رُغم القوانين التي تساوي بين البيض والسُمر، وقانون عام 1956 الذي أقر حق السُمر الجلوس في مكان واحد مع البيض وإعطائهم نفس الحقوق في جميع القوانين دون استثناء، وأن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أسمر اللون وهو أول رئيس أمريكي من أصول إفريقية إلا أن العنصرية، يبدو أن قضايا العنصرية بين البيض والسمر بموطن الحريات «الولاياتالمتحدةالأمريكية»، لن تنتهي أبدًا. واقعة ليست الأولى: فجر مقتل مراهق من الأمريكيين السمر منذ بضعة أيام، على يد شرطي ذي بشرة بيضاء غضبًا عارمًا في «فيرغسون» بولاية ميزوري والمدن الأخرى، الأمر الذي اعتبره البعض ليست بحالة فردية مشيرين إلى قصة إريك جارنر، الأسمر الذي تم إطلاق النار عليه قبل شهر بنيويورك من قبل الشرطة، وقصة مقتل تريفون مارتن والتي تعود ل 2012، حيث كان هذا الشاب الأسمر في طريقه لزيارة عائلته بأحد أحياء فلوريدا، واعتدى عليه جورج زيمرمان، أحد الشباب المتطوعين في لجنة حماية الحي وتم العثور على جثة مارتن مضرجة في دمائها بعد أن أطلق عليه زميرمان النار، الذي زعم أمام لجنة التحقيق، أنه استخدم الرصاص دفاعا عنه نفسه.
وعندما ننظر لتاريخ أرض الحريات نجد أن العنصرية خاصة بين البيض والسُمر ليست بأمر جديدة، حيث منعت أماكن تواجد السمر بها وطبقت ولايات قوانين عُنصرية للسيطرة على السُمر بها.مطاعم لا يدخلها إلا الزنوج والكلاب: ومن أبرز المواقف التي تُشير للعنصرية بالولاياتالمتحدةالأمريكية ظهرت في ستينيات القرن الماضي حيث كانت هناك مطاعم ومقاهي وفنادق أمريكية تحمل لوحات تحذيرية بعدم دخول «الكلاب والزنوج»، ومازال هناك بأمريكا بعض المحال التجارية التي ترفض دخول السُمر.
الهنود الحمر: «بلاد العم سام» الولاياتالمتحدةالأمريكية، والذي تُعرف أنها بلد الحريات، تأسست على فكرة العنصرية حيث عقب قيام كولومبوس باكتشاف الأمريكتين بإبادة جماعية للمواطنين الأصليين للأمريكتين والذي كان يقدر عددهم بالملايين، من أطلقوا عليهم اسم «الهنود الحُمر».
العبودية : ارتبط الرق والعبودية في الولاياتالمتحدة بالأفارقة ذوي البشرة السمراء فمنذ أن رست الباخرة «MayFlower» الأوربية عام 1620 على الشواطئ الشرقية للولايات المتحدة، كان تجار الرقيق الأوروبيون اختطفوا ملايين السود من القارة الأفريقية، وتم شحن الأفارقة في سفن عبرت بهم المحيط الأطلنطي في أكبر هجرة قسرية حدثت عبر التاريخ، والتي أودت بحياة الآلاف منهم.
أول ولاية تطبق العنصرية: «ولاية ماساتشوستس» أول ولاية أمريكية تطبق النظام العنصري، وعمل الأفارقة السُمر في زراعة مساحات شاسعة من الأراضي، حولوها إلى جنان مثمرة واسعة دون أجر، حيث اعتبرهم البيض عبيدًا لهم، ومارسوا ضدهم كافة أشكال العنف والتعذيب.
ومنذ البداية استقر الأمريكيون الأفارقة الزنوج في الولايات الجنوبية الزراعية مثل ولاية مسيسبي ألباما، أما الولايات الشمالية فاقتصرت على البيض.
الحرب الأهلية ومنع الرق: ظهرت قوانين عنصرية تدعم سيطرة البيض في أواخر القرن التاسع عشر، بدأت مقاومة السود لهذه السياسة قبل الحرب العالمية الثانية وخصوصًا قوانين التعليم و ظهر في أمريكا زعماء سمر مثل مارتن لوثر كنج و مالكوم إكس و طالبو بتغيير القوانين العنصرية.
1786 تم إقرار الدستور الأمريكي وكان بمثابة حل وسط لمشكلة العبودية بين الولايات الشمالية التي يسكنها البيض الميسورين الحال والولايات الجنوبية التي يسكنها فيها أعداد كبيرة من السود الفقراء.
لم يذكر في ذلك الإطار موقفاً واضحاً من الرق والعبودية وتداعياتها، واستمر إقرار هذا الدستور لمدة أكثر من سبعين عاما.
وانتهت هذه الفترة بتولي أبراهام لينكولن الحكم عام 1860، عندما بلغ عدد السكان السود في الولايات 22 مليوناً منهم 9 ملايين يعيشون في الولايات الجنوبية.
وفي الفترة ما بين 1860 1861 أعلنت إحدى عشر ولاية أمريكية انفصالها من الاتحاد وشكلت اتحاداً آخرا واختارت جيفرسون ديفس رئيساً للكونفيدرالية، وأدى هذا القرار إلى اشتعال الحرب بين الولايات الشمالية المكتظة بالبيض والولايات الجنوبية ذات الغالبية السوداء.
انتهت الحرب بوقف الانفصال ولكن مسألة تقرير مستقبل السمر في الولاياتالمتحدة ظلت محل نقاش وبدون تغير، واستمرت معاناة السمر الاجتماعية والاقتصادية، وتم الفصل بين السمر والبيض في الولايات الجنوبية في المدارس والمطاعم ووسائل النقل العام.
بالرغم من عدم تحقيق الكثير من مكاسب تتمثل في الاندماج الكامل في المجتمع الأمريكي نتيجة للحرب، إلا أن الأمريكيين الأفارقة قاموا بتأسيس هيئة حكومية فيدرالية سميت «فري مان بيرو»، كانت وظيفة الهيئة مساعدة ودعم قضية الأمريكيين الأفارقة، لم تستطيع هذه الهيئة أن تصل إلى الطموحات التي أسست لأجلها.
مارتن لوثر كينج
حُلم لوثر كينج لم يتحقق: «عندي حلم بأن يوم من الأيام أطفالي الأربعة سيعيشون في شعب لا يكون فيه الحكم على الناس بألوان جلودهم، ولكن بما تنطوي عليه أخلاقهم».
مارتن لوثر كينج الأسمر الذي نجح أن يحرك ساكنًا بخطاب أغتيل بعده عام 1963، وكان لديه حُلم المساواة والقضاء على العنصرية ولكن كان لحلمه ثمن هو حياته.
خلال مظاهرات السمر طلب مارتن لوثر كنج من السمر عدم استعمال العنف للتعبير عن غضبهم و مقاومتهم للتفرقة العنصرية التي يعانون منها، و قاد في 1955 و 1956 حركة مقاطعة السود لأوتوبيس مدينة مونتغمري عاصمة ولاية ألاباما بعد طُلب من سيدة سوداء ترك مقعدها لرجل أبيض في حافلة و رفضت ، و استمرت المقاطعة إلى أن اصدرت المحكمه العليا حكم بإلغاء قوانين العزل، مارتن لوثر كنج قتل لكن حركة التوحيد العنصري في أمريكا نشطت و خصوصاً بعد صدور قانون الحقوق المدنية سنة 1964.