تعد قرية «تطون» من أكبر قري الفيوم رغم أنها كانت حتي وقت قريب أحد أفقر قري مصر حتي صارت الآن تسمي «كفر إيطاليا» بسبب تحول الحياة فيها إلي الطراز الإيطالي في كل شيء بدءا من شكل المباني والمنازل إلي حياة الترف والرفاهية وتغيير التركيبة الاجتماعية بها بفضل هجرة شبابها إلي إيطاليا وعودتهم إليها محملين باليورو. ظلت «تطون» لسنوات طويلة رمزا للفقر بمصر، حتي ضرب بها المثل في الفقر فكان يقال:«أفقر من تطون» لكن الوضع تغير كليا في الوقت الحالي وأصبحت الآن رمزًا للثراء، وحلت الفيلات الفاخرة ذات المصاعد الكهربائية والسلالم المتحركة، محل المنازل الطينية والعشش الفقيرة. وقد تسبب هذا الثراء الفاحش للأهالي في ارتفاع أسعار الأراضي بها حتي وصل سعر القيراط الواحد إلي 300 ألف جنيه، وهو ما تسبب في مجزرة شهدتها القرية وراح ضحيتها خمسة أشخاص وأكثر من 22 مصابا بسبب النزاع علي الأراضي. وتقع «تطون» في مركز إطسا بالفيوم ويبلغ عدد سكانها 70 ألف نسمة وتقع في الجنوب الغربي لمحافظة الفيوم، وتعتمد هذه القرية في اقتصادها علي التجارة وبعض الزراعات إلا أنها منذ عام 1992 تحول اقتصادها كله إلي الاعتماد علي هجرة شبابها إلي إيطاليا، فلا يخلو بيت في القرية من وجود أحد أفراده في إيطاليا حتي وصل عدد شبابها الموجودين في الدولة الأوروبية إلي أكثر من 15 ألفا، بدأوا بالهجرة الشرعية وانتهوا بالهجرة غير الشرعية التي تسببت في وفاة العشرات من شبابها غرقا في البحر قبالة السواحل الإيطالية. وهناك شائعة تتردد بين مواطني الفيوم أن أحد الشوارع في إيطاليا أطلق عليه شارع أبناء «تطون» وبالمثل فإن القرية أطلقت أسماء إيطالية علي محالها التجارية مثل «عصير ميلانو» و«دريم روما» و«جوهرة إيطاليا» وغيرها. وقرية تطون أصبحت تتميز بمبانيها الفاخرة وفيلاتها المتميزة والعمارات والقصور التي أقامها أبناؤها ويتردد أن حجم معاملات أبناء القرية لدي البنوك تزيد علي عدة مليارات من الدولارات بسبب السفر إلي إيطاليا، حتي وصل ثمن أحد البيوت بالقرية إلي مليونين ونصف المليون جنيه، ولا تقل تكلفة أي حفل زفاف عن 200 ألف جنيه بل قد تصل إلي قرابة مليون جنيه. وتسبب السفر إلي إيطاليا في تغيير التركيبة الاجتماعية للقرية وتغيير الكثير من العادات والتقاليد، فالقرية التي كانت محافظة إلي أبعد الحدود بل كانت أحد معاقل الإخوان المسلمين حتي وقت قريب تحولت إلي العكس تماما وارتفع فيها ثمن كل شيء بدءًا من البيوت إلي المحال إلي حتي الزواج، حيث بات السفر إلي إيطاليا هو جواز المرور إلي أي فتاة في القرية وأهلها حيث يقابل العريس بالترحاب، وكم من زيجات فشلت بسبب عجز الزوج عن السفر إلي إيطاليا حتي تحولت الحياة في القرية إلي حياة مادية بحتة، ولا يهم كم من المال يدفع أو يضيع المهم هو تحقيق ما يريده صاحب المال، فأبناء هذه القرية لا يضعون في حساباتهم احتمالات ضياع صفقة شراء أرض أو عقار بسبب خلاف علي الثمن، فالأموال جاهزة لإذابة أي خلاف، ولذلك لم يجد أحدهم مشكلة في إنفاق 4.2 مليون جنيه لشراء أرض مساحتها 3 فدادين لا يتعدي سعرها الأصلي 300 ألف جنيه. ولم يجد آخر مشكلة في شراء عزبة لا تتجاوز مساحتها 50 فدانًا بمبلغ 27 مليون جنيه برغم أن سعرها الأصلي 6 ملايين جنيه، وبنفس المنطق اشتري ثالث قطعة أرض مساحتها 1500 متر في مكان مميز بالمحافظة بمبلغ 33 مليون جنيه، في حين أن متر الأرض في هذا المكان لا يتجاوز 4 آلاف جنيه، وفعل رابع نفس الشيء عندما اشتري برجا صغيرا بسعر 9 ملايين جنيه.