.. وتمثل نموذجا فريدا للتعايش بين المسلمين والأقباط إحدى كنائس البتانون لن يشعر زائر قرية البتانون مركز شبين الكوم بمحافظة المنوفية بأنه داخل قرية وليس مدينة، فهي تتمتع بتوافر عدد كبير من الخدمات التي تميز المدينة كما تتمتع بنشاط تجاري كبير يفوق عددا من مدن المنوفية. وتعتبر البتانون أكبر قرية علي مستوي الجمهورية من حيث عدد السكان حيث يقطنها نحو 120 ألف نسمة ويتبع الوحدة المحلية بها 6 قري و6 عزب، وقد ورد ذكرها في كتاب وصف مصر كإحدي القري الشهيرة بصناعة الكليم والمنسوجات اليدوية والتي كانت تصدر إلي الخارج في ذلك الوقت. ويقف أمام حلم الأهالي بالقرية إلي التحول إلي مدينة عائقان أولهما قربها من عاصمة المحافظة مدينة شبين الكوم والتي تبعد عنها بنحو 7 كيلومترات فقط، وكذلك عدم اكتمال البنية الأساسية مثل الصرف الصحي، والغريب في الأمر أن قرية البتانون هي صاحبة أقدم مشروع للصرف الصحي بين قري مصر، حيث تم وضع حجر الأساس له عام 1989، ولكن لم يتم تشغيل الشبكة سوي العام الماضي فقط فضلا عن أن هناك مناطق عديدة بالقرية لم يصلها الصرف الصحي حتي الآن. سياسيا تم اعتماد القرية دائرة انتخابية منفصلة في مجلس الشعب منذ دستور 1923 يتبعها عدد من القري المجاورة فيما تتبع دائرة مركز شبين الكوم في مجلس الشوري، وتعد القرية معقلا للحزب الوطني والإخوان، وبها وجود ملحوظ لحزب التجمع حيث يمثلها في مجلس الشعب نائب إخواني عن العمال وآخر وطني وبالرغم من تعدادها الكبير فإن من لهم الحق في التصويت لا يتجاوز عددهم 35 ألفا فقط. يميز القرية أيضا انتشار المباني الفخمة والفيلات نتيجة سفر شبابها إلي دول الاتحاد الأوروبي خاصة إيطاليا، فالحالة المادية لمعظم الأهالي جيدة بسبب أبنائهم مما يجبر الشباب الباقين في القرية علي محاولة الهجرة، حتي ولو كانت غير شرعية عن طريق السواحل الليبية. وتحتوي القرية علي كنيستين إحداهما تابعة للآثار وهي كنيسة «مار جرجس» إذ يوجد بها عدد كبير من الأقباط، ورغم ذلك لم تحدث بها أي فتن طائفية ضاربة بذلك نموذجا في التعايش السلمي بين عنصري الأمة والمشاركة في الأفراح والأحزان. ولعل أهم الأسماء التي أنجبتها القرية المشير محمد عبد الغني الجمسي -وزير الحربية الأسبق، ومهندس عمليات حرب أكتوبر، والقائد العام علي الجبهات العربية الثلاث- والذي رحل في صمت بعد معاناة مع المرض يوم 7 يونيو 2003 عن عمر يناهز 82 عاماً، عاش خلالها حياة حافلة وللأسف تحول منزله بالقرية إلي مكان مهجور تحيط به القمامة من كل جانب، ويتمني الأهالي أن يتم إعادة فتحه وإنشاء متحف يضم كل مقتنيات المشير وصورا للمعارك التي خاضها. وتعد مشكلة القمامة المشكلة المزمنة للقرية، حيث لم يسلم منزل المشير وكذلك دوار العمدة القديم منها ، حيث يطالب الأهالي بإعفاء الوحدة المحلية من الإشراف علي منظومة النظافة وإسنادها إلي إحدي الشركات العاملة في المجال.