هو ايه اللي جري لشعب مصر؟ ماعاد هو نفسه شعب مصر ولا احنا اللي عايشين فى الوهم بأن هناك فعلا رفضاً تاماً لسياسات النظام الحالى من قبل اغلبية الشعب والخوف بس اللي مانع الناس من القيام بثورة عارمة.! كما جرى عام 1977 فى عهد الرئيس الراحل السادات عندما رفع سعر رغيف العيش وولعت الدنيا فى لحظات من أسوان الى الاسكندرية باندلاع انتفاضة شعبية هى الأكبر خلال القرن الماضي واطلق السادات عليها وقتها انتفاضة حرامية.! الموضوع محتاج لتحليل للشخصية المصرية بعد ثلاثين عاما هي عمر النظام الحاكم هل بالفعل هو الذي أوصلها الى درجة الخوف والجبن واللامبالاة والتواكل.؟ وبات كل الناس مقتنعين بأنه مفيش فايدة؟ وعليهم القبول بالأمر الواقع الذي نحياه .فلا أمل فى التغيير الى الأفضل لتشعر الملايين ولو مرة بأنها فى مأمن من الفقر والعوز..الغريب ان أيام انتفاضة 1977 لم يكن الوضع بهذا السوء لكن قد تكون هناك مفارقة كانت تداعياتها من جراء هذه الانتفاضة والى الآن بأن اصبحت العصا الأمنية اشد قسوة وغلظة بنهاية عهد السادات وازدادت بقوة فى عهد مبارك ويحميها قانون الطوارئ. وبعد تسعة وعشرين عاما تحديدا وبالتزوير العالمي الفاضح للانتخابات الأخيرة قد تكون انتهت دعاوى الاصلاح السياسي، بعدما تم اسر البلد كلها في حظيرة النظام "الحزب الوطني" واصبح واضحاً ان كل الخيوط فى يد الأمن حتى ولو صغيرة فما جري للقاضي وليد الشافعي من اهانة على يد ضابط شرطة، فى الانتخابات الاخيرة إلاانعكاس لصورة معبرة للوضع المصري ومن يحكم مصر فعلياً.! وليت القائمين على مصير الامة المصرية يعوا تماما اننا نسير فى طريق "نهايته ضلمه" كما يقول العامة، فلاثمة نقطة ضوء تظهر فى الافق بتغيير الوضع الحالى الا بتحرك قوي الشعب، ولن تنفع محاولات الاحزاب واطياف المعارضة والحركات المطالبة بالتغيير فالنظام لايزعجه كل ذلك بل يعي تماماً انها محاولات للتنفيس لأكثر.! لكن المحرك الحقيقي للتغيير الذي حان وقته هو الشعب نفسه وليس غيره ويعبر التاريخ القديم والحديث بدقة عن ماهية التغييرات التى تطرأ فى أي دولة عندما تعم الفوضي وينتشر الفساد والمفترض أن تدرس القوي الوطنية المطالبة بالتغيير كيفية التغيير أولاً وما يمكن فعله والعمل على اشراك الشعب وهو المحرك الرئيسي للأحداث وإجبار النظام على الرضوخ لما يريده، وقد تكون هذه النقطة بالذات هى التى تقف عقبة فى وجه التغيير الذي ننشده جميعاً. وقد يكون الشعب معذوراً لأسباب عدة لأن البشر منذ ان خلق الله البرية وماعليها يهمهم فى المقام الاول ان يبقوا على قيد الحياة اطول فترة ممكنة من السنوات ..وهذا ينطبق على الشعب المصري الآن فالأغلبية الساحقة قبل ان تتحدث عن تغيير وتعرف معناه تتحدث عن كيفية توفير رغيف العيش كل صباح، ليضمن رب الأسرة له ولأولاده ان يعيش ويبقي على قيد الحياة.. فما عاد الأمر ممكناً بأن يستكين الشعب بهذا الوضع الذي يدعو للإحباط وقتل اي محاولة للتغيير ودعمها بعدما اوصله النظام الى ذلك ومايمكن تسميته "الموت واقفاً"فالشعب بالفعل كاره للنظام وساخط على كل مايراه يومياً من استفزازات للأقلية التى تملك وتحكم البلد لكنه يفضل الموت واقفا بدلاً من الانبطاح فى سجون النظام.! ولا شك أن ابتعاد الناس عن المنهج الرباني هو السبب الرئيس فيما يعانيه الشعب المصري من مآس عديدة فلزاماً عليه ان يقول لا للاستبداد لا للفساد لا للفقر ولايخاف؟! .. و لا شك ايضاً أن قتامة الوضع الاقتصادي و السياسي تلقي بظلالها الفادحة على الوضع الاجتماعي و خاصة بالنظر إلى فئة الشباب عماد المستقبل .. و تتمثل تلك النزعات الهروبية بالرغبة في الاغتراب جغرافياً إلى المهجر النائي البعيد أو نفسياً بالغوص في تعاطي المخدرات و الاغتراف من الملذات بريئة كانت أم محظورة. ! فبين طغيان الأنظمة و قهر الفقر تعاني أجيال كاملة من الشباب الأمريّن.