.. ما من كتابة أو قراءة لخطاب سياسي بريئة تمامًا من ميل أو هوي مصدره خبرات سابقة تجاه الخطاب أو بالأصح كاتبه!! هذا اعتراف يتساند إلي سؤال مشروع هو : .. كيف لمن يسحقهم نظام مستبد أن يكونوا موضوعيين تجاه ما يدعيه هذا النظام من حريات؟! .. كيف لملايين العاطلين والمقيمين في العشوائيات والمهمشين بفعل فشل نظام ظالم بنيويًا ومنحرف ظرفيًا وكاذب دائمًا.؟! أن يصدقوا انحياز هذا النظام الذي يحكمهم منذ 29 عامًا إليهم وعمر ظلمهم من عمره .. كيف يصدق الجائع في مصر أن هذا النظام «المتخم» يشعر بجوعه ؟! كيف يصدق وهو ينظر خلسة لمظاهر الترف وأعراض الفساد والثروات الحرام.. كيف يصدق أن هذا النظام مهموم بهمومه وحقوقه المنهوبة؟!! .. الرئيس يسألنا في خطابه: ماذا قدمنا للفقراء؟! ونرد السؤال لسيادته: وماذا قدمتم أنتم خلال 29 عامًا من الحكم لهؤلاء غير المزيد من الفقر وأسبابه؟! ألا يقرأ الرئيس ذلك الفارق الكبير في النسبة المئوية لمن هم تحت خط الفقر في مصر في بداية عهده في 1981 واليوم في 2010؟! .. الرئيس يسأل عن برامجنا ومناهجنا في تقديم حلول لمشاكل مصر.. ونسأل الرئيس ألم يقرأ برنامجنا الانتخابي لانتخابات 2005 والذي وقع في 1200 صفحة من الجهد والبحث في تقديم روشتة تفصيلية لعلاج أزمات مصر المتراكمة والمتزايدة في سنوات حكمه؟! ألم يقرأ برنامجنا لإنقاذ مصر 2011؟! وبعض ما ورد في خطابه فقرات نصية وردت في ملخص البرنامج الذي نشرناه ووزعناه منذ 6 أبريل الماضي وندير حوارًا حوله؟! .. سيادة الرئيس: بحق ثلاثة أرباع مليون صوت رصدتهم لجنة الانتخابات الرئاسية «وأضعافهم سقطوا أسقطتهم عمدًا» انحازوا لهذا البرنامج، والخيار الذي لم تقرأه أو حتي تقرأ عنه ندعوك لتعرف أن كتَّاب خطبك يخدعونك عندما يصورون لك أن أحدًا لا يفكر ولا يملك حلولاً غير حزبك!! خاصة كاتب خطابك الأخير. .. سيادة الرئيس: إذا كنت تريد حقًا أن تسمع أصواتًا غير صوتك وصوت من حولك، فعليك أن تجيبنا أولاً: منذ متي سمحت أو سمعت أصواتًا تختلف معك أو تختار غير اختيارك أو تنصح بغير ما ينصحك به رجال أمنك ونظامك؟! منذ متي خلال 29 عامًا وضعت هذه الأصوات في اعتبارك؟! .. غريب أن تتهم أصواتًا لم تسمعها وبرامج لم تقرأها، بأنها شعارات جوفاء فحسب !! والأغرب أن تصدر هذه الاتهامات عن حزب أنتج أكبر عدد من الشعارات المضحكة التي لم تحرك في الناس غير السخرية والأسف منذ زمن شعار الألف يوم، الذي انقضي عليه مائة ألف يوم مرورًا بشعار «الفكر الجديد» .. ونهاية بشعار «من أجلك أنت»!! .. التطبيق الوحيد لشعار مثل «من أجلك أنت»، كما يفهمه الناس، وكما سيسجله التاريخ هو أن الدولة في مصر اخُتزلت في الحكومة، والحكومة اخُتزلت في حزب الحكومة، وحزب الحكومة اختزل في لجنة السياسات التي هي مختزلة في شخص جمال مبارك!! وكل هذا من أجلك أنت سيادة الرئيس!! .. سيادة الرئيس، الناس في مصر أصابتها الدهشة من خطابك الأخير وأنت تتحدث عن بلد غير مصر التي يعيشون فيها!! بلد أسعد حالاً من أوروبا التي تعاني البطالة وأمريكا التي تكابد آثار الأزمة الاقتصادية!! البلد الذي تتحدث عنه ليس مصر التي نعرفها بل هي مصر التي لا يعرفها غير كاتب خطابك الأخير.. .. الشعب الذي اختارك، والذي لم ينحز لاختيارك، ضاق من الفقر والفساد والاستبداد والطوارئ والاعتقالات وغياب فرص العمل، والحياة بكرامة وسرقة الأمل من عيون أطفاله وأجياله القادمة!! .. الشعب الذي تحكمه لديه أشواق جارفة لتغيير يطول السياسات والنتائج وقبلها الأشخاص!! ويفرق بين التغيير والفوضي، ويؤمن بأن أكبر فوضي هي حالة اللاتغيير واحتكار السلطة التي دفع ويدفع ثمنها كل يوم. .. سيادة الرئيس، عاقب كاتب خطابك الأخير أو اعفه من مهامه لأنه مصاب بانفصال شبكي حاد!!