يعيش السودان حالة من الترقب والقلق خوفاً من حدوث أي انفلاتات أمنية، حيث تشهد السودان أول عملية انتخابية منذ أكثر من أربعة وعشرين عاماً، إلا أن اللجنة العليا لتأمين الانتخابات حاولت طمأنة السودانيين عبر تأكديها إحكام القبضة الأمنية علي البلاد طوال فترة التصويت التي تبدأ اليوم الأحد وحتي الثلاثاء القادم، وبلغ جملة المراقبين الذين وصلوا إلي الخرطوم منذ أمس الأول حوالي (800) مراقب و(175) من الإعلاميين الأجانب، و(150) مراسلاً صحفياً، فيما بلغت البطاقات المستخرجة من المفوضية (1170) بطاقة. من جانبه أكد مختار الأصم- المسئول بالمفوضية القومية للانتخابات السودانية- في تصريحات خاصة للدستور أن المفوضية أكملت جميع الاستعدادات لقيام أول انتخابات تعددية شاملة لانتخاب رئيس الجمهورية وانتخاب رئيس حكومة الجنوب وانتخاب خمسة وعشرين والي وخمسة وعشرين مجلس ولائي بالاضافة إلي المجلس الوطني. وبالنسبة لموقف منطقة حلايب الحدودية بين مصر والسودان في الانتخابات قال الأصم: « بالنسبة لنا حلايب منطقة سودانية وهي منطقة في حدود السودان، ومن حق سكانها أن يسجلوا ويقترعوا في هذه الانتخابات لذا عندما تقدمت جبهة الشرق بطعن تم قبول الطعن واعتبرت حلايب دائرة، وأضاف أنه في كل ولاية من الولايات لدي المفوضية ما يعرف باللجنة العليا للانتخابات وضباط انتخابات هم المسئولون عن إجراءات الانتخابات»، وأكد أن هناك دوائر انتخابية في حلايب وعن أعداد المسجلين في المنطقة اكتفي بالقول إن هذه مسئولية اللجنة العليا للانتخابات. وحول الهجوم الموجه للمفوضية بالانحياز للحكومة، قال الأصم:«لا يوجد ما أعتبره هجوماً شديداً لكن بالطبع الانتخابات فيها الذي يعتقد أنه ظلم» مؤكداً أن كل الإجراءات التي تمت كانت في غاية الشفافية، كما أوضح أن السودان تمكن من تسجيل 19 مليوناً و500 ألف ناخب من إجمالي 19 مليوناً، معتبراً هذه الأرقام أعلي نسب في الدول النامية للتسجيل، وتابع «زد علي ذلك أن السودان من الدول النامية القليلة جدا التي لها مفوضية مستقلة، هذه المفوضية لا علاقة لها بالحكومة ولا بالأحزاب السياسية وإنما هي مستقلة تقدم للعالم وللدول النامية وللسودان انتخابات شفافة وحيادية وواضحة». وعن موقف المفوضية في حال فوز أحد المرشحين المنسحبين، قال الأصم: إنه في هذه الحالة لا يعتبر منسحباً لأن فترة الانسحاب انتهت منذ حوالي شهرين وإنما يعتبر أي صوت سيحصل عليه هذا المرشح صوتاً صحيحاً ويعلن رئيساً حينها إذا كسب رغم انسحابه معتبراً أن انسحاب المرشحين مجرد إعلان سياسي لا علاقة له بالإجراءات القانونية، موضحا أن اسم أي مرشح منسحب اسمه وصورته موجودة في بطاقات الاقتراع وكل صوت يتحصل عليه هو صوت سليم وصحيح. وحول عدم المساواة والتمييز بين الأحزاب في حدود الإنفاق المسموح به في الحملات الانتخابية للمشرحين، قال الأصم إن المفوضية أصدرت مؤخراً ما يعرف بمنشور «سقف الإنفاق» وحددت فيه حد الإنفاق الذي يجب ألا تتجاوزه الأحزاب لكنه وصف هذه المسألة بالتقديرية لأنه لا يوجد حتي الآن ما يمكن أن يقدر به كم يحتاج مرشح رئاسة الجمهورية لكي يطوف في بلاد حجمها مليون كم مربع، وكم يحتاج إلي عدد من الموظفين وكم يحتاج إلي عدد من الصور مختتماً حديثه بأن هذا شئ يصعب تقديره. ومن الجانب الحكومي قال البروفيسور «إبراهيم غندور»- الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني- الذي يتزعمه البشير إنه لو أعلنت كل الأحزاب مقاطعتها للانتخابات قطعاً لن تكون هناك انتخابات لأن المؤتمر الوطني لا يمكن أن ينافس نفسه علي الرغم من وجود مرشحين مستقلين، ولفت غندور في تصريح خاص للدستور إلي أن الأحزاب التي تشارك في الانتخابات تصل إلي ستين حزباً وتنقسم بين تيارين وليست قسمة متناصفة، فتسعون في المائة من هذه الانتخابات مصمم علي دخولها باعتبارها استحقاقاً دستورياً. وحول تأرجح موقف الأحزاب السياسية حول المشاركة قال غندور إنه لا يمكن لهذه الأحزاب مقاطعة الانتخابات في مرحلتها الاخيرة قبل التصويت بحجج وصفها بأنها عفا عليها الزمن وتجاوزها، وأضاف: لا يمكن أن يتحدث حزب عن تكوين المفوضية وقد شاركت في تكوينها وأشادت به، واتخذ الأمين السياسي لحزب البشير الحركة الشعبية مثالاً وهي تتحدث عن مقاطعة الانتخابات في شمال السودان بحجة تزوير الإحصاء السكاني ومعلوم أن اعتراضات الحركة الشعبية علي الإحصاء كانت في الجنوب وجنوب كردفان، وقد أعلنت أنها ستدخل الانتخابات في هاتين المنطقتين بينما قاطعت المناطق التي كانت تقول إن الإحصاء تم فيها بصورة جيدة، كما أرجع غندور هذا التأرجح إلي أن هذه الأحزاب ظلت تردد في الفترة الماضية أنها أكبر الأحزاب تاريخياً وأنها كانت تملك أكبر كتل من النواب وخلال العشرين عاما الماضية جرت مياه كثيرة تحت الجسر، بالرغم من أن الجسر نفسه صار غير موجود وتغيرت الولاءات السياسية من خلال بروز جيل جديد تفكيره مختلف. وحول تأكيده أن انسحاب عرمان جاء في إطار صفقة مع المؤتمر الوطني، قال غندور «نحن لا نعقد صفقات مع شركائنا لكننا نعقد تفاهمات سياسية ولم نطلب تنازل عرمان لكن في إطار العمل السياسي المشترك يمكن أن يقوم أحد الشريكين بتقديم إجراء يعتقد إنه يصب في إطار الشراكة المشتركة، رغم أن سحب عرمان قرار داخلي لكن الحركة بنته علي الطريقة التي أدار بها عرمان حملته الانتخابية فحاول أن يسيء إلي الشركة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، وكلانا حريصان علي هذه الشراكة خاصة أنها ستمتد لفترة قادمة فيها التزامات مهمة منها استفتاء حق تقرير مصير جنوب السودان». ورغم أنه غير مشارك في العملية الانتخابية وصف «مني اركو مناوي» كبير مساعدي الرئيس السوداني ورئيس السلطة الانتقالية في دارفور ورئيس حركة جيش تحرير السودان الانتخابات ب«المزورة»، مؤكدا أن نتيجتها محسومة بفوز البشير. في الوقت نفسه قال إن ما يترتب علي الانتخابات سوف نراه في الأيام القادمة ، وأوضح مناوي أنه وفقاً للإجراءات القديمة بدءاً من الإحصاء السكاني وإعادة السجل الانتخابي والدوائر الجغرافية فإن الانتخابات بالنسبة لدارفور جزئية لأن كثيراً من النازحين واللاجئين لم يتم تسجيلهم، معتبراً هذه العملية الانتخابية في السودان غير مكتملة وأن آليات التزوير وضعت منذ عام 2005 وأن الانتخابات النهائية ستكون نتاجاً لهذه المخرجات.