يبدو أن صحافة الكويت قد دخلت دائرة الخطر وبقوة، بل وصل الأمر وفق وصف الصحفيين الكويتيين بما يشبه انتحاراً للصحف، ففي غضون أشهر قلائل تم الإعلان عن إفلاس ثلاث صحف كويتية، وأصبح التحول إلي الإصدار الإلكتروني، في حالة الصحف الجديدة «الخاسرة»، هو القرار المثالي، بل هو الإجراء التلقائي الذي لا مفر من القيام به كي لا تضيع الأموال الطائلة التي تم إنفاقها علي الإصدار الورقي، وكي لا تغرق جهود عشرات المحررين والكتاب والفنيين في بحر النسيان. فبعد قرار إغلاق صحيفة «أوان» اليومية التي انطلقت في نوفمبر 2007 لأسباب وصفت بأنها اقتصادية ثار النقاش مجددا حول مستقبل الصحافة الورقية في الكويت وسط مخاوف في الأوساط الصحفية من مواجهة صحف أخري المصير ذاته، حيث يأتي إغلاق الصحيفة بعد مرور أقل من عام علي قرار مشابه اتخذته إدارة صحيفة «الصوت» اليومية التي لم تستطع هي الأخري تحمل أعباء الأزمة المالية، مما اضطرها إلي اتخاذ قرار الإغلاق ، كما أعلن عن توقف صحيفة «الرؤية» - بعد ثلاث سنوات من العمل في الساحة الإعلامية الكويتية، عن الصدور لأسباب اقتصادية أيضا ًفي يوليو الماضي ، بالإضافة إلي صحيفة الطليعة التي تعمل منذ 22 يونيو 1962 وهي واحدة من الصحف الكويتية العريقة. ويري البعض أن «غالبية صحف البلاد إما ذات أجندة سياسية بالدرجة الأولي تخدم رؤي الحكومة أو تجارية بحتة علي استعداد لتجيير رؤيتها ومسارها لصالح المعلن الأكثر» فإذا انتهت الغاية من إنشائها تراها أغلقت أبوابها، حيث إن إنشاء بعض الصحف جاء فقط «لخدمة أجندة الحكومة خاصة ضرب المعارضة، أو للعب دور مذهبي ترويجي الغاية منه الترويج لمفاهيم وسياسيات مذهبية معينة دون غيرها». وقد قامت مجلات وصحف أسبوعية ومطبوعات شبه دورية بل ومواقع صحف إلكترونية لا بحملة تقليل وترشيد كبيرة لمصروفاتها طالت صحفيين ومتعاونين، مما خلف أجواء من عدم الاستقرار النفسي والوظيفي لدي العاملين، ويري مهتمون في النشر الصحفي أن الأزمة المالية وإن كانت تشكل تحدياً رئيسياً لملاك الصحف في الكويت، إلا أنها ليست وحدها سبب إغلاقها، بل إن دواعي تأسيس بعض تلك الصحف لها دور كبير في التحكم في مصير استمرارها. ففي لحظة ما صدرت في الكويت 15 جريدة يومية دفعة واحدة، وامتلأت الأرض والسماء بالإعلانات الترويجية لهذه الصحف الجديدة، حينها توقع الكثير من الإعلاميين توقف بعض هذه الصحف عن الصدور لأسباب مالية بعد عام أو عامين أو ثلاثة أعوام، فهذه نتيجة حتمية لهذا التنافس المبالغ فيه داخل سوق صغيرة محكومة بقواعد إعلامية قديمة، ولكن الأمر غير المتوقع أن الصحف التي توقفت عن الصدور فعلاً لم تفكر في التحول إلي جرائد إلكترونية مثلما يحدث في جميع دول العالم. ويتنافس في الكويت أكثر من 18 صحيفة مطبوعة، منها 14 تصدر بشكل يومي علي سوق إعلاني تأثر بصورة كبيرة وبحسب تقارير اقتصادية من تداعيات الأزمة المالية، وهو ما دفع بكثير من الصحف لاتخاذ سياسات تقشفية، ويرجع صدور هذا العدد الكبير من الصحف لصدور قانون المطبوعات الجديد منتصف 2006، والذي فك حالة احتكار دام أربعين عاماً قيد فيها إصدار الصحف، وبلغ عدد طلبات الترخيص المقدمة لوزارة الإعلام بعد إقرار القانون أكثر من 110 طلبات.