.. النتيجة خمسة مسلسلات مصرية فقط علي الشاشات العربية في رمضان مشهد من مسلسل "باب الحارة" نحن لم نفكر في عرض أعمال سورية في مصر إلا بعد أن جاء جمال سليمان وتيم حسن بأنفسهم إلينا وقدموا أعمالا باللهجة المصرية، بعدها وجدنا قنوات التليفزيون المصري تتسابق لعرض الأعمال السورية علي قنواتها، وبقي الأمر مقترنا بسوريا فقط، لأن لديها نجوما حققوا شعبية في الشارع المصري، نضيف إليهم طبعا سلاف فواخرجي، وجومانا مراد، وكأن الإنتاج الدرامي العربي مقتصر علي سوريا فقط.. لم نفكر مثلا في عرض مسلسلات لبنانية، أو خليجية، أو مغربية، أو أردنية.. حتي ماعرضناه للسوريين كان في غير أوقات رمضان، أي في «أوقات ميتة».. غالبا لا يشعر بها أحد.. مثلا هذا العام قناة ميلودي دراما هي القناة المصرية الخاصة الوحيدة التي تعرض مسلسلا سوريا هو الجزء الخامس من «باب الحارة». الرد جاء هذا العام، حيث إننا نري جميعا قلة عدد الأعمال الدرامية المصرية التي تعرض علي القنوات العربية والخليجية تحديدا، والتي كانت فيما مضي تقوم أساسا علي عرض المسلسلات المصرية، كما شهد هذا العام عدم عرض أي مسلسل مصري علي القنوات الجزائرية، ونجد أن مسلسل يسرا «بالشمع الأحمر» هو المسلسل المصري اليتيم علي قناة دبي، ومثله مسلسل شيخ العرب همام علي قناة أبو ظبي، وكذلك مسلسل «عايزه أتجوز» و«زهرة وأزواجها الخمسة» علي قناة «mbc»، ومسلسل «ملكة في المنفي» لنادية الجندي الذي يعرض علي قناة روتانا خليجية، فهناك انقلاب ما في موازين الدراما هذا العام، لكن أيضا لا أحد يمكنه أن يطالب القنوات العربية بعرض أعمالنا، في الوقت الذي يستخسر فيه التليفزيون المصري شراء مسلسل عربي واحد يعرض خلال هذا الشهر.. قد يكون الأمر له علاقة بأن الدراما الخليجية أصبحت صناعة كاملة، وشركات الإنتاج الخليجية أصبحت تكتفي بانتاج أعمال خليجية تعرضها علي قنواتها، وبالتالي مشاركتها في إنتاج أعمال مصرية أصبح بنسب أقل بكثير، وهو الرأي الذي تتفق معه الناقدة ماجدة موريس، حيث تري أن المصريين هم من علموا الخلايجة الدراما، وحان الوقت لأن يجربوا مواهبهم، وإمكانياتهم، مشيرة إلي أن هذا الأمر طبيعي جدا، ولفتت النظر إلي أن لديهم في مجتمعاتهم مشكلات كثيرة للغاية، ومن حقهم أن يجسدوها علي الشاشة وأن يكتفوا بها، وفي تعليقها علي عدم وجود مبادرات حقيقية من قنوات مصرية لعرض بعض الأعمال العربية علي شاشاتها في رمضان، قالت ماجدة موريس: إننا أكبر منتج للدراما في العالم العربي، فيجب أن نشجع إنتاجنا أولا، وأبدت استغرابها: «دول الخليج مبقتش بتشتري أعمالنا.. يبقي إحنا اللي هنروح نشتري مسلسلاتهم.. الموضوع في النهاية مصلحة اقتصادية»، لكن الأمر لا يتعلق في معظم الأوقات بالحسابات المادية، فهناك خسارة أدبية حقيقية وراء عدم عرض الأعمال المصرية علي الشاشات العربية، وهو الأمر الذي تحدث عنه الناقد طارق الشناوي الذي أشار إلي أن الخسارة المصرية ليست مادية فقط، وإنما ثقافية وحضارية، مضيفا أن المعادلات الإنتاجية في الوقت الحاضر تغيرت، فكل قناة عربية تبحث عن الدراما المتعلقة ببلادها، مما دفع القنوات الخليجية إلي عرض أعمال خليجية صرفة، وبالتالي تراجع عدد الأعمال المصرية المعروضة علي شاشاتها، وأكد أن التليفزيون المصري، والقنوات المصرية الخاصة تتجاهل تماما عرض أعمال المغرب العربي مثلا، وغيرها من دول العالم العربي، بحجة صعوبة اللهجة، متناسين أن المشاهد العربي أصبح يفهم لهجتنا ويختار أعمالنا بعد أن عودته المسلسلات علي سماع اللهجة المصرية. أما الناقدة ماجدة خيرالله فبدأت بالتأكيد علي أن تراجع مستوي أعمالنا الدرامية هو السبب في إحجام القنوات العربية علي عرض مسلسلاتنا، بالإضافة إلي إصرارنا علي عدم عرض أعمال عربية علي الرغم من تميز مستواها الفني، وأشارت إلي أن المعروض والمنتج من المسلسلات المصرية قد يكون عدده كبيراً، لكن قيمته الفنية واعتماده علي أفكار متشابهة ومستهلكة يجعل من الضروري عرض أعمال عربية يدرك صناعها أنهم يقدمون أعمالا تنويرية وتثقيفية وترفيهية في الوقت نفسه، وهو ما يشير إلي أننا في طريقنا لإغلاق الباب علينا في وجه أي محاولة للإبداع. وأضافت خيرالله أن المشاهد المصري من كثرة ما رأي من مسلسلات تافهة وسخيفة تعود علي هذا الحال ولم يعد يسعي للبحث عن فكرة جميلة ومسلسل حقيقي يستحق المتابعة.