تواضروس: الكنيسة مؤسسة روحية.. وأريد الحفاظ على ذلك البابا ل«جملة مفيدة»: ما يُثار عن تحريض الكنيسة على النزول فى 30 يونيو «يدعو للسخرية».. وليس كل شىء يُقال يستحق الاستماع تواضروس فى حوار مع لميس الحديدى: الأقباط يتظاهرون الآن فى الشارع بعد أن كانوا يتظاهرون داخل الكاتدرائية «لقائى السفيرة الأمريكية كان من أجل التهنئة».. هذا ما صرّح به بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية الأنبا تواضروس الثانى، ل«التحرير»، مضيفًا أن استقباله آن باترسون السفيرة الأمريكية، أول من أمس، جاء فى إطار رغبة سفراء الدول المعتمدين بمصر التعرف عليه وتهنئته بعد جلوسه على كرسى البابوية، وأن السفيرة طلبت الحضور منذ ديسمبر الماضى، لكن اللقاء تأجّل أكثر من مرة، إحداها كانت يوم الاعتداء على الكاتدرائية، وأخرى بسبب الأعياد وظروف السفر. تصريحات بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية جاءت قبيل لقائه مرسى فى قصر الاتحادية ظهر أمس الثلاثاء. البابا أضاف أنه أخبر باترسون بأن سياساتهم فى التعامل مع مصر غير واضحة، «ولا ندرى فى أى اتجاه أنتم». موضحًا أنها بررت بدبلوماسية أن حكومتها تحاول مساعدة الحكومة المصرية، والحركة الديمقراطية الناشئة، مشيرًا إلى أنها «سألتنى عن أقباط أمريكا ومدى علاقتهم بالكنيسة الأم، فقلت لها إن لنا هناك عدة كنائس و4 أساقفة، قابلين للزيادة»، موضحًا «عندما سألتنى عن مشاركة الأقباط فى 30 يونيو قلت إن كل مواطن مصرى حر، وإن الكنيسة لا توجّه أحدًا»، وقال بشكل قاطع «أريد أن أحافظ على أن تظل الكنيسة مؤسسة روحية». «الكنيسة جزء من المجتمع المصرى، وعملها عمل روحى، ولها دور اجتماعى وموضوع التعبير عن الرأى كل واحد حر يعبر عن رأيه، لأننى لا أستطيع التحكّم فى آراء الناس، وكل واحد بيحب مصر بطريقته».. بهذه الكلمات بدأ البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، حديثه مع الإعلامية منى الشاذلى، فى برنامجها «جملة مفيدة»، المُذاع مساء أول من أمس «الإثنين». البابا تواضروس وصف خلال لقائه مع منى الشاذلى العام الأول لتولى الرئيس محمد مرسى رئاسة الجمهورية ب«المحبط»، مشيرًا إلى أن هذا العام حدثت فيه سابقة لم تحدث فى التاريخ من قبل، وهى الاعتداء على كاتدرائية العباسية، بينما كان الرد أقل من الحدث، لافتًا إلى أن هذه الحادثة تعد «وصمة عار فى التاريخ، فمنذ الفتح الإسلامى لم نشهد حادثة مثل تلك»، وتابع «يمكن الاعتداء على كنيسة نعم، لكن الاعتداء على الكاتدرائية لم يسبق».
وواصل البابا حديثه قائلًا «لقد مر عام على تولى الرئيس محمد مرسى رئاسة الجمهورية، وكان من الممكن إدارة الأمور بشكل أفضل، فلم نسمع إلا عن الاستقالات الجماعية، متخصص تلو الآخر والقرارات المتراجع فيها، وهذا يؤكد أن الإدارة ليست جيّدة لبلد عظيمة كمصر، فمصر تستحق إدارة رفيعة للغاية وخلال العام لم نتلامس مع هذه الأمور بالقدر الكافى والعام الماضى محبط وعام (عار)».
وعن تاريخ علاقة الكنيسة المصرية بالكنيسة الإثيوبية، قال البابا «العلاقة ممتدة منذ أكثر من 16 قرنًا مضت»، مؤكدًا أن أزمة النيل خارج نطاق الكنيسة، وأن أحدًا من الرئاسة لم يتصل به، وأن البيانات التى خرجت جاءت بدافع «خبيث لتوريط الكنيسة حتى يخرج الشارع متسائلًا هىّ فين الكنيسة مابتحلش ليه؟».. واعتبر البابا أن عرض مؤتمر الحوار الوطنى بين الرئيس محمد مرسى وبعض القوى السياسية حول «سد النهضة» على الهواء مباشرة «فضيحة»، خصوصًا بعد أن قيلت بعض الحلول غير المنطقية للخروج من الأزمة.
واستبعد البابا تواضروس أن يتكلّم معه بطريرك إثيوبيا متياس الأول، عن هذا الحوار، موضحًا «هو لن يسألنى هذا السؤال، لأنها أمور متعلقة بالسياسة»، وقال البابا «هذا الحوار كان خطأ، لكن نحن كمصريين نكن كل الحب لإثيوبيا، وهى دولة غالية علينا جدًّا، لا أقول ذلك من أجل موضوع المياه، لكنها مذكورة فى الكتاب المقدس بأرض كوش، والإيمان المسيحى وصلها فى القرن الأول الميلادى».
واعتبر البابا تواضروس الثانى الأزهر الشريف على رأس المؤسسات التى تعطى الكنيسة إحساسًا بالأمان، ثم مؤسسة الجيش ثم مؤسسة الرئاسة «بأقوالها فقط لا الأفعال»، موضحًا أن «الأزهر ينفرد بالأولوية فى إعطائه الأمان للكنيسة، وشيخ الأزهر الجليل أحمد الطيب، يستحق كل خير، وفكره واعتداله ورؤياه أمر يعطى طمأنينة للمصريين بصفة عامة»، مضيفًا «الأقباط يحبون الشيخ الطيب لاعتداله، وصفّقوا بحرارة فى أثناء صلاة العيد فى الكنيسة عندما ذكر اسمه، وانطلقت عاصفة من التصفيق، لدرجة أنها كانت مفاجأة غير عادية لى».
أما ثانية المؤسسات التى تعطى الكنيسة نفس الشعور بالأمان فهى «مؤسسة الجيش، لأنها مؤسسة محايدة لم تتلوّث بالتطرف وقوية وقادرة، وصادقة، لأنها حينما تحمّلت المسؤولية بعد سقوط النظام السابق، تحمّلتها بأمان، لم يكن لديها طموحات الحكم، وهذا شىء يشرّفنا، وأنا أعتقد أن كل القادة بداية من وزير الدفاع ورئيس الأركان مخلصون للوطن»، أما عن ثالثة المؤسسات فهى مؤسسة الرئاسة التى قال عنها البابا «أحاديثى مع الرئيس تليفونيًّا طيبة، وهذا أمر جيد، ومرسى هادئ، وصوته يمكن أن يوصل رسالة طمأنينة وهذا شىء طيب، لكن ليس الموضوع صوتًا ولا هدوءًا، لكنه فعل يجب أن نراه على أرض الواقع».
وعن مجلس الشورى قال البابا «كان الله فى عونه، هو قائم بدور ليس دوره، ويناقش أشياء المحكمة الدستورية تقول إنها غير دستورية، وهناك علامة استفهام كبيرة حول المجلس».
وتعليقًا على الاتهامات التى وجهها البعض إلى الكنيسة فى الشأن السياسى، قال البابا «هناك مَن يزج بالكنيسة فى الأحداث ويستخدمها كورقة للتغطية على مواقف ربما تكون عدائية بأى صورة من الصور»، مؤكدًا أن الكنيسة «أرفع من السياسة أيًّا كانت»، وتابع «الكلام الذى يُقال بأن الكنيسة تقوم بتحريض المسيحيين للنزول فى 30 يونيو أمر يدعو للسخرية»، وأضاف البابا قائلًا «لا أستبعد أن تستخدم ورقة الكنيسة لكى تغطى مواقف لمن يتكلّم فى هذه الأمور، وفى المقابل نحن لا نسعى بأى شكل للوجود فى دائرة الحكم، بأى صورة، ويشهد تاريخ الكنيسة بذلك».
وعن تهديدات عاصم عبد الماجد القيادى بالجماعة الإسلامية، للأقباط فى حال نزولهم يوم 30 يونيو، قال «ليس كل شىء يُقال يستحق الاستماع، وهناك أصوات كثيرة لا تستحق، ولا نعول على ذلك كثيرًا».
البابا تواضروس أكد أن الكنيسة جزء من المجتمع ودورها روحى، وأن حرية الرأى مكفولة للجميع، وعلى كل مصرى أن يفعل ما يريح ضميره، قائلًا «عمل الكنيسة روحى ولها دور اجتماعى، وموضوع التعبير عن الرأى مكفول، مثلما قرر الشعب فى 30 يونيو العام الماضى أن ينتخب رئيس، فإن نفس التاريخ هذا العام هو بمثابة خروج ثان للتعبير عن رأيه والكنيسة وسط جموع الشعب، وكل شخص حر فى التعبير عن رأيه، وبعد الثورة لا يوجد حجر على أى رأى، خصوصًا وسط قطاع الشباب، والكنيسة لا توجّه أحدًا».
وأكد البابا أنه «لا حديث داخل جدران الكنيسة على الإطلاق عن يوم 30 يونيو، الحرية مكفولة لكل الأقباط بالتعبير عن آرائهم كما يرون، لا أستطيع التحكم فى آراء الناس، وكل واحد يحب مصر بالطريقة التى يريدها، هناك مَن يحبّها بالعمل الصامت، ومَن يحبها بالصوت العالى».
ثم استكمل البابا تواضروس الثانى كلامه فى حوار ثان، أجرته معه الإعلامية لميس الحديدى، ظهر أمس «الثلاثاء»، عن اجتماع مجلس كنائس مصر الأسبوع الماضى بدير الأنبا بيشوى بحضور 30 شخصية كنسية ومن المفكرين للحديث عن «مصر الحاضر والمستقبل»، قائلًا إن «البعض فى وسائل الإعلام يتعاملون مع الأقباط باعتبارهم كتلة واحدة أو تيار موحد، وهذا غير حقيقى، فهم يتظاهرون الآن فى الشارع بعد أن كانوا يتظاهرون فى الكاتدرائية، وأصبحوا موجودين داخل ال50 حزبًا الموجودة على الساحة».
وحول التصريح الذى صدر لبناء كنيسة النوبارية، اعتبره البابا «ليس استرضاء للكنيسة بل أمر عادى»، متسائلًا «ما المنطق لبناء كنيسة بعد 17 عامًا من تقديم الطلب؟»، مضيفًا «قد يعتبر استرضاء للكنيسة فى حال إصدار تصريح ببناء 10 كنائس مثلًا».
البابا أضاف «طول الانتظار علّمنا فضيلة الصبر، ولو كانت هذه هى العقلية التى تدير الحياة المصرية، فنحن متأخّرون كثيرًا»، موضحًا «المجتمع الناهض يأخذ قرارات لحل المشكلات، فهناك مواطنون فى مدينة جديدة فى الصحراء، ومن المفترض بناء مسجد وكنيسة ومدرسة ومستشفى، فنجد كل شىء توفّر إلا الكنيسة».
وأبدى البابا عدم ارتياحه لصدور قرار ببناء الكنيسة على مساحة 300 م2، ومساحة الأرض 1700 م2، لافتًا إلى أنه لن يطلب من الرئيس أى شىء لأن الوقت الحالى لا يسمح إلا بالكلام عن مصر فقط.