بعد ظهور ضباط أمن الدولة داخل مدرسة الخلفاء الراشدين التي زارها وزير التعليم الاثنين الماضي في محافظة حلوان لمنع تظاهر تلاميذ إعدادي ضد وزير التربية والتعليم تأكدنا أن الأمن هو الحاكم بأمره، فبعد أن كان يتدخل في التعيينات والترقيات، وحراسة أوراق امتحانات الثانوية العامة، واختيار واضعي الامتحانات، ورؤساء اللجان، وأعضاء الكنترولات أصبح يتدخل في العملية التعليمية داخل مدارس إعدادي ولم يبق إلا أن يكون رجال الأمن وراء زيارات وزير التعليم المفاجئة للمدارس. لا تندهش، فالزيارة المفاجئة التي قام بها الدكتور أحمد زكي بدر بصحبة كاميرات التليفزيون تؤكد أن الزيارة مرتبة، فالوزير لم تظهر عليه أي علامة حزن مما رآه رغم أنه أحد المسئولين عنه، لكنه تعامل مع سوء حالة المدرسة بسخرية وظهر عليه بوضوح أنه كان ينتظر هذه الفرصة لجذب أنظار الناس، فهو الوحيد الذي كان يعرف أين هو ذاهب، بل إنه يحفظ طريقة دخوله علي المدرسة، فبدلا من أن يدخلها من الباب الأمامي تسلل إليها عبر الباب الخلفي ومعه حرسه الخاص وكاميرات الفضائيات. الدكتور أحمد زكي بدر لم يرد علي سؤال مدير المدرسة - واكتفي بالسخرية منه فقط - ولم يقل لنا طريقة معرفته لهذه المدرسة.. هل تقدم أحد بشكوي؟ ومن هو؟ إذا كان الطلاب وأولياء أمورهم متضامنين مع المدرسين بل تظاهروا من أجلهم! وبالتالي ليس منطقيا أن يقوموا بشكواهم، هذا بجانب أن مدير مديرية التربية والتعليم ومدير الإدارة التعليمية الذين يتواجدون علي بعد أمتار قليلة لم يذهبوا إلي هذا المدرسة ولم تذهب إليهم شكاوي منها - بدليل عدم تحركهم - لكن كل من يعرف الوزير الحالي يدرك جيدا أنه يجيد التنسيق مع الجهات الأمنية (وهذا حقه) والدليل أنها بعد أن كانت تفض مظاهرات المدرسين والإداريين أمام وزارة التعليم ومجلس الشعب أصبحت تفض مظاهرات تلاميذ إعدادي داخل المدارس وتتأكد من وجودهم في الفصول الدراسية بل إنها أيضا تتابع تنفيذ المدرسين لقرارات النقل التي أصدرها الوزير. مدحت مسعد- وكيل وزارة التربية والتعليم بالقاهرة - قال: لدينا نظام للجولات المفاجئة علي الإدارات التعليمية والمدارس لا يعرفها أحد غيرنا في المديرية، كما أن هناك بعض الزيارات التي تقوم بها لجان محايدة من المحافظة ومعها مندوب من المديرية، وهي جولات مستمرة منذ بداية «هوجة» إنفلونزا الخنازير، كما أن هناك جدولاً للزيارات في كل الإدارات التعليمية وكذلك لدي مديري العموم. وقال مصدر بالوزارة: «من خلال معايشتنا للوزير خلال الفترة الماضية هو شخص لا يأخذ رأي أحد في زياراته الميدانية، لأنه «بيشتغل من دماغه ويري أنه يفعل الصحيح دائما». أما عبد الحفيظ طايل - مدير مركز الحق في التعليم - فقال إنه يتصور أن ما يحدث هو العكس، حيث يبلغ الوزير الأمن في الوزارة بأنه سيقوم بزيارة مدرسة معينة، لأن جهاز الأمن في الوزارة ليس من جهاز أمن الدولة لكنه من جهة سيادية أخري، حيث يُعرف مدير أمن الوزارة نفسه للمواطنين علي أنه من جهاز سيادي، ووارد جداً أن الوزير يقول له إنه يريد زيارة مدرسة في منطقة معينة، فيقوم هو بترشيحها له عن طريق الإدارة التعليمية أو المديرية، وأضاف طايل: كل المدارس الحكومية أسوأ من المدرسة التي قام الوزير بزيارتها ويجب علينا أن نضع المدارس الحكومية في سياقها الصحيح، فهي مدارس الفقراء الذين لا يمتلكون من الأموال ما يجعلهم حتي يعلمون أبناءهم في مدارس تجريبية، كما أن هناك اتجاهًا قويًا داخل الوزارة لتحويل هذه المدارس لمدارس خاصة أو تصفيتها، لأن الحكومة أخرجت الشعب من حساباتها تماما، والمدارس الحكومية دائما ما تعكس الدولة «شايفة» التعليم ازاي، وأشار مدير مركز الحق في التعليم إلي أن الوزراء يلقون باللوم علي الضحية دوما، فالطلاب الثلاثة الذين ماتوا بسبب سوء التربية وليس غياب الأمان، والمدرسون لا يعلمون الطلاب، لأن المجتمع «سايب» وليس بسبب قلة الرواتب وهكذا.