مصدر: اللجنة اجتمعت بوزير الرى فور عودتها.. وشركة إسرائيلية ستتولى توزيع كهرباء سد النهضة.. والسيناريو العسكرى غير مستبعد عاد أمس الوفد المصرى المشارك فى اللجنة الثلاثية لتقييم سد النهضة من أديس أبابا، وذلك بعد مشاركتهم فى الجلسة الأخيرة لتقييم السد الشهير بسد «الألفية».
مصادر مطلعة بوزارة الرى أعلنت أن الوفد المكون من كل من الدكتور خالد حسين الأستاذ بكلية الهندسة جامعة القاهرة والدكتور شريف المحمدى من قطاع مياه النيل، اجتمع بعد عودته مع وزير الرى، لدراسة تقرير اللجنة الثلاثية الفنية التى تدرس الآثار السلبية على مصر.
وأضافت «الجانب الإثيوبى طلب من مصر تأجيل إصدار تقرير اللجنة الثلاثية للمرة الثانية على التوالى، بعد أن طلبت تأجيله فى فبراير الماضى ووافقت مصر، لكن القاهرة رفضت هذه المرة الطلب الإثيوبى».
المصدر أشار إلى أن شركة إسرائيلية هى التى ستتولى توزيع الكهرباء من سد النهضة بعد إقامة السد، لافتا إلى أن السيناريوهات التى أعلنت عنها وزارة الرى ستعتمد على نتائج التقرير الفنى للجنة الثلاثية، ولا تستبعد الخيار العسكرى ضمن الحلول المقترحة، مشيرا إلى أن مبارك سبق أن هدد بهذا الخيار عندما أعلنت أديس أبابا عن نيتها إنشاء هذا السد.
وزير الموارد المائية والرى الدكتور محمد بهاء الدين قال -فى تصريحات صحفية- إن «إثيوبيا بدأت بناء السد منذ عام ونصف عندما كانت مصر مشغولة فى ما بعد أحداث ثورة 25 يناير»، لافتا إلى أن تغيير مجرى النيل الأزرق لم يكن مفاجئا، وأن إثيوبيا تقوم بتمويل السد ذاتيا، وأن كمية الكهرباء التى سيولدها سد النهضة تمثل ثلاثة أضعاف ما يولده السد العالى، حيث يولد السد العالى ألفى ميجا وات، بينما يولد سد النهضة 6 آلاف ميجا وات، وأن أهم سلبيات السد أنه سيعمل على انخفاض منسوب المياه ببحيرة ناصر.
بهاء الدين أضاف «من أهم سلبيات السد أيضا أنه فى حالة انهيار السد فى أثناء ملء بحيرة ناصر، فسيكون تأثيره كارثيا على مصر، والخطورة الأكبر ستكون على السودان»، منوها إلى أن اهتمام السودان يتركز على أمان السد، بينما تهتم مصر بكمية المياه التى ستتأثر بسبب بناء السد، فارتفاع سد النهضة 145 مترا ويحجز خلفه 174 مليار متر مكعب، وبالتالى فانهياره سيكون له تأثيرات سلبية كبيرة على كل من مصر والسودان، كما سيكون له تأثيرات بيئية منها قتل الأسماك.
وأضاف «مصر لها نشاط فى أديس أبابا وإفريقيا بشكل عام، وهى تحاول حاليا استعادة دورها»، موضحا أن مصر تعانى من عجز مائى مقداره سبعة مليارات متر مكعب وأن حصة مصر المائية ثابتة ولم تتغير منذ 1959، ولذلك فمصر تعانى عجزا مائيا، وأشار إلى أن مبدأ السيادة على الأرض يسيطر على الإثيوبيين، وأنهم يقولون لأولادهم ساخرين إنهم يجب أن يستأذنوا مصر قبل أن يشربوا المياه.
وفى تصريح ل«الدستور الأصلي»، قال الدكتور خالد عبد القادر عودة عالم الطبقات والحفريات والأستاذ بجامعة أسيوط «إثيوبيا لا تريد من هذا السد الكهرباء فقط، لأن الموقع الحالى الذى اختارته لإنشاء السد يؤكد ذلك، فهو بالقرب من الحدود السودانية ويمر بصخور بركانية وستضطر للحفر لتوليد الكهرباء، وسيكلفها ذلك تكلفة باهظة، وكان يمكنها إذا ما أرادت توليد كهرباء بالفعل أن تختار موقعا غير ذلك، لكن يبدو أن هدفها هو الإضرار بمصر بشكل متعمد»، لافتا إلى أن هذا الحفر الذى ستقوم به سيشوه شكل النيل الأزرق.
واعتبر عودة ما فعلته إثيوبيا من تغيير لمجرى النيل الأزرق بمثابة إعلان للحرب على مصر، مشيرا إلى أن الهدف الحقيقى لهذا السد هو بيع المياه لإسرائيل، وأن ملء السد على مدار خمس سنوات يعنى عجزا مائيا لمصر يقدر ب15 مليار متر مكعب سنويا، مطالبا بتقديم شكوى لمجلس الأمن والدعوة إلى جمعية عمومية عاجلة، فضلا عن دعوة جامعة الدول العربية إلى الانعقاد.
وأضاف «أديس أبابا لا تهتم بنتائج تقرير اللجنة الثلاثية وتمضى فى بناء السد رغم النتائج، ويجب أن تعود إلى مصر هيبتها وقوتها» مطالبا بإنشاء قاعدة عسكرية بالسودان بالقرب من النيل الأزرق لحماية منابعه، حيث يبعد السد عن الحدود السودانية بمسافة 20 كيلومترا فقط، وألمح إلى أن اتفاقية عام 1929 واتفاقية عام 1951 تنصان على عدم المساس بحصة مصر والسودان، كما تنص على عدم إنشاء أى منشآت مائية إلا بعد الرجوع إلى دولتى المصب مصر والسودان.
عضو اللجنة الوطنية لتقييم سد النهضة الدكتور علاء الظواهرى أفاد -فى تصريح خاص- بأن اللجنة أعدت ثالث تقرير يؤكد أن مصر والسودان ستتضرران من هذا السد، مؤكدا أن ما تعلنه إثيوبيا من تصريحات بأن السد لن يضر بمصر، هو مجرد كلام ولا بد من توثيق ذلك بمعاهدة أو اتفاقية تشترط عدم المساس بحصة مصر المائية التى تقدر ب55.5 مليار متر مكعب، مطالبا بأن تعلن مصر رفضها كمية المياه وتقدر ب47 مليار متر مكعب، التى أعلنت إثيوبيا أنها ستحتجزها خلف السد، لأنها كمية مبالغ فيها وإثيوبيا لا تحتاج إلى كل هذه الكمية من المياه لتوليد الكهرباء.
الظواهرى طالب بضرورة الإسراع فى التحرك وإعلان الغضب المصرى، لأن الدراسات تؤكد أن مصر ستتعرض لمخاطر بالغة فضلا عن أن إثيوبيا لديها 13 سدا آخر بخلاف سد النهضة، كما أن لديها 13 نهرا آخر بخلاف النيل الأزرق، مشيرا إلى أن إثيوبيا مارست نوعا من الخديعة تجاه القاهرة، عندما أعلنت عن تغيير مجرى النيل الأزرق ولم تخبرنا بذلك، وأشار إلى أن التحرك يجب أن يكون سريعا خلال الأيام القادمة، لافتا إلى أن اتفاقية عنتيبى التى وقعت عليها إثيوبيا عام 2010 لا تعترف بحصة مصر المائية، كما أن العجز الكهربائى سيصل إلى 40% نتيجة هذا السد.
وانتقد الدكتور ضياء القوصى الخبير المائى الحكومة المصرية، مؤكدا أنها تفتقر إلى الشفافية فى الإعلان عن مخاطر هذا السد، كأنهم لا يعرفون محتوى التقرير، وأضاف «اللهجة الحكومية تتسم خلال الأيام الماضية بالتخاذل لكنها تغيرت الآن»، منوها إلى أن المفاوضات بين القاهرةوأديس أبابا متوقفة منذ مايو الماضى.
رئيس لجنة الزراعة والرى بمجلس الشورى سيد حزين أعلن عن مؤتمر صحفى غدا الأحد، للإعلان عن نتائج التقرير، وسيركز على ما فى التقرير من عجز مائى ستتأثر مصر به، كما سيركز على احتمال انهيار سد النهضة وتأثير ذلك على مصر وكيفية الرد على ذلك.
فى السياق ذاته، نظم العشرات من الناشطين والفلاحين أمس وقفة احتجاجية أمام السفارة الإثيوبية بالقاهرة احتجاجا على قيام إثيوبيا بتغيير مجرى النيل الأزرق وتأثير ذلك على حصة مصر المائية، وقال السيد عبد اللطيف -أحد منظمى الوقفة- «لا بد من تأكيد ضرورة احترام الاتفاقيات وتأكيد أننا لن نفرط فى نقطة مياه واحدة».
بينما قال نقيب الفلاحين محمد عبد القادر «أزمات المياه انتقلت إلى كثير من المحافظات المصرية، وإن كثيرا من المحاصيل تأثرت نتيجة العجز المائى، فماذا سيحدث بعد بناء هذا السد؟»، لافتا إلى أن آلاف الأفدنة ستبور نتيجة بناء هذا السد.