من ليلة 29 يونيو إلى صباح 2يوليو، وفي أقل من 72 ساعة، استقبل رئيس الإخوان محمد مرسي وحلفاؤه ما يزيد عن عشرة صدمات، كانت كافية لشل تفكيرهم تمام، مما يجعلني أقولها صريحة بأنني أشفق عليهم، الرحيل أصبح إجبار وليس اختيار، كل ما في الأمر مسألة وقت ويبدو أن مكتب إرشاد الجماعة لازال يملك بعض الأم من ألا تنقلب الطاولة على نافوخه، ففكر في زيادة أعداد المتظاهرين ونشرهم في أكثر من مكان، عل وعسى أن يأتي هذا بنتيجة، في مشهد مأساوي يدعو للشفقة عليهم. هناك شبابا نظموا حملة أسموها "تمرد"، وأقنعوا الجموع بتنظيم مظاهرات تبدأ في ال30 من يونيو للمطالبة بإسقاط النظام وهذا مفهوم، لتحاول الجماعة تصوير أن الشارع المصري انقسم لخندقين، أحدهما مع الشرعية والأخر مع تمرد والفلول وعلها تنتهى هذه الاحتجاجات كما انتهت مظاهرات يناير الماضي وقبلها مظاهرات التنديد بالإعلان الدستوري، لتأتي عدة صدمات للنظام من أشخاص من المفترض أنهم موالون للنظام الحكم الشرعي أينما كان، واحدة تلو الأخرى ويسقط مع كل ساعة ركن جديد فى الدولة.
بدأت عملية الهروب من المركب الغارق في ليلة 29 يونيو عندما أعلن أعضاء مجلس الشورى الحالي، والغير منتمين إلى تيار الإسلام السياسي تقديم استقالاتهم من المجلس قبل ساعات من بدء التظاهرات، ويسبقها تصريحات وزارة الداخلية أنها لن تشتبك مع المتظاهرين وإنما ستؤمن تحركاتهم، ليخرج مشهد يوم 30 يونيو لتفغر الأفواه عن كم الحشد فى العاصمة والمحافظات بما لم يسبق له مثيل، ويعاود الكثير من رجال السياسة تقييم موقفهم من منطلق "اجري يا مجدي ي ي ي ي".
حزب النور والدعوة السلفية واللذان لم يكونا من البداية مع أي من الجانبين أصدرا بيانا صريحا يدعوان فيه الرئيس لتلبية مطالب الجماهير وحل الحكومة، بل وتعديل الدستور المختلف عليه، والذين ظلوا هم شهور يدافعون عنه بكل ما أوتوا من قوة، ولنحاول ألا نذكر تصريحات د.أيمن نور حتى نتمالك أعصابنا ولا نموت من الضحك عليه وعلى الجماعة في وقت واحد.
استقالة عشرة وزراء من حكومة د.هشام قنديل، لتكون رسالة واضحة "أعضاء الحكومة لا يعترفون بها، فما حال قوى المعارضة التي تلعنها منذ عدة أشهر؟"، ليأتي موقف الداخلية مفاجأة من مساندة المتظاهرين أمام مكتب الإرشاد وإن كانوا ساهموا فى تهريب المتواجدين بداخله قبل قتلهم إلا أن مجرد اقتحام وحرق المقر أصاب الجماعة في مقتل، بخلاف إعلان الداخلية عن إلقاء القبض على أكثر من شخص مسلح بعضهم من هم ليسوا مصريين، لتبدو فى الأفق ملامح قضية خيانة عظمى من الحجم العائلي.
أما خطاب القوات المسلحة والذي جاء تأكيدا أكبر لتوقعات وآمال المتظاهرين في أن ينضم الجيش رسميا لمواقفهم الاحتجاجية جاءت لتسرع أكثر من معدل هروب الراكبين فى مركب النظام قبل أن تغرق تماما، لتتوافد بعدها أنباء جمع أفراد بالداخلية لتوقيعات زملائهم بالجهاز لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسي، باعتباره دستوريا القائد الأعلى للشرطة، حتى أنه بعد استقالة وزير الداخلي، بدأ العاملون فى الوزارة صباح اليوم في جمع توقيعات العاملين بها للمطالبة برحيل مرسي فورا.
وبخلاف الموقف المحلي، من الواضع أن مبدأ التبرأ من النظام الحالي بدأ فى الظهور على صعيد دولى بعدما أعلنت كل من السعودية وانجلترا وروسيا عدم تعاملهم مع الحكومة المصرية الحالية وتضامنهم مع مطالب الشعب من المتظاهرين، حتى أمريكا التي لم تعلنها صريحة حتى الآن برفع أيديها عن حماية الجماعة قال أوباما فى آخر تصريحاته أنه لا ينحاز لشخص أو فصيل معين على الآخر.
وها هو الرجل الذي استند عليه نظام الإخوان شهورا بالغصب والافترا، المستشار طلعت عبدالله، ترفض المحكمة الطعن الذي قدمه على الحكم السابق بعزله، وتصدق عليه لتعيد النائب العام السابق لمنصبه أو يتم احتيار شخصية أخرى غير مسيسة، لتصبح الفرصة سانحة أكثر لتوصيل الاتهامات "دليفري" إلى جميع قادة الجماعة خلال الأيام القادمة، وأخيرا فيبدو أن استقالة المتحدث باسم رئاسة الوزراء والمتحدثان باسم رئاسة الجمهورية لم تكن كافية، ليقدم منذ ساعة المتحدث باسم مجلس الشورى هو الآخر استقالته من منصبه، ويبقى السؤال الآن: "فيه حد لسة فاضل هنا وناسي؟".