بذل المسئولون عن قناة الجزيرة جهوداً جبارة في تغطية نهائيات كأس العالم بجنوب أفريقيا ونجحوا في تقديم تغطية متميزة عن طريق خبراء التحليل الذين يشار لهم بالبنان، سواء عرباً أو أجانب، إضافة إلي جيش المراسلين الذي انتشر في مدن جنوب أفريقيا وعدد كبير من عواصم العالم واللقاءات الحية مع المدربين واللاعبين والمتفرجين لكن كل هذا ذهب أدراج الرياح، وكانت قناة الجزيرة مثل ست البيت التي قامت بإعداد وجبة طعام شهية جداً ثم ألقت عليها حفنة من التراب والمقصود بالتراب الذي ألقته الجزيرة علي وجبة المونديال الدسمة هم المعلقون الذين فشلوا في إرضاء ملايين المشاهدين العرب من المحيط إلي الخليج لأن هدفهم الأول كان الكلام المباح وغير المباح عمال علي بطال، وبكل اللغات حتي اعتقدنا أن هؤلاء المعلقين دخلوا في منافسة فيما بينهم ليفوز بها المعلق الذي لا يتوقف عن الكلام. معلقو الجزيرة استعملوا اللغة العربية ومعها كلمات إنجليزية وفرنسية وإيطالية وألمانية وإسبانية وبرتغالية وقريباً سيكون للغة الأردية مكان بين معلقي الجزيرة لجذب المشاهدين في الهند وباكستان، وعلي رأس المعلقين الذين أفسدوا متعة المونديال عصام الشوالي الذي نافس المرحوم أحمد الحداد علي لقب «الرغاية» وضرب الرقم القياسي في عدد الكلمات التي يمكن أن يتفوه بها إنسان خلال دقيقة واحدة.. الشوالي منذ انتقال الميكروفون إليه في بداية المباريات يتكلم ويتكلم ويصيح الشوالي سقط في مباراة كوت ديفوار وكوريا الشمالية عندما سجل الإيفواريون هدفاً ألغاه الحكم للتسلل لكن الشوالي ظل يصرخ إعجاباً بالهدف ورغم أن الإعادة أكدت أنه من تسلل لكن الشوالي لم يلتفت إليها وأصر علي وجود هدف وبعد حين وبعد توقفه عن الصراخ عرف الحقيقة واعتذر بأدب للمشاهدين رغم أنه يوجد داخل الملعب ولم يشاهد لاعبي كوريا الشمالية يلعبون ضربة البداية التي تعقب إحراز الأهداف. من الذي منح الشوالي لقب المعلق العربي الأول وهو الذي لا يجيد سوي الكلام ومعظم انفعالاته مصطنعة وغير طبيعية بدليل أنه عندما يسدد لاعب كرة وتمر فوق العارضة أو بجوار القائم بعشرين ياردة يصرخ الشوالي وكأن الكرة احتضنت الشباك؟ راقبوا الشوالي وهو يقوم بسرد حكاياته ويردد عباراته الشهيرة البعيدة تماماً عن المباراة، رغم وجود هجمة خطرة أو لاعب منفرد بالمرمي وأتحدي أي مشاهد أن يعرف تشكيل الفريقين إذا قاده حظه السيئ لمتابعة المباراة بعد بدايتها بدقيقة واحدة لأن الشوالي لا يذكر أسماء اللاعبين إلا نادراً ومثلما كانت شهرزاد لا تتوقف عن سرد الحكايات حتي يصيح الديك في حكاوي ألف ليلة لا يتوقف الشوالي عن الصراخ إلا بعد صافرة النهاية. في مصر كثيرون معجبون بالشوالي لا محالة ربما لأنه لم يعد في مصر معلقان جيدان وربما لأننا نعيش فعلاً عصر الهبوط. هناك أيضاً حفيظ دراجي وكلمتاه الشهيرتان اووووه وأوه لالالا، ورءوف خليف الذي يردد دائماً عبارة إذا اصفرت احمرت لكنه لا يذكر ماذا سيحدث إذا احمرت وهو أيضاً يردد دائماً الوقت يمر والباقي أمر وأمر أصل الناس ناقصة مرارة أكتر من اللي هيه فيه. ما الذي يجبر علي محمد علي، علي الكلام والصياح والصراخ حتي بح صوته وكادت أحباله الصوتية تتمزق، هل خشي أن يخسر سباق الكلام بين المعلقين؟ حتي حاتم بطيشة الذي توسمنا فيه خيراً منذ دخوله مجال التعليق أصابته عدوي الكلام أما نبيل نقشبندي ومحمد بركات والحبيب بن محمد فهم لا يستحقون سوي عبارة واحدة «أنهم الأسوأ بجدارة». مسئولو قناة الجزيرة نسوا أن جيش المحللين لا يخدم سوي قطاع محدود من العاملين في مجال كرة القدم، خاصة المدربين لكن الغالبية العظمي من المشاهدين لا تهتم بما يقوله خبراء التحليل ولا تجد فرقاً بين ما يردده اريجو ساكي وطارق دياب والأسطي عبده، التعليق العربي في أزمة حقيقية بعد أن اغتال المعلقون اللغة العربية وانصب اهتمامهم علي ترديد كلمات أجنبية قد لا يعرفون معناها.