هل يصدق أي حر في العالم أن مصر تحكم بقانون طوارئ منذ 29 عاماً وفي سبيله للتجديد لأعوام وربما عقود أو قرون أخري؟! لقد نشأت أجيال في مصر لا تعرف ما القانون الطبيعي ولا تعرف حقوقها القانونية وحرياتها الشخصية ولم تتعرف تلك الأجيال علي تلك الحقوق إلا بعد مطالعة الإنترنت ومشاهدة الفضائيات ومعرفة ما يدور في العالم فأبصروا أنفسهم في قفص حديدي من ترسانة قوانين سيئة السمعة لقد كتب علي أجيال في مصر أن تنشأ ولا تعرف لها حقوقاً سياسية. لقد ولدت أجيال ولم تعرف مع شهادة الميلاد إلا كلبشات حديدية من قيود قوانين استثنائية معجونة بالقهر والاستبداد. في شهر مايو سوف ينظر البرلمان بأغلبيته الحكومية تجديد قانون الطوارئ وأعتقد والعياذ بالله سيمدد لمدة ثلاث سنوات أخري حتي تتم انتخابات الشوري والشعب والرئاسة، ومن المؤسف أنهم لم يعد لديهم أي حجة في تجديد قانون الطوارئ فمبرر الإرهاب والعنف لم يعد له وجود مطلقا بعد مراجعات الجماعة الإسلامية والجهاد وخروج أكثر من عشرين ألف معتقل لم يعد أي منهم للعنف مطلقاً وما يحدث من بعض الحوادث الفردية التي تضخمها أجهزة الأمن لا يبرر قانون الطوارئ فهي حوادث تحدث في كل دول العالم ولم يفرضوا قانون الطوارئ الذي شرع لمواجهة حالة طارئة من كوارث أو انقلابات وفلتان أمني -وهذا لم يحدث في مصر والحمد لله-بل الذي حدث كوارث من الحكومة للشعب في حياته من غرق العبّارة وحرق وتصادم القطارات وحوادث سيارات بلغت نسبة المتوفين فيها سبعة آلاف هي الأعلي في العالم وغلاء للأسعار ليس له مثيل لا يشعر به مطلقاً المستبدون ولم تحدث انقلابات في مصر غير انقلاب الحزب الوطني علي حقوق الشعب في الحرية والعدل وبتر وإقصاء الإشراف القضائي علي الانتخابات كي يحلو التزوير ويفرح المستبدين بكراسي البرلمان دون منغص من المعارضين الإسلاميين أو المستقلين. ولا يوجد في مصر فلتان أمني بل تغول أمني فقد سيطر الأمن علي كل مناحي الحياة في مصر وحدث ولا حرج ...حتي الوظائف فمسوغ التعيين تقارير الأمن وليس الكفاءة مطلقا فحتي تنجح وتُعين وترقي لابد أن تمر بدورة مخبر حتي تتم ترقيتك وهكذا كل الأحوال في مصر حتي في الأحزاب. النقابات . الجمعيات والتي من المفروض أن تكون منبراً للحرية صارت منبراً للحكومة بطريقة غير مباشرة. ولا تفوتني الإشارة إلي أن المعتقلات في مصر مفتوحة أبوابها علي مصراعيها لاستقبال ضيوف جدد كل يوم من الأحرار دون توقف. ومن أشد مساوئ قانون الطوارئ تلك المحاكم التي تسمي بمحاكم أمن الدولة العليا طوارئ فهي مُشكلة تشكيل محكمة الجنايات التي تخضع أحكامها للنقض ولكن صفة الطوارئ لها تمنع هذا الحق للمحكوم عليه وتجعل أحكامها نهائية ففي الوقت الذي يتمتع فيه القتلة وتجار المخدرات والمفسدون بحق النقض يمنع هذا الحق عن السياسي الذي يخضع لقانون الطوارئ ومحكمة الطوارئ. ومن المثير أنه قد تعالت الدعوات في مصر من القضاة وفقهاء القانون لجعل محكمة الجنايات من درجتين ثم بعد ذلك تخضع للنقض وأيدهم في ذلك الدكتور فتحي سرور -أستاذ وفقيه القانون الجنائي ورئيس البرلمان- ورغم ذلك تستمر محاكم الطوارئ؟ إن عدم تمتع المتهم بحقه القانوني يولد حقداً لا ينتهي وتفرقة لا مبرر لها ومحاكم أمن الدولة العليا طوارئ في مصر بعدم تعرض أحكامها للنقض انتقاص من العدالة وتضييع لمبدأ المساواة الذي كفله الدستور. ويبقي أنه من الطرائف في هوجة التعديلات الدستورية منذ أربع سنوات أشاعوا إلغاء محاكم أمن الدولة ففرح كل محب للعدل ولكن كانت المفاجأة غير الطريفة هي إلغاء المحاكم الجزئية في جنح الغش والتموين فقط وتركوا محاكم الجنايات أمن دولة طوارئ تقتص للحكومة من المعارضين دون عدل بالنقض ولا رحمة بإلغائها وإلغاء قانون الطوارئ. وأخيرا العدل لا يتم دون مساواة المواطنين أمام القانون ومحاكم أمن الدولة العليا طوارئ ظلم مقنن ولن يشعر المصريون ببداية التقدم والنهضة والحرية والعدل والمساواة إلا بإلغاء قانون الطوارئ ومحاكمه وإغلاق معتقلاته. فمتي يتم هذا؟ هل بعد عام .بعد عقد ..يارب عجل حريتنا من كل قيود القهر والاستبداد.