المسرح الحالى «جسد ميت» والنقد مخيف لأنه يبدأ بالفن ويتفرع لكل شىء. «مصر راحت خلاص»، إجابة مؤلمة من الكاتب والروائى الكبير بهاء طاهر، عن سؤال طرحته «الدستور الأصلى» عليه، عن رؤيته لما يحدث فى البلاد حاليا، وما ينتظرها مستقبلا فى ظل الحكم الإخوانى الفاشى، وأضاف «مصر لن تعود إلا حينما تعود الثورة»، مؤكدا أن استكمال الثورة والبحث عن طرق حقيقية لتحقيق أهدافها هو السبيل الوحيد إلى انتشال البلاد مما آلت إليه من تدهور على الأصعدة كافة.
الكاتب الكبير أكد ل«الدستور الأصلى »، على هامش الندوة التى أقامتها الهيئة العامة للكتاب برئاسة الدكتور أحمد مجاهد، مساء الثلاثاء الماضى، لمناقشة كتاب «بهاء طاهر ناقدا مسرحيا» الذى جمع فيه الشاعر شعبان يوسف بعض مقالات وحوارات طاهر، أنه لا يرى أى أمل فى أن يزدهر المسرح المصرى الذى بات يعانى تدهورا حادا منذ سبعينيات القرن الماضى، «منذ أن تقرر أن يكون هناك مسرح جاد يناقش القضايا المجتمعية»، واصفًا المسرح المصرى الحالية بأنه «جسد ميت».
ولن يُبعَث من جديد، مرجعًا ذلك إلى أن «المسرح يعتمد على عنصر غير ذلك المبدع وهو الممول»، مشددا على احتياج المسرح إلى قيام ثورة حقيقية «شريطة أن لا يخطفها أحد»، كما يحتاج إلى تغيير جذرى فى المجتمع لتدب الروح فى الجسد الميت ويحيا من جديد.
صاحب «واحة الغروب» أشار إلى أن الصحافة المصرية مزدهرة، لا سيما الصحافة المستقلة التى تواجه الواقع، مشجعًا تلك التى تتناول النقد الموضوعى لما يدور على الساحات المختلفة، خصوصا الساحة السياسية، وعن قضية النائب العام، قال طاهر: «هى القضية الأكبر والأكثر لفتا للانتباه فى الفترة الحالية، إلا أننى لا أستطيع الحديث عنها، وأترك ذلك لرجال القانون»، وتابع ساخرا «الحمد لله، بات لدينا نائبان عامان لا واحد».
وفى كلمته خلال الندوة، قال صاحب «أنا الملك جئت» إنه لم يلجأ إلى استخدام أى مازورة فى النقد المسرحى، ولو مازورة أرسطو «أبو النقد»، مضيفا أنه من أصعب الأمور أن يكون الناقد ملتزما، وأضاف «الناقد الكبير عبد الغفار مكاوى قال إن هتلر منع تدريس النقد فى الجامعات الألمانية خشية الانتقال من النقد الأدبى إلى السياسى»، وتابع «النقد مخيف لأنه يبدأ بالفن ثم يتفرع لكل شىء»، واستطرد «بعد انتقالى إلى العمل الإذاعى كانت لدىّ فرصة لكتابة عمود صغير فى مجلة الإذاعة، ومن الآثام التى ارتكبتها انتقادى ممثلة سينمائية لامعة فى ذلك الوقت، كانت تقوم بدور مسرحى، و(اشتكتنى) لوزير الإعلام الذى ألغى العمود الذى كنت أكتبه».
طاهر أشار إلى أنه فى بداياته كان يخشى اختلاط الأدب بالمال، وكان يكره فكرة «التربح من المسرح»، مضيفًا أن أولى المسرحيات التى كتبها كانت «بلا رَجُل»، أما الثانية فاسمها «كان»، وقال «من غبائى أن أرفض طلب أحدهم بتنفيذ المسرحية خشية فكرة التربح، لأننى كنت وقتها مثاليًّا أكثر من اللازم، وقررت أن لا أكتب مسرح مجددا»، وتابع «وقد رأيت مشهدا أيضا جعلنى أكثر تصميمًا على عدم كتابة المسرح، فقد كنت فى مكتب سيد بدير وقت أن كان يشغل منصب مدير الهيئة العامة للسينما والمسرح،
وكان محمود دياب يشكو وقف مسرحيته (باب الفتوح) قبل موعد عرضها بيوم واحد، وذهب لمقابلة بدير الذى لم يكن موجودا، وعندما وصل مكتبه سأل عما إذا كان أحدهم سأل عليه، وفور علمه برغبة دياب فى مقابلته لعرض المسرحية قال (لا باب فتوح ولا باب قفول)، ليبدأ مسرح الزواج والطلاق والرقص بعدها بمسرحية (سلك مقطوع)، وأتوقف أنا عن كتابة المسرح تماما». بينما علق طاهر على اسم الكتاب الذى تناقشه الندوة قائلا «من الأفضل تغيير اسم الكتاب فى الطبعات القادمة من بهاء طاهر ناقدا مسرحيا إلى (النقد المسرحى لبهاء طاهر) حتى لا يظن البعض أن الكتاب لبهاء طاهر وليس شعبان يوسف.
بينما قال الكاتب المسرحى محمد الروبى إن كتاب «بهاء طاهر ناقدا مسرحيا» لشعبان يوسف يعتبر الجزء الثانى من كتاب «عشر مسرحيات مصرية» لبهاء طاهر، حيث تميز الكتاب بأسلوب شيّق فى العرض المسرحى، وينقل القارئ بسلاسة إلى أجزاء الموضوع، دون تشتيت للذهن، مضيفا أن الكتاب تمكن من تحويل المقال النقدى إلى عمل إبداعى تستمع بقراءته، مشيرا إلى أن العنوان ملفت ومغر للقراء.
ووصفت الكاتبة عبلة الروينى صاحب (خالتى صفية والدير) بأنه «مسرحى بامتياز»، وقالت إن كتاب شعبان يوسف يشبه الناقد بهاء طاهر بشكل كبير، من حيث الهدوء والجدية والعقل المنظم والفهم الراقى للفن والوعى العميق لدور الفن ورسالته، أما المخرج المسرحى عصام السيد فقال إن طاهر لديه كَم من السخرية اللاذعة يستطيع عبرها الكشف عن مساوئ النصوص بذكاء، إضافة إلى أنه يضرب الجميع بلا خوف».