لم يكن يتوقع أشد المتشائمين أن تصل حدة الصراع السياسى بين السلطة والمعارضة إلى استخدام الدين كغطاء لإضفاء شرعية على قتل المعارضين. ما أفتى به الشيخ محمود شعبان بجواز قتل أعضاء جبهة الإنقاذ، كان صدمة للجميع، حتى لعدد كبير من الإسلاميين، مما جعل حزب النور يعلن تبرأه من الفتوى، بل وطالب نادر بكار المتحدث الرسمى باسم الحزب إلى ضرورة أن يتخذ الأزهر موقفا حاسما مع صاحب الفتوى. «أعلم أن الإعلام يدلس الحقائق ويتصيَّد لنا»، هكذا بدأ الشيخ محمود شعبان حديثه ل«الدستور الأصلي» لتوضيح موقفه من شرعية قتل أعضاء جبهة الإنقاذ، فيقول «فى الجمعة الماضية كنت ضيفا فى برنامج (فى الميزان) مع الدكتور عاطف عبد الرشيد، يومها أخذت معى كتاب صحيح مسلم وشرح النووى، وقمت بذكر أحاديث تتعلق بهذا الشأن، وذكرت تعليق النووى، لكنى مندهش لأن الإخوة يجتزئون نصا من بين إخوته ويطلقونه، فأرجو نقل كلامى بالنص، لأن البلاد لا تحتمل تدليسا أو قصا أو لصقا أكرمكم الله».
وتابع، «فى كتاب الجهاد باب وجوب الوفاء من بيعة خليفة الأول، فالأول، قال النبى صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن عمر فى حديث طويل وفيه (من بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر)». وأوضح «قال النووى فى شرح هذا إن (معناه ادفعوا الثانى فإنه خارج عن الإمام فإن لم يندفع إلا بحرب وقتال فقاتلوه، فإن دعت المقاتلة إلى قتله جاز قتله، ولا ضمان فيه لأنه ظالم متعزم فى قتال)».
استدل شعبان فى فتواه بكتاب «الجهاد» باب حكم من فرق أمر المسلمين وهو مجتمع، فيقول «فى حديث عرفجة أنه (ستكون هنّات وهنّات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهى جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان)، وفيه أيضا من حديث عرفجة باب وجوب الإنكار على الأمراء فى ما يخالف الشرع (من أتاكم وأمركم جميعا على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه)، وفيه من حديث أبى سعيد القطبى قال (إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما)، وتعليق النووى على ذلك أن هذا محمول على أنه إذا لم يندفع إلا بقتال قاتلناه فإن لم يندفع إلا بقتله قتلناه».
شعبان يضيف «قلت بالنص (تطبيقها ليس إلى الأفراد أو إلى العوام، إنما تطبيقها هو شأن القضاء والحاكم، والمسؤولون هم الذين يحددون لا الأفراد الرعية)، وقلت بالنص (لا نكفرهم ولا يلزم من هذا تكفيرهم، لأن الخروج على الحاكم لا يشترط منه التكفير، فإن تكفير المعين لا بد من توافر شروطه)».
ويضيف شعبان «اتقوا الله فى مصر وإن ذهب مرسى لن يبقى لنا رئيس، لأن أى رئيس ستخرج مجموعة ترفضه، ولن يوجد رئيس يتفق عليه 90 مليونا، اتقوا الله ودعوا الرجل يعمل ولا تخربوا البلد».
أما عن تبرؤ حزب النور من تصريحاته فيقول صاحب الفتوى موجها كلامه إلى قيادات حزب النور «أود أن أرد بآية (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا)، ومحمود شعبان مش بعيد عليكم، ونادر بكار ابن من أبنائنا وتلميذ من تلاميذنا، وأطلب منه أن يعود إلى شيوخه الذين علموه وربوه ويسألهم فى الأحاديث، وأسأله أن يقول لهم على من تنطبق هذه الأحاديث؟».
وعن الحكم بقتل أعضاء جبهة الإنقاذ يقول «هذه النازلة من النوازل لا يتكلم فيها فرد بذاته، وإنما تحتاج إلى مجموعة علماء، وأنا مستعد للسؤال، وأن يحيلوا الأمر إلى المتخصصين، وأنا سأجيبهم، وهذا ليس عيبا، ولو النائب العام طلبنى وسألنى مش عيب، لكن ما يحزننى هو أنه عندما خرج الإعلامى توفيق عكاشة وأهدر دم الرئيس، وقال (إن رأيتك سأقتلك)، لماذا لم يكن الإعلام منصفا».