كثيرة وضخمة هى القرارات التى اتخذها مرسى فى السنة التى قضاها فى السلطة، ويبدو أن نهم الجماعة للسلطة جعلها تطوى الأيام والشهور، تتخذ قرارات سريعة وعاجلة، كأنهم كانوا فى سباق مع الزمن، أو كأنهم كانوا يدركون أنهم ما لم يتخذوا قرارات سريعة وعاجلة ومكثفة بالسيطرة على مفاصل الدولة، وإدخال أبنائهم إلى الكليات الحربية والشرطية، فإن بقاءهم فى السلطة سيكون مهددًا. كانوا فى سباق مع أنفسهم والزمن من أجل السيطرة على البلد وتحويله إلى مقر للجماعة، منه يتم الانطلاق إلى المحيط الإقليمى. ومن بين القرارات التى اتخذها مرسى تلك الخاصة بمنح الجنسية المصرية لعشرات الآلاف من غير المصريين من منطلق أنهم أعضاء فى التنظيم الدولى أو يعملون فى فروع للجماعة فى دول أخرى. يكفى أن تعرف أن مرسى منح بلال أردوغان، نجل الرئيس التركى، الجنسية المصرية، والمؤكد أن هناك عشرات القرارات المشابهة التى منح من خلالها مرسى الجنسية المصرية لأعضاء فى التنظيم الدولى للجماعة من جنسيات مختلفة. ويذكر هنا أن بلال نجل أردوغان قد تورط فى قضايا فساد ضخمة فى تركيا وكان مطلوبًا القبض عليه، فهرب إلى جورجيا، مستخدمًا جواز السفر المصرى الذى منحه إياه مرسى. ولعل الشق الأكثر خطورة فى قرارات مرسى بمنح الجنسية المصرية يخص قراراته بمنح الجنسية لأعضاء فى حركة حماس -الفرع الفلسطينى للجماعة- فهناك تقديرات تقول إن مرسى منح الجنسية لنحو خمسين ألفًا من أهل القطاع، غالبيتهم الساحقة لا تنطبق عليها شروط الحصول على الجنسية المصرية، وأن قرار منحهم الجنسية هو قرار للجماعة مركب الأبعاد، فهو من ناحية يمنح الجنسية لأعضاء فى حركة حماس، ومنهم من هو عضو فى الجناح المسلح للحركة «كتائب عز الدين القسام»، ومن ثم يصبحون جناحا مسلحا للجماعة فى مصر وتغدو إقامتهم شرعية، ومن ناحية ثانية يضاف خمسين ألف مؤيد للجماعة وناخب لها. ومن ناحية ثالثة وهى الأهم على الإطلاق، تمكين هؤلاء من شراء وتملك الأراضى فى شبه جزيرة سيناء، وتجاوز القرار الخاص بحظر تملك غير المصريين الأراضى فى شبه جزيرة سيناء، وهو الأمر الذى كانت الجماعة تحتاجه من أجل تنفيذ مخططها الذى سبق الاتفاق عليه مع الإدارة الأمريكية، الخاص بتوسيع قطاع غزة ناحية الجنوب باتجاه العريش، وتوطين الفلسطينيين فيه، ومن ثم يجرى حل القضية الفلسطينية على حساب أرض سيناء، فالمخطط الذى وضعه مستشار شارون للشؤون الأمنية، ووافقت عليه الإدارة الأمريكية ينص على منح الفلسطينيين مساحة من أرض سيناء، تصل إلى نحو خمسة آلاف كيلومتر مربع (من مساحة سيناء البالغة 64 ألف كيلومتر مربع) وهى مساحة توازى مساحة الضفة الغربية، ومن ثم تضم إسرائيل معظم أراضى الضفة الغربية، وتوسع قطاع غزة جنوبا، بمحازاة البحر المتوسط، ويجرى إعلان الدولة الفلسطينية فى تلك المنطقة. عملت الجماعة على تنفيذ هذا المخطط الذى وعدت الإدارة الأمريكية والمنظمات اليهودية فى العالم بتقديم مقابل مالى لمصر يصل إلى 70 مليار دولار، وهو مبلغ كان سيصب فى خزينة الجماعة لمواصلة تنفيذ خططها تجاه المنطقة. جاءت ثورة الثلاثين من يونيو لتوقف تنفيذ هذا المخطط وغيره من المخططات التى وضعتها الجماعة وكانت تسير فى تطبيقها بالتوازى، ومن هنا نفهم سر الغضب الأمريكى الهائل على ثورة الثلاثين من يونيو ومحاولاتها المستميتة للدفاع عن الجماعة والمطالبة بالإفراج عن مرسى. لكل ذلك أحسب أنه بات مهما للغاية مراجعة كل قرارات مرسى، وتحديدًا تلك المتعلقة بمنح عشرات الآلاف من الأجانب، الجنسية المصرية. «يُنشر للمرة الثانية»