تهون شراسة أعتى الأعداء أمام شراسة اليأس إذا تملَّك من الإنسان، فعندها يتقهقر العدو ويقف منتشيا مراقبا وهو يرى مَن أمامه يقضى على نفسه بقنوطه، وانهزامه، وفجوره عند اشتداد الغمة، وابتعاده عن طريق الحق وعن التفكير السليم، وليس أدل على عطاء الله لمن يصبر ويحتسب من قصة أم سلمة زوجة رسول الله (صلى الله عليه وسلم). مات زوجها أبو سلمة بعد «أُحُد»، بعد أن تحملت معه الكثير فى أثناء هجرته إلى المدينة وهجرتها بعد ذلك، صارت وحيدة ولكنها صابرة، حفظت عن زوجها كلمات سمعها من رسول الله: «لا يصيب أحد من المسلمين مصيبة فيسترجع عند مصيبته، ثم يقول: اللهم أْجُرْنى فى مصيبتى، واخلف لى خيرا منها، إلا فُعِل ذلك به»، أصبح حديثها فى كل وقت: «إنا لله وإنا إليه راجعون»، تنتظر أن يحقق الله وعده ويخلفها خيرا من مصيبتها، ولكنها بعد أن تدعو تتساءل: من أين لى خير من أبى سلمة؟ تأمل الخير من الله ولكنها تعلم، من حبها لأبى سلمة ومن معاملته الطيبة لها، أنه لا أحد أفضل منه. تسترجع وتدعو.. يتقدم لخطبتها أبو بكر فترفض.. تسترجع وتدعو.. يتقدم لخطبتها عمر فترفض.. تسترجع وتدعو.. وهنا يتحقق حديث رسول الله بأن يتقدم هو نفسه إلى خطبتها، فإذا كانت أم سلمة تتساءل دوما عمن هو خير من أبى سلمة، فإن الإجابة جاءت عمليا: رسول الله خير من أبى سلمة.. صبرت فنالت. لن تخلو الدنيا من المنغصات والمثبطات والمصائب، خصوصا فى هذا الوقت المشحون بالصراعات والمزايدات، تضيق الدنيا عليك يوما بعد يوم ولكن ثِقْ دائما بأن الخير قادم.. هذا ليس درس نصب من دروس التنمية البشرية، وإنما اليقين بحديث رسول الله. فقط.. اصبر، واعمل.. تَصِلْ.