لقد طلب مني بعض الأصدقاء أن أروي أو أن أرد، ولقد أجبت على كل الأكاذيب التي رددها هذا قبل ذاك، ومع ذلك أحب أن أكرر لكم بعضا من الأكاذيب والرد عليها، ولكن دعنا قبل أن نصل إلى هذا البند، أتوقف معكم عند القضية الأساسية في مصر الآن، شوفوا مافيش رجل أعمال في مصر حر حتى لو سعى وتمنى ذلك، حتى لو كان بينه وبين نفسه صادقا في ذلك، لأن أي رجل أعمال في مصر لو عايز ياخد أي موقف مستقل من أي نوع بكرة الصبح الجمارك يجيله مفتش صحة يوقف له مصنعين، مفتش جمارك يوقف له، مليار بنك يطالبه، واحنا شفنا رجال أعمال كانوا ملء السمع والبصر في خمس دقايق من غير سوزان تميم خالص كانوا في السجن، وشفنا إن حتى الصراعات على المستوى الكبير بينهم صراع الفيلة والدببة اللي بيحصل فوق في النظام، يؤدي إلى التضحية ببعضهم أيضا وهو محسوب على النظام وابن النظام، لكن ما أريد قوله عشان الصورة تبقى واضحة إن مافيش رجل أعمال حر، لأنه مافيش رجل أعمال ومافيش ليبرالية اقتصادية وحرية اقتصادية في بلد مستبد أبدا، مصر بلد مستبد حاكمها مستبد نظامها فرعوني يحكمها طغاة، هؤلاء الطغاة بيشغلوا بعد الضهر رجال الأعمال عندهم، ويبقى القسمة إننا نقسم القصة، يبقى عندنا الطاغية الفرعون، وعندي أحزاب أليفة مربيها في الجنينة، وأطلق حزب تالت على البرادعي، أحزاب أليفة ومدربة وبيجيبوا ليها أطعمة الكلاب من "هايبر"، وعندهم في نفس الوقت رجال أعمال يمتلكوا مفاتيح الاقتصاد في مصر، معظمهم في علاقات مصاهرة ومشاركة مع رجال جوه السلطة، وبعضهم أبناء السلطة نفسهم أو أحفادهم أو رعاياهم. وأعتقد ممكن كلنا نرجع لتأصيل عظيم كاتباه الدكتور سامية سعيد في كتابها "من يملك مصر؟" وتبص في قوائم الشركات تلاقيهم كلهم متجوزين بعض، المشهد نفسه لما مثلا شفت أنا عقد إحدى شركات العقارات في مصر المساهمين فيها، الدولة ورجال الأعمال على سرير واحد، فاحنا بنتكلم على رجال أعمال ماسكين مفاتيح الاقتصاد والحكاية توزيع ثروة ما بين السلطة بتشارك رجال الأعمال وبتديهم حتت يشتغلوا فيها لأن مافيش كائن في الوجود الإنساني فيما عدا مخترع الفيس بوك بيكسب مليار دولار في السنة، كل هذا دليل فساد، وعايز أقول لكم إن بعض رجال الأعمال المصريين اللي انتشروا خارج مصر ماشتغلوش غير في بلاد فاسدة، مايعرفوش غير في تحالف فساد مع الثروة، وفي نفس الوقت خدوا مفاتيح الاقتصاد، خدوا كمان مفاتيح الإعلام، أنا اشتغلت في كل القنوات الفضائية، وأصحابها ناس أفاضل ومحترمين وأنا باحترمهم ولابد من الإشادة والإشارة إلى تقدير بالغ لهم، بين قوسين عايز أقدر الدكتور أحمد بهجت أكتر من أي حد تاني أو لوحده مش دون أي حد تاني، وأعرف تماما أن هذه الوسائل الإعلامية والقنوات الفضائية ملك الدولة ورجال الأعمال واخدين حق انتفاع، كل المؤسسات الإعلامية والقنوات الفضائية يديرها وزير الإعلام بصفته أو رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون بصفته أو مدير إدارة الإعلام بمباحث أمن الدولة بصفته، وكل قناة ومحطة فضائية زي كل جرنال فيكِ يا مصر ليه ظابط مختص للتعامل معاه من قبل أمن الدولة. نحن نشهد مسرح عرائس والحبال يديرها شخصيات فوق، ومن ثم لا يمكن الزعم بوجود إعلام حر في بلد مش حر، منين تجيبوا إن يبقى فيه قنوات فضائية حرة وإعلام حر في بلد مستبد ما تركبش، ممكن نتساءل ببساطة طيب بتظهروا ليه في القنوات دي، وليه حتى بتطلعوا جرايد وليه مصرين تطلعوا جرايد وليه هنصدر جرايد؟؟؟ أولا لأن دي بلد أبونا.. دي بلدنا واللي مش عاجبه يروّح، وحقوقنا فيها أكتر من حقوقهم، على الأقل هم عندهم حسابات بره وبيوت بره، وأعتقد إن فيه مشاهد في مصر هانشوف الطيارات وهي بتطير من شرم الشيخ والجونة وهانعرف هي بلد مين، حتى الإقطاعيين قبل الثورة كانوا عندهم أطيان وأراضي في البلد دي وبيوتهم وقصورهم في البلد، دول مافيش بنت من بناتهم بتولد إلا بره، ومافيش حفيد من عيالهم إلا وعنده جنسية واتنين وتلاتة غير مصرية، فالبلد بلدنا وعشان كده احنا بنحاول إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم غرسة فليغرسها، ويوم القيامة الصبح أنا هاطلّع جرناني. فلأن دي بلدنا لازم نطلع جرايدنا ولازم ندافع عن حق وشرف هذا البلد. اقرأ باقي المقال ومقالات أخرى لكبار الكتاب عن أزمة جريدة الدستور في "كتاب الدستور.. قصة حياة بلد وجرنال"