فى كل هذه المواجهات لم أرَ أيًّا من أبناء الشاطر ولا البلتاجى ولا عمر ابن مرسى «المُغير» كان مستخبِّى وبيصور من الشباك مجموعة أرادت اقتحام المسجد فقال لهم شاب مسيحى «حتدخلوا الجامع على جثتى» فوجئنا بالإخوان يخرجون من مسجد النافورة ويضربون الخرطوش ويقذفون الحجارة للتذكير: فقد ذهب مجموعة قليلة جدا من النشطاء ومعهم مجموعة من الصحفيين، وقام بعض النشطاء برسم الجرافيتى على أسفلت الشارع، فخرج عليهم أشاوس الجماعة -الذين هربوا يوم الجمعة التالى للحادث-وسحلوا أحمد دومة حتى أدموا وجهه، وصفع أحدهم الناشطة ميرفت موسى حتى طارت قدميها من على الأرض ثم وقعت على الرصيف وضربوا عددا من الصحفيين، ولم تكتفِ جماعة الأشاوس بذلك، بل قامت لجانها الإلكترونية بتداول الفيديو بفخار وزهو شديدين، مرددين: كل يوم من ده. كما شاركت قيادات الجماعة بالاحتفاء بإنجازات شبابها، فقال غزلان إن النشطاء «استفزوا» شباب الإخوان، وإن الصحفيين شاركوا فى استفزازهم. كان من الطبيعى أن يشعر من يقبع فى بيته بالغضب، فقرر الناس ممارسة حقهم القانونى فى التظاهر أمام مقر الجماعة بالمقطم، وبدلا من أن تقوم الجماعة باحتواء الموقف وتهدئة الناس، والاعتذار عما حدث، وقفوا لنا زى رياض البنطلونى فى فيلم «اللى بالك بالك»، وقعدوا يشخطوا فينا ويقولوا لنا: زمن اللللللل... خلاص انتهى! وقد صبرنا كثيرا، ولن نلجأ لضبط النفس مرة أخرى، وسوف نشعل حربا أهلية، وهذا بيتنا، وعِرضنا، وشرفنا... وهرى كتير كده، قاله صابر أبو الفتوح القيادى الإخوانى، وصبرى عامر القيادى بحزب الحرية والعدالة حول الحرب الأهلية وحنعمل ونسوّى فيكو وكلام كِدَهوّن.
قوووووم، بالطبع الناس سخنت أكثر. وقرر من لم يكن ينتوى حضور التظاهرة أن يحضر ليرى حيعملوا ويسوّوا فينا إيه؟ كما إنه من كان ينتوى الذهاب للتظاهر، بدأ يعد نفسه لمعركة ومواجهات. وسعد كلنا جدا، وأخذ بعضنا يقول لبعض: نتقابل بقى فى إيفينت الحرب الأهلية الجمعة الجاية. حتى إننى كنت أمازح سالى توما التى قابلتها فى افتتاح فيلم «الشتا اللى فات»: جاية إيفينت الحرب الأهلية يا سالى؟ فأجابت بجدية: آه طبعا.. إحنا كلنا رايحين ومبسوطين وجايبين معانا يفط ولافتات وحاجات حلوة كتير.. حيبقى يوم حلو.
لا أخفيكم سرًّا، فقد أخذت كلام صابر أبو الفتوح وصبرى عامر بجدية شديدة، وفرحت، وشعرت بأن الفرصة أخيرا قد سنحت كى أحقق حلم حياتى بالاستشهاد (طبعا ما أقولكوش بعد واقعة المقطم يئست من موضوع الاستشهاد ده) حتى إننى صرت أرقص فى البيت وحدى وأغنى: وأخيرا استشهدت، وماعدش ناقصنى حاجة.. واستعديت يوم الجمعة، وقلت كل الأذكار اللازمة، وشربت ماء زمزم حتى أقابل الله وهى آخر ما يدخل جوفى، وخلاص بقى.. أنا خلاص حاستشهد وحابطل أمشى فى جنازات، وأروح الجنة وأبطل أقضّيها إصابات.
ثم ذهبنا للمقطم، ووقفنا مع الناس فى ميدان النافورة. فى ذلك اليوم شاهدت وجوها أعرفها جيدا، وكنت أراها دوما فى الصفوف الأولى فى أى مواجهات، لكننى لمحت نظرتى مرارة وغضب لم أرهما قبل ذلك فى تلك العيون التى واجهت المدرعات بصدر عارٍ، كانت الوجوه متنمرة تتلمظ غيظا وهى تسأل بعض المنظمين: هو احنا واقفين هنا ليه؟ احنا ليه مش عند المقر؟ والحقيقة أننى ضممت صوتى إلى أصواتهم، فأجاب بعض المنظمين، والمخضرمين، بأن عددنا لا يسمح بالذهاب إلى المقر الآن، خصوصا أننا نرى عناصر الإخوان قد احتلوا المساجد والشوارع الجانبية، مما يعنى أنهم عازمون على الهجوم، وهذا العدد لا يسمح بالمواجهات. لم يكن العدد قليلا، لكنه كان أقل بكثير من عناصر الإخوان المنتشرة فى الشوارع والمساجد. وكان معنا عدد كبير من النساء من مختلف الأعمار، الأمر الذى أغضب شباب المواجهات موجهين خطابهم إلى النساء: إنتو إيه اللى جابكو النهارده؟ الإخوان ناويين على شر واحنا مش عايزين نتلخم فيكو... كنت أحيانا أبتسم لبعض الوجوه التى أعرفها من المواجهات، لكنهم كانوا لا يردون الابتسامة، لأنهم كانوا مشغولين بمراقبة الوضع وتفحص مداخل ومخارج الشوارع. أُذِّن لصلاة العصر، فنادى منادٍ: ماحدّش يصلى فى الجوامع... الجوامع كلها إخوان. فصلى بعضنا العصر فى الحديقة، وما إن فرغنا من الصلاة، حتى فوجئنا بالإخوة المؤمنين من جماعة الإخوان يخرجون من مسجد النافورة ويضربون الخرطوش ويقذفون الحجارة دون أى فسحة من الوقت... ما استنوش حتى يختموا الصلاة.
بس يا سيدى وعنها... الشباب شافوا الإخوان يطلقون عليهم الخرطوش تقولش بيرموا عليهم حلاوة؟ الإخوان ضربوا من هنا، والشباب قالوا هييييييييييييييييه... وهجموا كالتتار. بينما يصرخ بعضهم: البنات والستات ترجع ورا.. يبدو أن الإخوة المؤمنين الذين استبدلوا تسابيحهم بضرب الخرطوش لم يتوقعوا أن يركض الشباب نحو مصدر الخرطوش كحصان يجرى خلف قطعة سكر، فارتبكوا أشد الارتباك، ومن فرط سرعة الشباب فى الركض نحو الإخوان، الذين ركضوا هربا من الشباب بدورهم، لم يتسنَّ لبعضهم الخروج من المسجد، فاضطر بعض الشباب إلى حصار المسجد لمنع عناصر الإخوان من الخروج، أما عناصر الإخوان التى كانت حبيسة المسجد، لم تخلُ من سلاح وخرطوش... لكنها كانت ترتعد خوفا. المهم يا سيدى، العيال فضلت تجرى وراهم لحد الجبل، والحقيقة أن قيادات الجماعة فعلت فعلة «شنيعااااء» على رأى وزير الداخلية، حيث صدّرت للمواجهات عناصرها الفقيرة والمعدمة القادمة من الأرياف بينما احتفظت بالشباب «الشيك» داخل المقر وخلفه، وسأروى بالتفصيل عن كيفية حدوث ذلك. إذا حسبنا القوة من حيث العدد والعدة، فإن عناصر الإخوان كانت أكثر عددا، وأكثر عتادا، إذ إنها كانت مسلحة بخرطوش كثير، قال لى أحدهم إن بعض شباب المتظاهرين معهم خرطوش، لكن الشهادة لله، أنا لم أرَ أحدا من صفوفنا يحمل خرطوشا، وإن كنت لا أنفى إمكانية حدوث ذلك ولا أؤكده، فمن المؤكد أنه حتى وإن كان بعض شباب المتظاهرين يحمل خرطوشا، فإن عدة الإخوان من الخرطوش كانت أكبر بكثير. ومع ذلك لا أدرى كيف هربت عناصر الجماعة فَزِعة بسرعة خيالية... بتجروا ليه يا ولاد المفكوكة أنا عاملة حسابى أستشهد. تمكن الشباب من القبض على عناصر من الجماعة، وما إن يقبضوا على عنصر حتى يوسعوه ضربا حتى يدموا جسده من رأسه حتى أخمص قدميه، بينما أسعى وسط الشباب وأنا أصرخ: لأ.. لأ.. ماحدش يضربه.. سيبوه حرام عليكو.. إحنا مش زيهم. حاول المحامى خالد علِى الذَّود عن أحد عناصر الإخوان المقبوض عليهم، فخُلع كتفه ونُقل إلى المستشفى، حاولتْ رشا عزب ونازلى حسين أن تذودا عن المقبوض عليهم من الإخوان كما حاولتُ أنا، فكان رد الشباب يأتى غاضبا: مالكوش إنتو دعوة.. رأيت أحد شباب الإخوان الذين أعرفهم منذ زمن وقد اندسّ وسط المتظاهرين يراقب الوضع، تقدمت لأتحدث معه، فهرب مسرعا من أمامى... وأنا أقول له إن كان يقرأ هذا المقال: عيب يا بنى.. أنا مش قليلة الأصل عشان أسلّمك، حتى وإن كنت لا أعرفك من قبل، انت فاكرنى إخوان؟ ظللت أنا وغيرى نحاول الذود عمن يتم اللحاق بهم والقبض عليهم من الإخوان حتى صرخ فى وجهى أحد الشباب: مالكيش دعوة.. أنا فى الاتحادية الإخوان كهربونى لحد مابقاش ينفع أتجوز ولا أخلّف… سيبينى فى حالى! فسيبته فى حاله.
فى أثناء هروبهم، قام بعض عناصر الإخوان بضرب بعض الشباب بالمطواة. وحين اختفوا فى الجبل عاد الشباب والتشكك يملأ قلوبهم: هربوا بسرعة إزاى كده؟ أكيد عاملين لنا كمين.. يمكن حيطلعوا لنا من الشوارع الجانبية؟ طب يلّا بينا على المقر.
سرنا نحو المقر، ولَحِقت بنا نازلى حسين وأخبرتنى بأن الشباب يحتجزون بعض الإخوان فى مسجد النافورة، وأن بعضهم أراد أن يقتحم المسجد، فتقدم شاب مسيحى وقال لهم: حتدخلوا الجامع على جثتى.. وأراهم الصليب على يده، وقال «ماحدش يقتحم بيت ربنا.. أنا مسيحى وحاقف أحمى الجامع». فتأثر الشباب بموقفه، ووقفوا يحمون المسجد وبداخله الإخوان.
فى كل هذه المواجهات لم أرَ أى من أبناء خيرت الشاطر الذين كانوا يشحذون عناصر الجماعة ويشحنونهم ضد المتظاهرين، لم أرَ ابن البلتاجى، لم أرَ البلتاجى نفسه «أسد الميدان»! لم أرَ عمر ابن الرئيس الذى دأب «يتفّ على الشعب» على صفحته الإلكترونية، لم أرَ عبد الرحمن عز الذى كتب صبيحة هذا اليوم: الذبح قبل السلخ وإكرام الميت دفنه! بس الشهادة لله، «المُغير» كان موجودا… مستخبّى فى المقر وبيصوّر من الشباك... ياتّى كلابيظو ياتّى. فى هذه المواجهات لم أرَ إلا الفقراء المعدَمين القادمين من المحافظات، يواجهون شبابا يحمل عقيدة، ويريد أن يقتصّ لنفسه وأصدقائه.. فكيف بالله عليكم يمكن أن يصمد الفقير الغريب الذى جاء لسبب لا يعلمه إلا أنها أوامر المرشد فى معركة مع صاحب عقيدة، شعاره «إلا الثورة على جثتنا»؟ وكيف لقيادات الجماعة معدومة الضمير والخلق والدين أن تُلقِى بالفقراء الغرباء وقودًا فى معركة لا يفهمون سرها؟ ولماذا لم تصدِّر المحرّضين من قيادات الجماعة وأبنائهم؟ ولّا همّ شغلتهم يرغوا بس؟
وصلنا إلى الناصية المؤدية إلى الشارع الذى يقع فيه المقر، فوجدنا عناصر الأمن المركزى تقوم بحماية المقر كما لم تحمِ وزارة الداخلية من قبل، وتطلق قنابل الغاز بشكل كثيف على المتظاهرين، كان تدخّل عناصر الأمن المركزى بمثابة طوق النجاة للإخوان. ظللنا واقفين، ثم اتصلت بزوجة والدى المقيم فى المقطم، فعلمت أنها مقطوعة فى ميدان النافورة ولا تستطيع العودة لمنزلها، فذهبت أنا وزوجى إليها لنقلها إلى المنزل، وبصراحة كنا ميتين من الجوع، قلنا نروح ناكل، لم نجد طريقا لنصل إلى بيت والدى سوى الالتفاف من ناحية كورنيش المقطم، ثم وجدنا أنفسنا خلف مقر الجماعة مباشرة، بينما يشغل الشارع آلاف من عناصر الجماعة، يحملون السنج والشوم، لكنهم كانوا من الشباب «الألاجة»، أقصد من عناصر الجماعة المنتمية إلى القاهرة، ويبدو على ملابسهم أنهم ينتمون إلى الطبقة المتوسطة العليا، وليسوا من فقراء الأرياف كالذين تصدّروا المواجهة عند ميدان النافورة، هذه العناصر «الشيك» كانت تقف مع عناصر الداخلية والأمن المركزى، ولم تدخل أى مواجهات طوال اليوم، ويبدو أنهم كانوا يحملون السنج والشوم فقط للحماية الشخصية ولم تأتهم الأوامر بالاشتباك. طلب منى زوجى أن أنزل فى دواسة السيارة لأنه تخوف إن رآنى عناصر الجماعة أن يقوموا بتحطيم السيارة، وبصراحة السيارة عليها أقساط مش حتخلص قبل سنة 2016، أنا نفسى يموّتونى، بس ماحدش ييجى ناحية العربية، فهى كل ما أملك من حطام الدنيا، وهى ما زالت مملوكة لبنك ناصر، وكأى موظف حكومة مصرى أصيل، فإننى أخاف على السيارة أكثر مما أخاف على حياتى... ربنا يجعل يومى قبل يومها.
ما إن وصلنا إلى بيت أبى حتى علمنا أن الداخلية ذهبت لتحرر الإخوان من مسجد النافورة، بل وتعطى الفرصة للإخوان أن يقوموا باحتجاز من وقفوا يحمونهم داخل المسجد... طول عمرهم ناس أصيلة، وانقلب الوضع، فبعد أن كان النشطاء يهيبون بالشباب أن يُحكموا حمايتهم لعناصر الإخوان داخل المسجد، أصبح الشباب يستغيثون بالناس لتخلصهم من داخل المسجد، بفضل الداخلية.
هذه ليست المرة الأولى التى تأكل فيها عناصر الجماعة علقة ماأكلهاش حرامى فى مولد. فقد سبق أن انهزمت الجماعة فى موقعة الاتحادية رغم كثرة أعداد عناصرها مقارنة بالمتظاهرين والمعتصمين، ثم انهزمت فى موقعة الإسكندرية، بعد تهديد ووعيد بأنهم ذاهبون إلى القائد إبراهيم للحديث فى السياسة «وعلى الله كلب يعترضنا»، وأخيرا كانت هزيمة موقعة المقطم المدوية، والتى جاءت بعد تهديد ووعيد بالحرب الأهلية، بل وبتحويل الوضع فى مصر كالوضع فى سوريا... وأخيرا، انهارت أسطورة ميليشيات الإخوان.
طب ليه قلة الأدب دى؟ هاه؟ ليه كده؟ ليه تضربوا واحدة ست وتستفردوا بواحد وتضربوا الصحفيين؟ وكان يجرَى إيه لو إن قيادات الجماعة اعتذرت عن فعلة عناصرها وقالت: مين اللى ضرب ميرفت؟ ده؟ هو الواد ده؟ ده احنا حنسوّد لكو عيشته.. ماعلش.. أصل الواد بيتعالج وأهله ناس غلابة.. بس لأ.. لأ طبعا ما يرضيناش؟ لازمته إيه التهديد والوعيد وحرب أهلية، وحتشوفوا وش تانى، واحنا كنا حايشين عنكو الشباب بس خلاص مش حنحوشهم عشان تعرفوا مقامكو وكلام فاضى كده مالوش لازمة؟ ومش يسكتوا بقى؟ لا.. تخرج علينا الجماعة بتصريح: لقد كان بوسعنا إنهاء مشهد المقطم فى نصف ساعة لكننا التزمنا بضبط النفس! انتو تاااااانى؟ انتو مدمنين ضرب بقى.
ثم صرّح الدكتور أحمد عارف من جماعة الإخوان المسلمين بأن المتظاهرين معهم سحرة وثعابين! ويبدو أن قيادات الجماعة المسكينة صدقت كلام عارف وختمت بيانها بهذه الآية: «فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ المُفْسِدِينَ». صح يا حاج.. إحنا عاملين لكو عَمَل تحت عتبة باب بيت مرسى، خلّوه فى البيت بقى مايخرجش منه عشان كل ما يعتّب على العمل ينحس أى حتة يروحها. ولعلمكو، أنا ماكنتش باحوش عن عناصر الجماعة التى أوسعها الشباب ضربا.. أنا كنت بارمى عليهم تعويذة... حلوة التعويذة دى؟
وكتب أحد شباب الإخوان: أنا باقول للرئيس محمد مرسى إحنا 92 مليون، ماجراش حاجة لما يموت 10 مليون عشان تمانين مليون يعيشوا كويس!
الحقيقة أن الجملة السالفة هى من كليشيهات الجماعة، وهم يرددون هذه العبارة مرارا، حتى أكدها تودرى فى خطابه الأخير قائلا: مافيش مشكلة نضحى بشوية عشان الوطن يمشى!
همممم... طب ما نضحى بيك أنت يا ريس عشان العالم كله يمشى بدل ما أنت ناحس أى حتة بتروحها كده؟
لماذا تتفنن الجماعة فى خلق العداوات؟ أو كما يقول والدى مستعيرا مثلا من جدتى: زى البورص، يبخّ فى الملح، ما يسمّش بس يربّى عداوة. كان يمكن لاعتصام الاتحادية أن يمر بسلام، بل وأن ينفضّ بسرعة، لولا أن الجماعة لم تقدّر قوتها وقوة المعارضين حق التقدير، وقررت الهجوم الذى استفز من كان قابعا فى بيته وأنزله لمواجهة الإخوان، كان يمكن لما حدث فى الإسكندرية أن لا يحدث لو استخدمت الجماعة خطابا أقل استعلاء، فمثلا لو أن الجماعة، وتابعها «حازمون»، قالوا إنهم ذاهبون إلى الإسكندرية لرد اعتبار الشيخ المحلاوى وفقط، لما حدث كل ما حدث، لازمته إيه «على الله أى كلب يعترضنا»؟ هاه؟ كان يمكن أن لا تحدث جمعة «رد الكرامة» لو لم يضرب ذاك البغل ميرفت، وكان يمكن أن تمر الواقعة بسلام لو أن الجماعة اعتذرت وفصلت ذلك الشاب، وكان يمكن أن لا تعتذر الجماعة ولا تفصل الشاب، لكن أيضا لا تهدد بحرب أهلية ولا تتوعد المتظاهرين ب«حنفشخ أبوكو»! وبعدين انتو بتاخدوا سبعين قفا على سهوة؟ بعد كل هذه المواجهات التى هُزمت فيها عناصر الجماعة، أما زالت الجماعة لا تعى أن الطيب أحسن؟ وأنهم إن كانوا يهددون بالضرب فغيرهم لديه إمكانية الصمود والضرب بأقسى منهم، وإن كانوا قليلى الأدب فغيرهم قادر على مضاعفة كثافة قلة الأدب، وإن كان لديهم خرطوش فغيرهم قادر على شراء فرد خرطوش، وإن كانوا يتباهون بقدرتهم على حشد أنصارهم من المحافظات، فعليهم أيضا التباهى بأنهم قادرون على حشد أعدائهم بسلوكياتهم الاستفزازية ولهجتهم الاستعلائية وتهديداتهم المتواصلة؟ رفقا بأنفسكم، فلو أن الشعب المصرى «استوطى حيطتكم» لعجزتم عن السير فى الطريق، ولأصبحتم ملطشة القاصى والدانى، وها أنتم تفعلون كل ما يستفزّ الناس ويجعلهم يستوطون حائطكم.
ولا تريد الجماعة أن تلايمها أبدا، فيخرج علينا الرئيس المنتدَب من مكتب الإرشاد ليهددنا بأنه سيضحى بجزء من المواطنين، حيث إننا «فى منحدر الصعود»!
يوما ما سيكتب أحد المؤرخين كتابا بعنوان: الجماعة التى حطّت على نفسها.
ملحوظة: هذا المقال به تعويذة سحرية سرية ستصيب كل إخوانى يقرؤه ويحاول التعليق عليه... جسمك ابتدا ينمّل؟ ولسه حتتسخط رجل كنبة بعد نص ساعة.