حينما تم اختيار المستشار الجليل والمفكر الكبير طارق البشرى رئيسا للجنة تعديل الدستور ، شعر الناس بالراحة والاطمئنان والتفاؤل ، وعبروا عن ثقتهم الكاملة في شخصية طارق البشرى وقدراته الفكرية والقانونية فى هذه اللحظة التاريخية ، كان يمكن لهذا الرجل العظيم أن ينقذ وطنه من مأزق دستوري كبير ، ويعبر عن روح ثورتنا المباركة في نصوص تعيد للشعب حقوقه المسلوبة .وهنا يتبين لنا – مرة أخرى – دور الفرد في صنع التاريخ . كان يمكن لسيادة المستشار أن يرضى شعبنا المتعطش للحرية ، ويحقق طموح الثوار ، بتشكيل لجنة تعبر عن مختلف القوى السياسية ، ولا تقتصر على تيار سياسي واحد ! لجنة تضم إلى جانب القانونيين طوائف أخرى مهمة من شعبنا ، ثوار ومفكرين وكتاب ومثقفين واقتصاديين ومهنيين وغيرهم . كان يمكن لهذه اللجنة أن تمثل جموع الشعب المصري ، ولتكن من مائة عضو أو أكثر ، تجتمع اجتماعا متواصلا في مجلس الشعب أو في مجلس الشورى مع السماح لكاميرات التليفزيون أن تنقل على الهواء مباشرة كل المناقشة التي تدور ، حتى يشترك شعبنا في متابعة ما يحدث داخل لجنة إعداد دستور ديمقراطي ، أو إعداد إعلان دستوري مؤقت يتضمن المبادئ الأساسية للديمقراطية ، إعلان دستوري لا تشوبه شبهات الديكتاتوريات القديمة . كان يمكن لهذه اللجنة الموسعة أن تنهى عملها في خلال عشرة أيام ، أو أقل أو أكثر ، فدستور 1923 موجود معنا ، وكذلك دستور 1954 ، وغيرهما من دساتير عدة كتبت في السنوات الماضية . لقد تعلقت آمال الناس بطارق البشرى ، فماذا صنع بنا ؟! وأي لجنة هذه التي شكلها ؟! وكيف يقبلون تعديل دستور ديكتاتوري سقط نهائيا بثورة من أعظم ثورات العالم كله ؟! يا سيادة المستشار الجليل ، ثمة ثقة كاملة في وطنيتك ، وحسن نيتك أنت وأعضاء لجنتك الموقرة ، ولكنكم دفعتم بنا إلى مأزق كبير ، وكان يمكن لكم أن تجنبونا ما نحن فيه الآن من انقسام خطير بين القوى الوطنية ، وتأخير – لا داعي له - في التحرك نحو نظام ديمقراطي يتطلع إليه شعبنا الأصيل من سنوات طويلة . يا سيادة المستشار إذا كنت قد تعرضت لضغوط من أي جهة مهما كانت ، كان يجب عليك أن تصارح الرأي العام ، الذي وثق بك ، وتعلن استقالتك أو تنحيك عن أداء مهمة جليلة لم تتح لك الحرية اللازمة لأدائها . والآن علينا جميعا أن نذهب إلى صناديق الاستفتاء لنقول : لا . لا لتعديل دستور مهلهل ، يُسلب الشعب حقوقه ، ويكرس الديكتاتورية . ثم نبدأ بعد ذلك فى انتخاب جمعية تأسيسية لإعداد دستور جديد يليق بمصر ، وشعبها العظيم صاحب ثورة 25 يناير المجيدة .