أكتب هذه الكلمات إلى كل المهتمين بقضية التغيير والتحول الديموقراطى بمصر بشكل عام ، وإلى رفاق الطريق نشطاء الحملة الشعبية لدعم البرادعي ومطالب التغيير ( لازم ) بشكل خاص ، أجد لزاما عليّ أن أصارحكم بكل ما بداخلى ونحن نبدأ معا مرحلة جديدة أتحمل فيها مسئولية بالغة القسوة والصعوبة في وقت دقيق وحاسم من تاريخ الوطن ، وما تمنيت يوما أن أكون في هذا الظرف الحالي ، بل اعتذرت عنه كثيرا ، ولكن الظروف والأحداث الأخيرة لم تترك لي فرصة القبول أو الرفض ، بعد تكليفكم لي ، و الذي وضع على عاتقي مسئولية كبيرة أشفق على نفسي منها تماما ، ولكن ليس لنا إلا أن نستعين بالله ، ونطلب منه العون ونمضي في الطريق. أولا : إلى نشطاءنا لكي نصل إلى ما نريد لا بد أن نعرف أين نحن وماذا لدينا ، إن واقعنا الآن أننا حملة شبابية ، لها فرق عمل في أغلب محافظات مصر ، وتتفاوت قوتها وأعدادها من محافظة إلى أخرى ، ولكننا مازلنا حملة ناشئة ، تجاوزت مرحلة التأسيس ، وهي الآن في مرحلة البناء والانتشار وصناعة التأثير الحقيقي ، ونحن نعرف قدراتنا الواقعية ، ولا نبالغ فيها ، ولا نقلل منها .
نحن نهدف لصناعة التحول الديموقراطي ، وهو هدف يتحقق بمسار تراكمي يحتاج إلى قوة نفسية ، وثبات نفسي وعقلي ، ونحن قد عاهدنا أنفسنا أن نلتزم بالمنهجية ، وأن نتعلم من التجارب الأخرى ، لكي لا نكرر الأخطاء ، ولكي لا نصل لنفس الطريق المسدود ، لذلك لا مكان بيننا لمتعجل ، ولا متطرف في حماسه ، يريد أن يدفعنا لنسير في اتجاهات سار فيها غيرنا قبل ذلك وعاد بالفشل مرافقا له ، لن نضيع جهدنا ونستنزفه في أعمال لن تعود بالنفع على مشروع التغيير ، ولكننا في نفس الوقت سنستخدم كل الوسائل بما فيها التظاهروغيره ، وذلك في الوقت المناسب ، وفي الأحداث المناسبة ، وضمن خطة مدروسة ، ولن نفعل شيئا ، ولن نمارس وسيلة دون أن يكون لها فائدة واضحة وحقيقية لمشروع التغيير . قوتنا في عددنا ولكن قد يكون عددنا كبيرا ونحن بلا فاعلية ، لأننا مشغولون بالخلافات وإطفاء الحرائق الداخلية ، ومشغولون بحل الصراعات الشخصية بين بعض الأشخاص الذين لا يصنعون شيئا سوى إثارة المشاكل دون عمل حقيقي مثلما نرى في أغلب الأحزاب والحركات السياسية المصرية ، لذا لا مكان بيننا لمن سيكون عبئا علينا وليس إضافة لنا ، لا مكان بيننا لمن يبحث عن وجاهة أو لقب أو مصالح شخصية ، لن نكرر تجربة أجيال أخرى لم تستطع أن تصنع التغيير لأنهم جعلوا وحدتهم الشكلية هي الأساس ، وانشغلوا في إرضاء هذا وفي مداهنة هذا اتقاء لشره ، وكل هذا على حساب الوطن ، فلتقل أعدادنا ولكن فلتصفُ معادننا ومقاصدنا ، فلن يصنع التغيير إلا المخلصين قولا وعملا وسلوكا ، سننفض عن بيتنا كل من يجرنا إلى الخلف ، لن نسكت على أخطاء ، لن نخشى أن نقول إن أحدا انشق علينا أو انقلب علينا ، فليذهب حيث أراد وليدعنا نعمل ، وليختر طريقا آخر يعمل به كما يريد ولن تنجح معنا كما نجحت من قبل مخططات النظام في إفشال وشق الحركات السياسية ، سنكون حازمين لأقصى حد مهما غضب البعض منا ، هذه تجربتنا وأحلامنا وسنحافظ عليها مهما كان الثمن . ثانيا : إلى شعبنا المصري العظيم نقرأ واقعنا السياسي اليوم ، ونتفهم جيدا خارطة الصراع ، فنحن أمام نظام قمعي إقصائي يرفض أن يشاركه أي طرف في العملية السياسية ، ونحن أمام شعب طيب أرهقه الغلاء والمرض ، وأقعده الخوف والبطش الأمني عن المطالبة بحقوقه ، وأفقده طول بقاء النظام واستمراره القدرة على الحلم بالتغيير ، لذا فقد حددنا أهدافنا خلال هذه الفترة الزمنية القادمة ، ونعلنها بوضوح تام نحن نريد أولا : كسر حاجز الخوف في قلوب المصريين .
ونريد ثانيا : تكوين الكتلة البشرية النوعية التي تؤمن بمشروع التغيير وتتحرك به بين الناس ، ليصبح التغيير احتياجا ومطلبا جماهيريا ، مدعوما بإرادة شعبية حقيقية ، على استعداد لمناصرة الفكرة بشكل عملي .
ونريد ثالثا : أن نكسب تعاطف الإعلام المحلي والدولي ، وتأييد الرأي العام لفكرة التغيير والتحول الديموقراطي
إن فهمنا للكتلة النوعية التي تصنع التغيير أنها ليست كتلة عددية فقط ، بل هي موارد بشرية ومادية ، وموارد نوعية ، وعلاقات عامة ، وتحالفات كبرى مع شرائح اجتماعية هامة في نسيج العمل الوطني ، لذا فنحن نؤكد أن التغيير في مصر لا يحتاج إلى الملايين ، بل يحتاج إلى ما هو أقل ، ولكن مع وضوح الرؤية وتوافر النظام والمنهجية التي تجعلنا نمضي في الاتجاه الصحيح .
نحن لا نعادي أي كيانات معارضة ، ونقدر دورهم ونضالهم ، ونحرص على التنسيق مع الجميع فيما نستطيع ، ولكننا لسنا على استعداد لتغيير قناعاتنا واستراتيجياتنا من أجل إرضاء أطراف أخرى تصمم على العمل بشكل يجافي المنهجية ، ويكرر تجارب الماضي الأليم ، أحلامنا ليست وردية فيما يتعلق بخيال اندماج الجميع وتوحدهم مع تناقضاتهم الفكرية والتنظيمية والأيدلوجية ، لذا لن نضيع جهدنا في هذه المحاولات الحالمة بعد أن أثبتت كل التجارب عبثية هذا التفكير ، ولكننا في نفس الوقت نمد أيدينا للعمل مع الجميع في مساحة المشترك والمتفق عليه ، ولعل مطالب بيان التغيير السبعة تمثل حتى الآن هذا القاسم المشترك الذي يمثل أرضية مشتركة للعمل الوطني .
باب حملتنا مفتوح لجميع المصريين للعمل معنا من أجل مصر ، لا يعنينا اختلاف المرجعيات و الانتماءات طالما أن من يريد العمل معنا مؤمن بالتحول الديموقراطي كسبيل لا بديل عنه الآن لانقاذ الوطن ، لن نغلق باب حملتنا في وجه أي انسان طالما أنه يريد أن يعمل للتغيير وليس لأشياء أخرى ، حملتنا تستطيع الآن استيعاب الشباب والشيوخ والأمهات والطلاب وكل شرائح المجتمع المختلفة ، سيجد كل راغب في العمل من أجل مصر مهام واضحة ومحددة في حدود إمكانياته وظروفه ، يشارك بها معنا في مسيرة التغيير ، وفي تحقيق الأمل ، وسنقبل من كل إنسان ما يستطع أن يبذله من وقت وجهد مهما كان بسيطا أو كبيرا ، ولكن عليه أن يركب معنا سفينة الإنقاذ ، وينشر معنا شراع الحلم ، لتنطلق رحلتنا نحو إنقاذ الوطن
لا نعد الناس بالخيال ، ولا نعدهم بما لا نستطيع تحقيقه ، إن سقف طموحنا يعتمد على قدراتنا الحقيقية التي نلمسها في أنفسنا وفي داخلنا ، لن نكون يوما من أصحاب خطاب الحناجر وبيع الأوهام ، نحن نمضى إلى الهدف الأكبر ، وهو إحداث التحول الديموقراطي ، ولكن كل خطوة في الطريق إنجاز ونجاح يضيف لمسار التراكم ، قد لا تحين لحظة الاحتشاد والحسم قريبا ، ولكننا لا نقيم أنفسنا بهذا المعيار ، فنحن نمهد الطريق لجيلنا وأجيال ستأتى من بعدنا ، قد نكون حلقة هامة ومرحلة بينية في سلسلة التغيير وهذا يشرفنا ، قد نكون تمهيدا وتبشيرا بمرحلة أخرى قادمة ، وهذا أيضا يشرفنا ، إن ما يعنينا ويشغل بالنا الآن أن نؤدي ما علينا من واجبات ومسئوليات تجاه الوطن وتجاه هذه اللحظات التاريخية . ثالثا : إلى النظام لستَ بحاجة للتجسس علينا ، لستَ بحاجة لاعتقال نشطاءنا لانتزاع اعترافات ومعلومات منهم ، نحن نعمل في العلن ، ويسعدنا أن تصنفنا من الخارجين عليك وعلى قوانينك المعيبة المخالفة للدستور مثل قانون الطواريء ، إن الخروج عن قوانين الظلم والاستبداد فضيلة إنسانية ودينية ، نحن نعمل بكل وضوح لتغييرك ، فمشكلتنا الأساسية معك أنك نظام ديكتاتوري ، يرفض الديموقراطية ، ويقمع الشعب ، ويقتل أحلام الناس في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ، نحن نسعى إلى إيقاظ الشعب الذي أثخنته يد القمع والبطش ، وأرهقته ظروف المعيشة القاسية ، نعمل على تعبئة هذه الجماهير لتطالب بمستقبلها ، وتختار مصيرها ، نعمل مع كل الناس بلا استثناء ، نعمل مع الطلاب والعمال والموظفين والمهنيين والأمهات والآباء ، نحن روح ستتدفق في شرايين هذا الشعب لتوقظ مشاعرالعزة والإباء والمطالبة بالحقوق الإنسانية التي حرمنا منها النظام ، نحن ندافع عن حضارة أبهرت العالم وقدمت للإنسانية أروع القيم ، نحن ندافع عن شعب يستحق ما هو أفضل منكم .
لا تغتروا بقوة قمعكم ولا تعتقدوا أنكم باقون للأبد ، كم من طغاة تجبروا وتعملقوا ثم جرت عليهم سنن الحياة وطواهم التاريخ بلا رجعة ، لا تزايدوا على وطنيتنا ، لا تقولوا إننا دعاة للفوضى ، فنحن أحرص الناس على استقرار هذا الوطن ، ونحن نعمل لإنقاذه من الفوضى والدمار الذي حل به فى ظل نظامكم ، إننا نعتز بكل مؤسساتنا الوطنية ، ونؤكد أنها ليست ملكا لأحد سوى الشعب المصري ، ونعلم يقينا أنها ستنحاز دوما إلى خيارات الشعب التي هي جزء منه لا ينفصل عنه أبدا مهما بدا غير ذلك . رابعا : إلى المجتمع الدولي نحن لا نراهن على الخارج ليصنع لنا التغيير ، التغيير سيأتي من الداخل وبالمصريين ، ولكن ما نطالبكم به أن تتوقفوا عن دعم النظم اللاإنسانية التي تقتل مواطنيها في الشوارع ، والتي تزور الانتخابات ، وتقصي الجميع لتنفرد بالسلطة ، إن احترامكم لقيم الديموقراطية وحقوق الإنسان التي تدعون اليها يفرض عليكم أن تقفوا على الحياد – على الأقل – و لا تعطوا الشرعية والغطاء السياسي لمثل هذه النظم ، لا تشاركوا في قتل إرادة الشعوب ، لا تكونوا شركاء في جرائم يرتكبها هذا النظام في حق الإنسانية كلها
لم يعد لدينا أي خيار سوى أن ننطلق لنبشر الناس بالأمل ونعزف لحن الحرية ليسمعه شعب طال حزنه وأساه، لم يعد حلمنا بالديموقراطية رفاهية بل هو لازم للحياة ..