تترات المسلسلات هذا العام تتنافس فيما بينها تنافسا خاصا، ربما هي أكثر إبداعا، وتجديدا من الدراما نفسها، فأنت تشعر أن صناع الدراما في مصر يسيرون علي الأشواك خطواتهم دائما مرتجفة وخائفة، ونادرا ما يصنعون جديدا يستحق الالتفات، فهم أخيرا بعد سنوات عجاف من عقم أفكار التترات، جاءوا في رمضان هذا العام بجديد، ومعندناش مشكلة أبدا إنهم يبدأوا بأفكار التترات، وبعدين يبقوا يفكروا يطوروا في الدراما.. ليلي علوي من جهتها صنعت ما يشبه الثورة العام الماضي من خلال تصميم تتر الجزء الأول من مسلسلها «حكايات وبنعيشها»، ففكرة استخدام الجرافيك كانت فكرة طازجة جدا، وتم تنفيذها بمنتهي الشياكة ليخرج التتر تحفة فنية فعلا، وهي هذا العام تقدم أفكارا أكثر ابتكارا من خلال الجزء الثاني من المسلسل الذي يخرجه سميح النقاش، حيث قامت بتمثيل التتر بنفسها، من خلال مشهد جميع عناصره من الجرافيك ماعدا ليلي علوي التي تقف، وتقلب في صفحات كتاب ضخم كأنها تستعرض من خلاله حياتها التي تتوزع بين المطبخ والعمل، وبعض الأشخاص الذين تقابلهم بصفة دائمة، ثم يتحول المشهد إلي استاد بالجرافيك يقف فيه البطل الذي يشاركها العمل عابد فهد، وهنا يتم توظيف كل عناصر الاستاد كأفضل ما يكون التوظيف، حيث تذهب الكرة إلي حجاج عبد العظيم، وضياء الميرغني، ثم لباقي أعضاء الفريق الذي تقوم بتدريبه "كابتن عفت"، وهذه طريقة مبتكرة للغاية في استعراض أبطال المسلسل. احتفظت ليلي علوي في تتر النهاية بنفس فكرة العام الماضي، حيث تمسك بيديها بصور تعبر عن مشاهد المسلسل، ويتم عرضها واحدة تلو الأخري. تتر مسلسل «أهل كايرو» يحمل هو الآخر رؤية مختلفة تتناسب مع أجواء القصة، حيث يقف أبطال المسلسل المصنوعون أيضا من الجرافيك كأنهم تماثيل والخلفية شارع قاهري عتيق، في أعلاه تظهر القلعة. المخرج أجاد اختيار الطريقة التي يقف بها الأبطال، فهي عبارة عن لقطات لهم من مشاهدهم في العمل، وكل منهم يضع تعبيرا علي وجهه يضفي علي التتر عمقا أكبر، كذلك تتر مسلسل "الحارة" من التترات المميزة جدا، حيث تناسي فيه مخرج العمل سامح عبد العزيز وجوه الأبطال نهائيا، واكتفي بأسمائهم، ليخرج التتر عبارة عن مشاهد واقعية لأشخاص من شوارع القاهرة، وحواريها. اللقطات تم اختيارها بدقة، لتخرج كأنها مشاهد تمثيلية للبائعين، والمشترين، والأطفال الذاهبين إلي مدارسهم، والعجائز الذين يتحركون بصعوبة في الشوارع المزدحمة، كذلك اختار أحمد مكي أن يكون تتر مسلسله «الكبير أوي» عبارة عن مشاهد كرتونية له، وفي الخلفية تظهر لقطات من المسلسل، وكأنها تعرض علي شاشة تليفزيون، أيضا تتر مسلسل «ماما في القسم» يظهر أبطاله بشكل كارتوني، ويظهر معهم منتج العمل صفوت غطاس، ومؤلفه يوسف معاطي، ومخرجته رباب حسين، وهي فكرة جيدة، وتحاول الابتعاد عن الطريقة التقليدية في استعراض صور أبطال العمل، وصناعه.. طبعا نرجو ألا تتوقف محاولات التطوير عند مرحلة التترات.