عقب دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأقاليم جنوب وشرق أوكرانيا بتأجيل استفتاء 11 مايو الحالي كخطوة لتهدئة التوتر والتصعيد العسكري في الداخلي الأوكراني، أبدت قيادات الأقاليم تفهما لدعوة بوتين التي كانت مشروطة بوقف العمليات العسكرية في جنوب شرق أوكرانيا، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وليس فقط بافل جوباريف، محافظ دونيتسك الشعبي، الذي أخلت كييف سبيله أمس، وإعطاء ضمانات مؤكدة لعدم هدر حقوق المواطنين عامة وسكان الجنوب والشرق على وجه الخصوص. ولكن تصور سلطات كييف أن هناك إمكانية لتأجيل الاستفتاء بدون مقابل، على اعتبار أن مناطق وأقاليم شرق أوكرانيا خرجت مهزومة عسكريا من العمليات التأديبية التي تقوم بها قوات الجيش بالتعاون مع القطاع الأيمن المتطرف ومجموعات النازيين الجدد، قلب الأمور رأسا على عقب. فقد أكد سكرتير مجلس الأمن الوطني والدفاع الأوكراني أندريه باروبي أن العملية الخاصة في شرق البلاد ستستمر بغض النظر عن قرار ممثلي مقاطعة دونيتسك حول الاستفتاء يوم 11 مايو الحالي. وقال باروبي إن "العملية ستستمر بغض النظر عن قرار هذه أو تلك المجموعات الإرهابية في مقاطعة دونيتسك"، بحسب تعبيره. وأوضح باروبي "لقد أجرينا اجتماعا مع ممثلين من اللجنة المركزية للانتخابات وقياديين في الهيئات الأمنية والاجتماعية حول إجراء الانتخابات الرئاسية) واتخذنا عددا من القرارات لتأمين إجراء التصويت في البلاد كلها حتى في تلك المناطق التي تجري بها العملية العسكرية".
وأكد الرئيس الأوكراني المعين من قبل البرلمان ألكسندر تورتشينوف أن السلطات الاوكرانية مستعدة لإجراء حوار مع ممثلي الإدارة المحلية والنشطاء ورجال الأعمال في مقاطعتي دونيتسك ولوجانسك. وقال إن هدف السلطة تأمين الاستقرار والتطور الاقتصادي لأوكرانيا المستقلة والديمقراطية، مشددا على أن السلطة مستعدة للحوار "مع من يريد الحوار حول مسائل محددة تتعلق بتطوير أوكرانيا الموحدة"، مشيرا الى أن العفو سيخص فقط "من يلقي السلاح ومن لم يتورط بجرائم قتل".
وفي ضوء تصريحات المسؤولين في كييف، قرر مجلس "جمهورية دونيتسك الشعبية" عدم تأجيل الاستفتاء حول مصير المنطقة، والذي يهدف إلي إظهار تأييد السكان لقيام دولة مستقلة. وبذلك لم يستجب المجلس لطلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي دعا المحتجين إلى تأجيل الاستفتاء من أجل دعم الحوار الوطني في البلاد.
أعلن هذا القرار أحد قادة حكومة جمهورية دونيتسك ميرولاف رودينكوف. كما اتخذ قرار مماثل من قبل المجلس الشعبي لمقاطعة لوجانسك، وفق ما أعلنه المركز الصحافي ل"جيش جنوب الشرق". وذكر البيان أن الاستفتاء سيجري في الموعد المحدد، وكل القرارات السابقة تبقى سارية المفعول.
وكان المرشح الرئاسي الأوفر حظا للفوز في الانتخابات الرئاسية القادمة رجل الأعمال بيوتر بوروشينكو، الذي كان من الموولين الأساسيين لاحتجاجات "اليوروميدان" في كييف، قد رحب بتصريحات بوتين الأخيرة.
على صعيد آخر، أكدت وكالة أنباء "أونيان" الأوكرانية الموالية للسلطات الجديدة في كييف أن حركة "القطاع الأيمن" المتطرفة التي كانت في طليعة المسلحين الذين أطاحوا بنظام الرئيس فيكتور يانوكوفيتش في فبراير الماضي، شنت هجوما جديدا في مقاطعة لوجانسك، إذ أطلق نحو 100 شخص من عناصر الحركة النار على مبنى النيابة العامة في مدينة سيفيرودونيتسك. ووصفت مصادر إعلامية معروف بمواقفها المؤيدة لسلطات كييف، الأشخاص الذين هاجوا النيابة العامة، بالمستفزين، وهو ما يعتبر تغيرا نوعيا في موقف كييف التي تعتمد على مقاتلي الحركة المتطرفة في حملتها العسكرية ضد المحتجين المعارضين الذي قد سيطروا على العديد من المباني الرسمية في مقاطعتي دونيتسك ولوجانسك.
هذا وتتواصل العمليات العسكرية في مدينة ماريوبل بمقاطعة دونيتسك، حيث قتبل متظاهر عندما أطلق عناصر من "القطاع الأيمن" النار عليه، في الوقت الذي سيطرت فيه القوات الحكومية سيطرت على عدد كبير من نقاط التفتيش التي أقامها المحتجون في ماريوبل. وأعلنت وزارة الداخلية الأوكرانية أن نقطة تابعة لها في إحدى المدن الأوكرانية تعرضت لإطلاق النار. ولم توضح الوزارة أين وقع الحادث، لكنها أعلنت أن قواتها ردت بإطلاق قذائف أدت إلى انفجار السيارتين اللتين كان يستقلهما المهاجمون. ولم تذكر الوزارة عدد المهاجمين أو تنشر صورا لسقوط الضحايا أو المصابين.