عنا بتاريخ 11 – 2 والزمر خرج بتاريخ 11 – 3 وإن كنت لا أملك إلا أن أتعاطف معه لتعنت السلطة فى تنفيذ حكم الافراج فى ميعاده قبل عشر سنوات برغم الخازوق الذى ساهم بحسن نية ودون قصد منه فى تلبيسة لثلاثة أجيال هم أكثر من مائة وخمسون مليون مصرى (بحساب الأموات والاحياء فى الأعوام الثلاثين العجاف)، وإن كنت أحسد "الزمر" لأنه قضى الثلاثون عامأ فى حماية النظام فى زنزانة حصينة وأحسب أنه لو كان حراً طليقاً لقضى نحبه فى حادثة طريق أو مشاجرة على أنبوبة بوتاجاز أو قُتل فى أحد طوابير العيش أو رمياً بالرصاص فى معركة على قطعة أرض أو ذبحا فى إشكالية نزاع على العلاقة بين المالك والمستأجر وإن كنت أسامحة لأننى أعلم بشكل شبه مؤكد أنه قد تم تعذيبه بوسائل شتى ليس أقلها أن يجبره زبانية الداخلية على تجرع مرارة مشاهدة تامر أمين على شاشة التليفزيون المصرى يومياً أو بالفرجة على سيد على وهناء السمرى مع نزع الريموت منه دون رحمة حتى لا يستطيع تغيير القناه. قتل الزمر بالاشتراك مع جماعة الجهاد السادات (وحده) فى دقة غريبة قل أن توصم بها أى من أعمالنا (فيه صف ناس قاعدين فى العرض .. ليه السادات بس؟) برغم أنه عمل إرهابى ولكن قلة عدد ضحاياه على المنصة ساهم بشكل كبير فى زيادة عدد ضحاياه (بلد بأكمله) خارجها. لم يصم عبود الشهرين الذى أمرهم بها عمر عبد الرحمن للتكفير عن حرمة دم الظباط والجنود ال 138 الذين قتلوا فى أثناء دفاعهم عن مديرية أمن قنا عند هجوم جماعة الجهاد كجزء من مخطط لاحتلال كل مراكز الدولة الحساسة لإعلان الدولة الإسلامية، ولكن معظم المصريين صاموا بدون فتوى لأكثر من عقدين بعد أن أكلوا الحمير والبغال ثم ضربوا بواسطتهم، قتل الزمر السادات بفتوى تهدر دمه، وقتلنا مبارك بدون أن ينتظر فتوى (لو كان سيد طنطاوى حياً لتبرع بها من نفسه)، لاتحسنوا الظن بالحكومة لأنها أفرجت عن كل السلفيين والجهاديين والإخوان فى هذا التوقيت، ولا يخدعنكم قولهم أن هذا يعد تصحيحاً لوضع خاطىء أو رداً للمظالم، وإلا كانت أفرجت عن كل المعتقلين السياسيين وليس المسيسين الدينيين فقط، ولا أدرى لما تذكرنى هذه الاجواء بما كان يفعله السادات فى السبعينيات عندما أستغل التيار الدينى لوقف المد الشيوعى، وهذا بالظبط ما يحدث الآن، أستشعر أجواء صفقة هى أقرب للمؤامرة أن يترك الشارع والنقابات والجامعات للإخوان ومن لف لفهم من جماعات دينية وأن تترك سدة الرئاسة والخارجية والملعب الدولى لأصدقاء أمريكا وإسرائيل يعيثون فيه فساداً كما يرغبون وليس تصريح عمرو موسى عن إحترامه لإتفاقياتنا مع إسرائيل فى حالة نجاحه ببعيد! قدرنا أن نعيش فى قلق وخوف من المجهول ولكنه أيضا واجبنا ومسئوليتنا أن نحاول تحسين ذلك المجهول حتى لا نفاجأ بأنفسنا وقد أصبحت زوجاتنا وبناتنا يرتدون الشادور و يُمنع تعليم البنات ونجد هيئة النهى عن المنكر تجوب الشوارع لتضرب الأزواج الذين يسمحون لزوجاتهم بالسير سافرات الوجه، أرجو الحذر مما يحاك لنا. عندما كنت صغيراً فى الصف الاول الابتدائى كنت أعبر لمدرستى فوق جسر صغير على ترعة الزمر التى سميت بهذا الإسم لأن عائلة الزمر كانت تمتلك أراضى شاسعة حولها، وكنت أنا وأقرانى نمشى دائماً فى منتصف هذا الجسر لأننا كنا موقنين وقتها أن هناك غوله تقطن تحت هذا الجسر تخطف الأطفال، وكبرت وكنت أضحك عندما أتذكر إيمانى الشديد بهذه الشائعة، التى تعاودنى الآن مع شبه يقين أن الحقيقة هى وجود غول يتربص بنا جميعاً لاختطاف الوطن. وأختم كلامى بجملة عمنا الكبير جلال عامر "عندما تبدأ مصر التجربة بنصف دستة من الأحزاب الدينية فإننا لا نعيد تجربة ألمانيا واليابان ولكن تجربة الصومال وأفغانستان".