جاء خطاب السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني بمثابة مفاجأة من العيار الثقيل فجرها لدي حضور مؤتمره الصحفي الذي عقده في قاعة مدارس شاهد ببيروت، فنصر الله قدم- ماوصفه كثيرون بأنه - أدلة قاطعة ومؤكدة علي تورط إسرائيل في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري عام 2005، مقدما عددا كبيرا من الأدلة الصوتية والصور الإلكترونية والجوية التي اعتمد عليها كقرائن علي كل اتهام ألقاه في وجه إسرائيل التي حملته المسئولية عن اغتيال الحريري. فقد فجر الأمين العام لحزب الله اللبناني مفاجأة كبري عندما عرض خلال المؤتمر الصحفي صورا التقطتها طائرات استطلاع إسرائيلية رصدت خلالها تحركات رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري والقصور التي كان يعيش فيها ومراقبة مشددة للقصر الرئاسي الجديد والقصر القديم، إلي جانب الشوارع التي كان الرئيس الحريري يمر منها بسيارته والميادين التي كان يعبرها خلال ذهابه وإيابه إلي مقر عمله. وكشف السيد حسن نصر الله عن أن هذه المعلومات نتيجة نجاح أجهزة حزب الله في التقاط الصور المشفرة وغير المشفرة التي كانت ترسلها طائرات الاستطلاع الإسرائيلية إلي مراكز القيادة، وهي الصور التي اعتبرها نصر الله قرائن وأدلة قوية ومؤكدة علي أن إسرائيل كانت تخطط لعملية اغتيال الحريري، مشيرا إلي أن هذا الاغتيال - للحريري السني-كان المقصود من ورائه زرع فتنة كبري في لبنان بين السنة والشيعة، مشيرا إلي أن لصق التهمة بالمقاومة يخدم بشدة مصالح العدو الإسرائيلي. وقال نصر الله في بداية المؤتمر الصحفي - الذي عقد في وقت متأخر من مساء الاثنين- إنه عقد هذا المؤتمر بشكل خاص لتقديم المزيد من المعطيات والمؤشرات التي تفتح آفاقا جديدة للتحقيق في واقعة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، والمساعدة في دعم موقف المحققين في جريمة الاغتيال في حالة اتجاههم إلي توجيه تهمة ارتكاب جريمة قتل الحريري إلي العدو الإسرائيلي، مشددا علي أن إسرائيل حاولت إلصاق التهمة بالمقاومة للنيل من استقرار لبنان. وكعادة الأمين العام لحزب الله اللبناني فقد خطط نقاط حديثه، بادئا بشرح الطريقة التي دخلت بها إسرائيل بين الحريري وحزب الله، مشيرا إلي أن الخصومة السياسية بين الحزب والرئيس الراحل بدأت عندما رفض حزب الله توقيع ياسر عرفات علي اتفاق أوسلو وإعلانه هذا الرفض في مظاهرة ضخمة وقف ضدها نظام الحريري، وأطلق الجيش وقتها النار علي المتظاهرين مما أسقط قتلي وجرحي. وهاجم نصر الله الاتهامات الإسرائيلية لحزب الله بالمسئولية عن اغتيال رئيس الوزراء الراحل مؤكدا أنه منذ اغتيال الحريري في 14 فبراير 2005 وحتي اليوم مازالت الصحافة ووسائل الإعلام الإسرائيلية تحاول أن تلصق التهمة بحزب الله، حيث عرض تقرير مصور عن اتهامات الصحافة ووسائل إعلام إسرائيل للحزب بقتل الحريري، وكذلك عرض لتعليقات وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك ومسئولين آخرين زعموا فيها أن التحقيقات ستثبت تورط حزب الله في الجريمة. كما أشار التقرير المصور إلي التصريحات التي قالت إن حزب الله المسئول وليس سوريا، إلي جانب تصريحات لوزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان قال فيها إن التحقيقات ستنتهي بأن يقدم أمين عام حزب الله «حسن نصر الله» للمحاكمة الدولية بتهمة اغتيال الحريري، معلنا في الوقت نفسه تعاطفه مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري الذي «قتل حسن نصر الله والدهَ». وأشار نصر الله إن إسرائيل تمتلك الاستطلاع الجوي والميداني من خلال العملاء والجواسيس والقوات الخاصة للاغتيال، مشيرا إلي إحدي عمليات الاستطلاع الإسرائيلية التي رصدتها قوات حزب الله وعندما رصدت أكمنة لها اكتشفت أنها كانت محاولة لتنفيذ عمليات تفجيرية في إحدي المدن اللبنانية وهي العملية التي أحبطها شباب حزب الله حيث قتلوا 12 إسرائيليا وجرحوا اثنين فيما نجا منها اسرائيلي واحد قبل أن يدخل الطيران الإسرائيلي الساحة لإنقاذ الجرحي ونقل جثث قتلي قواتها. واستعرض أمين عام حزب الله فيلما عن بعض العملاء وأدوارهم منهم العميل فينيوبس حنا صادر والذي كان دوره أن يستطلع الأوضاع حول منزل الرئيس اللبناني ميشال سليمان وقائد الجيش جان قهوجي قبيل اغتيال الحريري وهم اعترفوا بذلك. وفي أول تعليق علي خطاب الأمين العام لحزب الله اللبناني قال موقع «أروتس شيفا» المعروف بارتباطه بجهاز الاستخبارات الإسرائيلي «الموساد» إن حسن نصر الله ألقي خطابا مؤثرا قدم خلاله العديد من المشاهد والصور والأدلة التي تثبت تورط إسرائيل في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، مشيرا إلي أن نصر الله أكد أن إسرائيل حاولت الصاق التهمة بحزب الله لإخفاء نواياها ودوافعها لاغتيال رفيق الحريري. وقال التقرير الإسرائيلي - الذي نشر بعد خطاب نصر الله بساعة واحدة فقط تحت عنوان «نصر الله قدم دليل وقوف إسرائيل وراء اغتيال الحريري» - إن الحريري كان من أعداء سوريا، وأن حسن نصر الله أوضح أن إسرائيل أرادت أن يقتل الرئيس الحريري كي تتجه أصابع الاتهام إلي كل من سوريا وحزب الله، وبالتالي تخرج سوريا من لبنان، وهي الجريمة التي راح ضحيتها الحريري وعشرون آخرون عام 2005. وأشار تقرير الموقع الإسرائيلي إلي أن البعض يتساءلون حاليا عن سبب إعلان حسن نصر الله لهذه المعلومات الآن ولماذا لم يعلنها منذ سنوات، مشيرة إلي أن بعض المراقبين يرون أن نصر الله يحاول حاليا أن يفلت - وحزب الله- من فخ المثول أمام المحكمة بتهمة اغتيال الحريري وهو ما دعاه إلي إعلان هذه المعلومات وإبراز هذه الأدلة التي يقول إنها تدين إسرائيل في جريمة الاغتيال.
