اعتبر الكاتب الأمريكي المخضرم توماس فريدمان أن أفضل السبل بالنسبة لبلدان الربيع العربي للحاق بموكب التطور والتنمية يتمثل في الوحدة بين أفراد الشعوب داخليا لحشد كل قواهم. وقال فريدمان - في مقاله الذي أوردته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية على موقعها الإلكتروني اليوم الأربعاء إنه ينبغي على كل من السنة والمسيحيين والعلويين في سوريا, إضافة إلى القبائل في اليمن وليبيا, العمل والتعاون, كل منه في بلده, من أجل النهوض بهذه البلدان, فضلا عن ذلك, ينبغي أن تتعاون جماعة الإخوان المسلمين بصورة بناءة مع التيار السلفي والليبرالي في مصر, لا سيما في تنفيذ مقترحات صندوق النقد الدولي بشأن الإصلاحات الإقتصادية.
وأضاف فريدمان أنه في عالم اليوم الذي تحكمه العولمة ما لم تكن أي دولة تعمل على دعم العملية التعليمية والبنية التحتية والأساس الإقتصادي لها للاستفادة من هذا العالم, فإنها ستسقط سريعا بحيث لن يلحظها أحد.
وأردف يقول "إلا أنه من أجل القيام بذلك, ينبغي لم الشمل وبناء جسور الثقة بين كافة الطوائف المختلفة في الدولة الواحدة, وهو الشئ المفقود في بلدان الربيع العربي..مشيرا إلى أنه بدون وجود قادة عرب كنيسلون مانديلا يكون قادرا وحريصا على بناء جسور الثقة, فلا يوجد ثقة كبيرة في إمكانية المضى قدما".
واختص فريدمان سوريا بالذكر, لاسيما في ظل استمرار الصراع الدامي هناك ليدخل عامه الثالث على التوالي, حيث أكد أنه في حال كانت هناك رغبة حقيقة من أجل الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد, وترسيخ قواعد الديمقراطية والتعددية الحزبية في سوريا, فنحن لسنا في حاجة إلى تسليح قوات المعارضة فقط.
وتابع فريدمان قوله "بل نحن في حاجة إلى تنظيم قوة حفظ سلام دولية لدخول سوريا وقت سقوط النظام للمساعدة في إدارة المرحلة الانتقالية التي ستمر بها البلاد..مرجحا أنه بدون ذلك, "ستشتعل حربان في سوريا على أقل تقدير".
ولفت فريدمان إلى أن إحداهما ستكون بين السنة والعلويين, الطائفة الشيعية الموالية للأسد والتي ينتمي لها والتي ستقاتل من أجل الدفاع عن الامتيازات والأرض;وعقب ذلك ستشتعل حرب فيما بين المعارضة - أي بين الإسلاميين والقوات العلمانية التي لها رؤى مختلفة بشأن مستقبل سوريا; لذا فإن قوة حفظ السلام الأجنبية هي التي يمكنها فقط التعويض عن انعدام الثقة والرؤى المشتركة ومحاولة إنشاء سوريا جديدة, وهو ماسيتم على المدى البعيد.
وأشار فريدمان إلى أنه في حال كان هدف الولاياتالمتحدة يتمثل في تسليح المعارضة فقط من أجل خدمة مصالحها الإستراتيجية المتمثلة في إسقاط نظام الأسد وإنهاء نفوذ إيران وحزب الله في دمشق, ولا يشغل بالها ما سيعقب ذلك, فإن عليها أن تكون مستعدة لتفكك سوريا المحتمل إلى ثلاث مناطق تسيطر عليها السنة والعلويين والأكراد.
ورجح فريدمان أن تفكك سوريا قد يكون الحل الوحيد لأزمة الثقة ومشاكل الحرب الأهلية, ولكن في حال حدوثه, فإنه لن يكون الأفضل للسوريين للتصدى للتحديات الإنمائية التي ستواجههم.
ونوه إلى وجود خيار ثالث يتمثل في تسليح المعارضة فقط لضمان تكافؤ الفرص بين طرفي النزاع, أملا في أن يصل الطرفان إلى طريق مسدود ويلجآ إلى التوصل إلى اتفاق يأتي من بينهما; ومع ذلك, شدد على أنه من الصعب التوصل إلى تشكيل نظام سياسي شامل دون وجود مساعدة خارجية تكون في وضع المحايد بين الطرفين.
وخلص الكاتب الأمريكي توماس فريدمان -ختاما- داعيا إلى ضرورة التأني في اتخاذ قرار مثل قرار تسليح المعارضة السورية, ودراسة الوضع الحالي, والتفكير في تداعيات هذا القرار وما سيؤول إليه في نهاية المطاف.