أقوم بتوزيع شنط على الناس الغلابة.. والسحور مع الأصحاب.. وزيارة أهلى وجيرانى فى الصعيد كنت أقضى إجازتى الصيفية فى الماضى مع عمى مكرم باشا.. ولعبتى المفضلة كانت «البسكليتة» رمضان عندى يعنى خان الخليلى.. وباحب السيما.. وآخر فيلم شاهدته «لا مؤاخذة» طفولتى كونت «كاريزما» خاصة لشخصيتى.. وأتمنى زيارة جزيرة «سيشل» التى نُفى إليها الزعيمان سعد زغلول ومكرم عبيد هى مصرية ووطنية حتى النخاع، وفْدِية أبًا عن جد، تنتمى إلى عائلة مكرم عبيد، عمها، السياسى الوفدى المخضرم، بينما والدها كان عضوًا فى مجلس النواب فى خمسينيات القرن الماضى، الدكتورة منى مكرم عبيد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، التى تعد قيمة فكرية وسياسية كبيرة، ودائرة معارف متنقلة لكل طالب علم، بالإضافة إلى شخصيتها المستقلة التى تحظى باحترام وتقدير الجميع، تخصصت فى السياسة فأجادت، درست الاقتصاد فتفوقت، حتى صارت علمًا يشار إليه بالبنان.
■ كيف تقضين شهر رمضان؟ - الأقباط تعايشوا مع الحكم الإسلامى منذ القدم، وحتى مع بداية الفتح الإسلامى لمصر لم يحدث احتكاك بينهم وبين الفاتحين المسلمين، فى عهد المقوقس، بل كانت هناك وحدة للصف بين أفراد المجتمع، ولعل أحدًا لا يعرف أن الزعيم مكرم عبيد، علمنى وأشقائى العلوم الإسلامية، وعلمنا كيف أن الإسلام حافظ على الأقباط منذ أن دخل مصر، وحماهم من الروم، وكان مكرم عبيد هو صاحب المقولة الشهيرة: «نحن مسلمون وطنًا ونصارى دينًا.. اللهم اجعلنا نحن المسلمين لك وللوطن أنصارا.. اللهم اجعلنا نحن نصارى لك وللوطن مسلمين»، وهو الرجل الوحيد الذى شيع جنازة الشيخ حسن البنا بجانب والده، بعد أن منع البوليس السياسى آنذاك الرجال من المشاركة فى الجنازة، أما بالنسبة إلى هذا الشهر الكريم، فأنا أصوم رمضان مع المسلمين، لأنى تعودت على ذلك منذ الصغر، ومعظم أصدقائى من المسلمين، ولم أشعر يوما بأن المسيحيين أقلية فى المجتمع المصرى. ■ ما طقوسك فى رمضان؟ - أذهب إلى خان الخليلى للسحور مع الأصدقاء ومعارفى، وأقوم بتوزيع شنط رمضان على الفقراء والمحتاجين والناس الغلابة، كما أننى أحرص على شراء الفوانيس لتوزيعها على الأطفال، وأتلقى كثيرا من الدعوات لحضور الإفطار، وأتمنى هذا العام أن يستجيب كثير من الشخصيات العامة والسياسية لدعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى بعدم الإسراف والبذخ، خصوصا أن هناك دعوات كنت أشهدها فى رمضان الأعوام السابقة تتميز بالإسراف الزائد على حده، وليس من الضرورى على الإطلاق أن تتحول العزومات إلى ولائم. ■ هل تقضين رمضان دائمًا فى مصر؟ - نعم أقضى رمضان فى القاهرة أو أذهب إلى الصعيد عند أهلى لكى أشارك أصحابى هناك، فالأسرة من قنا، ونحن فخورون جميعا بجذورنا الصعيدية، والصعايدة كانوا فخورين بى جدا لما نزلت الانتخابات وساعدونى كثيرًا، وأحرص كل عام على قضاء أيام من شهر رمضان معهم. ■ ماذا يمثل لكِ شهر رمضان؟ - يمثل لى الخير والمحبة والمودة والتسامح بين فئات المجتمع، وأطالب دعاة الفتنة بالتوقف عن إثارة المواطنين والتركيز فى الانتخابات البرلمانية القادمة أفضل، فالبلد يحتاج إلى كل جهد لأننا فى مرحلة البناء لمصر الجديدة حاليا. ■ ما أهم المراحل الهامة فى حياة منى مكرم عبيد؟ - مرحلة الطفولة هى أهم محطات حياتى، حيث نشأت فى منزل الزعيم مكرم عبيد باشا، ومن المعروف أن الزعيم كان عنده أكثر من بيت فى سيدى بشر، والبيت الأصلى كان فى شارع الخليفة المأمون بروكسى، وكان معروفًا للكل، لدرجة أن محطة الأوتوبيس كانت مشهورة بمحطة مكرم. ■ هل تأثرتِ بالزعيم الكبير؟ - طبعًا، لأنى كنت قريبة منه جدًا، تشربت منه جيناته وأصبحت لشخصيتى كاريزما خاصة تكونت معالمها من أيام الطفولة حتى أيامنا تلك. ■ لماذا كل هذا الحب؟ - لأنه كان شخصية حبوبة وعلمنى الحب والموسيقى وتقديس الحياة الزوجية، لأنه يحب أهله وأصدقاءه وجيرانه، وبيت العائلة كان بمثابة خلية نحل للوزراء والمشاهير والمفكرين والمثقفين، رأيت بعينى عباس العقاد، وتوفيق الحكيم، ولويس عوض، ونعمان عاشور، وأحمد ماهر باشا، ومصطفى النحاس، وعبد الرحمن عزام، ومحمود فهمى النقراشى، وطه باشا السباعى، وسيد باشا سليم، كنت فى البداية أعتقد أنهم أقاربى، لكنى اكتشفت بمرور الوقت أنهم رموز الفكر والأدب والثقافة والسياسة فى مصر. ■ ماذا تعنى لكِ الحياة الزوجية؟ - أن يكون بيتى هو بؤرة اهتمامى الأولى، خصوصًا أن عائلتى تقدس الحياة الزوجية، فالسيدة «عائدة هانم» زوجة الزعيم مكرم عبيد، فضلت البقاء مع الزعيم فى المعتقل، ورفضت الإقامة فى المنزل من دونه، فكانت نعم الزوجة، وقد تكون هذه رسالة قوية إلى هوانم وسيدات الجيل الحالى، واللاتى يتمردن على أزواجهن، إذا ضاق بهن الحال، فأقول لهن: هذه زوجة الزعيم مكرم عبيد، فضلت المعتقل على أن تترك زوجها البطل يعانى الوحدة فى محبسه. ■ ماذا عن التاريخ السياسى لهذا الزعيم الكبير؟ - الزعيم مكرم عبيد باشا كان حجة فى كل شىء، فى السياسة والقانون والاقتصاد والخطابة، والزعامة، وكما قلت لك فقد تشربت السياسة على يديه وورثت جينات القيادة حتى قيل عنى إننى «غول سياسة»، وتاريخ الباشا معروف، فما بين عامى 1905 إلى 1908 استكمل تعليمه بالكلية الأمريكية فى جامعة أكسفورد بإنجلترا، ثم حصل على درجة الدكتوراه فى القانون عام 1912، وبعد عودته عين أستاذًا بمدرسة الحقوق، إلا أنه تحول إلى مجلس تأديب، وتم فصله بتهمة النضال الوطنى مع سعد زغلول، الذى أرسله إلى لندن للمطالبة بالاستقلال خلال مفاوضات عدلى يكن عام 1922، حتى أطلقوا عليه المجاهد الكبير، ولأن مكرم عبيد باشا كان عاشقًا للزعيم سعد زغلول، فقد أطلقوا عليه أيضًا ابن سعد زغلول البكرى، لدرجة أن بريطانيا عندما نفت قائد ثورة 1919 إلى «سيشل»، نفت مكرم باشا معه، وبعد استقرار الأوضاع تولى مكرم عبيد باشا وزارات المالية، والمواصلات، والتموين، سواء كان فى حكومة أحمد ماهر باشا، أو النحاس باشا. ■ هل سار تلاميذ مكرم عبيد على نفس الدرب الذى سار عليه الزعيم؟ - لا بد أن تعرفى أن عشاق السياسة فى مصر والعالم العربى تأثروا بالزعيم الكبير، ويكفى أن تعلمى أن قامة كبيرة مثل الدكتور مصطفى الفقى، اختار فى شبابه شخصية الزعيم الكبير لينال عنها درجة الدكتوراه، هذا لأن جدى كان يؤمن بوحدة الوطن، وهو صاحب المقولة الشهيرة: «يا رب اجعلنا مسلمين لك وللوطن نصارى، واجعلنا نصارى لك وللوطن مسلمين». ■ أخبرينا عن طفولتك؟ - أنا كنت طفلة شقية أرفض الهزيمة، وأبحث عن النجاح، وأسعى إلى أن تكون لى شخصية مستقلة فى البيت والمدرسة، ومع أطفال الجيران، وكان حضرة الزعيم مكرم باشا يدافع عنى عندما أتعرض للعقاب ولذلك كنت أحبه أكثر من أبى. ■ وماذا عن والدك؟ - رغم قسوته وجديته الشديدة، كان فى أحيان كثيرة فى قمة الحنان، وأتذكر أنه كان يتمنى أن أسافر للدراسة فى جامعة «أوكسفورد»، لكنه توفى قبل أن أحقق أمنيته. ■ ما اللعبة التى كنتِ تفضلينها؟ - «البسكليتة» كانت لعبتى المفضلة، وكنت فى منتهى السعادة حينما اشتراها لى عمى مكرم باشا، وكنت أقودها فى شوارع المهندسين حينما كانت هادئة وخالية من الناس. ■ أين كنتِ تقضين إجازتك الصيفية؟ - كان عمى مكرم باشا يأتى إلىّ فى آخر أيام الدراسة ليأخذنى إلى الإسكندرية لنقضى الإجازة فى فيلته. ■ ما الذى كانت تمثله لكِ الإسكندرية؟ - كنت أراها جنة الله على الأرض، وأنها المدينة الوحيدة المتوسطية التى احتوت على تعدد بين الأجناس والثقافات، فكانت كبرى الجاليات فى الإسكندرية هى الجالية اليونانية ثم الإيطالية والإنجليزية. ■ ماذا تفعلين على مدار اليوم؟ - أستيقظ مبكرًا، وأذهب إلى نادى الجزيرة لأمكث فيه من الساعة 7 إلى الساعة 10 صباحا، حيث كنت وما زلت عضوًا فيه، وسكرتيرًا شرفيًّا له، ثم أتناول فطورى، وأقرأ الصحف، وأبدأ نشاطى اليومى من الساعة 12 ظهرًا حتى العاشرة مساء. ■ ما قراءاتك المفضلة؟ - أنا أحب التاريخ، وقراءة سير الزعماء أمثال: تيتو، ونهرو وغاندى، كما أعشق تاريخ الأمم والشعوب والتحولات السياسية والسلوكيات الاجتماعية للبشر، بإلاضافة إلى عشق الرياضة، والتنس، والسباحة، والموسيقى، والتمثيل، لدرجة أننى عندما كنت طفلة صغيرة أمثل دور الولد الشقى، كما أعشق الاستماع إلى فيروز، ومحمد منير، ومدمنة شعر نزار قبانى، وفاروق جويدة، وقصص بهاء طاهر، وصنع الله إبراهيم. ■ ماذا تتمنين؟ - زيارة جزيرة سيشل التى نفى إليها الزعيمان سعد زغلول ومكرم عبيد. ■ ألم تخشَى العمل بالسياسة؟ - قلبى لا يعرف الاستسلام لأى عقبة، وطوال عمرى وأنا جريئة، فدخلت الانتخابات دون أن أتردد أو أخاف شيئا، وكانت من أجمل تجارب حياتى السياسية، لأنها كانت المرة الأولى التى أحتك فيها بالشارع بشكل حقيقى، فاقتربت جدا من الناس وتعاملت مع قيادات وفدية رائعة، كانت تشعر بالمسؤولية وتعلمت منها كثيرا، وخضت الانتخابات مع 10 رجال، وفى البداية كنت أجد صعوبة فى الذهاب معهم إلى الناس على المقاهى، فقالوا لى ما دمت دخلت السياسة فعليكِ أن تتحملى تبعاتها ومعاناتها، فتجرأت وصرت أجلس فى المقاهى مع الرجال وألعب معهم طاولة. ■ هل تذكرين المدرسة التى تعلمت بها؟ - كانت مدرسة داخلية إنجليزية فى الإسكندرية، لكن قضيت فيها أجمل سنوات عمرى، كانت الأسرة تعتبر إلحاقى بمدرسة داخلية عقابا لى، لأننى كنت شقية جدا، ولم يعلموا أن وجودى فى هذه المدرسة كان يسعدنى جدا، فكانت المدرسة نظيفة وجميلة، والمدرسون كانوا يهتمون بالنشاط الرياضى، وكانت لى صديقات كثيرات بها. ■ مهنة التدريس مهنة شاقة، وتحتاج إلى نفس طويل والسؤال كيف تتعامل د.منى مكرم عبيد مع شباب اليوم؟ - أنا أحب التدريس جدا، بل عاشقة له، لأننى أحب التواصل مع جيل الشباب، وأعظم شىء يسعدنى أن أقابل شخصًا ويقول لى أنا كنت طالبًا عندك، وإذا كنت أعيش بعقلية شباب اليوم، فإننى قد طعمت هذه العقلية بالحكمة وخبرة السنين. ■ هل قمت بالتدريس فى الخارج؟ - قمت بالتدريس لمدة أسبوعين فى جامعة هارفارد بالولاياتالمتحدةالأمريكية، كما درست بجامعة السلام بكوستاريكا، والجامعة الأمريكية فى فرنسا، وجامعة السوربون فى أبو ظبى، بالإضافة إلى عملى بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة، وحضور المؤتمرات الدولية المتعلقة بالعلاقات الخارجية وحقوق الإنسان والمرأة والديمقراطية. ■ ما أكثر شىء يقلقك الآن؟ - كل شىء تغير، البيئة السياسية، والواقع اليومى، والناس وكل شىء تغير، والفجوة شاسعة بين الطبقات، حتى شباب هذه الأيام، الذين نقول عنهم إنهم أمل المستقبل، هم بخلاء فى أحاسيسهم تجاه أهاليهم، والكمبيوتر والإنترنت يستحوذان على معظم أوقاتهم واهتماماتهم، ويفضلون الشات على الجلوس مع أسرهم وعائلاتهم، وتشعرين أن الأسر أصبحت تفتقد العلاقات الحميمية، التى كنا نشعر بها زمان، لكن لا نستطيع أن ننكر أن هؤلاء الشباب أذكياء ومتفتحون ويريدون أن يتعلموا. ■ هل أثرت تجربة البرلمان فى شخصيتك؟ - تم تعيينى فى الدورة البرلمانية 1990-1995، ومع هذا أرى أن مسألة تعيين المرأة من الآليات كانت غير كافية لتمثيلها فى البرلمان، لأن العقلية الذكورية ما زالت مسيطرة فى المجتمع المصرى، وهو أمر غير مقبول، فضلا عن أن الآليات التى تمكن المرأة من ممارسة دورها النيابى غير موجودة. ■ مَن أصدقاؤك؟ - رغم أننى أعرف ثلاثة أرباع البلد، فإننى لم تكن لى شلة، لكن الأصدقاء «الأنتيم» كونتهم فى طفولتى وليس بعد ذلك. ■ مع مَن تتحدثين عن مشكلاتك؟ - أنا بطبعى كتومة ولا أظهر أحزانى أو مشكلاتى لأحد، وكانت زوجة عمى مكرم باشا هى صديقتى الوحيدة، وكانت أمينة على أسرارى هى وزوجة خالى التى كانت أيضا قريبة إلى قلبى. ■ هل تعشقين السفر؟ - أحب السفر إلى أقصى حد، لكن الحنين إلى مصر يجذبنى دومًا إليها. ■ هل دمعتك قريبة؟ - لا، لكن حين أشعر أننى مهزوزة بسبب أمر ما أجد دموعى تنساب سريعا. ■ ما أكثر شىء يبكيك؟ - حين يتألم أحد أو يقع عليه ظلم، أو أن أرى مشهدًا مؤثرًا فى فيلم أو مسلسل. ■ ما أكثر شىء يفرحك؟ - أنا أفرح بسهولة، وأى شىء صغير يفرحنى، مثل أن أرى صديقة لم أرها منذ زمن طويل، وحين أرى ابنى المسافر فى الخارج ولا أراه غير مرة واحدة كل عام، وهو كل حياتى وأفرح جدا حين أكون معه، وحين تحدث له أشياء جميلة وأطمئن عليه. ■ ما أجمل ذكرياتك؟ - من أجمل ذكريات عمرى فترة وجودى فى الولاياتالمتحدةالأمريكية فى جامعة «هارفارد»، وهى أكبر جامعة أمريكية، وكانت هذه الفترة بداية انفتاحى على الغرب وإدراك الحريات الموجودة هناك، وأتذكر أننى اندهشت كثيرًا من التشجيع الذى يلقاه الطلاب المتفوقون والمبدعون، كما أرى أن النظام الأكاديمى الأمريكى لا مثيل له فى العالم. ■ هل تشاهدين مسلسلات رمضان؟ - نعم أشاهد المسلسلات التى تعجبنى، ولا أذهب إلى المصيف بسبب متابعتى لها. ■ هل تشاهدين السينما؟ أعشقها وآخر فيلم شاهدته كان «لا مؤاخذة».