آخر تحديث ل سعر الذهب بمحلات الصاغة.. اعرف عيار 21 بكام    توقيع خطاب النوايا بین «الكفایة الإنتاجیة» ومكتب «يونيدو» بالبحرين    رئيس جهاز مدينة دمياط الجديدة يستعرض أعمال تطوير محطة مياه الشرب    تعرف على مواصفات هيونداي كريتا 2024 فئة Smart أهم مزايا السيارة الداخلية والخارجية    حماس: تعديلات إسرائيل على المقترح الأخير وضعت المفاوضات في طريق مسدود    إسماعيل هنية: طوفان الأقصى مقدمة التحرير والاستقلال.. والاحتلال يصارع من أجل البقاء    إسماعيل هنية: طوفان الأقصى اجتاحت قلاع الاحتلال الحصينة.. وتذل جيشا قيل إنه لا يقهر    الأمم المتحدة: لم يعد لدينا طعام أو خيام لحوالي مليوني شخص في غزة    وصول الشحنة السابعة من المساعدات الباكستانية لغزة إلى بورسعيد    عاجل.. كاف يكافئ الزمالك بسبب الأهلي ويصدم نهضة بركان بقرار رسمي.. مستند    مؤتمر «الكيانات المصرية فى أوروبا» يناقش استعدادات تنظيم بطولة الكاراتيه الدولية في الغردقة    «الأرصاد» تكشف حالة الطقس لمدة أسبوع.. الحرارة تصل إلى 42 درجة    قرار قضائي بشأن متهمين في مشاجرة دامية بالمقطم    خالد أبو بكر مهنئا «القاهرة الإخبارية»: فكرة وصناعة مصرية خالصة 100%    نادين: مسلسل «دواعي سفر» يستعرض دور الطب النفسي في علاج المشاكل    أيمن حسن داود يكشف مشكلات سفر الشباب في عودة المجد    3 قوافل لجامعة كفر الشيخ ضمن حياة كريمة في مطوبس.. تفاصيل    تشكيل باريس سان جيرمان لمواجهة نيس في الدوري الفرنسي    وزارة النقل تنعى هشام عرفات: ساهم في تنفيذ العديد من المشروعات المهمة    وزارة النقل تنعى الدكتور هشام عرفات وزير النقل السابق    مخاطر الإنترنت العميق، ندوة تثقيفية لكلية الدعوة الإسلامية بحضور قيادات الأزهر    «جوزي الجديد أهو».. أول تعليق من ياسمين عبدالعزيز على ظهورها بفستان زفاف (تفاصيل)    طاقم عمل A MAD MAX SAGA في العرض العالمي بمهرجان كان (فيديو)    هل الحج بالتقسيط حلال؟.. «دار الإفتاء» توضح    أمين الفتوى يحسم الجدل حول سفر المرأة للحج بدون محرم    خالد الجندي: ربنا أمرنا بطاعة الوالدين فى كل الأحوال عدا الشرك بالله    المشدد 7 سنوات لمتهم بهتك عرض طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة بكفر الشيخ    يكفلها الدستور ويضمنها القضاء.. الحقوق القانونية والجنائية لذوي الإعاقة    كوارث النقل الذكى!!    الكويت تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي للامتثال إلى قرارات الشرعية الدولية    6 مستشفيات جديدة تحصل على اعتماد «جهار» بالمحافظات    محافظ مطروح: ندعم جهود نقابة الأطباء لتطوير منظومة الصحة    جامعة قناة السويس ضمن أفضل 400 جامعة دولياً في تصنيف تايمز    بث مباشر مباراة بيراميدز وسيراميكا بالدوري المصري لحظة بلحظة | التشكيل    رغم تصدر ال"السرب".. "شقو" يقترب من 70 مليون جنية إيرادات    الطاهري: القضية الفلسطينية حاضرة في القمة العربية بعدما حصدت زخما بالأمم المتحدة    نائب محافظ الجيزة تشهد فعاليات القافلة العلاجية الشاملة بقرية ميت شماس    الزراعة: زيادة المساحات المخصصة لمحصول القطن ل130 ألف فدان    «تضامن النواب» توافق على موازنة مديريات التضامن الاجتماعي وتصدر 7 توصيات    الحكومة توافق على ترميم مسجدي جوهر اللالا ومسجد قانيباي الرماح بالقاهرة    "رسميًا".. موعد عيد الاضحى 2024 تونس وعدد أيام إجازة العيد للموظفين    إصابة عامل صيانة إثر سقوطه داخل مصعد بالدقهلية    ماذا قال مدير دار نشر السيفير عن مستوى الأبحاث المصرية؟    أبرزها «الأسد» و«الميزان».. 4 أبراج لا تتحمل الوحدة    مفتي الجمهورية من منتدى كايسيد: الإسلام يعظم المشتركات بين الأديان والتعايش السلمي    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    الصحة: تقديم الخدمات الطبية ل898 ألف مريض بمستشفيات الحميات    للنهائى الأفريقي فوائد أخرى.. مصطفى شوبير يستهدف المنتخب من بوابة الترجى    قطع الكهرباء عن عدة مناطق بمدينة بنها الجمعة    "النقد الدولي" يوافق على قروض لدعم اقتصاد غينيا بيساو والرأس الأخضر    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13238 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    ضبط 123 قضية مخدرات في حملة بالدقهلية    أحمد مجدي: السيطرة على غرفة خلع ملابس غزل المحلة وراء العودة للممتاز    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    وزارة العمل: 945 فرصة عمل لمدرسين وممرضات فى 13 محافظة    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توماس جورجيسيان يكتب: وطبعا .. البركة فينا!!

بداية العام الجديد أكيد تصدم وتزلزل وتغم وتحزن وتعكنن.. وتفتح جروحنا كلها وتكشف روحنا (حلونا ومرنا)، والأهم انها بداية أزاحت القناع ليظهر جمالنا ويتفضح قبحنا .. وطبعا كانت كارثة تخلينا نغضب ونفكر ونقول ونسكت ونتشل ونفور.. "ايوه الحكاية كانت وكمان مازالت" و"اللي فينا أكيد مكفينا" و.."لسه.. حنقول ونزيد؟!" والمرة دي الحكاية كانت في الاسكندرية.
"كان جدي يرى الاصلاح في حكم المستحيل، ورآه أبي ممكنا، والمطلوب اصلاحه في نظره هو حال المسلمين" يكتب المفكر جلال أمين ويضيف: "ورأيته أنا أيضا ممكنا والمطلوب اصلاحه في نظري هو حال مصر وعلى الأكثر حال العرب. أما ابني فاني أراه يتصرف وأسمعه يتكلم وكأن الاصلاح الشامل في حكم المستحيل، سواء كان اصلاح المسلمين أو العرب أو مصر".
ويرى أمين أن ابنه قد عاد الي النقطة التي بدأ منها جده مع اختلاف الأسباب ذاكرا: " لقد وصل اليها جدي بتعمقه في قراءة كتب الدين، ووصل ابني اليها من قراءة كتب التاريخ والسياسة، وسماع أخبار العالم من التليفزيون."
لكن ترى ماذا نفعل نحن الآن لكي لا نصل الي تلك النقطة وذلك الاستسلام لليأس وعدم الامكان خصوصا أن أغلبنا يقرأ فقط كتب الدين ويسمع ويشاهد بل ويدمن أقاويل وفتاوي التليفزيون.. أو الانترنت؟ وكلنا في المركب وفي الهم سوا .. مسلمين ومسيحيين.
ما حدث مع بداية عام 2011 بكنيسة القديسين في شارع خليل حمادة بسيدي بشر بالاسكندرية كانت كارثة وصدمة ويجب التعامل معها على هذا الأساس بحزن وغضب وأيضا بحكمة. حكمة من يريد ألا يتكرر الحادث وحكمة من يريد أن يجد المناخ غير مهيئا ( فلنقل مسموما!) لتكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل.
نعم "المرة دي كانت الاسكندرية" وكانت في بداية عام جديد. ومع الأسف و"المرة دي مازالت هي القضية اياها والملف اياه والاحتقان اياه والتحدي اياه " كما ينبهني صديقي سامي ويضيف: "وقد نختلف في التسمية أوالتعريف أوالتصنيف أو التعليل الا أن الخطر واحد وواضح وضوح الشمس .. يحدق فينا ويتربص بنا ويهددنا .. انه خطر قائم وقادم"
وأكيد سمعنا الكثير وشاهدنا الكثير وقرأنا الكثير وقلنا الكثير. وأكيد التعبير عن حزننا وغضبنا وعن قلقنا وخوفنا على مصر له قيمته ومكانته وأهميته ومردوده. لكن يبقي السؤال الأهم: ثم ماذا؟ وهل لو واجهنا أنفسنا بعد شهرين أو ثلاثة بنفس القضايا التي طرحناها مع الحادث سنقول أخذنا خطوات وحققنا كذا وكذا أم أننا كالتلميذ الخائب سنتفادى الاجابة أو سنبحث عن حجج تبرر اخفاقنا وفشلنا في أداء الواجب وما هو مطلوب منا وعهد قطعناه من أجل تحسين أحوالنا حال دنيانا في وطننا.
ويجب أن أعترف هنا ( طالما تعودنا على الصدق والصراحة) بأنني أمام طوفان المشاعر والأحزان والتعليقات والتصريحات والمقالات والشعارات ترددت فيما يمكن قوله أو اضافته لكل ماقيل وكتب وتكرر قوله وكتابته على مدى الأيام الماضية. وأنا كلي ثقة بأن الكل قلبهم على بلدهم مصرنا الغالية. وأن الكل عايز يساهم ويشارك ويمد ايده ويغير سلوكه و"يحسن ملافظه" من أجل مصر الأفضل والأجمل والأحن. ولا ذرة شك لدي في نوايا كل هؤلاء المتكلمين منهم أوالصامتين أوالمؤمنين بأن الشعب واحد والوطن واحد. وفي لحظة صمت وتأمل تدخل حبيبي العم حسين كعادته ليقول ببساطته الفذة " هو انت مش عايز تقول ولا خايف تقول ان نفسك .. نفسك قوي ان كل ده ما يكونش في النهاية بس كلام ودخان في الهوا وبكره ننسى اللي قولناه ونعود لعادتنا القديمة .. ونشتكي من االي بيحصل حوالينا"
ويشارك تامر غاضبا "ما احنا قلنا وكررنا من قبل.. فاكر تقرير لجنة جمال العطيفي التي رصدت بوادر التوتر الطائفي عام 1972 وكانت أيامها في الخانكة. وعلى فكرة بعملية حسابية سهلة وبسيطة هى الطرح بين التاريخين بين وقتها ودلوقتي يعني 2011 .. حنجد 39 سنة عدت واحنا لسه بنتكلم عنه وبنجيب في سيرته ونكتشف اننا فعلا قصرنا في حقنا"
وطبعا بنقصر في حقنا وفي هويتنا وفي تاريخنا عندما نفقد ذاكرتنا أو تمتد ذاكرتنا فقط لسنوات قليلة مضت وننسى أو نتناسى ما كان في مصر وما يجب أن يظل في مصر. والأخطر بالطبع عندما ننسي ونتناسى التاريخ الذي أثرى وجودنا في وادي النيل والذي حكاه لنا من جديد جمال حمدان وجمال بدوي وآخرون. وعلينا أن نرجع لكتبهم لنقرأها من جديد وننشرها من جديد لأجيال تأخذ معرفتها وخيالها وخيبتها من غوغائية الفضائيات!!
ومن الطبيعي أن المرء منا عندما يجد نفسه أمام كارثة مثل تلك التي حدثت في الاسكندرية يبحث في ثنايا حياته عن ذكريات حلوة قد تكون تلاشت مع مرور الأيام ومشاغل الدنيا ويلجأ لكتب قيمة قد دفنت وسط أرفف المكتبة أو صور جميلة قد تناسيناها في ألبومات عديدة تراكم عليها التراب عبر السنين.
عفوا نحن نبحث بل علينا أن نبحث عن اللحظة الحلوة أو الموقف النبيل أو الكلمة الحنونة التي عشناها في حياتنا وخلدناها لتنقذنا مما نحن فيه أو مما قد تجرفنا اليه الأحداث المؤلمة. وهذا تحديدا هو ما أفعله هذه الأيام في مواجهة أو مقاومة الحزن الكئيب الذي خيم علينا جميعا.
ألجأ للروائي ابراهيم عبد المجيد صاحب "لا أحد ينام في الأسكندرية" لأجده يكتب بحسرة عن الاسكندرية المدينة التي كانت .. وصارت في صحيفة "اليوم السابع" :
".. صارت مدينة التسامح الحقيقى مدينة مزورة ترفع راية الدين شكلاً ومظهرا شأنها شأن سائر المدن المصرية. مدينة عاشت أكثر من ألفى سنة تستوعب الدنيا كلها، صارت تضيق بأهلها من الأقباط. يا إلهى. ولا تحدثنى من فضلك عن الاستعمار والصهيونية والايادى الاجنبية. الأرض هناك الآن مهيأة لهذا كله كما هى فى سائر الوطن، الأمر فقط فى الإسكندرية يدعو للحسرة والألم أكثر من غيرها من المدن، وماجرى فى كنيسة القديسين أكد لى أن المدينة التى كانت بيضاء صارت سوداء قاتمة بفعل الأفكار التى سادت ضد تاريخها من التسامح، ولعله الحزن الذى علينا الآن أن نلعنه فى ملابسنا السوداء."
ويذكر عبد المجيد أيضا "الاسكندرية التى كانت تولى وجهها شطر أوروبا صارت تولى وجهها شطر الصحراء. انظر الآن الإسكندرية القديمة التى عاش فيها أعظم متصوفة وعلماء الإسلام، وتركوا خلفهم أعظم المساجد، ورغم ذلك ظلت تحتفظ بروحها الإنسانى وانظر إليها الان ترتفع فيها المساجد كل يوم وفقدت فى نفس الوقت روحها الإنسان. لم يكن أبوالعباس المرسى ولا سيدى العدوى ولا سيدى ياقوت ولا سيدى جابر ولا سيدى القبارى ولا غيرهم وما أكثرهم فى الإسكندرية كفارا أيها الناس كانوا رموزا إسلامية عظيمة يعرفون أن الإسلام دين التسامح. أما الذين يباهون اليوم ببناء المساجد ويتوخون أن تكون امام الكنائس فقد أشعلوا فتنة لم تعرفها الإسكندرية، ووضعوا فى مساجدهم مشايخ لايعرفون من الإسلام أى معنى للتسامح والاخوة. لقد ضاع الحس المصرى وتشبهنا بالصحراء العربية ونحن لا نعيش فيها. بل تتطور الصحراء العربية ونتخلف نحن".
ثم ماذا حدث للإسكندرية؟ تتساءل الكاتبة اقبال بركة في مجلة روز اليوسف وهي تقول "أنا من سيدي بشر":
"لماذا انقلبت على المسيحية وأصبحت جرائم الاعتداء على الإخوة المسيحيين تتكرر فى محرم بك وميامى بالإسكندرية، وأخيرًا فى سيدى بشر وتندلع المظاهرات حول مسجد القائد إبراهيم كل أسبوع؟!
هل تغيرت طبيعة أهل الإسكندرية من الانطلاق والتحرر وسعة الأفق إلى التجمد والتعصب وضيق الأفق؟
هل صدقوا ما ردده بعض المغرضين نقلاً عن تنظيم القاعدة عن وجود أسلحة داخل الكنائس؟"
وتدعو الكاتبة الى ما يجب فعله: "أرجو أن يعى السكندريون خطورة سلبيتهم خاصة بعد ذلك الحدث الجلل، وأن يتكاتفوا ويعلنوا بكل الوسائل الواضحة رفضهم للإرهاب ولقتل الأبرياء وترويع المواطنين، كفانا شجبا وإدانة وبكاء على اللبن المسكوب، ولنتحرك إلى الفعل العاجل الحازم، ولا يكفى أن تدين الأحزاب المصرية الاعتداء الإرهابى على كنيسة القديسين بالإسكندرية بل عليهم التواجد فى المنطقة وتنظيم لقاءات شعبية مع أبنائها وشرح أبعاد القضية وعواقبها سياسيًا واجتماعيًا ومواساة أهالى الضحايا ومساعدتهم على تخطى محنتهم ماديًا ونفسيًا، وليتهم يتفقون على تنظيم مسيرة حاشدة ترفع لافتات الإدانة وتعلن الرفض لكل صور الإرهاب والتعصب، كذلك لا يكفى أن تعلن الحكومة إصرارها على تعقب الجناة وتصف الحادث بالعمل الإجرامى الذى يستهدف شعب مصر مسلميه وأقباطه فى إطار مخطط خارجى يستهدف وحدة مصر وأمنها، بل لابد من اتخاذ إجراءات وقرارات سريعة تلقن الجناة درسًا فى التضامن والتكاتف والاعتزاز بكل المواطنين ولتتكون لجنة لدراسة قانون بناء دور العبادة الموحد الذى ننتظره منذ سنوات يشارك فيها أعضاء مسيحيون من أكثر من طائفة، وتفعيل التوصيات بتعديل المناهج التعليمية وعلى تليفزيون الدولة أن ينشط لتقديم برامج تتصدى لأباطيل المتعصبين من الجانبين وتوعيتهم بحقائق الأديان."
اقبال بركة وهي تسترجع المشاهد المبهجة والصور الجميلة من اسكندرية الزمن الجميل تقول:" لقد كنا نفخر بتجاور الكنيسة والجامع فى شارع خليل حمادة ولكن جريمة رأس السنة استهدفت هذه الجيرة لتشعل نار الفتنة وتؤججها بتجاور المعبدين، "فاللوكيشن ممتاز" ويناسب تمامًا المسرحية التى يؤلفونها منذ عقود: مسرحية الحرب الأهلية بين مسلمى مصر ومسيحييها."
تتساءل: "وأخيرًا ماذا تم بحادثة الكشح وحادثة محرم بك وأحداث الشغب بمنطقة 45 بميامى بالإسكندرية، ومن قبلها أحداث الخانكة والزاوية الحمراء فى سبعينيات القرن العشرين وأحداث نجع حمادى الشهيرة التى وقعت ليلة عيد الميلاد 2010 ووقع فيها ستة قتلى أقباط وشرطى مسلم.. هل أخذت العدالة مجراها أم مازالت تبحث عن إبرة فى كوم قش؟"!
ولم يتردد الكاتب الكبير ادوارد الخراط ( وهو صاحب "ترابها الزعفران" و"يا بنات اسكندرية" في القول من قبل:
"أنا المصري العربي خلال سبعة آلاف عام غيرت ديانتي ثلاث مرات لكنها ظلت في صميمها واحدة أو متقاربة، وغيرت لغتي ثلاث مرات لكنها ظلت لغة واحدة في جوهرها قدسية وأرضية معا، العربية المصرية، موسيقية وصارمة الدقة ، حملت فلسفة اليونان وعلومهم الى لغات العالم المعاصرة، كما كانت قد حملت تصورات القدامى وعقائدهم الى التصورات والعقائد المحدثة، هي اللغة التي تمتاز لا بعراقتها فقط، بل بثرائها الفادح وتعدد مستوياتها ولهجاتها التي في استطاعتي أن أفيد منها جميعا، على اختلاف طبقاتها وتنوع مذاقاتها ونكهاتها، من لغة امرئ القيس الى لغة بيرم التونسي وفؤاد حداد، ومن لغة أبائي وأجدادي في أخميم الصعيد الجواني الى لغة اسكندرية القديس مرقص وأبي العباس المرسي."
ورجل الأعمال الشهير نجيب ساوريس عنده حق عندما لخص المطلوب ببساطة وشجاعة "العدل والمساواة" وعندما قال بأن ما يؤلم القبطي أو المصري المسيحي هو التشكيك في ولائه وانتمائه لمصر. ومع كل ما أثير أخيرا من قضايا الاقباط ومطالبهم فان المواطنة هي الحل. ويسأل في ذلك الصديق العزيز سمير مرقس زميل المرحلة الثانوية وابن حتتي شبرا. وقد كتب سمير وقال وناقش الكثير حول مفهوم المواطنة لسنوات طويلة. المواطنة هي حق وليس هبة أو منحة أو منه. المواطنة التي تقر وتعترف وتعني بحقوق وواجبات المواطن .. أبناء وبنات هذا الوطن المسمي مصر ومن ثم نجد عدل ومساواة في ممارسة هذه الحقوق وأداء هذه الواجبات على السواء. المواطنة هي الحل حتي لا نرى حقوق المصري المسيحي كمواطن يتم مناقشتها عبر الكنيسة ورجالها ثم توصف مطالبه بأنها مطالب أقباط وعندما يهاجر الى الخارج أو يعمل به يتم نعته أو وصمه أو تهميشه أو التشكيك في ولائه تحت مسمى "أقباط المهجر". بالمناسبة هناك ما بين 5 و7 مليون مصري ( مسلم ومسيحي) في بلاد المهجر وهل نعرف كيف نتعامل معهم ونستفيد منهم (ان أمكن) ؟؟. ولا شك أن القضية الحيوية التي نحن بصددها (كما اعتدنا القول) أكبر بكثير من بناء الكنائس والخط الهمايوني الشهير وقانون الأحوال الشخصية. وهي قضية وطن واحد وقضية شعب واحد يواجه مصير واحد.
وطالما أشرنا لمصير واحد فان الموقف الآخر الذي "يعكنن الواحد" وبصراحة "مالوش موقع من الاعراب" في أي لغة من اللغات هو تعبير "مش ده وقته". وكلنا نعرف أن حاجات أبسط من كده بكتير اتقالت معاها العبارة اللعنة اياها "مش ده وقته". ونحن سمعنا "مش ده وقته" واحنا في العشرين من عمرنا وسمعناها واحنا في التلاتين وكمان احنا في الأربعين ونسمعها الآن بعد ما عدينا الخمسين "بالذمة امال امتى وقته؟.. لما نكون في العالم الآخر؟" ويضحك العم حسين قائلا:"امال احنا نقول ايه واحنا اللي قربنا من التمانين"
وطبعا العزيزة سامية معاها حق أن تحزن وتقلق وتغضب وأن تتساءل كيف يمكننا الخروج من الجو العام الكئيب والخانق الذي تبلور وتكثف وتجسد مع حادث الاسكندرية .. "هو احنا خلاص مش طايقين بعض؟؟". وبالتأكيد معاني وقيم ومواقف وحكايات حلوة عديدة ظهرت مع الحادث الأخير أكدت مصريتنا وطبطبت علينا وخففت شوية من حزننا وغضبنا الا أن قراءة بعض ردود القراء وتعليقاتهم و"شتائمهم" على آراء الكتاب .. كما أن ما كشف عنه بعض أصحاب القلم والرأي من "المكنون في نفوسهم" بعد مرور أيام من اقامة سرادق العزاء تقول وتصرخ في وجوهنا بأن القضية قائمة ولا يمكن تجاهلها أو التهوين من شأنها تسميها فتنة طائفية تسميها احتقان طائفي أو تفرقة أو تعصب "سمي اللي أنت عايز تسميه" المهم أن نطرحها للنقاش والحوار المفتوح وتبادل الآراء وحلحلة الأمور المتشابكة.
.. ثم ماذا بعد "دقيقة الحداد" و"الوقفة التضامنية" و"الصليب والهلال معا" هل من خطة معالجة سياسية واعلامية وتشريعية وتعليمية توضح وترسخ وتؤكد وتقول بصريح العبارة مفهوم المواطنة المصرية المواطنة اللي مافيهاش لف ودوران ودرجة أولى ودرجة تانية أو سوبر وسبنسة أو مزايدة عالولاء.. مصر يا عالم يا هوه في خطر!!
وايوه أنا عارف كويس انك ممكن تبص في وشي
وتقول هو أنت سكت كل الوقت ده علشان في الآخر تقول الكلمتين دول
وأكيد اتقال الكتير واتكتب الكتير وبقالنا سنين بنقول ونكتب الكتير الكتير
وعاملين نفسنا ان احنا عارفين الكتير وعارفين اللي في بالي واللي في بالك واللي في بالنا كلنا ... يا سلام عالمفهومية!! بصراحة هو ده النفاق العلني .. وخداع النفس بعينه!
بصراحة الواحد مننا لما يحصل حاجة زي كده في حياته لازم يقول "ستوب"، أيوه "قف"
ولازم يحاسب نفسه ويعيد حساباته والأهم يشوف هو غلط في ايه
ياسيدي لا فيه مؤامرة ضدك أو ضدنا ولا فيه أيادي بتلعب في الخفاء
وحتى لو فيه حصل ايه لصلابتنا وقوتنا وعزيمتنا وارادتنا
بصراحة الواحد مننا زهق من الكلام اياه وان العالم كله قاعد بيتآمر ضدنا
وحتى لو فيه لو عرفت تصلح حالك وتوضب أمورك وتخرج من المأزق اللي أنت فيه
أكيد أنت المستفيد ومش حد غيرنا
وحنقول نسيج واحد أو حنكرر وحدة وطنية المهم احنا اللي نقول ونطبق ونعيش ونستمتع بكل ده
والبركة فينا وزي ما الحماس بياخدنا في ماتشات الكوره خللي الحماس ياخدنا في تحسين حالنا وأحوالنا وسماءنا ونيلنا وأرضنا وشارعنا ومدرستنا ومستشفانا ومسجدنا وكنيستنا
وبلاش تاخدنا الأيام والأحزان بعيدا عن تاريخنا وتراثنا وأصلنا وقيمنا
وتاخدنا بعيدا عن "الدين معاملة" وعن "الذوق" و"العيب" وعن "ايدك معايا" و"قلبي عليك"
هي دي مصر اللي عرفناها وعارفينها وعايزينها وشايلينها في عينينا وجوا قلبنا و .. "وحياتك بلاش نقول ونزيد ونزايد علي بعض في الوطنية والانتماء وبلاش نشكك في بعض"
فمصر اللي حاضناك حضناني واللي ولدتني ولدتك واللي رضعتك رضعتني واللي رفعت الهلال عالمسجد هي نفسها رفعت الصليب عالكنيسة ومن قبل نقشت رع عالمعبد الفرعوني. مصر اللي حضنت الجميع .. واللي حضنت الغالي والعزيز والقريب والبعيد والمريد لآلاف السنين أكيد حتحضن ولادها كلهم وأحفادها ولادنا وأحفادنا
مصر محتاجة ان احنا ماننساش انها الحضن والأمان والانتماء والتحضر والاحتواء والاستقرار لأبناءها ولكل من يأتي اليها عشقا وعلما وتوددا ولجوءا
والبركة فينا وفيك وفي همتك وقلبك وتفانيك وصدقك وحبك وشهامتك واخلاصك
قوم يا مصري ومصر مش بس بتناديك دي عايزاك تقوم وتكون معاها
مصرعايزة كده
وأحفادك وأجدادك عايزين كده
وطبعا اخواتك وولادك لازم يقوموا ويكونوا جنبك ومعاك ويكونوا وراك وحواليك
والخطوة دي مش محتاجة عزومة أو "اتفضل أنت الأول"
الخطوة دي محتاجة حسم وشجاعة وأكيد جدعنة
وبصراحة ما حدش يقوللي ان " ده مش وقته"
وطبعا البركة فينا واحنا قد المسئولية .. مش كده؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.