2000 مواطن قطعوا طريق الأتوستراد خلال الأسبوع الماضي احتجاجاً على إصابة طفلة في حادث مروري أهالي قرية في الدقهلية عطلوا الطريق لإجبار المسئولين على حل مشاكل الخبز حوادث قطع الطرق.. أسرع وسيلة تلفت انتباه الحكومة للاحتجاج لم يعد يمر يوم من الأيام إلا ويتكرر مشهد احتجاج المواطنين إما علي قرار مسئول قام بإصداره دون النظر إلي مصلحة هؤلاء المواطنين أو سبب أزمة اقتصادية وقعت لهم حتي أصبح عام 2010 عام الاحتجاجات بلا منازع مقارنة بباقي الأعوام الأخري. ففي خلال شهر يناير الماضي فقط رصد مركز أولاد الأرض في دراسة قام بإجرائها عن وقوع 5 اعتصامات و6 تظاهرات ومقتل 12 مواطناً وإصابة 103 آخرين وتم القبض علي 96 شخصاً أثناء حوادث التظاهرات والاحتجاجات. كما رصدت دراسة حديثة صادرة عن المركز القومي للبحوث أن عام 2010 وقع خلال الشهور الخمسة الأولي منه أكثر من 35 اعتصام و20 حادثاً قطع طريق بسبب احتجاج الأهالي علي قرارات مسئولي الحكومة وحوادث الطرق السريعة التي لقي فيها أشخاص مصرعهم نتيجة قيام سيارات مجهولة بدهس أحدهم وهرب تلك السيارة ليقوم الأهالي بالتظاهر علي الطريق وقطعه وتوفيق سير المواصلات لمدة ساعات طويلة. وقد أشارت الدراسة إلي أن هذه التظاهرات خلفت العشرات من المصابين نتيجة الاحتكاكات التي قد تحدث من الأهالي والأمن وتبادل الاعتداءات فيما بينهم. وهو ما يؤكد أن وسيلة قطع الطرق هي التي أصبحت سائدة خلال هذه الأيام للتعبير عن الغضب.ففي 15 مايو الماضي تجمع أكثر من 2000 شخص علي طريق الأتوستراد لمدة 3 ساعات متواصلة بسبب احتجاجهم علي قيام سيارة نقل مجهولة بدهس طفل لا يتجاوز عمره ال6 سنوات ثم هربت حيث تجمع الأهالي وقطعوا ا لطريق ذهاباً وإياباً لمدة 3 ساعات وهو ما تسبب في توقف سير السيارات وحدثت أزمة مرورية عارمة حتي قام مسئولو أجهزة الأمن والمحافظة بالتدخل وفض التجمهر بإعطاء عدة وعود للأهالي بسرعة القبض علي الجاني وتسليمه للعدالة. في الوقت نفسه تجمهر أكثر من 3 آلاف من أهالي قرية جزيرة محمد وكفر الحما وطناش وقاموا بقطع الطريق الدائري الممتد من القليوبية للهرم احتجاجاً علي قرار الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء بضم تلك القري إلي محافظة 6 أكتوبر بعد أن كانت تابعة إلي محافظة الجيزة. وقد تسببت الواقفة في توقف الطريق الدائري إلي أكثر من 3 ساعات متواصلة وتعطل وصول المواطنين إلي الأماكن التي يقصدونها وزاد من الأمر حدوث اشتباكات بين الأهالي والأمن بسبب إصرار الأمن علي فض التجمهر مما أدي إلي اصابة لواءين وثلاثة ضباط آخرين بسبب قيام الأهالي برشق الأمن بالحجارة كما أسفر عن إصابة العديد من الأهالي بسبب إطلاق الأعيرة النارية والقنابل المسيلة للدموع وقامت أجهزة الأمن باعتقال أكثر من 65 مواطناً وتم توجيه لهم تهم التجمهر وإحداث الشغب واتلاف ممتلكات عامة وغيرها من الاتهامات التي توجه للمواطنين في مثل هذه الحوادث. ورغم الأحداث التي وقعت واتهام المواطنين بهذه الاتهامات إلا أن المسئولين بالحكومة لم يلتفتوا إلي مطالب المواطنين وتجاهلوا رغباتهم التي هي من حقهم. كما شهدت قرية البرم بالفيوم احتجاجاً من الأهالي بسبب مصرع فتاة من القرية صدمتها سيارة مسرعة وفرت هاربة حيث قام الأهالي بحمل الفؤوس والشوم علي الطريق السريع بين الفيوموالقاهرة ومنعوا السيارات من المرور واستمرت حالة تمرد المواطنين لمدة 4 ساعات متواصلة وقام نائب مدير أمن الفيوم بفض تجمعهم والعودة إلي منازلهم. لم يمر يوم واحد علي هذا التجمهر حتي قام عدد من أهالي مركز يوسف الصديق بالتجمع علي الطريق السريع مرة أخري احتجاجاً علي قيام سيارة مجهولة بدهس طفل أثناء خروجه من المدرسة وفرت هاربة وفي هذه المرة حدثت اشتباكات بين الأهالي والأمن بسبب اصرار المواطنين علي قطع الطريق وعدم العودة إلي منازلهم حتي يتم القبض علي سائق السيارة وتقديمه للعدالة وأسفرت عن إصابة عدد من المواطنين باصابات بالغة بسبب تعدي الأمن عليهم. وفي محافظة الدقهلية حاول أهالي قرية دماص توصيل صوتهم للمسئولين لحل مشاكلهم الخاصة بأزمة الخبز عن طريق قطع الطريق علي محافظهم أثناء زيارته للقرية لوضع حجر أساس مدرسة حيث فوجئ المحافظ في ذلك الوقت بقيام الرجال والنساء بالتجمهر علي الطريق بين المحافظة والقرية وذلك لعرض شكواهم الخاصة بعدم حصولهم علي بونات تسليم الخبز التي تقوم بتوزيعها الوحدة المحلية بالقرية. وحاول الأمن منع الأهالي من التجمهر وصرفهم إلي منازلهم إلا أنهم رفضوا الانصراف ورغم قطع الطريق إلا أنه لا أحد من المسئولين من المحافظة قام بتوصيل صوتهم للمحافظ. وفي محافظة سيناء قام عدد من البدو بقطع طريق الجورة عند رفح الذي تمر به قوات حفظ السلام وقاموا بإشعال النيران بإطارات السيارات لمنع المرور احتجاجاً علي صدور أحكام غيابية علي 6 من البدو بالحبس لمدة 10 سنوات كما عبر الأهالي عن غضبهم بمحاصرة كمين شرطة مما أدي إلي انسحاب أفراد الكمين تحاشياً لوقوع أي اشتباكات بالأسلحة مع البدو خاصة وأنهم كانوا في حالة هياج وقد تدخل شيوخ القبائل لتهدئة الأوضاع بعض ضغوط أمنية والتي استطاعت تهدئة الأوضاع وفتح الطريق. ورغم اختلاف الأسباب التي تؤدي إلي تجمهر الأهالي وقطع الطريق من محافظة إلي محافظة أو قرية إلي قرية إلا أن كثيراً ما ينتج عن هذه الاحتجاجات وقوع خسائر سواء من جانب الأمن أو الأهالي وإحداث فوضي واعتقال العديد من المواطنين. ففي منشأة ناصر وقعت اشتباكات بين الأهالي والأمن بالأعيرة النارية والرشق بالحجارة بسبب اعتراضهم علي قرار نقل الخنازير إلي المجزر الآلي لذبحها والتي أدت إلي اصابة 25 شخصاً من بينهم 4 من ضباط الشرطة حيث قام الأهالي بقطع الطريق عند مدخل المقطم وأشعلوا النيران في إطارات الكاوتش وقطع الطريق لمدة 5 ساعات كاملة وتم اعتقال 20 متهماً من أهالي المنطقة ووجهت لهم اتهامات عدة. وتعتبر السمة المميزة للاحتجاجات والتظاهرات هي الفوضي والعنف فكثير ما تشهد هذه الاحتجاجات اشتباكات بين الأمن والأهالي وأنه دائماً أسباب الاحتجاجات حوادث الطرق وقيام السيارات المجهولة بدهس مواطنين أثناء عبورهم للطريق حيث تؤكد احصائية صادرة عن قطاع الرعاية العلاجية والعاجلة بوزارة الصحة المصرية أن نسبة الحوادث في مصر وصلت إلي 25 ضعفاً عن المعدلات العالمية وهو ما يجعل مصر أكثر دول العالم التي تشهد حوادث طرق منذ عام 1992. كما تشير الأرقام إلي أن حوادث الطرق في مصر هي السبب الأول لوفاة الفئة العمرية ما بين 5 إلي 25 سنة وأنه بحلول عام 2020 ستكون الحوادث السبب الثالث للوفاة علي مستوي العالم خاصة في مصر. وأن هذه الحوادث تثير العديد من ذوي المجني عليهم خاصة وأن معظم السيارات التي تدهس المواطنين تقوم بالهرب دون مراعاة لمن قام بدهسه وتركه دون نقله إلي مستشفي لتلقي العلاج وهو ما يثير الأهالي إلي قطع الطريق والتعبير عن غضبهم في إشعال إطارات السيارات ومنع المرور لمدة ساعات طويلة. حيث قام المئات من أولياء أمور تلاميذ مدرسة رمسيس الابتدائية التابعة لقطاع رمسيس إدارة الهرم التعليمية بقطع طريق أبوالهول السياحي بعد أن قامت سيارة سيرفيس بدهس تلميذين أمام المدرسة بسبب السرعة الجنونية ثم ترك الطفلين في حالة نزيف شديد والفرار وقد تجمع الأهالي من أقارب المجني عليهما وطالبوا المحافظة وأجهزة الأمن بإنشاء مطب صناعي أمام المدرسة لمنع تكرار الحوادث. إلا أن الأمن رفض إنشاء المطب لأن هذا الطريق هو طريق سياحي يصل إلي منطقة الأهرامات السياحية مما دفع الأهالي إلي قطع الطريق وحدوث اشتباكات بينهم وبين أجهزة الأمن التي قامت بتهديدهم بالاعتقال في حالة عدم الانصراف والعمل علي سير المرور. وعلي الرغم من أن المواطنين من حقهم التظاهر والتعبير عن وجهة نظرهم إلا أن كثيراً من هذه الاحتجاجات تضر بمصالح الآخرين حيث يقوم الأهالي بقطع الطريق لمدة ساعات طويلة مما يتسبب في عدم تمكن قائدي السيارات علي الطرق المقطوعة من الوصول إلي الأماكن التي يقصدونها كما تسبب في حدوث أزمات مرورية كبيرة وفوضي عارمة وهو ما حدث في قرية المصيلحة بالمنوفية بعد أن قام مئات الأشخاص من أهالي القرية بقطع طريق شبين الكوم بقوسينا لمدة ساعة مطالبين بعمل مطبات صناعية بعد وفاة موظف بالمعاش في تصادم سيارة أجرة بدراجة بخارية كان يقودها وهو ما أدي إلي توقف حركة سير المرور وتعطل المواطنين والموظفين من الوصول إلي أماكن عملهم وحدوث فوضي بسبب الاشتباكات بين الأمن والأهالي بسبب رفضهم الانصراف وفتح الطريق لمرور السيارات وإزالة الأحجار والكاوتشات التي تم إلقاؤها علي الطريق. ومن أهم الاحتجاجات التي حدثت خلال عام 2010 قيام أهالي قرية المربس بالأقصر بقطع الطريق بين الأقصر وأرمنت احتجاجاً علي قرار الحكومة والمحافظ من نزع أراضيهم الواقعة علي ضفاف النيل وتمويلها إلي مرسي للمراكب السياحية. حيث قام الأهالي برفع لافتات ضد المحافظ وهتفوا ضد الحكومة معبرين عن غضبهم الشديد من قرارات الحكومة التي تتجاهلهم كمواطنين حيث تبلغ مساحة تلك الأراضي نحو 500 فدان وعليها 1800 منزل يسكنها 2400 أسرة ورثوا تلك الأراضي عن أجدادهم وآبائهم. لم يختلف الأمر كثيراًِ في محافظة بني سويف حيث قام الأهالي بالتجمهر وقطع الطريق علي المحافظ ومرافقيه عقب قيامه بجولة والتعدي عليه ورشقه بالحجارة وذلك احتجاجاً علي قرار المحافظ بمنعهم من الحفر بالطريق الصحراوي الشرقي لتوصيل كابلات الكهرباء لإنارة القري التي يسكنونها وقد أصيب سكرتير المحافظ و5 آخرين. كل هذه الاحتجاجات تعيد الأذهان إلي الثورة التي قام بها المواطنون في جميع محافظات مصر أيام عهد السادات بعد أن قررت الحكومة رفع أسعار السلع التموينية وسميت في ذلك الوقت بثورة الجياع أو الحرامية كما اطلقت عليها الحكومة. حيث يسيطر الغضب علي المواطنين ويدفعهم للاحتجاج وفعل أي شيء خاصة وأنه كان السبب في أمر يمس أحوال معيشتهم أو حياتهم أو حياة أبنائهم ففي محافظة الغربية بطنطا قام 3 آلاف مواطن وسيدة وطفل بقطع الطريق الزراعي بين القاهرة - إسكندرية وقاموا بإشعال النيران وتوقيف السيارات المارة لمدة ساعتين عندما قام عدد من تجار المخدرات بالاعتداء علي أهالي القرية وتحطيم محلاتهم وإصابة عدد كبير منهم ووضع السيوف والسنج علي رقاب أطفالهم. هذا كله نتاج أيضاً إهمال الحكومة لهم وعدم الاهتمام بمطالبهم في حمايتهم ورغم وعود الرئيس مبارك بحل مشاكل المواطنين وتوجيه المسئولين نحو رعاية المواطنين وحل مشكلة المرور وحوادث الطرق إلا أنه لم يتم تنفيذ منها إلا القليل مما يتسبب في غضب المواطنين وخروجهم علي القانون. تؤكد الدكتورة فادية أبوشهبة استاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن الدستور والقانون كفل للمواطنين حق التظاهر والاحتجاجات علي القرارات الخاطئة ولم يكن ذلك موجوداً في الماضي ولم يكن أحد يجرؤ علي الاحتجاج. وبالرغم من الحرية التي كفلها الدستور للمواطنين في التظاهر وإبداء الرأي إلا أنه وضع ضوابط وشروطاً يجب التمسك بها وهي عدم الإضرار بمصالح الآخرين وإلا تحولت هذه المظاهرات إلي فوضي عارمة وهو ما نشاهده كل يوم من قيام الأهالي بقطع الطرق علي المواصلات بسبب احتجاجهم أمام حوادث طرق أصيب فيها أحدهم أو بسبب قرار محافظ أو بسبب أزمة من الأزمات الاقتصادية الأخيرة حيث نري أن الأهالي يحتجون بصورة خاطئة في الاعتداء علي الأمن نتيجة لعدة عوامل اجتماعية واقتصادية لعل أهمها الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي يعشها المواطن البسيط حيث يحاول تفريغ طاقته في مثل هذه الاحتجاجات بأي شكل من الأشكال. كما أن هذه الاحتجاجات يندس وسطها عدد من البلطجية الذين يكرهون الخير ويقومون بالبدء في التعدي إما علي المواطنين أو الأمن والتحريض علي ذلك. وأشارت أبوشهبة إلي أن هناك العديد من القنوات الشرعية التي يستطيع أي إنسان في مصر توصيل صوته للمسئولين دون الاحتجاج أو القيام بأعمال التخريب ومن أهم هذه القنوات الإعلام والصحافة كذلك من خلال النيابة والقضاء المصري. أما من الناحية الأمنية فيقول العميد محمود قطري الخبير الأمني إن أحداث الشغب المتكررة في مصر من قطع الطريق وحدوث اشتباكات بين الأمن والمواطنين ناتجة عن وجود عدة ضغوط علي المواطنين سواء في حياتهم اليومية أو من الناحية الاقتصادية وهو ما يدفعهم للتعبير عن آرائهم عن طريق وسيلة الاحتجاج حيث أهملت الحكومة هؤلاء المواطنين من خلال قراراتها السلبية إما بإزالة منازلهم أو عدم توفير الحماية لهم أثناء سيرهم بالشوارع أو مزاحمتهم في أرزاقهم وهو ما يثير غضبهم وينتج عنه مشاكل أكبر من المشاكل التي كانوا عليها. وأكد نجاد البرعي رئيس مركز الاستقلال القضائي لحقوق الإنسان أن المواطنين أصبح لديهم عدم ثقة في العدالة أو آليات الحكومة وهو ما يدفعهم إلي محاولة الحصول علي حقوقهم المهضومة عن طريق القوة وباستخدام أيديهم حيث يشعرون أن ما لم يستطع أخذه بالقوة فلن يعيد الحق. وأضاف البرعي أن حوادث قطع الطرق والاحتجاجات التي تحدث في مصر في الوقت الحالي سوف تزداد في الآونة القادمة خاصة أن المواطنين فقدوا الثقة في كل من حولهم من حكومة وأمن وقضاء كما أن عمليات القمع التي يتعرض لها المواطنون يومياً تدفعهم إلي الثورة ضد الظلم.