كسب ايه الراجل لمّا فقد عنيه واتغيّر شكله ومبقاش هو .. ؟ لأ .. السؤال ميبقاش كده .. السؤال الأصح : ايه اللي دفعه عشان يحمي أهل منطقته وياخد رصاصة في دماغه تطيّر عنيه الاتنين .. وسبحان من امد له في العمر عشان يرجع تاني وفي ايده رسالة لكل من يشكك حتى اللحظة في " رجّالة " الشرطة .. الرسالة ببساطة في كلمتين : احنا بنعتذر للناس الطيبين .. ناسنا واهلنا اللي النظام القديم عمانا عنهم .. وساعة ماحسينا ان ثورتين قاموا .. والناس " طهقت " من الظلم ومن الذل وقلة الكرامة .. اتغيّرنا .. وحسينا أد ايه مكناش نعرف قيمة البني ادم المصري .. فنزلنا معاه في 30 يونيو واحنا عارفين ان لو الثورة فشلت حنتعدم في ميدان عام .. بس ربنا كتب لنا السلامة .. وأدي مرسي واخوانه " انكشحوا " .. واديني راجع تاني لبلدي وبقول لكل اللي كانوا زعلانين مننا : حقكم علينا!. يعلم ربنا اني كنت من الضباط اللي عمرهم ماظلموا حد .. ولا دخل مكتبي حد وأهنته ، حتى لو كان متهم .. بس الصورة اللي كانت غالبة عننا – وعندكم حق – اننا مفتريين واللي يدخل القسم كرامته " تتبعتر في الأرض " .. بس صدقوني ، احنا فعلا اتغيّرنا .. والله العظيم اتغيّرنا .. واديني اهو .. ساعة ما حسيت ان ممكن يموت في بين السرايات بعد خلع مرسي اكتر من 100 واحد .. فديتهم كلهم وحميتهم ، واخدت انا الرصاصة .. وحتى - والدم مغرقني - كنت ببص حواليا واطمن ان مفيش حد غيري اتصاب .. اللي شالني الناس الطيبين .. شالوني وهما بيعيّطوا .. زي مايكونوا مكنوش مصدقين اني ممكن ضابط شرطة يضحي بنفسه عشان غيره يفضل عايش ويكمّل. مش انا دلوقتي معدتش اشوف؟ .. بس حتصدقوني لو قلت لكم اني بقيت اشوف اكتر من الاول .. والله العظيم بتكلم جد .. انا شايف مصر تانية خالص .. مصر مكنتش اعرفها قبل كده .. شايف ناس يمكن مش بتضحك .. بس مبسوطة .. حتسألوني ازاى .. حقولكم : حاسس بالأمل جوّاهم .. وشايف في عنيهم ثقة عجيبة في الرئيس اللي اختاروه .. حياتهم زي ماهى .. متغيرتش .. الفقير لسه فقير .. والغني لسه عنده فلوس ويتزيد .. والنور لسه بيقطع واكتر من الاول .. بس هما شايفين ضوء في نهاية النفق .. ومصممين يمشوا وراه لحد مايروحوا له .. احساس حلو اوي انك تعيش ع الأمل .. بس يكون قصادك اللي يحفزّك على الفعل. على فكرة انا من الناس اللي صعب يعيّطوا .. كانت امي تقول عليا : دمعته غالية .. بس بكيت كتير من ساعة ما رجعت : بكيت لمّا عرفت ان المصريين بمختلف فئاتهم قدروا يشتروا شهادات استثمار قناة السويس بأكثر من 60 مليار جنيه .. وفي اسبوع واحد .. ايه العظمة دي .. شفتم الامل ممكن يعمل ايه .. بكيت كمان لمّا فوجئت بألاف بيستقبلوني في المطار وشالوني فوق كتافهم وشايفين اني بطل .. وانا لا بطل ولا حاجة .. انا عملت اللي شفت انه واجب وأقل من الواجب .. غيري ضباط كتير ماتوا .. وانا ربنا كتب لي عمر جديد .. حتى دول مش بعتبرهم ابطال .. حقول عليهم رجّالة دافعت عن بلدها وحمتها وحمت اهلها .. البطولة الحقيقية في الشعب المصري ده اللي قدر يتغلب ع نظامين وكان الجيش في ضهره .. والبطولة الحقيقية انك تقدر تسامح لمّا تشوف بعينك ان فعلا فيه حاجة اتغّيرت .. سامحوا الشرطة من قلبكم .. وحطوا ايدكم في ايديها ، حتلاقوهم اخدوكم بالأحضان ، وشالوا روحهم على كفهم عشان تفضلوا انتم عايشين .. سامحوا الشرطة .. انا عيني راحت .. بس لو كان التمن معاهدة صلح حقيقية بينا وبينكم .. يبقى اشتريت الغالي بالرخيص. انا بنتي الصغيرة معرفتنيش لمّا شافتني .. ودي حاجة أثّرت فيا أوي .. كان نفسي اطيّرها لفوق والقفها تاني زي ماطول عمرها متعودة .. بس خفت تقع ع الأرض وتنجرح .. سامع امها وهى بتقولها .. ده بابا ياحبيبتي .. ورمتها في حضني .. فشمت ريحتي " وبلّت " بدموعها قميصي .. وسألتني : ليه يابابا شكلك اتغيّر كده ؟ .. فقلت لها وانا واثق انها مش حتفهم ، بس لمّا تكبر حتعرف معني كلمتي .. قلت لها : صحيح ياحبيبتي انا اتغيّرت .. زي كل حاجة في البلد ما بتتغيّر .. يمكن انا تغيّرت للأسوأ .. بس البلد اتغيّرت للأحسن .. ياحبيبتي .. انا لمّا اموت مش حاسيبلك فلوس ولا ورث .. بس صدقيني لمّا تكبري وتدركي حيقولوا عنك : كنت بنت راجل مصري أصيل. عايز اقولكم حاجة.. انا فقدت عنيا صحيح .. ومش حاسس اني فقدت حاجة مهمة .. بس حزعل اوي لو فضلت اقرا في الجرايد لناس لسه شايفه الشرطة أداة فقط في ايد النظام .. صدقوني انا .. انا اقرب ليهم منكم .. فعلا رجال الشرطة دلوقتي " رجّالة " .. ممكن جدا يكون واحد او اتنين لسه واخداهم الجلالة وبيفتروا .. بس اللي زي دول منبوذين من الشرطة نفسها .. ومع الوقت .. اما يتغيّروا فعلا .. واما حيسيبوا الجهاز خالص .. عشان ينضف. الست الطيبة اللي عملت مداخلة في برنامج كان مستضفني .. خلتّني احس بالأمل .. وان بكره افضل كتير من النهارده .. الست دي قالت لي : خد عين من عنيا ياضنايا .. خد الاتنين لو حبيت .. هزّتني أوي كلمتها .. ولحظتها حسيت لو كان ليا اربع عيون وراحوا .. مش خسارة في الناس الطيبين. كتر خيرك يا أمي .. ربنا يحفظك وينوّر طريقك .. انا شايف الدنيا بعنيكي .. وكفاية ان واحدة طيبة زيّك ترضي عني .. دي مش رومانسية ابدا .. ده احساس حقيقي انا عايشه .. ايه يعني لمّا تفقد نور عنيك .. عشان البلد كلها تبقى عنيها مفتّحة .. وتشوف ، واشوف معاها مصر الجديدة.