طلاب مدرسة الخلفاء يتظاهرون ضد الوزير ويهتفون: «ياوزير.. ياوزير مش هنوافق علي التغيير» إبراهيم يسري: من حق مدير المدرسة أن يقاضي وزير التعليم ويرفع دعوي سب وقذف ضده مدير مدرسة الخلفاء وسط الطلاب أثناء تظاهرهم هو الأكثر مشاهدة علي موقع «اليوتيوب».. أكثر من ألف شخص شاهدوه في أقل من ثلاث ساعات.. انهالت عليه مئات التعليقات وهو يقلد الفنان الراحل عبدالمنعم مدبولي في طريقة إلقائه لعبارة «إنت بقي مدير المدرسة؟!».. إنه كليب الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم في إحدي مدارس محافظة حلوان الذي لا أعرف إذا كان يهوي مشاهدة الأفلام والمسرحيات أم لا، لكن أعتقد أنه يعشق مشاهدة أفلام الأكشن، بل إنه تأثر بها لدرجة جعلته يصنع فيلما يستحق عليه جائزة. لا يمكن أن يكون مدير مدرسة الخلفاء الراشدين أو مجموعة المدرسين (ال 108 مدرسين) الذين لا يتجاوز مجموع رواتبهم نصف راتب معالي وزير التعليم هم السبب في فساد التعليم في مصر ولا حتي يمكن أن يكونوا هؤلاء هم السبب في سوء حالة المدرسة التي تعاني مثل أغلب المدارس الحكومية من كل شيء. مقاعد متهالكة، معامل خارج الخدمة، دورات مياه لا تصلح للاستخدام الآدمي. كل هذه الأشياء لم يفكر معالي الوزير في إصلاحها قبل معاقبة المسئولين عنها، هذا بجانب أن المعاقبة الكوميدية التي تمت علي الهواء مباشرة أثناء زيارة الوزير للمدرسة بنقل كل العاملين في المدرسة البالغ عددهم 108 مدرسين دون إجراء أي تحقيق معهم من الشئون القانونية تؤكد أن سيادة الوزير ذهب إليهم شاهرا سيفه يبحث عن «شو» وعندما رآه لمعت عيناه قائلا «وجدتها» ليقرر توقيع الجزاءات والسخرية من كل من يقابله، دون أن يفكر أنه يسخر من أستاذ له تلاميذ لن يستطيع رفع وجهه في وجوههم بعدما سخر منه الوزير منه أمامهم وأمام الملايين. ذهبنا إلي مدرسة الخلفاء الراشدين الإعدادية بشارع عارف بمنطقة حدائق حلوان لنري ما رآه الوزير ونقل لأجله كل العاملين في المدرسة إلي إدارة أطفيح التعليمية مع نقل مدير المدرسة إلي مديرية التربية والتعليم بالمنيا..مدير أمن الإدارة التعليمية يقف بنفسه علي باب المدرسة لمنع الصحفيين من دخولها بناءً علي تعليمات الوزير..تحججنا بأننا من أقارب مدير المدرسة عبدالله الخولي فتم السماح لنا بالمرور..المدرسة هادئة تماماً والطلاب في فصولهم ولا يوجد أحد في «حوش» المدرسة اتجهنا لمكتب المدير الذي قابلنا بحرارة واهتمام وابتسامة تعلو وجهه لم يلغها نقله إلي المنيا تأسف لنا علي منعنا من الدخول وأكد أنها تعليمات الوزير قبل مغادرته للمدرسة. عبد الله الخولي مدير المدرسة الذي صدر قرار بنقله إلي محافظة المنيا يقول: لا أعرف ما الذنب الذي ارتكبته فأنا مريض ومعي شهادة من الطبيب المعالج أني أحتاج إلي راحة تامة ورغم ذلك تحاملت علي نفسي وذهبت إلي المدرسة بعد 15 دقيقة فقط من بداية اليوم الدراسي فوجدت معالي الوزير ينتظرني ويسخر مني وكأنني ارتكبت جريمة رغم أن رصيد أجازاتي يسمح ألا أذهب إلي المدرسة من الأساس لأني مريض، وحتي لو كنت مخطئا فلا يصح السخرية مني أمام أبنائي الطلاب؟! ولا أعرف ما ذنب بقية زملائي من المدرسين الذين كانوا موجودين دخل الفصول؟! هذا بجانب أن الوزير قام بنقل كل العاملين في المدرسة رغم أن هناك زميلاً لنا مدرسًا يدعي «مجدي بهاء» مصاب بجلطة في المخ وحاصل علي أجازة مرضية وبالتالي لا يجوز أن تتم معاقبته ونفس الشيء بالنسبة لزميل آخر مريض بمرض خطير لا يمكنه مغادرة الفراش وحاصل علي أجازة قانونية. وعن المشاكل التي تعاني منها المدرسة قال الخولي: لدي عاملة واحدة للنظافة معينة وأخري بعقد بالإضافة إلي أننا قمنا ذاتياً بتعيين عاملتين للنظافة يتقاضيان راتبيهما بعد استقطاعهما من رواتب المدرسين، ولذلك فالمدرسة تعاني من سوء النظافة ومن المفترض أن شركة «أوروبا 2000» للنظافة تمر يومياً لكنها لا تأتي إلا بالطلب، وقد طالبنا الإدارة بزيادة حجم العمالة في المدرسة وهو ما لم يحدث بحجة أن زيادة العمال ليست مدرجة علي خطة الوزارة، وكذلك الأمر يخص وزارة التنمية الإدارية، وأضاف الخولي أن المدرسة عبارة عن مبنيين كل واحد منهما 5 أدوار وبها 34 فصلاً، كما يعمل بها 108 مدرسين و14 آخرون متعاقدون، وقرار الوزير بإخلاء طرف الجميع يأتي من الوزارة بالنسبة للمدير ومن المديرية بالنسبة للمدرسين وتم إخلاء عشرة حتي الآن، حيث لن يتم الإخلاء مرة واحدة لكن علي مرات لأن الإدارة لن تستطيع تعويض جميع المدرسين مرة واحدة وبالتالي سيتم الأمر تباعاً، وأشار المدير إلي أننا نطالب بتطوير المدرسة منذ فترة طويلة لكنه لم يحدث، وأنه سيتظلم من القرار. وقال عبدالتواب فتحي -حارس المدرسة-: استقبلت الوزير وحرسه من خلال الباب الخلفي وهو الباب الممنوع دخول الزائرين منه مهما كانت صفتهم، وعندما سألت حرس الوزير عن هويتهم وكان ذلك الساعة الثامنة إلا خمس دقائق والحرس قال لي: «ملكش دعوة» وقام بدفعي وأبعدني عن الباب وبعد دخول الوزير شكاني إليه فقال الوزير لي: «أنت عامل حقير وملكش لازمة ووممكن أضربك بالجزمة» وكنت أريد أن أقول له إن مشروع صعوبات التعلم الذي تم تنفيذه منذ عامين توقف ولأسباب غير معلومة وتم نقل 17جهاز كمبيوتر إلي مدرسة المكفوفين من أصل 25 جهازًا والمعمل مغلق إلا أنه لم يحدث وابني قدم إلي المدرسة لأن مدرسته كانت تحتاج ولي أمره. من مكتب المدير إلي معمل العلوم الذي يخلو تماما من أي جهاز أو أدوات تمت بصلة للعملية التعليمية ولا يوجد به سوي ديسكات لجلوس الطلبة، معظمها متهالك وقال المدرسون إن المعمل غير مجهز تماما منذ بدء العمل بالمدرسة ولم يسأل الوزير عن حاجة المعمل للأجهزة وقال للطلاب «إوعوا المواد الكيماوية يا ولاد» واستغرب المدرسون من عدم محاسبة مسئولي التوجيه الذين يرون النقص في كل مرة يزورونها للمدرسة دون المطالبة بأجهزة وأدوات للمعمل. وقد خرج الطلاب أثناء الفسحة المدرسية في مظاهرة داخل المدرسة هتفوا فيها ضد قرار الوزير قائلين: «ياوزير ياوزير مش عايزين التغيير»، و«أستاذ عبدالله يابلاش واحد غيره ما ينفعناش». والتقت الدستور بالأستاذ مجدي بهاء الدين - وهو المدرس المصاب بجلطة في المخ - وذلك بمنزله بمدينة 15 مايو الذي قال إن الوزير يحاول أن يكون مهماً لكنه لا يستطيع حتي الآن وإنه مثل باقي الوزراء لا يهمه سوي الظهور، وأضافت شقيقته التي تقوم برعايته «منال»: إن لديه جلطة في المخ منذ شهرين وسيقوم بتجديد الأجازة اليوم وإنه لا يستطيع الحركة لأن الجلطة في طرفيه الشمال اليد والقدم. عبدالحفيظ طايل- مدير مركز الحق في التعليم - يقول: للأسف وزير التعليم يعتمد علي سياسة العقاب فقط ولا يهتم بالإصلاح، لأنه لا يعقل أن يتجاوز كل حقوق الإنسان وحقوق المعلمين ويقوم بالسخرية منهم أمام طلابهم ونقلهم بشكل تعسفي دون إجراء تحقيق من الشئون القانونية في الواقعة التي حدثت لمعرفة أسباب ما حدث، خاصة أنه ليس من المعقول أن يتم نقل مدرسة بأكملها إلي محافظة أخري لمجرد أن الوزير زارها ووجد فيها مخالفات. ويضيف طايل قوله: من المفترض أن تكون رقابة الوزير علي المعلمين تربوية وأن يقوم بتوفير ما يحتاجونه قبل أن يصدر العقاب ضدهم، فالمدارس تنقصها كل الأدوات التي تمكن المدرس من أداء واجبه، وبالتالي فلا يمكن عقابه علي أخطاء الوزارة سواء كانت من الوزير الحالي أم الوزراء السابقين ولا يجوز أن يتم نقلهم بطريقة «أخلص منهم». ويستكمل طايل حديثه قائلا: ما فعله الوزير مجرد «شو إعلامي» هدفه جذب أنظار الناس ولا علاقة لهذا الأسلوب بكل الأساليب التربوية المعروفة في العالم؛ لأن الوزير إذا كان يريد الإصلاح، فلا يتم هذا أمام الكاميرات، بل تظهر نتائجه فقط أمام الرأي العام. ويتفق السفير إبراهيم يسري مع ما قاله طايل ويضيف: إنني ضد ما فعله الوزير جملة وتفصيلا فلا يحق له أن يقوم بنقل مدرسة بأكملها دون تحقيق فهذا يعد نقلاً تعسفيًا، وإذا تقدم مدير المدرسة أو أحد العاملين بها بدعوي قضائية ضد الوزير سيحصل علي تعويض مادي وأدبي ولن يتم نقله. ويضيف يسري قوله: يجب علي المدرسين ألا يتهاونوا في حقوقهم وأن يلجأوا إلي القضاء لأن ما حدث مهزلة لا يمكن السكوت عنها فلا يصح أن يتعامل بمنطق أمني مع المدرسين. أما الدكتور كمال مغيث فيقول: لست ضد ما فعله الدكتور أحمد زكي بدر، بل أري أنها خطوة جريئة لكن لدي تحفظ علي زياراته المفاجئة التي قام بها لإحدي مدارس حلوان وهو أنه ليس دور الوزير أن يقوم بالمرور علي المدارس كل يوم، لكن المطلوب منه تصحيح السياسات الخاطئة لأننا في مصر لدينا 43 ألف مدرسة لو أراد الوزير زيارتها سيحتاج إلي 120 سنة لكي يمر عليها فقط.