أسعار الدواجن واللحوم اليوم 26 مايو    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 26 مايو    متى تنتهي خطة تخفيف الأحمال؟ وزير المالية حسم الأمر    الجثث تفحمت، مصرع 27 شخصا بينهم أطفال في حريق ضخم بمتنزه هندي (فيديو)    أنطونوف: بايدن يهين الشعب الروسي بهجماته على بوتين وهذا أمر غير مقبول    مشهد بديع لشروق الشمس من قلب الريف المصرى فى الشرقية.. فيديو    الدبلومات الفنية 2024| اليوم.. استمرار الامتحانات داخل 2562 لجنة    اليوم بدء أعمال التصحيح لامتحانات الفصل الدراسي الثاني لإعدادية البحر الأحمر    موعد عيد الأضحى ووقفة عرفات 2024.. ومواعيد الإجازات الرسمية لشهر يونيو    نقع الأرز ل4 ساعات يخفض مستويات السكر في الدم    عاجل.. زلزال بقوة 6،3 درجات يضرب جزر فانواتو    مع اقتراب نهاية السنة المالية.. تعرف على مدة الإجازة السنوية وشروط الحصول عليها للموظفين    استعلم الآن.. رابط نتيجة الصف السادس الابتدائي الترم الثاني عبر موقع بوابة التعليم الاساسي    إيلون ماسك يحذر المستخدمين من سرقة رسائلهم على واتساب    حقيقة وفاة الداعية التركي فتح الله جولن    أدعية الصفا والمروة.. «البحوث الإسلامية» يوضح ماذا يمكن أن يقول الحاج؟    وزير البترول: وزارة الكهرباء تتخلف عن سداد فواتير الوقود ب 120 مليار سنويا    هل سيتم تحريك أسعار الأدوية الفترة المقبلة؟.. هيئة الدواء توضح    وزير البترول: ندعم وزارة الكهرباء ب 120 مليار جنيه سنويا لتشغيل المحطات    والدة مصطفى شوبير: وجوده مع الشناوي شرف.. وعزومة «حمام ومحشي» للاعبي الأهلي    المقاولون العرب يهنئ الأهلي على فوزه بدوري أبطال أفريقيا    «أصعب 72 ساعة».. بيان عاجل من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم وتحذر من تغير مفاجئ بالحرارة    زاهي حواس: إقامة الأفراح في الأهرامات "إهانة"    حظك اليوم الأحد 26 مايو لمواليد برج العقرب    حظك اليوم برج السرطان 26/5/2024    "هرب من الكاميرات".. ماذا فعل محمود الخطيب عقب تتويج الأهلي بدروي أبطال إفريقيا (بالصور)    للقارة كبير واحد.. تركى آل الشيخ يحتفل بفوز الأهلى ببطولة أفريقيا    واجب وطني.. ميدو يطالب الأهلي بترك محمد الشناوي للزمالك    أسعار الذهب اليوم الأحد 26 مايو 2024 محليًا وعالميًا    نيابة مركز الفيوم تصرح بدفن جثة الطفلة حبيبة قتلها أبيها انتقاماً من والدتها بالفيوم    باريس سان جيرمان بطلا لكأس فرنسا على حساب ليون ويتوج بالثنائية    الرئيس التونسى يقيل وزير الداخلية ضمن تعديل وزارى محدود    مصرع 20 شخصا إثر حريق هائل اندلع فى منطقة ألعاب بالهند    حظك اليوم الأحد 26 مايو لمواليد برج الدلو    جورج لوكاس يتسلم "السعفة الذهبية" بحضور كوبولا في ختام كان السينمائي    قصواء الخلالى: الرئيس السيسى أنصفنا بتوجيهاته للوزراء بالحديث المباشر للمواطن    وزير الرياضة ل"قصواء": اعتذرنا عما حدث فى تنظيم نهائى الكونفدرالية    سلوى عثمان تنهار بالبكاء: «لحظة بشعة إنك تشوف أبوك وهو بيموت»    مشابهًا لكوكبنا.. كوكب Gliese 12 b قد يكون صالحا للحياة    حزب المصريين: الرئيس السيسي يتبع الشفافية التامة منذ توليه السلطة    رابطة النقاد الرياضيين تُثمن تصريحات الشناوي بتأكيد احترامه للصحافة المصرية    أطول إجازة للموظفين.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات للقطاع العام والخاص    صحة كفر الشيخ تواصل فعاليات القافلة الطبية المجانية بقرية العلامية    زيادة خطر الإصابة بهشاشة العظام بعد انقطاع الطمث.. وما يجب فعله للوقاية    العلاقة المشتركة بين سرطان الرئة وتعاطي التبغ    بيرسي تاو يُهادي جماهير الأهلي بعد التتويج بدوري أبطال أفريقيا (فيديو)    قطع المياه اليوم لمدة 6 ساعات عن بعض المناطق بالأقصر.. تعرف عليها    اليوم.. افتتاح دورة تدريبية لأعضاء لجان الفتوى بالأقصر وقنا وأسوان    61 ألف جنيه شهريًا.. فرص عمل ل5 آلاف عامل بإحدى الدول الأوروبية (قدم الآن)    صوّر ضحاياه عرايا.. أسرار "غرفة الموت" في شقة سفاح التجمع    بوركينا فاسو تمدد فترة المجلس العسكري الانتقالي خمس سنوات    رئيس جامعة طنطا يشارك في اجتماع المجلس الأعلى للجامعات    الأزهر للفتوى يوضح العبادات التي يستحب الإكثار منها في الأشهر الحرم    المدن الجامعية بجامعة أسيوط تقدم الدعم النفسي للطلاب خلال الامتحانات    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي العلمي للمقالات العلمية    وزير الأوقاف: تكثيف الأنشطة الدعوية والتعامل بحسم مع مخالفة تعليمات خطبة الجمعة    توقيع برتوكول تعاون مشترك بين جامعتي «طنطا» و«مدينة السادات»    متصلة: أنا متزوجة وعملت ذنب كبير.. رد مفاجئ من أمين الفتوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سكينة فؤاد تكتب :أين ذهبت الأبحاث التي تسلمها أباظة عن الاكتفاء الذاتي من القمح؟
نشر في الدستور الأصلي يوم 20 - 08 - 2010

أستسمحكم في حديث يختلط فيه العام بالخاص بشكل مدهش، وأعترف بأنني مزقت أوراقي أكثر من مرة لعبث كل ما يكتب الآن عن القمح، فقد كتبت مثله وأكثر منه مئات المرات وأعيدكم إلي ملف مقالاتي عن القمح طوال أكثر من عشر سنوات علي صفحات «الأهرام»، فالقمح إذا كان قضية عامة ومصيرية في حياة المصريين فهو في حياتي أيضا قضية خاصة أعطيتها سنوات ذروة ونضجاً من عمري ككاتبة ومن خلالها اكتشفت حجم التهريج والاستهانة الذي تعالج به قضايا مصيرية وكيف تركت زراعة القمح لتستغل في السيطرة علي أمن مصر القومي والحيوي ولتكون جزءاً من مشروع الهيمنة الأمريكية والصهيونية وعشق التشريد والتنكيل الذي تعرض كثير من الخبراء والعلماء ممن تصدوا لحلها حتي لحقت بمصيرهم حتي أصبحت في الشارع ممنوعة من الكتابة لولا صحافة حزبية «الوفد» ومستقلة «الدستور» فتحت لي صفحاتها بكل الحب والتقدير، ومن خلال كتابتي عن القمح والاكتفاء منه تعرفت علي فيض ما تملك مصر من علم وعلماء وخبرات ومراكز أبحاث زراعية تنتج إبداعات فكرية في صورة أبحاث ودراسات تجهض وتصادر بأيدي قيادات شريكة في صناعة الكارثة أو تنفيذ المؤامرة علي أمن واستغناء وقوة هذا الشعب، أبحاث ودراسات ومناهج إذا طبقت وأثمرت ثمارها كانت مصر وبالأدلة والوثائق قد تجاوزت الاكتفاء إلي التصدير، كما فعلت دول كثيفة السكان مثل: الصين والهند وباكستان وبنجلاديش.. لم يعتبروا فيها الزيادة السكانية وسيلة لتبرير الخيبة والفشل، كما يحدث من أهل الحكم هنا وكما التصريحات الصادرة عن رئيس الوزراء منذ أيام، ولم أكتف بالكتابة وإنما حملت ما بين يدي من وثائق وصاحبت علماء وخبراء محترمين في طرق أبواب كبار المسئولين، فإذا كانوا لا يقرأون الصحف.. والصحيفة الرسمية الأولي فربما يقرأون الوثائق العلمية «وثائق وشرائط مصدرة».. مئات الساعات من الصور التي لا تكذب سجلتها د. زينب الديب لأخطر مشروع في تاريخ زراعة القمح في مصر، دراسات بالكلمة والصورة ولدي بعض أجهزة الأمن المصري نسخ منها، من المسئولين الذين ذهبنا إليهم رئيس وزراء مصر الأسبق د. عاطف عبيد، ود. مفيد شهاب وكان وزيرا للبحث العلمي وغيرهما من المسئولين وأكبر وأكبر منهما نقسم بالله العظيم وبالوثائق العلمية وبالتجارب التي طبقت علي الأرض قبل أن تدمر أن الاكتفاء والاستغناء واعتماد المصريين علي أرضهم وزرعهم وأن يكفيهم شر استجداء غذائهم وإذلال التبعية والاعتماد علي الغير، ممكن ومتاح.. ودائما.. دائما ينتهي الأمر بمعسول الكلمات وآيات الشكر والامتنان ثم لا شيء بعد. قدمنا الوثائق الدالة علي الحرب القذرة التي تدار في الخفاء لحرمان مصر من ثمار عقول وعلم أبنائها.. طالبت ورجوت أن يتم التحقيق في الوقائع التي أكتبها والاتهامات التي أوجهها والوثائق التي أعرضها، وحذرت من حرب الجوع المقبلة والأزمات التي تترتب علي السياسات التي تدار بها الزراعة في مصر، هل يوجد أكبر من شهادات الواقع والأزمات التي نعيشها الآن، وبدلا من أن تستدعي الحملة الصحفية غضب المسئولين.. بدلا من قرار سياسي علي أعلي مستوي في الدولة باعتبار زراعة القمح مشروعاً قومياً للمصريين، بدلا من التحقيق فيما تعرض له العلماء ومشروعاتهم من حروب وتنكيل، بدلا من مبادرات وطنية وسياسية وقيادية للإنقاذ علقوا المشنقة لقلمي، واعتبروا أن ما كتبته سبب فزعا وإزعاجاً للرأي العام، نقل لي الرسالة والمطالبة بالتوقف عن الكتابة في هذه الموضوعات المزعجة رئيس تحرير «الأهرام» الذي يطالب المصريين الآن بأن ينتجوا غذاءهم، وألحقوا طلب التوقف عن الكتابة في هذه الموضوعات المزعجة بخطاب رسمي من مؤسسة «الأهرام» يعلمني بالاستغناء عن خدماتي وعدم المد لي ككاتبة علي صفحات «الأهرام» كما يتوالي المد عاما بعد عام لزملاء يكبرونني في العمر ولا يكبرونني في القدرة علي العطاء، المهم أنه بدلا من إنقاذ القمح من مذبحته انضممت إليه في المذبحة ولكن توجت الحملة الصحفية بخروج د. يوسف والي من وزارة الزراعة ولم يكن الخروج في إطار إنقاذ للقمح والزراعة ولكن في إطار ما أطلق عليه صراع الحرس الجديد مع الحرس القديم، وكان الإيقاف والمنع من الكتابة في «الأهرام» تتويجاً لأشرف وأعظم ما يحلم به كاتب بعد أن يكرس قلمه وكلماته لرسالة ومهمة وطنية، وهل كان ومازال أعظم من نصدر زراعاً للحياة وللغذاء نأكل من زرع أيدينا ومن إبداع خبرائنا وفلاحينا وندعم باستقلالنا الغذائي والزراعي وبقوة الأرض والفلاح استقلالنا وأمننا القومي والحيوي، كما فعلت شعوب لا تملك ما وهبنا الله من خصوبة أراض قبل تراجع خصائصها وثروات مياه قبل أن تقف علي عتبات الفقر والجفاف المائي، شعوب لم تمنعها صداقتها مع الولايات المتحدة من أن تحمي أمن شعبها الغذائي وتزرع وتكتفي من القمح بأعلي وأغلي تكلفة في الدنيا ولكنها أدركت أن الأمن الغذائي لأبنائها أعلي - نموذج السعودية التي أنقذتنا شحنات من قمحها في أزمة من أزماتنا - كشفت العقوبات المصير الذي ينتظر من يتصدون لإنقاذ القمح خاصة إذا فعل ما فعلته ولم يكتف بمقال أو اثنين أو ثلاثة ثم يمضي إلي حال سبيله دون انتظار لنتائج علي الأرض لما يكتبه - لقد مارست درسا من أهم الدروس التي تعلمتها أثناء دراستي الأكاديمية للصحافة بجامعة القاهرة أن تناول القضايا المهمة ولتؤتي الكلمة ثمارها وتصل إلي النتائج التي تتطلع إليها فمن المهم أن يلجأ الكاتب أو الصحيفة إلي أسلوب الحملة الصحفية التي تظل تطرق علي الحديد وهو ساخن أو بارد ولا يكف إلا بعد أن تحقق أهدافها وأن العنوان الواحد للحملة لا يصادر التعدد والتنويع في الرؤي والتوثيق ليزيد ما يكتب فيه الكاتب كشفا وعمقا ويزيد القارئ تبصيرا ويشق مجري عميقا لما يطالب به في مجري الضمير والوعي العام.. وقد كان.. وقد كان ما حدث من أنه كان من أعظم المردود للحملة الصحفية انتباه المصريين إلي كارثة عدم الاكتفاء والاستذلال الغذائي واكتشاف ما منحهم الله في أرضهم وفي علم علمائهم من إمكانات للإنقاذ رغم الادعاء الدائم بالاستحالة وعدم القدرة والتي مازال يرددها حتي أيام قريبة من الأزمة الحالية في «الأهرام» وكما أشرت من قبل 6/2010 قال وزير زراعة مصر الذي أعتقد أن خبراته الأساسية في تجارة الأقطان - إن ما يقال عن ضرورة الاكتفاء الذاتي من القمح أو زيادة المنتج المحلي منه كلام نظري لا يمكن تحقيقه وأنه مجرد تصريحات رنانة وشعارات نارية تزايد ولن تخدم أحدا! وهذا الوزير أمين أباظة سلمته أثناء لقاء في برنامج «البيت بيتك» أسطوانة مدمجة بمشروع متكامل للخبيرة والعالمة المصرية زينب الديب لتحقيق الاكتفاء بشهادات خبراء من مراكز البحوث الزراعية ومحافظين ممن طبق المشروع في محافظاتهم، وحقق نتائج وأرقاما إنتاجية ودرجات جودة غير مسبوقة في تاريخ زراعة القمح، ولا أعرف ماذا فعل بالشريط أو الأسطوانة؟!!
من كان يريد إنقاذا لبلده هل لا يتعلق بقشة تقوده إلي هذا الإنقاذ لا بدراسة متكاملة بالصوت والصورة طبقت بالفعل علي الأرض قبل أن توقف وتدمر نتائجها وتسرق وتطحن الأمهات التي هجنت وربيت تمهيدا لتوزيعها علي الفلاحين لينتشر فوق أرض مصر سلالة جديدة تعطي ما يتجاوز الأرقام التي يتطلعون أن يعطيها الفدان الآن 24 أردباً بدلا من 17 أردباً (الإنتاج الحالي)؟
وأعود إلي حملتي الصحفية وذلك الإيمان واليقين والقوة التي ملأتني به وكيف تحولت الكلمات إلي وشائج قرب وتواصل مع أرقام لا تصدق من القراء من نجوع وصعيد مصر من مصريين في الولايات المتحدة مع أشقاء من دمشق يحكون التجربة السورية في الرد علي التهديدات الأمريكية بالاكتفاء من أقماحهم وتوفير أمنهم الغذائي في أرضهم، بعض القمح الذي زرع في سوريا كان من السلالات التي هجنتها وربتها العالمة في إطار مشروعات ومراكز البحوث الزراعية.. لم أكن في بداية حملتي أدري علي أي أرض مليئة بالألغام أسير، كنت أظن أنني أشارك في إنقاذ أغلي ما يقسم عليه وبه المصريون- لقمة العيش - وإنقاذ أرضهم وزرعهم وقمحهم الذي كان من أعمدة قوتهم وحضارتهم وعناصر استقرارهم وغناهم منذ فجر تاريخهم، وكلما أوغلت في أدغال الوقائع تكشفت أبعاداً أكبر للكارثة عملاء لعدد يريد تجريد مصر من أسلحة قوتها وفي مقدمتها زرعها وأرضها وفلاحيها ويستعين بأذرع قوية عميلة له في مصر ويستخدم الهندسة الوراثية والتطبيع الذي فشل في جميع مجالات الحياة في مصر إلا الزراعة التي كانت مطلبا أساسيا وأولويا للنفاد من خلالها لتدمير الخصائص الوراثية للأرض والزرع والمياه والحيوان والإنسان بالإضافة إلي مافيا استيراد وتربح، ولو امتصت آخر نقطة دماء في هذا الشعب.. كانت المصيبة الأعظم من كل المصائب أن نفشل في العثور علي من يحاسب ويوقف هذا التدمير المخطط والمنظم ويستمع إلي صوت العلم ونداءات العلماء ويملك الإرادة الوطنية والقرار السياسي الذي ينتظرها القمح ومازال!!
ومع رفيقة حملة زراعة القمح د. زينب الديب وبعد أن فشلنا في تحقيق حلم ودعوة زراعة القمح إلي غطاء قومي يستعصم به المصريون وبعد أن أغلقت جميع الأبواب وفشلت المحاولات، وبعد أن توجنا حملة القمح بمؤتمر ضخم عقد في نقابة الصحفيين جسد أشواق وتطلعات المصريين لزراعة القمح والاكتفاء منه وبعد أن أصبحت الهرطقة والسفسطة الرسمية تنتهي دائما إلي تصريحات وردية لا صلة لها بواقع الزراعة وزراعة القمح بالتحديد الذي يواصل التدهور - وبعد أن طوردنا معا بكل ألوان الندالة وخسة الحروب الصغيرة كأننا كنا ندعو إلي ما يهدر أمن هذا الوطن - بالطبع زراعة المصريين لقمحهم تهدد أمنا آخر وآمن آخرين - ولا صلة له بالأمن القومي المصري.. بعدها خططنا لنحول الدعوة إلي وعي وطني يتشارك المصريون في تحقيقه من خلال نص درامي يحمل الرسالة ويبصر بالنتائج الكارثية لعدم الاكتفاء والتي نعيش واحدة منها الآن - وإن لم يتحقق الاكتفاء فالمقبل أخطر مئات المرات - نص درامي يحكي كيف تحولت مصر من سلة لغذاء وقمح العالم القديم ومن معلمة للزراعة لشعوب الأرض إلي متسولة لغذاء أبنائها.. كان ينتظر النص المخرج الكبير علي بدرخان وكاتب السيناريو المبدع بشير الديك.. وجاءت معركة التغيير ومشاركتي جماعات العمل الوطني والجمعية الوطنية للتغيير والعمل الحزبي الذي تمنيت أن يكمل الرسالة بالعمل الميداني وسط الجماهير.. جاءت المشاركة في دعم مطالب التغيير السبعة التي طالب بها د. البرادعي وسبق إليها جبهات المعارضة الجادة وقطاعات عريضة من المصريين وكانت الرؤية قد ازدادت وضوحاً أن جذور ما تعانيه مصر من كوارث وأزمات هو غياب الإرادة الوطنية الأمينة علي مصالح المصريين وغياب القرار الوطني الذي يحمل هذه المصالح.. وأعطت قضية أو كارثة القمح الإجابة عن سؤال فرض نفسه علينا كثيرا: الأولوية لمن الإصلاح السياسي أم الإصلاح الاقتصادي؟! زراعة القمح والاكتفاء منه تلخص قضية الفساد السياسي الذي لا يصلح في ظله أي إصلاح اقتصادي وإلا لأثمرت المحاولات المستميتة التي بذلت ولم يقتصر الأمر علي مسكنات وتطمينات النظام الكاذبة والخادعة والتي اعتاد أن يعالج بها قضايا مصيرية!!
في قضية القمح التي وقفت فيها وحدي ضد غيلان النظام طرحت وثائق إدانة لم تجد إجابة واحدة.. وجهت بلاغات مفتوحة علي صفحات الأهرام للنائب العام، ولا حياة ولا حياء ولا استجابة لمن تنادي!! في محاكمة من محاكمات قضايا الفساد في وزارته طالب النائب العام باستدعاء ومحاكمة الثعبان الأرقط الكامن في وكره الآن يرقب معجبا ومزهواً بطرح أشواك ما خطط له وحصاد النار التي يحصدها المصريون الآن جوعا ومرضا وديونا بدلا من حصاد القمح وحصاد الهيمنة الأمريكية والصهيونية علي زراعة مصر وأمنها الحيوي الذي كان مكانه أرضها وزرعها وعلم علمائها - في سطور قريبة نشرت في صفحات النص في صحيفة حكومية.. كان الثعبان الأرقط يشارك في عزاء يسبق اسمه موقعه السيادي الذي مازال ورغم كل ما حدث وبما يؤكد المسئولية الأكبر - وأنها مسئولية فساد رأس السمكة!
هل أخطأت عندما لم أحول قصة المصريين مع زراعة القمح إلي نص درامي يعيدني إلي وصل وعشق تواصلته وعشقته مع الملايين كما فعلت بي ليلة القبض علي فاطمة.. وكأن كل فاطمة تحمل أملا وإنقاذا لأرضها ولناسها يجب أن تطارد ويقبض عليها.. ولكن في القمح كانت زينب وعديد من العلماء والخبراء وملايين من الفلاحين والمزارعين.
أين أنت يا زينب الآن.. وأين وصل بك الشتات والقهر والهزيمة؟ أعدك إن كان في العمر بقية أن أحقق حلمك وحلمي وحلم ملايين المصريين أن نسجل قصة القمح فهي قصة نضال من أجل التحرر من أقسي أشكال وألوان الاحتلال.. ولكن أستأذن الآن في أن أكمل مشواراً لا يقل أهمية من أجل حدوث التغيير في مصر، فلو كان هناك ديمقراطية حقيقية واحترام لإرادة الشعب وتداول للسلطة ونظام يخضع لمجالس نيابية تحاسب وتراجع وتوقف وتقيم الحد ما عاش المصريون ما يعيشون من كوارث وأزمات ولجني المصريون ثمار ما منحهم الله من ثروات وكانت من عناصر قوتهم وسيادتهم وتعظيم مكانتهم وتأكيد قيادتهم وكان المطلوب تدميرها كلها لتخلو المنطقة لأسيادها الجدد من الصهاينة وأتباعهم من حكامها!!
قبل أن أعيد النداء علي النائب العام المحترم المستشار عبد المجيد محمود ليضم إلي ما يحقق من جبال قضايا الفساد والإفساد قضية أو جناية القمح.. أنادي علي أمناء مصر علي ما تمتلئ به من أبناء مخلصين من أصحاب رءوس أموال وطنية غير منهوبة من بنوك أو مما جري مصه من دماء وثروات الشعب، لماذا لا نعلن اكتتابا عاما لإنهاء هذا العار القومي، عار استجداء وتسول وهيمنة الحاجة إلي الغذاء؟ لقد اكتتب المصريون من أجل بناء تمثال نهضة مصر واكتتبوا من أجل مقاومة الحفاء، فهل تقل زراعة القمح أهمية وخطورة وشرفا ووطنية؟ لماذا لا تتكاتف رءوس الأموال الوطنية مع رءوس أموال العلم والخبرات المصرية وتثبت أنه إذا كان قد مات نظام بالسكتة القلبية والسكتة الوطنية فهناك شعب وأمناء عليه لن يموتوا أبدا، لست خبيرة في أسماء أصحاب الثروات الوطنية الذين يستطيعون أن يعيدوا تاريخ طلعت حرب ولكن في الزراعة، وأول خواطر المشاركة تتجه إلي البنوك الوطنية الستة «الأهلي والقاهرة والعقاري والتنمية الصناعية والائتمان الزراعي» بنك واحد بني الرائد طلعت حرب نهضة مصر الصناعية الحديثة، ثم لماذا لا يكون علي 3 ملايين فلاح في مصر علي رأس قائمة المساهمين بسهم واحد لكل فلاح قيمته 100 جنيه يوفر 300 مليون جنيه تؤكد شرعيتهم في إدارة إنقاذ أرضهم وقمحهم، من القوي الفردية الوطنية المحترمة، أتذكر الحاج محمود العربي صاحب الصرح الصناعي الوطني الكبير «توشيبا»، أتذكر المهندس نجيب ساويرس ود. أحمد بهجت ومؤسسة مصر الخير برئاسة فضيلة المفتي وأصحاب بنك الطعام «عائلة نيازي سلام وأ. عصام فهمي وأ. إبراهيم المعلم» وغيرهم ممن أعرف وممن لم أشرف بالتعرف، الخلاصة أن مصر تفيض وليست عاجزة ولن تستسلم لحرب التجويع والتبعية والهيمنة وأن نحول القمح إلي نموذج للتكاتف والتكافل الوطني كما خططت ودعت حملتي الصحفية ونموذج للاعتراف بأفضال هذه الأرض وحماية لهذه الثروات من الآثار المدمرة لانفجار الجوع والألم.
هل الاكتفاء ممكن؟ - السؤال الذي بدأت به حملتي - وجاءت نعم قاطعة وفاصلة وموثقة بالشهادات والحجج والمناهج والتطبيقات العلمية - حقيقة ظروف كثيرة تغيرت فنحن أمة الفرص الضائعة ورغم كل ما نهب وسرق وخرب ودمر فمازال الخير بلا حدود في هذه الأرض وفي أبنائها وفي علم علمائها.
صدقوا أو لا تصدقوا عام 1998 كان عام إنجاز مشروع لتحقق اكتفاء مصر والسودان من القمح يليهما اكتفاء 22 دولة عربية و12 دولة أفريقية..! إنها واحدة من وثائق الإدانة وأدلة الجريمة وأدلة الإمكانات المتوافرة أو التي كانت.. من قتل المشروع؟.. من أوقفه؟ .. أين ذهبت دراساته؟.. كيف لم يتم حساب مرتكبي الجريمة؟.. لعل في العمر بقية لنكمل بعض تفاصيل قصة أو جريمة إطلاق الرصاص علي القمح الذي يتباكون عليه الآن! هل عرفتم لماذا حدوث التغيير في مصر ووجود ديمقراطية حقيقية وتداول للسلطة ضرورة حياة؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.