واشنطن تدين زيارة بوتين "المستفزة".. واتساع نطاق العنف في شرق أوكرانيا على مدار العقد الماضي استخدم "قيصر روسيا الجديد" كما يحلو لأنصار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منادته، استخدم كل ذكرى لانتصار الاتحاد السوفيتي على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية، للاحتفاء بعودة روسيا كقوة عظمى وبعث المشاعر القومية فيها.
واليوم أبى بوتين إلا أن يضع بصمته الشخصية على ضم القرم إلى روسيا، من خلال زيارته إلى شبه الجزيرة، حيث أكدى لدى وصوله إلى سيفاستوبل على حق روسيا في استعادة شبه الجزيرة، من أوكرانيا التي تقول روسيا إنها باتت تحت حكم فاشيين.
وخلال مشاهدته لعرض عسكري في سيفاستوبول قال بوتين "أنا متأكد أن عام 2014 سيسجل في سجلات بلادنا بأسرها بأنه العام الذي قررت فيه الأمم التي تعيش هنا بحزم أن تنضم الى روسيا مؤكدة على الإخلاص للحقيقة التاريخية وذكرى أجدادنا."
وفي وقت سابق اليوم شهد بوتين أكبر عرض عسكري بمناسبة يوم النصر يقام في موسكو منذ أعوام. وذكرت الدبابات والطائرات والصواريخ العابرة للقارات العالم والناخبين الروس بتصميم بوتين على إحياء قوة موسكو الدولية بعد 23 عاما من انهيار الاتحاد السوفيتي.
وقال بوتين في خطاب لأفراد الجيش والمحاربين القدامى الذين تجمعوا في الميدان الأحمر "الإرادة الحديدية للشعب السوفيتي وشجاعتهم وقدرتهم على التحمل هي التي أنقذت أوروبا من العبودية."
وقال بوتين اليوم الجمعة إن حقوق الروس بما في ذلك حقهم في تقرير المصير يجب أن تعامل باحترام.
وأضاف في احتفال في القرم "نعامل كل البلاد وكل الشعوب باحترام. نحترم حقوقهم ومصالحهم المشروعة بما في ذلك استعادة العدالة التاريخية وفي الوقت نفسه حق تقرير المصير."
وانتقدت الولاياتالمتحدة زيارة بوتين للقرم ووصفتها بأنها مستفزة وكررت رفضها ضم موسكو لشبه الجزيرة المطلة على البحر الأسود.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية جين ساكي للصحفيين في المؤتمر الصحفي اليومي "هذه الزيارة مستفزة ولم يكن لها داع. القرم تخص أوكرانيا ولا نعترف بالطبع بالخطوات غير المشروعة التي اتخذتها روسيا في هذا الصدد."
وأدان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فو راسموسن زيارة بوتين للقرم التي لم تعترف القوى الغربية بضمها للأراضي الروسية في مارس كما جدد شكوكه في تأكيد بوتين أنه سحب جنوده من الحدود الأوكرانية. لكن الأمين العام لحلف الأطلسي قال "زيارته للقرم غير لائقة".
ووصفت الحكومة في كييف زيارة بوتين وهي الأولى منذ ضم القرم قبل شهرين بأنها "استفزاز" متعمد لتصعيد الأزمة.
وكان راسموسن يتحدث خلال زيارة لاستونيا وهي جمهورية سوفيتية سابقة وإحدى دول شرق أوروبا التي انضمت للحلف الذي تقوده الولاياتالمتحدة في أعقاب انهيار الشيوعية للاحتماء من نفوذ موسكو. ويرى كثيرون في المنطقة أن روسيا استعبدتهم بعد الانتصار في الحرب العالمية الثانية.
غير أن كل هذه البيانات تقع على أذن صماء بالنسبة إلى بوتين، فقد رحبت الأغلبية الروسية من سكان القرم وعددهم مليونا شخص على نطاق واسع بضم روسيا لشبه الجزيرة الذي جاء في أعقاب انتفاضة أوكرانيا. ويعتبر كثير من الروس ان شبه الجزيرة التي أهداها زعماء سوفيت لأوكرانيا خلال الخمسينات من القرن الماضي حق لهم.
ورغم أن تحرك بوتين لإعادة رسم حدود أوروبا أثار قلقا كبيرا في أنحاء القارة فان قادة الولاياتالمتحدة وأوروبا لا يريدون عزل موسكو خوفا من تضرر اقتصاداتهم.
كما لا يتمتع خيار المواجهة المسلحة مع روسيا نيابة عن أوكرانيا بتأييد كبير في الغرب. وأوكرانيا ليست عضوا في حلف الأطلسي كما أن قادتها خلفوا تركة من الفساد والفقر والمؤسسات الحكومية الضعيفة.
وفي شرق أوكرانيا حيث يعتزم الانفصاليون المؤيدون لموسكو إجراء استفتاء يوم الأحد للانفصال عن أوكرانيا على غرار القرم أفادت تقارير بمقتل ما بين ثلاثة و20 شخصا في ماريوبول في واحد من أعنف الاشتباكات بين القوات الأوكرانية والانفصاليين.
واتهم جهاز الأمن الأوكراني مخربين روس بإشعال حريق تسبب في ايقاف بث التلفزيون الحكومي لفترة قصيرة وأصدرت وزارة الخارجية بيانا تصف فيه زيارة بوتين للقرم بأنها تصعيد متعمد للأزمة.
وفي مدينة ماريوبول أكبر ميناء مطل على بحر أزوف قال وزير الداخلية أرسين أفاكوف إن نحو 20 "إرهابيا" قتلوا عندما حاول انفصاليون مؤيدون لروسيا احتلال مقر الشرطة في المدينة.
لكن عضوا بالبرلمان الأوكراني قال إن القوات الأوكرانية هاجمت مقر الشرطة لمحاولة إخراج الانفصاليين وإن النار شبت في المبنى.
وقال اولي لياشكو إن ثمانية انفصاليين قتلوا في الاشتباكات.
لكن السلطات المحلية في دونيتسك ذكرت أن ثلاثة قتلوا وأصيب 25 في الاشتباكات.
وكان افاكوف قد ذكر يوم الثلاثاء أن اكثر من 30 انفصاليا قتلوا في اشتباكات قرب مدينة أخرى بشرق أوكرانيا وإن كان لم يتم تأكيد هذا الرقم فيما بعد.
وقالت تاتيانا إيجناتشينكو وهي صحفية في ماريوبول إن معارك ضارية اندلعت خارج مقر الشرطة. واستدعت القوات الأوكرانية عددا من المركبات المدرعة في المدينة الصناعية التي يسكنها نحو نصف مليون نسمة لكنها انسحبت فيما بعد. وذكرت وسائل إعلام محلية أن انفصاليين استولوا على دبابة في وسط المدينة وأقاموا حواجز حول المدينة.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف عقب مكالمة هاتفية مع نظيره الأمريكي جون كيري اليوم الجمعة إن موسكو تأمل أن تعمل واشنطن مع كييف لإنهاء العملية العسكرية الأوكرانية ضد الانفصاليين.
وفي سيفاستبول حيث كان أسطول البحر الأسود الروسي يضطر لاستئجار قاعدته من أوكرانيا قدم الجنود والمحاربون القدامى عرضا عسكريا قبل وصول بوتين شمل ايضا مركبات مدرعة وصواريخ مضادة للطائرات.
وكتبوا على لافتات "سيفاستوبول بدون فاشيين" و"واجبنا أن نتذكر."
وتقول موسكو إنها ليست لها سيطرة مباشرة على الانفصاليين المسلحين في شرق اوكرانيا.
وقال جانسوز لواندوفسكي عضو المفوضية الأوروبية اليوم إن من المتوقع أن يشدد الاتحاد الأوروبي عقوباته الموجهة على روسيا يوم الاثنين. وقال دبلوماسيون إنها ستستهدف نحو 15 شخصا وعدة فروع لشركات أوكرانية سيطرت روسيا عليها في القرم.