لماذا يجب علي المرء أن يشاهد مسلسل الجماعة؟ سؤال غريب جداً، وكيف لا تهتم بمشاهدة أول مسلسل عن الجماعة التي شاركت في صنع جزء كبير من تاريخ مصر لما يزيد علي 80 عاما، واختلطت عمرها بالخير والحرب والفكر والدم؟ ثم كيف يمكن أن تقاوم الفرجة علي الإخوان المسلمين بكتابة ورؤية مخضرم مثل وحيد حامد، الذي قد تختلف معه أو تتفق لكن بكل تأكيد تعرف عن يقين أنه «عمدة» كُتاب السيناريو الآن، وأنه أكثرهم جرأة في اقتحام المناطق الملغومة عن «متعة» ورغبة في التفكيك والتفكير، وليس لمجرد «السبوبة» أو «الفرقعة». من قبل أن تشاهد حلقة واحدة من المسلسل أنت تعرف بكل تأكيد موقف وحيد حامد من الجماعات الإسلامية بشكل عام، كل الأفلام والمسلسلات الموقع باسمه من طيور الظلام وحتي العائلة، يظهر فيها موقفه منها، وهو موقف لا يعجب المنتمين إلي الجماعات الإسلامية غالبا ولا المتعاطفين معها وهم كٌثر، لكن المدهش أن بناء شخصية عضو الجماعات الإسلامية مثلما صاغها وحيد حامد في أعماله، صار -من فرط اقتناعه بها ومن شدة صدقه وهو يكتبها- النموذج الذي تظهر به الشخصيات المنتمية للجماعات الإسلامية في غالبية الأعمال الدرامية في السينما أو في التليفزيون، وهو أمر يشير إلي مدي «تأثير» فن وحيد حامد للحد الذي يجعل الشخصيات التي صاغها لأول مرة هي شخصيات «قياسية» لكثير من المؤلفين من بعده. ما سبق أحد أكثر العناصر المغرية بمشاهدة الجماعة، تاريخ الإخوان دسم بشدة، ومثير للغاية، ومليء بالكثير من مناطق الجدل والأخذ والرد، ووحيد حامد مثقف حقيقي يمتلك وجهة نظر وجرأة في الطرح، فكيف سيخرج المسلسل إذن؟ من الناحية الفنية مخرج مثل محمد ياسين قدم أوراقه من قبل في أعمال سينمائية لافتة مثل الوعد ودم الغزال فلا قلق إذن، وطاقم التمثيل بضيوف شرفه يوحي بأن الأداء سيكون مرتفعا وتنافسيا، تبقي النقطة الجدلية الأهم هي » الدماغ».. دماغ من يكتب المسلسل ودماغ من يستقبلونه، من سيكسب من، ومن سينتصر لوجهة نظره؟، هكذا إذن الفرجة علي الجماعة.. ليست تسلية ياحضرات بل صراع عقول.. وهل هناك أمتع من ذلك؟ فلننتظر.