عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 4 يونيو 2024 بالصاغة    بايدن: حماس هي العقبة الوحيدة أمام وقف كامل لإطلاق النار    انطلاق تدريبات جوية لقوات الناتو فوق شمال ألمانيا    مصرع 11 شخصاً جراء تسرب غاز بمنجم في باكستان    أول تعليق من سيد عبد الحفيظ على تصريحات «أفشة»    رسالة نارية من مدحت شلبي بسبب أزمة أفشة    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 38.. حالة الطقس اليوم    سيف جعفر: رفضت اللعب في الأهلي لأني زملكاوي.. وضحيت بأموال بيراميدز    تعرف على سعر البصل والطماطم والخضروات بالأسواق فى منتصف الأسبوع الثلاثاء 4 يونيو 2024    نقابة الصحفيين تكرم الزميل محمد كمال لحصوله على درجة الدكتوراه| فيديو    مصطفى بكري: الرئيس حدد مواصفات الحكومة الجديدة بالتفصيل    هشام حنفي: صلاح أيقونة.. وعمر كمال الأقرب للتواجد في تشكيل المنتخب    عبد الحفيظ: مرحلة مدير الكرة انتهت بالنسبة لي.. وبيبو يسير بشكل جيد مع الأهلي    ما بين انقطاع الكهرباء 3 ساعات وزيادة الأسعار تدريجيًا.. هل ينتهي تخفيف الأحمال قريبا (تقرير)    مجدى البدوي يشكر حكومة مدبولي: «قامت بواجبها الوطني»    سيد عبد الحفيظ يعتذر من خالد الغندور لهذا السبب    مجهولون يطلقون النار على المارة وإصابة مواطن في الأقصر    رفضت ترجعله.. تفاصيل التحقيق في إضرام نجار النيران بجسده بالبنزين في كرداسة    رحلة صناع "رفعت عيني للسما" من شوارع المنيا لشوارع كان السينمائي    وكيل مديرية الصحة بالقليوبية يترأس اجتماع رؤساء أقسام الرعايات المركزة    "الشراكات فى المنظمات غير الحكومية".. جلسة نقاشية ضمن فعاليات مؤتمر جامعة عين شمس    القومية للأنفاق تكشف معدلات تنفيذ محطات مونوريل غرب النيل (صور)    مواطنون ضد الغلاء عن مواجهة ارتفاع الأسعار: تطبيق القانون يردع كبار التجار    «كلمة السر للمرحلة القادمة رضا المواطن».. لميس الحديدي عن استقالة الحكومة    عدلي القيعي يرد على تصريحات شيكابالا: قالي أنا عايز اجي الأهلي    اتحاد الكرة يكشف الأندية المشاركة في دوري أبطال أفريقيا والكونفدرالية الموسم المقبل    غضب زملائه وينتظر عقوبة.. مصدر يكشف تفاصيل أزمة أفشة وكولر    وصلة ضحك بين تامر أمين وكريم حسن شحاتة على حلاقة محمد صلاح.. ما القصة؟ (فيديو)    بمرتبات مجزية.. توفير 211 فرصة عمل بالقطاع الخاص بالقليوبية    اليوم 240 .. آخر احصاءات الإبادة الجماعية في غزة: استشهاد 15438 طفلا و17000 يتيم    مصرع شاب في حادث مروري بالوادي الجديد    بسبب عشرات الصواريخ.. إعلام عبري: إصابة 6 من رجال الإطفاء بمناطق عدة شمالي إسرائيل    مصطفى بسيط ينتهي من تصوير فيلم "عصابة الماكس"    عدد حلقات مسلسل مفترق طرق ل هند صبري    خريطة قراء تلاوات 27 ذو القعدة بإذاعة القرآن الكريم    هل الطواف بالأدوار العليا للحرم أقل ثواباً من صحن المطاف؟.. الأزهر للفتوى يوضح    هل المال الحرام يوجب الطلاق؟.. أمين الفتوى يجيب    النائب العام يلتقي وفدًا من هيئة الادعاء بسلطنة عمان الشقيقة    صحة الفيوم تنظم تدريبا لتنمية مهارات العاملين بوحدات النفايات الخطرة    غدًا.. جلسة استئناف محامى قاتل نيرة أشرف أمام حنايات طنطا    أمين عام الناتو يبحث مع رئيس فنلندا ووزيرة دفاع لوكسمبورج التطورات العالمية    جيش الاحتلال يستهدف 4 أبراج سكنية في مخيم البريج وسط قطاع غزة    "قسد": إحباط هجوم بسيارة مفخخة لداعش في منطقة دير الزور السورية    بمشاركة 500 قيادة تنفيذية لكبريات المؤسسات.. انطلاق قمة "مصر للأفضل" بحضور وزيري المالية والتضامن الاجتماعي ورئيس المتحدة للخدمات الإعلامية    متربى على الغالى.. شاهد رقص الحصان "بطل" على أنغام المزمار البلدي بقنا (فيديو)    أكرم القصاص: حكومة مدبولي تحملت مرحلة صعبة منها الإصلاح الاقتصادي    خبير اقتصادى: الموازنة العامة تتلخص فى كلمتين "التنبؤ وإيجازه"    تامر عاشور يحيي حفلا غنائيا في الإسكندرية 4 يوليو    النائب العام يلتقي وفدًا رفيع المستوى من أعضاء هيئة الادعاء بسلطنة عمان الشقيقة    "الصحفيين" تكرم سعيد الشحات لمشاركته فى تحكيم جوائز الصحافة المصرية    بعد ادائها إمتحان نهاية العام.. إختفاء طالبة الفنية في ظروف غامضة بالفيوم    انتداب الأدلة الجنائية لمعاينة حريق نشب بقطعة أرض فضاء بالعمرانية    متى تبدأ تكبيرات عيد الأضحى وصيغتها    ما هي الأضحية في اللغة والشرع.. «الإفتاء» توضح    مليار و713 مليون جنيه، تكلفة علاج 290 ألف مواطن على نفقة الدولة    تقديم الخدمة الطبية ل 652 مواطنا خلال قوافل جامعة قناة السويس بقرية "جلبانة"    وزير الأوقاف يوصي حجاج بيت الله بكثرة الدعاء لمصر    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبراهيم عيسى يكتب: شعب الدهاشنة الذي لم يقدر عتريس حق قدره!
نشر في الدستور الأصلي يوم 22 - 09 - 2010

لو كان كل الطغاة في الحياة العربية مثل عتريس لكانت الحياة أجمل كثيرا مما نعتقد؟، وعتريس هو أشهر طغاة السينما العربية لأنه بطل فيلم شيء من الخوف الذي عاث في الأرض فسادا ساعتين إلا ربعا كرهه فيها الناس وفرحوا وشمتوا به قطعا حين رأوا أبناء وطنه ( قريته الدهاشنة ) يثورون عليه ويحرقونه بالنار تحت شعار يرج الفيلم رجا «جواز عتريس من فؤادة باطل»، وقد غفر شعب الدهاشنة لعتريس القتل وسفك الدماء والفساد والسرقة ونهب الثروات ولم يغفروا له جوازة !!. لكن الطاغية عتريس كان من وجهة نظري طوال الأحداث ضعيفا هشا وعلي رغم كل ما بذله حسين كمال مخرج الفيلم وعبد الرحمن الأبنودي وبليغ حمدي من مجازر موسيقية ومذابح غنائية فالرجل لا يمثل عشرة في المائة من الطغيان الحق الذي نراه في واقعنا العربي فبالله عليك هل هناك طاغية (إلا إذا كان طاغية عرة خائبا يتنصل منه زملاؤه الطغاة ) لا يستطيع أن يلمس امرأة يحبها ويعشقها ويهيم بها حبا لمجرد أنها قالت له: أنا رفضت أن أتزوجك ولا أريدك ولن تنالني بخاطري؟ يا سلام من ذلك الطاغية رقيق القلب حتي الهشاشة الذي لا يريد امرأة إلا برغبتها وحبها (هناك شك أن عتريس كان عنينا) فلا يوجد طاغية أبدا تهز شعرة من رأسه مشاعر حريمه (الرجال العرب الطبيعيون لا يهزهم هذا أساساً فما بالك بالطغاة؟)، بل عتريس الطاغية في فيلم شيء من الخوف تسبل عيونه وترتعش ساقاه حين تزغر له شادية إذا فكر أن يقبلها وهي رقة ورفعة نفس وشفافية روح من المستحيل أن تتوفر في قاتل وسفاح إلا إذا كان طاغية سينمائياً يتحرك بأمر المؤلف وليس بمقتضي الواقع الحقيقي!!
وإذا تأملنا تاريخ الطغيان العربي السياسي فمن المعجزة أن تحصل علي طاغية عمولة كما نراه في شيء من الخوف، فمن الطاغية الذي يعكر صفو حياته مجرد شيخ صمت زمنا أمام طغيانه وجرائمه ثم أخذ يردد أن زواج عتريس من فؤادة باطل وإيه يعني! لو كان عتريس (محمود مرسي العملاق) طاغية حقيقيا لا طاغية سينمائيا لقال ببساطة: إيه يعني باطل.. باطل يا سلام وهل كل ما يفعله حلال وجاءت علي الزيجة لتصبح يا حرام باطلا؟!، ثم هذا الشيخ المعارض البليغ الذي عاش عمره تحت حكم وطغيان عتريس لكنه لم يتمرد أو يرفض أو يلقي الخطب والمقالات ضد سياسة عتريس التي تقتل وتنهب وتسفك وتذل وعاش رأسه في الطين مثل غيره ولم يفق - يا أختي عليه - إلا علي حكاية الجوازة كأن كل الطغيان السابق شرعي وحلال، كأن ما يمس قوت وروح وكرامة المواطن ليس حراما!. لكن عتريس كان طاغية سينمائيا تهزه مثل هذه الخطب التي يلقيها خطيب أو يرددها مواطنون علي مصاطب! فتوجس وتربص واهتز وابتز في قريته الدهاشنة، كما تراه طاغية بلا حبيب أو صاحب أو حليف واحد في البلد وهذا ينم تماما عن أنه طاغية جاهل بالطغيان ويستحق أن يكون طاغية سينمائيا فقط، فالطاغية كما نراه ونعرفه في أوطاننا يحرص علي الأصدقاء والحلفاء فمثلا كان علي عتريس أن يدفع أموالا يشارك بها تجار القرية قروضا علي البحري حتي يكسب ودهم ومصلحتهم وكانوا ساعتها يعلقون صوره في المحال والدكاكين يدافعون عنه ضد الفقراء التافهين وكان يمكن أن يغرق عتريس شيخين أو ثلاثة من أساتذة القرية وشيوخها بالمال أو الهدايا أو الحماية أو المناصب حتي يهتفوا بحياته في المدارس ويلهجوا بالدعاء له في المساجد، ولو كان يفهم في الطغيان حقا لمنح عمالا زراعيين أجورا عالية مقابل حرث حقوله حتي يشكروا نعمته ويسكتوا علي طغيانه بل ويدعوا الله أن يزيدهم طغيانا من خيره قادر يا كريم، لو كان طاغية حقا لاتفق مع زعماء البندر المجاور علي معاهدة صداقة أو تحالف مشترك أو ترك لهم كذا قاعدة في حدود البلد يضعون فيها جنود المركز وعساكره ووفر لهم من قوت الغلابة المال والطعام فيضمن لو ارتفعت ضده المشاعل أن يجري أصدقاؤه وحلفاؤه لحمايته والدفاع عن عرشه وحكمه!! لكن الطاغية السينمائي يتبرأ (ويستبرئ ) منه الطغاة حقا، وإذا كان المؤلفون (ثروت أباظة ومحفوظ عبدالرحمن وعبد الرحمن الأبنودي قد حرصوا علي تقديم قلب عتريس الرهيف من أول الأحداث حيث لا يستجيب لجده الطاغية الكبير حين يأمره بقتل حمامة ويبكي ألما وفراقا علي ذبحها لم يقولوا لنا ماذا يفعل قلب عتريس الرهيف حين كان يذبح أمامه عجل أو بقرة، وهل معني ذلك أن كل رفاق عتريس في القرية الذين كانوا يصطادون عصافير بالنبل والحجر صاروا طغاة وقتلة؟، إن هذا يشبه تماما محاولة إظهار الطاغية شخصا طيبا وطاهرا في داخله وطفولته وأن المشكلة فقط في المحيطين به والملتفين حوله! لا علاقة للحمام ولا للحمامة بالطغيان والاستعداد له، الطغيان ظروف موضوعية وذاتية، شخص الحاكم زائد كوب شعب نائم مع معلقتين من المثقفين الجبناء والتافهين تنتهي هذه المقادير بطاغية عتريس وشعبه التعيس! أما أنه كان يحب فؤادة فمن الصعب طبعا ألا يحب أحد شادية إذا وجدها مصادفة فماذا لو كانت بطلة أمامه لكن الحب لم يكن أبدا دليلا علي طيبة الولد أو رهافة الرجال، بل إن طغاة العالم كلهم كانت لهم معشوقات وعشيقات هاموا حبا وغراما بهن ولم يهز هذا حجرا في طغيانهم، فمن المجنون الذي أوهم المشاهدين في مشارق الأرض ومغاربها أن الحب نقيض الطغيان، إن صور الطغاة يداعبون الأطفال أو مع أحفادهم أو تلاميذ المدارس لا تنجح في إقناع أحد بحب الطاغية أو التعاطف معه، وأغلب الظن أن عتريس لو كان أقنع فؤادة بأنها ستكون جلالة الملكة أو سيدة القصر لكانت قد اقتنعت وأراحت واستراحت!
عموما يتمني الجميع في كل قرية أن تخرج فؤادة لتفتح الهويس بينما نتفرج نحن الشعب عليها دون أن نفكر أن فؤادة تظهر في الأفلام فقط وأن الواقع اليومي الذي نعيشه في العالم العربي يؤكد أن فؤادة لو فكرت وحدها في فتح الهويس فلن تجد عتريس الذي يريد أن يتزوجها بل سيتزوجها بعون الله عزرائيل بنفسه!، لكن الغريب أن يجلس شعب الدهاشنة في انتظار فؤادة ويجلس الشيخ المثقف إبراهيم في انتظار زواج عتريس الباطل دون أن يفعلوا شيئا أو يحسوا علي دمهم طيب افرض مثلا يعني إن فؤادة كان جاء لها دور برد ونزلة شعبية حادة أو أن عتريس لم يفكر في الزواج من فؤادة وربنا أكرمه بناهد شريف كان الفيلم استمر حتي الآن يا بلد تخاف متختشيش!!
لو كنت مكان عتريس في فيلم شيء من الخوف لكنت طاغية أقوي كثيرا وأخلد أياما وأسعد حالا خصوصا أن الله رزقني بقرية مدهوشة متفرجة ساكتة صامتة فهؤلاء وحدهم الذين يصنعون الطغاة، وياليت عتريس كان يحكم الوطن العربي فهو يوم المني الذي يحكمنا فيه طاغية سينمائي أبله لا يهتم بخلوده علي العرش بقدر ما هو مهموم بالتصعيد الدرامي ونهاية الفيلم السعيدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.