عندما انتقد الرئيس الأمريكي لدعم إدارته الأنظمة العربية القمعية رد عليه أوباما مبتسما: أنت تجلس وجهاً لوجه مع رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية، وتنتقده وتنتقد السياسة الأمريكية. فرد هو عليه: لو ساعدتنا علي الحصول علي نفس الفرصة مع الرؤساء والملوك العرب فإنهم سيسمعون نفس الحديث!. فابتسم أوباما وضجت القاعة بالضحك بصوت عالٍ. بطل هذه الواقعة هو بهي الدين حسن، الحقوقي المؤثر، ومدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الذي حاورته «الدستور» لأكثر من ساعتين. أرهقناه في حوار مطول عن حقوق الإنسان والبرادعي والسياسة والشارع في مصر والعالم. حلل لنا الواقع وقرأنا معه سيناريوهات المستقبل في مصر. سيناريوهات بطلها نظام حكم يترنح، ومعارضة يجب أن تكون مستعدة لمعركة تسلم السلطة. قابلت الرئيس الأمريكي أوباما مرتين، ورغم ذلك لك تعليق يقول إن الإدارة الأمريكية في عهد أوباما مستمرة في دعم الأنظمة القمعية العربية .. هل ما زلت تري ذلك؟ - أي وعد تضمنه خطاب أوباما في جامعة القاهرة بعد عام لم يتحقق منه شيء سواء تجاه فلسطين أو تجاه الشعوب العربية والإسلامية، حديثه عن أن الجفاء انتهي لا يمت الآن للحقيقة بشيء. ما حدث بالفعل هو المزيد من دعم الأنظمة القبيحة في المنطقة، سواء لإسرائيل أو للأنظمة القمعية والفاسدة في العالم العربي. وهل قلت ذلك للرئيس الأمريكي أوباما في الاجتماع الأخير في البيت الأبيض الذي ضم مدافعين عن حقوق الإنسان من كل دول العالم؟ وماذا كان رد فعله؟ ! - أول رد فعل لأوباما عندما قلت له إن الإدارة الأمريكية الحالية تدعم الأنظمة العربية القمعية وأن سياساته لم تتضمن الوفاء بما جاء في خطابه وأنه ما زالت هناك فجوة، وأن الولاياتالمتحدة رفضت تقرير جولدستون، قال لي مبتسما: أنت تجلس وجها لوجه مع رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية، وتنتقده وتنتقد السياسة الأمريكية. فكان ردي أن قلت له في اللحظة نفسها إن هذا الأمر لا يتعلق بك، وأنك لو ساعدتنا في الحصول علي الفرصة نفسها مع الرؤساء والملوك العرب فإنهم سيسمعون الحديث نفسه. فابتسم وضجت القاعة بالضحك بصوت عال! مع موقفك من الإدارة الأمريكية الحالية التي تدعم أنظمة فاسدة، ومع استمرار انتهاكات حقوق الإنسان في مصر كما هي، هل ستتردد مثلاً في قبول دعوة لمقابلة الرئيس أوباما مجدداً؟! - لا أستطيع أن أتنبأ بذلك، لكن الأمر ليس له صلة بمسألة الانتهاكات، أظن أن هذا إذا حدث فسيكون في مناسبة أخري يكون فيها لدي الرئيس الأمريكي أوباما جديد يود أن ينقله، ما أريد قوله إنه كان هناك مستوي من الندية والجدية في الاجتماع. الدستور: هل تعتقد أن الخارج، الولاياتالمتحدة تحديدا، سيكون طرفا محايداً حال توافر شروط حاسمة يكون فيها محمد البرادعي والمعارضة، علي استعداد لتسلم السلطة من نظام مبارك؟ - أوروبا والولاياتالمتحدةالأمريكية، لهما دور مؤثر علي نظام الحكم في مصر. وهم أطراف تبحث عن مصالحها. وهي أطراف لم تقع في غرام شخص أو نظام معين بقدر ما يكون هذا الشخص أو النظام قادراً علي كفالة مصالحها سواء في مصر أو أي مكان آخر بالعالم. وأيضا بقدر ما يكون هذا الشخص قادراً أن يكفل الاستمرار والاستقرار، ليس لمصالحها فقط. فهذا الشخص مثلا قد يكون قادراً علي كفالة المصالح لكنه نفسه غير قادر علي الاستمرار. إذن هي ستساند نظاماً قادراً علي الاستمرار والاستقرار. لذلك لا يجب علينا كمصريين تصور أن كل من يعارض هذا النظام يجب أن يكون بالضرورة متصادماً مع الغرب. أقصد أن الخيارات في التعامل مع الغرب ليست خيارين متطرفين، أما التبعية الكاملة أو الاستقلال الكامل. أي نظام عقلاني في مصر يجب أن يسعي وراء مصالح المصريين. ومصالح المصريين ليست في التبعية كما هي ليست في الصدام مع الغرب. هل تصاعد حركة المعارضة السياسية للنظام في الشارع الآن، هل هذا سيدفع النظام إلي استدعاء قمع أكثر لكي يبقي أكثر.. هل أنت قلق من ذلك؟ - هذا أحد الاحتمالات، ليس فقط بسبب نمو المعارضة، ولكن بسبب أزمة النظام. بسبب الصراعات داخله، وضعف الثقة من داخله. النظام لم يعد موحدا كما كنا نعرفه في منتصف السبعينيات .في التسعينيات. هناك صراعات ضارية جارية خاصة في الشهور والعامين الأخيرين. تتفاقم وتزداد حدة كل يوم. في هذا السياق، صار كل شيء وارداً. لأنه كلما ازداد الضعف، أحد الاحتمالات يكون هو رد الفعل الغبي العنيف. بالعكس، القوي هو الذي يتصرف بذكاء أكبر حتي وهو يقمع، لكن الضعيف، هو في لحظة شعور بعدم الأمان ،وهذا الشعور بعدم الأمان الداخلي ليس فقط إزاء نمو المعارضة لنظام تتآكل شرعيته بشكل متزايد، ليس هناك استقرار من داخله علي بديل. والبديل هنا ليس شخصاً لكن أتحدث عن بديل بمعني الصيغة. لكن لماذا يصر النظام الحاكم رغم هذا كله علي القمع والتعامل بالقوة العنيفة، مع أن هذا يسرع من تآكل شرعيته؟ - مَن يفكر لهذا النظام؟ من المفكرون في النظام الحالي؟ لو سألت ستجد أن هناك مفكرين للنظام الحالي. لكن ستجد انه لا وزن لهم أو تأثير. ستجد أن موقعهم مهمش للغاية. الذين لهم وزن في النظام الحالي، خاصة في السنوات الأخيرة، هم: العضلات، والمتخصصون في الإدارة الفنية لكل الأمور والمسائل الفنية والتقنية والإجرائية. في عهد عبد الناصر، كان هناك موقع لمفكري النظام وقتها، وحتي لو اختلفت معهم 180 درجة، ستجد أنه كان هناك من يفكر ويضع تصورات وسيناريوهات. وحدث هذا أيضا في عهد السادات، الذي شهد حدوث تحولات كبري، حتي إن رفضناها. كانت هناك رؤية موجودة. وفي بداية عهد مبارك، كانت هناك رؤية، وهي التي مكنت نظام مبارك أن يستمر كل هذه الفترة، ولكن سرعان ما جري بشكل تدريجي تهميش كل أصحاب العقول، وتأثيرهم في عملية صنع القرار، تجد - علي سبيل المثال - الدكتور حسام بدراوي، وهو شخص ربما يكون من ألمع خبراء التعليم، تم تهميشه، انظر مثلا لمركز الدراسات في الأهرام، وهو يضم أبرز العقول في مصر، تجد أن بعضهم، وعلي رأسهم، الدكتور عبد المنعم سعيد، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، ورئيس المركز، هم أعضاء في الحزب الحاكم ولجنة السياسات. وهم ليس لهم تأثير في عملية صنع القرار. هل تري أن تحركات المعارضة السياسية في الشارع يمكن أن تنبت نموذجاً لتحول ديمقراطي سلمي مماثل لتلك التي وقعت في أوروبا الشرقية أم أننا قد نكون إزاء نموذج مماثل لما حدث مؤخراً في تايلاند أو قيرغيزيا؟ - هناك عشرات النماذج للديمقراطية. المشكلة ليست في أي نموذج تأخذه للديمقراطية. هناك عشرات بل مئات النماذج والسيناريوهات التي يمكن أن تحصل عليها. والنموذج الأكثر فعالية. هو النموذج الأقرب لطبيعة المجتمع وتطوره التاريخي والاقتصادي والسياسي. لكن المشكلة في بلدنا والمنطقة بشكل عام هو القبول بمبدأ الديمقراطية ذاته. أحد السيناريوهات المحتملة أن يحدث عصيان مدني كالذي حدث في قيرغيزيا أو تايلاند. وقد يتزايد مع تفاقم أزمة النظام، تأثير المدركين لعمق وخطورة هذا الأزمة من داخل هذا النظام بما يسمح بفتح الباب أمام احتمالات سيناريو جديد. سيناريو يندمج فيه قطاع من النخبة الحاكمة مع قطاع من داخل نخبة المعارضة في تبني مطالب وسيناريوهات مشتركة. أتصور أنه بقليل من التعديل في طريقة وتكتيك أسلوب عمل الدكتور البرادعي، سيكون قادراً علي جذب قطاع مهم من داخل النخبة الحاكمة نفسها، وأعرف، كما يعرف كثيرون، أن هناك أفراداً ومجموعات تتعاطف مع مطالب الدكتور البرادعي، وتري أن النظام يجب أن يأخذ هذه المبادرة، وينفذ بعض هذه المطالب بنفسه. من أجل الحفاظ علي استقراره وتجديد دمائه. وهذا يتطلب ليس فقط تطوراً ونضجاً أكبر في الصراع الجاري داخل النخبة الحاكمة، لكن يتطلب تطوراً في أوساط المعارضة، يتطلب أن يعيد قطاع منها صياغة أسلوب عمله وتكتيكاته لتحقيق الأهداف نفسها. وهذا ليس تنازلاً. لأن المعارضة بوضعها الحالي غير قادرة علي أن تحقق مطالبها. في علاقات القوي ،علي ما تستند المعارضة؟ . أمامها شوط كبير لكي تكون رقماً فاعلاً. حتما هناك فترة انتقالية ما. ومن يتصور أن مصر يمكن أن تنتقل لنظام ديمقراطي بين عشية وضحاها هو واهم. حتي ولو في صيغة ما نجح الدكتور البرادعي. فالمتغيرات علي الأرض محدودة للغاية. إذن نتحدث عن ضرورة أن تكون المعارضة مستعدة للتعامل مع الواقع علي الأرض دون شطحات؟ - نعم. ففي مسألة تغيير الاستعداد للتغيير والإصلاح، وتجديد دماء النظام نفسه، لدينا نموذج واضح جدا يجري منذ 12 سنة في المغرب الملك الحسن الثاني عندما أدرك أنه ما بقي في عمره بسبب المرض فترة محدودة جدا وأن ابنه سيتولي الحكم في ظرف سييء جدا. في ظرف تنمو فيه المعارضة بشكل أكبر. وقتها أدرك الملك الحسن أن مستقبل نظامه سيكون في خطر شديد. حتي في ظل نظام ملكي ابنه سيكون في خطر. ففتح الباب لعملية إصلاح محدودة. وفي عامين توفي الملك الحسن وتولي محمد السادس، واصل السير في هذا الطريق. إذن من خلال عملية انفتاح محدودة أمكن لنظام مثل هذا أن يستمر وأن تتجدد دماء النخبة السياسية في المغرب بدمج عناصر من قطاعات المعارضة. والآن النظام نفسه يعود تدريجيا لممارسات عرفها الملك الحسن الثاني قبل انفتاحه المحدود. هناك عدة سيناريوهات قد تساعد ولو بشكل مؤقت علي إخراج النظام في مصر من أزمته وأيضا تفتح الباب أمام المعارضة والمجتمع المدني لكي تتطور. لكن علي المعارضة ألا تشتري الوهم. عليها أن تكون مستعدة لأن طبيعة الأمور التي ستستقر بعد ذلك ستتوقف علي علاقات القوي. وإذا تسلم المجتمع المدني وأحزاب المعارضة في مصر كل شيء من نظام الحكم، الأمر سيعود للانتكاس من جديد كما يجري حاليا في المغرب. وهل هذا وارد في مصر؟ - البرادعي لو أعاد هيكلة أسلوبه كما قلت لن يستطيع فقط أن يجتذب جزءاً من النخبة الحاكمة الحالية لكن يستطيع أن يحول الأحزاب الحالية لمبني بلا معني، أن يضم أكثر وأكفأ العناصر والقيادات والأعضاء حتي دون أن ينشئ حزبا. ورأيي أن المطالب السبعة التي رفعها محمد البرادعي في حقيقتها هي مطالب للمعارضة ولقطاعات واسعة من الرأي العام والناس والمجتمع المدني لكنها في جوهرها قد تشكل مخرجا لأزمة النظام الحالي لمن ينظر لمستقبل هذا النظام علي مدي أبعد من الأنف! إلي أي مدي يمكن اعتبار أن نظام مبارك هو من أكثر أنظمة يوليو انتهاكا لحقوق الإنسان خاصة أنه في 2010 شرعيته منتهية وشمسه تغيب؟ - في الحقيقة، عناصر النظام السلطوي موجودة منذ 23 يوليو وحتي الآن، لكن يمكن القول بأن الفترة الأولي من نظام يوليو، منذ 1952 وحتي 1967 كان فيها النظام شموليا أكثر لأنه كان يحكم بأيديولوجية ذات طابع شعبوي تبيع الوهم بأن هناك نظام اشتراكياً. ومما لاشك فيه أن جرائم حقوق الإنسان التي ارتكبت في هذه الفترة، أعني الفترة الشمولية. فهذه الفترة شهدت جرائم حقوق إنسان أكثر فظاعة وقسوة من كل ما حدث بعد ذلك. مصر عرفت أشكالا من التعذيب، بعضها حتي لم يحدث أيام المماليك ولا في عهد الأتراك. الأمر وصل إلي حد إذابة جثث قيادات في الحامض. وهذا في حدود علمي لم يحدث من قبل. ومنذ منتصف السبعينيات بدأت أشكال من التنفيس النفسي تحاول أن تكيف نفسها مع نظام حكم ديمقراطي من نوع تعددية حزبية. ولكن لا تلغي طبيعة نظام حكم الحزب الواحد، تعددية إعلامية، تعددية في الصحافة، ثم في السنوات الأخيرة في وسائل الإعلام المرئية، والتطورات التكنولوجية في العالم، ظهور دور الإنترنت، والصحافة الإلكترونية والمدونين «البلوجرز». هناك عوامل موضوعية أيضا فرضت نفسها، ليس فقط علي نظام الحكم نفسه، ولكن علي نظم أخري. بدون شك إذا قارنا حرية التعبير فيما أذكر منذ منتصف السبعينيات، وحتي الآن، والعشرين سنة الأولي منذ يوليو، فبالتأكيد هناك فرق نسبي كبير. هل تعتقد أن تحسين حالة حقوق الإنسان في مصر تحتاج لأدوار ونضال أكثر من الشارع لانتزاعه إلي جانب منظمات حقوق الإنسان؟ - لن تصان حقوق الإنسان في أي دولة في العالم دون الناس. منظمات حقوق الإنسان هي أحد المنابر. دورها في البداية يكون شديد الأهمية عندما تكون في وضع نظام غير ديمقراطي، تسلطي، علي النحو الذي تعرفه مصر. في مصر كانت هناك منظمة حقوقية واحدة هي المنظمة المصرية في الثمانينيات، كانت هناك صعوبة عند تغطية موضوع كالتعذيب. الآن هو أحد الموضوعات اليومية في الصحف المستقلة اليومية. وأذكر أنه سنة 1990، كانت هناك واقعة أن شخصين تحولا من الإسلام للمسيحية، فلم يتم اعتقالهما فقط وضربهما بالطبع. لكن ما حدث كان عقابا جماعيا للأسرة. قطعوا المراتب وكسروا الدواليب والسرائر. أثناء التحقيق حتي وكيل النيابة نفسه لم يكن لديه مانع في ضربهما بالقلم باعتبار أن هذا بمثابة خيانة وطنية.! وفي هذا الوقت لم نجد صحيفة معارضة تنشر عن الواقعة. وأتذكر أنني اتصلت برئيس تحرير جريدة معارضة - لا داعي لذكرها - ولم يكن مسلما، وقلت له إنني أفهم أن لا ينشر الباقون، لكن أنت؟!. فقال لي: أنا لا أستطيع. لو نشرت يضيع الجورنال «بتاعي». وهو لا يقصد أن الحكومة ستسبب له مشكلة، لكن المجتمع نفسه. وهذا تحول إيجابي ساهم الشارع فيه. وهذا لا يعني أنه لم يحدث تعمق مقابل في المشاعر والتوجهات الطائفية سواء من الدولة أو من المواطنين. والدولة مستفيدة من هذا لتصريف الغضب بعيدا عنها؟ - بالطبع. فهناك بعض الدوائر داخل الدولة، وهذه إحدي نقاط الخلافات داخل النخبة الحاكمة ذاتها تري أن هذه الأحداث الطائفية وسيلة تنفيس مناسبة لغضب وسخط الناس بعيدا عن النظام، وهذه نفس سياسة الاحتلال الإنجليزي «فرق تسد». ونحن مقبلون علي انتخابات برلمانية ورئاسية، هل تعتقد أن الحكومة المصرية ستنفذ توصيات المراجعة الدورية الشاملة الأخيرة في مجلس حقوق الإنسان، حتي فيما يتعلق بتوفير حد ما من ضمانات نزاهة الانتخابات؟ - المولد انفض!. ما ينطبق علي توصيات مجلس حقوق الإنسان، ينطبق علي توصيات عديدة في إطار الشراكة الأوربية، مطالبات أمريكية بهذا الأمر. ما يحكم هذه الأمور كلها عاملان: الأول أن توجد إرادة سياسية. وهي لا توجد لدي النظام الحاكم. هناك إرادة لمزيد من القمع والعصبية والعنف، وعدم القدرة علي حل الصراعات الداخلية خاصة مع إدراك النظام المتزايد لضعفه، والعامل الثاني هو الضغط الذي يمكن أن يمارسه مجلس حقوق الإنسان. ما إلزامية هذه التوصيات للحكومة؟ لا توجد إلزامية. نفس هذا الأمر ينطبق علي مطالب وتوصيات خاصة بالانتخابات تنادي بها أحزاب المعارضة منذ سنين، ما الذي تملكه هذه الأحزاب المستأنسة للضغط من أجل تنفيذ مطالبها وضماناتها حتي لو قبلها النظام غدا؟! وهذا جعلك تقول: إن الانتخابات في مصر أصبحت وسيلة قانونية لشرعية اغتصاب السلطة؟ - ما يحدث الآن هو تجديد لشرعية الاغتصاب الذي حدث في 23 يوليو بوسيلة تبدو شكليا ديمقراطية. أي انتخابات ستحدث ستكون غير حرة حتي لو قالت الدولة إنها ستكفل ضمانات. ففي ظل الضعف المتزايد لدي النظام، واحتدام الصراع داخل النخبة الحاكمة ذاتها، فاحتمالية أن تحدث انتخابات حرة، هي احتمالات متراجعة تماما. والذين يرصدون الانتخابات العامة منذ 23 يوليو وحتي الآن، يقولون إنه إذا كانت هناك انتخابات أجريت بنصف حرية فهي انتخابات 1976، عندما كان السادات يسعي لتأسيس مشروعية، أو لتجديد مشروعية نظام يوليو مستفيدا من نصر أكتوبر. ونصر أكتوبر حدث منذ 37 سنة. وحتي آخر انتخابين: المجالس المحلية ومجلس الشوري، هي في حقيقتها تعيين، حتي لممثلي المعارضة. وهذا مؤشر خطير علي ما ستكون عليه الانتخابات البرلمانية المقبلة.