سؤال قد يجول في خاطر الكثيرين متسائلاً: كيف يكون القدر معدًًا سلفاً ولا ينزل القرآن بأحكامه دفعة واحدة؟ ولماذا استغرقت رحلة نزول القرآن الكريم علي قلب الرسول صلي الله عليه وسلم 20 عام كاملا؟ ويرجع العلماء طول فترة نزول القرآن لأحكام عدة، منها تثبيت قلب النبي محمد لمواجهة ما يلاقيه من قومه، ذكر القرآن: «كذلك لنثبِّت به فؤادك ورتلناه ترتيلًا» وفسر العلماء «ورتلناه ترتيلا» إشارة إلي أن تنزيله شيئًا فشيئًا ليتيسر الحفظ والفهم والعمل بمقتضاه. أما الأمر الثاني فيتمثل في تهيئة قوم محمد - صلي الله عليه وسلم - والصحابة للأحكام التي شرعها القرآن الكريم وتطبيق تلك الأحكام وكذلك تيسير حفظه وفهمه علي الرسول وعلي أصحابه: «وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَي النَّاسِ عَلَي مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا» فليس من السهل علي الإنسان التخلي عما اعتاده من عادات وتقاليد مخالفة للقيم والعادات الإسلامية مثل شرب الخمر والربا والميسر، كما جاء التدرج ليلبي حاجة الناس ويرد علي أسئلتهم واستفساراتهم. في داخل هذا المكان البعيد في أحضان غار حراء وبصحبته لقيمات من الخبز والماء يقيم محمد بن عبد الله بالأيام يتعبد ويدعو ربه حتي ينفد زاده فيرجع لدفء خديجة حتي جاء منتصف شهر رمضان، وكاد الرسول يتم عامه الأربعين فيأتيه الروح القدس يتلو عليه رسالة ربه «اقرأ باسم ربك الذي خلق»، ويقول ابن كثير في كتابه البداية والنهاية: «كان ابتداء الوحي إلي رسول الله يوم الاثنين لسبع عشرة خلت من رمضان وقيل من الرابع والعشرين».