«السخاء السعودى»، قد يكون المخرج والملاذ الآمن للحكومة الباكستانية المنتخبة حديثا، هذا ما استهلت به صحيفة «الفاينانشيال تايمز» البريطانية تقريرها حول طلب رئيس الوزراء نواز شريف مساعدة سعودية ما بين 4 أو 5 مليارات دولار. وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن شريف يسعى من ذلك الطلب ليتجنب أزمة خطيرة محدقة بالبلاد فى ميزان المدفوعات، والتى قد لا تجعلها قادرة على توفير إمدادات الكهرباء للشعب خلال أشهر الصيف.
وأوضح أعضاء بارزون فى حزب شريف «الرابطة الإسلامية الباكستانية» ل«الفاينانشيال تايمز» أن الإمدادات السعودية ستكون مزيجا ما بين النقد والائتمان، وستكون فى شكل مدفوعات مؤجلة يمكن من خلالها توفير نفط سعودى فى باكستان يسهم فى حل مشكلة الكهرباء.
ويعد حل مشكلة الكهرباء أحد الوعود التى قطعها شريف بنفسه قبل توليه منصب رئاسة الوزراء بأيام قليلة، خصوصا أن تلك الأزمة كانت سببا فى تفجر الكثير من الغضب والاحتجاجات على حكومة آصف على زردارى، وهو ما يخشى أن عدم تلبية هذا الوعد تحديدا قد يفتح الباب أمام ثورة غضب ضده وضد حكومته قد تؤدى إلى الإطاحة به، أو تكون ذريعة يستخدمها الجنرالات المتربصون به لتنفيذ انقلاب عسكرى جديد عليه مثل ذلك الذى كان عام 1999، وهو ما يجعله يشير إلى أنه سيعتمد بكل تأكيد «شريكا سخيا مثل السعودية».
ووصفت الصحيفة البريطانية «السخاء السعودى» بأنه محاولة من المملكة لبسط نفوذها فى قلب آسيا، على الدولة النووية الإسلامية الوحيدة فى العالم، مستغلة أن شريف قضى سنوات نفيه السبعة، عقب الانقلاب العسكرى المنفذ ضده فى المملكة العربية السعودية، وهو ما جعله يتمتع بعلاقات طيبة معهم، ظهرت حينما منحته المملكة إغاثة مماثلة عام 1989 حينما أجرت باكستان أول تجربة للأسلحة النووية وفرضت عليها عقوبات دولية عديدة.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن حفيظ باشا، الخبير الاقتصادى الباكستانى ووزير المالية السابق، قوله: «الأموال السعودية ستحل أزمة كبيرة بالطبع، لكنها لن تحل مشكلات باكستان طويلة الأمد، وستكون بمنزلة فترة راحة مؤقتة، فالدولة بحاجة إلى إصلاحات جذرية حتى تستقيم الأمور».
وهو ما يبدو، أنه سيجعلها مثلها مثل الدول التى تعانى اقتصاديا ستلجأ إلى الحصول على قرض من صندوق النقد الدولى، ولكن تصل قيمته إلى 9 مليارات دولار، خصوصا أن احتياطى النقد الأجنبى بها لا يكفى إلا لشهرين، وبالطبع طالب صندوق النقد حكومة شريف بإصلاحات مالية لزيادة الإيرادات الضريبية، وإلغاء الدعم. تلك الإصلاحات بالطبع ستؤثر على الطبقة الفقيرة، وهو ما جعله يشعر بالخوف على مصيره ومصير حكومته، وأن مثل تلك الإجراءات يمكن أن تعصف بها سريعا عن طريق احتجاجات شعيبة يستغلها الجيش، مما سيجعلهم يرحبون الآن ب«مسكنات» السعودية لمساعدتهم فى معالجة الأزمات الطارئة، حتى يستقر لهم الحكم، ثم يتفاوضون من أجل شروط الصندوق.