لا أحب الكتابة كثيراً عن محمد علي إبراهيم رئيس تحرير «الجمهورية»، ليس بسبب ما يقدمه من خدمات ل «الدستور» عبر ما ينشره عنها، وإنما لأنه الحلقة الضعيفة من بين كتاب الحكومة. فهو تصور أن الحكومة عندما جاءت به ليصبح رئيسا لتحرير «الجمهورية» كانت تريد منه أن يصبح «ردادا» عنها يرد علي كل من ينقدها وكل من يعترض علي سياستها، وأصبحت «الجمهورية» علي يديه نشرة تشبه المجلات المدرسية لأنه وضع سياستها التحريرية علي هذا الأساس فقط. هذا الأمر جعله يقع في تناقضات لا يقع فيها أي صحفي مبتدئ. منها مثلا أنه كان ينتقد تصريحات القضاة المنتمين إلي تيار الاستقلال حول ضرورة الإصلاح السياسي، ويدافع عن وجهة نظر وزير العدل ممدوح مرعي الخاصة بعدم تصريح رجال القضاء لوسائل الإعلام، ولكنه منذ أن بدأت «الجمعية الوطنية للتغيير» في طرح مطالبها المحددة بالإصلاح السياسي وهو يستضيف أحد رجال القضاة في الصفحة الأولي للرد علي مطالب المعارضة التفصيلية لكي يؤكد للقراء أنه ليست هناك ضرورة للإصلاح السياسي، مع أن قيادات الحزب الوطني نفسها لا تعترض علي المطالب لكن تصريحاتها تتركز حول التوقيت فقط. فهل ما يفعله رئيس تحرير الجمهورية ليس تدخلا من القضاة في الشأن السياسي حسب وصفه هو؟ أليس هذا الأمر يمثل تناقضا عما كتبه من قبل حول الموضوع نفسه؟ وكنت قد كتبت من قبل عن واقعة سطو رئيس تحرير الجمهورية علي مقال كتبه الكاتب الكبير الراحل محمود عوض حول سياسات الخصخصة، ونشره في الجمهورية باعتبار أنه مجهوده الخاص، وعندما رد وزير الاستثمار محمود محيي الدين عليه ينشر الرد ولم يشر إلي المصدر الذي نقل منه المقال. ثم كتبت مرة أخري عن سطوه علي مقال للكاتب الفلسطيني الكبير فؤاد مطر، ونشره أيضا باعتباره من بنات أفكاره، لكنه مازال يسير علي نفس الأسلوب عندما يقرأ مقالا أو تحقيقا صحفيا ويعجبه يتصور أن ذلك مبرر له لكي يعيد نشره مع اللعب فيه لكي ينسب إليه في آخر الأمر. وآخر وقائع «الاقتباس» التي قام بها رئيس تحرير الجمهورية، كانت الخميس الماضي 29 أبريل 2010 عندما اقتبس تحقيقًا صحفيًا للزميل غالي محمد نشره في «المصور» قبل «الجمهورية» بيوم، وعنوانه: «الاعتصامات السياسية في العنابر العمالية» واستعان الزميل رئيس تحرير الجمهورية بكل المادة الصحفية التي تعب الزميل غالي في تجميعها وهو محرر بوزارة الصناعة منذ ما يزيد علي 20 عاما وله مصادره التي راكمها خلال هذه السنوات وأدواته التي يستعين بها من أجل تدقيق معلوماته، لكي يكتب مقالا ما هو إلا إعادة إنتاج لما كتبه غالي بعنوان «عمال مصر.. في براثن المحظورة»!. ومن يقرأ التحقيق الصحفي الذي كتبه متخصص والمقال الذي كتبه غير متخصص سيجد أن الثاني اعتمد بصورة كاملة علي ما كتبه الأول وهذا أمر لا يجب أن يقع فيه رئيس تحرير جعل من مهمته الأولي في الحياة الرد علي المعارضين وتشويه سمعتهم. وكأنه لا يعرف المثل العامي «امشي عدل يحتار عدوك فيك». وبالطبع لا يدرك رئيس تحرير «الجمهورية» أنه هدف سهل لكل من يريد الانقضاض عليه، وأمام هذه الحقيقة ليس أمامه سوي أحد خيارين الأول التدقيق فيما يكتبه والكف عن «الاقتباس» من الآخرين. وأما الثاني فهو أن يبتعد عن المشكلات والكف عن الهجوم علي المعارضة والنيل منها، فمن كان بيته من زجاج عليه ألا يقذف الآخرين بالطوب.