رئاسة الجمهورية لم يصدر عنها حتى الآن أي غضب أو استهجان لما قاله مجرم الحرب «بن إليعازر» بأن الرئيس مبارك «كنز استراتيجي لإسرائيل» لماذا يتردد اسم سيناء كحل استراتيجي ونهائي للقضية الفلسطينية؟ وما علاقة إنجاز الحل الاستراتيجي بالكنز الاستراتيجي؟ سكينة فؤاد في خطابه في عيد العمال وجه الرئيس مبارك خمس رسائل وأسئلة إلي دعاة التغيير الذين أطلق عليهم «أصحاب الشعارات».. وهناك سؤال أوجب وأحق بالإجابة قبل جميع الأسئلة، يتعلق بما ورد علي لسان مجرم الحرب وقائد وحدة «أشكيد» بالجيش الإسرائيلي «بن إليعازر» والذي اعترف بقتل 250 من مقاتلي الكوماندوز المصريين بالعريش يونيو 1967، وهو ما كشفه فيلم وثائقي إسرائيلي عرض في مارس 2007.. مجرم الحرب ووزير تجارة وصناعة الكيان الصهيوني والذي رافق رئيس وزرائهم في زيارته منذ أيام في شرم الشيخ، نقلت عنه إذاعة الجيش الإسرائيلي وصفه لرئيس مصر بالكنز الاستراتيجي الإسرائيلي، وسبقني في النقل والتعليق الكاتب الكبير «فهمي هويدي»، وحتي كتابة هذه السطور لم يصدر عن رئاسة الجمهورية غضب أو لوم أو رفض أو استهجان!! هذا الوصف المهين هل يرتبط بتسهيلات أفدح وأكبر من الغاز ومن جدار وحصار غزة وسد شرايين حياة أبنائها عبر الأنفاق واستكمال القتل بالحصار؟، ولماذا يتردد اسم سيناء كحل استراتيجي ونهائي للقضية الفلسطينية؟ وما علاقة إنجاز الحل الاستراتيجي بالكنز الاستراتيجي؟! سؤال الوجود والمصير يخص مصر وجميع المصريين.. ماذا يعني الصمت؟! هل الموافقة علي أن الرئاسة في مصر تمثل كنزاً استراتيجياً لحل ما تبقي من مشاكل عالقة للعدو الصهيوني؟! علي الرئاسة في مصر أن تجيب، حتي لا تتأكد صحة الوقائع المهددة للحاضر والمستقبل والتي تجعل من التغيير ضرورة حياة لإنهاء هذا الأمن الاستراتيجي ولحرمان العدو مما يوفره له نظام يطلق عليه قاتلاً وإرهابياً، إنه يمثل لإسرائيل كنزا استراتيجياً، إذا كان عاقلاً ووطنياً وأميناً يستطيع أن يصدق أو يقبل؟! نعود إلي أسئلة خطاب عيد العمال والذي استكمل فيه الرئيس التصعيد والتهديد ضد دعاة التغيير والذي بدأه في خطابه الأول بعد أزمته الصحية وفي ذكري تحرير سيناء.. بالمناسبة، هل أحوال العمال في مصر تحتاج إلي عيد أم رثاء؟ وهل سيناء بالفعل محررة؟! في الخطابين وكما رحب بالحراك المجتمعي وأعاده إلي خطوات الإصلاح السياسي التي بدأها منذ توليه السلطة فقد ألحق علي الفور الترحيب بالتحذير من تحول هذا الحراك إلي تناحر يضع مستقبل الوطن في مهب الريح، وفي الخطاب الثاني حذر من الفارق الشاسع بين التغيير والفوضي وبين التحرك المدروس وبين الهرولة غير محسوبة العواقب، ووفق نص هذا الخطاب، أن يتحول التفاعل إلي انفلات يعرض لمخاطر الانتكاس!! تناقض مؤسف وإن كان ليس غريباً بين المباهاة بخطوات إصلاح سياسي وبين الخوف والتهديد وإعلان الحرب علي نتائجه الطبيعية، علي فرض التسليم بحدوث إصلاحات سياسية ومصادرة مردودها في التعبير والحريات والمشاركة وتداول السلطة، وما يفرض العديد من التساؤلات التي نرجو أن نسمع إجابة لها من أصحاب المصالح في وأد ومقاومة التغيير وبقاء الحال علي ما هو عليه. هل في أي نظام ديمقراطي لا نعتبر المعارضة والقوي السياسية المناهضة للحكم جزءاً أصيلاً من ضرورات ومقدمات البناء الديمقراطي؟! هل تتحول دعوات التغيير إلي فوضي عندما تواجه باستبداد السلطة وإجهاض حقوقها الدستورية والقانونية في التعبير والاحتجاج والتغيير السلمي؟! هل المطالبة بتوفير الأسس والضمانات القانونية لنزاهة الانتخابات يؤدي إلي الفوضي بينما القبول بالتزوير الذي حدث في جميع الانتخابات السابقة هو ما يوفر الاستقرار وعدم تحول التفاعل إلي انفلات وانتكاس؟! لماذا لا يتفضلون علينا ويعلنون كيف يكون شكل وأسلوب التحرك المدروس؟، وهل هو ما يتفق ويحقق استمرارية وأبدية الحزب الحاكم وتوريث الحكم؟! وإذا كانوا يريدون من دعاة التغيير أن يفرقوا بين التغيير والفوضي فنحن نريد منهم أن يفرقوا بين الدكتاتورية والاستبداد وبين ما يطالبون به!! هل صدقوا سقطة د. نظيف عندما حاول في الولاياتالمتحدة أن يبرر استبداد النظام بعدم امتلاك المصريين صلاحيات ورشد الممارسة الديمقراطية؟!، ويصل التناقض إلي ذروته عندما يعلن الخطاب أن الشعب هو الحكم وأن كلمته ستكون الفيصل عند صناديق الاقتراع!! وأذكر مدة ثانية بما أشرت إليه في مقال الأسبوع الماضي وكيف أنه في الانتخابات الرئاسية 2005 لم تتجاوز نسبة المشاركة بين الأصوات المسجلة 23% بينما وصلت المشاركة في الانتخابات البرلمانية إلي 2،26% وتدنت النسبة في عام 2000 إلي حوالي 24%، وبالاحتكام إلي من في سن التصويت يزداد تدني نسب المشاركة إلي 18%!! عن أي شعب وصناديق اقتراع يتحدثون؟! وهل الشعب المحكوم بإرهاب قانون الطوارئ لما يقترب من ثلاثين عاماً والمنهك والمهان بالظروف الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية وافتقاد العدالة وكل ما يعيش تحت خطوطه جموع المصريين؟! هذا الشعب هل يستطيع أن يكون حكماً وفيصلاً إلا إذا استطاع دعاة التغيير أن يصلوا برسائلهم إليه ليدرك الصلة بين التغيير وتأمين حقوقه الأصيلة في أرضه وبلده؟!، وهي ليست شعارات مثل التي يرفعها الحزب الحاكم لثلاثين عاماً مثل عمر قانون الطوارئ وكان حصادها الوضع الكارثي الذي نعيشه. وهو ما يقودنا إلي ما اعتبر خمس رسائل وأسئلة موجهة إلي المعارضة، وأولها عن المزايدة التي لا تكفي لكسب ثقة الناخبين!! ويا ألف حسرة، هل هناك ما يستحق المزايدة أو التقليل من نجاحاته الباهرة في حياة المصريين اليوم؟! هل بالتعليم الخائب أم الأوضاع الصحية أم البوار في الأرض والبشر والشباب؟!، كيف تنتقص المعارضة من الناقص وتزايد علي الخائب والخاسر والموثق بشهادات مؤسسات رسمية وحكومية ومجتمع مدني ودولي وكبار المفكرين وفقهاء القانون وأحكام القضاء؟!، يبدو أن كل من في مصر ما عدا أعضاء الحزب الحاكم أصبحوا من دعاة التغيير أو وفق ما يطلق عليه الخطاب «حاملي الشعارات»! وتتلخص الرسالة الثانية والثالثة للخطاب في سؤالين: ماذا لديكم لتقدموه للبسطاء؟ وما برامجكم لرفع معيشة محدودي الدخل؟ - لا أصدق أن من كتب هذا الخطاب امتلك قدرة طرح هذين السؤالين اللذين تفتح إجابتهما بوابة جهنم، عما نُهب وسُلب وسُرق وبدد من أموال وثروات المصريين وضرورة فتح ملفات الفساد وعدم الخروج الآمن لأي مسئول إلا بمراجعة ثرواته واسترجاع ما تم تهريبه إلي الخارج من مليارات البنوك، وحقائق أموال الصناديق السرية أو الخاصة وما قيل تحت قبة مجلس الشعب، إنه لو وزعت أموال هذه الصناديق وهي تريليون و272 مليار جنيه علي الشعب المصري لكان نصيب مصري 16 مليون جنيه..! وماذا عما امتلأت به تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات عن مليارات غائبة لا يعرف أحد أين ذهبت؟ إن مصادر تمويل برامج التنمية والإنقاذ لا أول لها ولا آخر بشرط أساسي وهو تجفيف منابع اللصوص والسرقات وسكان المغارات!، بالإضافة إلي خطط اقتصادية متكاملة أعدها الخبراء الاقتصاديون لدي الأحزاب الجادة والقوي الوطنية المستقلة، وتعكف علي إعداد خطة جديدة في ضوء المتغيرات المحلية والعالمية لجنة اقتصادية داخل الجمعية الوطنية للتغيير مستلهمة ما حققته الديمقراطيات الحقيقية في احترام وتأمين الشعوب ببرامج تنمية تضاعف الدخل القومي وتنهي عار الاعتماد علي القروض والديون والسندات وفرض المزيد من الضرائب ونهب المواطنين وتوفير فرص عمل حقيقية تفرد عليهم غطاء أمن وكرامة العمل داخل وطنهم وتضييق المسافات الجهنمية بين الدخول الفاحشة والفقر المدقع وترفع الحدود الدنيا للدخول وتخفض أسقف الدخول الخرافية وتعتمد الضرائب التصاعدية.. يؤمن دعاة التغيير بالغني الذي تمتلئ به مصر بشرط أن تقوم عليها إدارة تملك إرادة وطنية وعلمية وأمنية لتعظيم ثرواتها لصالح جموع أبنائها وليس لصالح حلف السلطة والثروة.. إنها رؤي وخواطر سريعة من وحي سنوات من الكتابة والكشف عما يمتلئ به هذا الوطن من إمكانات للإنقاذ وبشهادات كبار الخبراء والعلماء. ثم تأتي الرسالة الرابعة للخطاب في صورة سؤال: كيف ترون التعامل مع مخاطر الإرهاب؟ ويستطيع طالب مجتهد أن يقدم إجابة ورؤية محترمة بإيقاف ما يرتكبه هذا النظام من شق لصف المواطنة واللعب بالأديان وتجفيف منابع الفساد الذي ينشره التعليم والثقافة والإعلام، وكلها أيضاً بين أيدي النظام وتجفيف منابع الفقر الذي أطلق عليه «د. البرادعي» أخطر أسلحة الدمار الشامل، وإنهاء إرهاب قانون الطوارئ وإرهاب الضغوط الأمنية والمعتقلات والمحاكم العسكرية وافتقاد العدالة والكرامة والمساواة وفساد ما كان يطلق عليه المثل الأعلي وفساد رأس السمكة.. أما السؤال الخامس فكان: ما مواقفكم من قضايا السياسة الخارجية بالمنطقة؟ - ألم يكن الأفضل عدم توجيه هذا السؤال - أو ما يطلقون عليه الرسالة الخامسة وحيث يتجلي أن شر البلاء لم يعد يضحك، لكنه يثير البكاء علي ما وصلت إليه سياساتنا الخارجية.. يوحي السؤال بأن النظام أنجز في السياسة الخارجية ما لم يحققه الأولون ولا الآخرون.. وكأنه لا فشل في جميع الدوائر العربية والأفريقية والإسلامية.. لا تحتاج إجابة هذا السؤال إلي الخبراء الذين تضمهم الأحزاب المحترمة وجماعات العمل الوطني والجمعية الوطنية للتغيير.. مهارات طالب ثانوي تكفي لإدراك ضرورة الأخذ بجميع الأسباب التي كانت مصر بها رأس الحربة الضاربة والقيادة المحترمة في دوائرها العربية والإسلامية والأفريقية وضرورة أن تسترد شرف المسئولية والمشاركة في تقرير مصير أمنها، وهو ما لا يتحقق إلا بالتحرر من الهيمنة الأمريكية والصهيونية وأن تكون كنزاً لأبنائها ولأمتها لا كنزاً استراتيجياً للصهاينة، وإنهاء عار أن تكون إسرائيل أقرب وأكثر أمناً من قوي الممانعة العربية، وتكامل دورها كلاعب ومحرك أساسي في المنطقة مع دول الجوار غير العربية وكل ما لا يمكن أن يتحقق إلا عندما تستقوي مصر بحجمها وقيمتها وعمقها التاريخي وسباقها وتقدمها في مجال التطور والحداثة والتنافس وإعادة بعث وتعظيم عناصر قوتها الذاتية وفي مقدمتها التعليم والبحث العلمي. .. أفلست رؤاهم بعد أن أفلسوا مصر.. والإفلاس تترجمه أسئلة أو رسائل المرحلة الابتدائية التي وجهت لقوي التغيير!! وإجاباتها يمكن اختصارها في عبارة واحدة لا تحتاج مصر لأكثر من التخلص من السياسات والفكر والبشر الذين أنزلوا بها كل هذا البلاء الذي يضربها الآن ويعصف بثرواتها البشرية والطبيعية وماضيها وحاضرها ومستقبلها. أفلست رؤاهم فعجزوا عن إدراك ما في دعوات التغيير من إنقاذ يسعي إليه ويرحب به كل محب وخائف علي مصير هذا الوطن. أفلسوا عن إدراك أن الفوضي والانفلات والانتكاس والانبجاس لن يقود إليها إلا استمرار الحال علي ما هو عليه. أفلسوا عن إدراك أن الشعارات والخيالات التي يمتلئ بها الخطاب هي التي ستضع مصر في مهب الريح أو وضعتها بالفعل. أفلسوا عن إدراك أن سنة الله في أرضه أنه عندما يعم الفساد في البر والبحر تصبح للتغيير وللأمناء وللمحبين قوة وإرادة تمضي كالنور لتضييء قلب هذه الأرض الطيبة التي من أرادها بسوء قصمه الله وأنها تتحول إلي طاقة محركة ومنظمة لأبنائها. أسئلة الخطاب إلي دعاة التغيير تستفز العقل لمئات من علامات الاستفهام للنظام، أكتفي في حدود مساحة المقال بأقل القليل منها. - كل هذه الأحلام الوردية التي امتلأ بها الخطاب عن فرص العمل المليونية ومعدلات النمو والقوة الاقتصادية الصاعدة والمصانع والمناطق الصناعية والتجارية ورعاية المواطن وحمايته من توحش التضخم والأسعار لماذا لم يتحقق خلال الثلاثين عاماً الماضية؟ وما مصادر تمويل هذه الأحلام والأوهام؟! لماذا لم يطالب النظام باسترداد ما نُهب وهُرب من أموال البنوك للخارج ولماذا لم يحاسب كل مسئول عقد صفقة من صفقات بيع مصر وتم التراجع عنها وتغريم مصر من دخلها القومي البائس المليارات؟! ما مصير التحقيقات في قضية وزير الإسكان السابق بعد كل ما نشر من أهوال وأرقام ووقائع؟ لماذا لا يُعلن عن الذمة المالية لكل مسئول في مصر ومصادر التمويل والتبرع؟! لماذا لمُ يعلن عن اسم المسئول أو المسئولين الذين تلقوا رشاوي المرسيدس؟! .. إذا كانت إسرائيل قد عثرت علي كنزها الاستراتيجي.. أليس من حق المصريين أن يجدوا كنزهم الاستراتيجي في أمناء عليهم يتمسكون بالتغيير السلمي والدستوري وتداول السلطة وإيقاف عار تزوير الانتخابات وتغيير مواد الدستور التي اعتبرها فقهاء القانون خطايا وجرائم في حق المصريين؟! أليس من حقهم أن يطالبوا بتطبيق ما تطبقه الأنظمة الديمقراطية التي تحترم شعوبها وتعتبره جزءا أصيلاً من البنية السياسية للحريات والديمقراطية؟!