تباين أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم | الأربعاء 22 مايو 2024    وزيرة التخطيط تستعرض أمام «الشيوخ» مستهدفات قطاع الأمن المائي والغذائي    أسعار الأسماك في سوق العبور اليوم | الأربعاء 22 مايو 2024    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأربعاء    الصحة: إطلاق حملة مجانية موسعة لتقديم خدمات الصحة الإنجابية بجميع المحافظات    استعدادات مكثفة بموانئ البحر الأحمر.. ورفع درجة الاستعداد بميناء نويبع البحري لبدء موسم الحج البري    «شكري» يتوجه لطهران للمشاركة في مراسم عزاء الرئيس الإيراني    الرئاسة الفلسطينية تُرحب بإعلان النرويج الاعتراف بدولتها    كييف: روسيا تفقد 496 ألفا و370 جنديا في أوكرانيا منذ بدء الحرب    فصائل فلسطينية: استهدفنا ناقلة جند إسرائيلية جنوب شرق مدينة رفح    مصادر إسبانية: الحكومة ستعلن اليوم الاعتراف بدولة فلسطينية    أخبار الأهلي : أول رد فعل للاعب الزمالك بعد اعلان اصابته بالرباط الصليبي    أخبار الأهلي : جوميز: أتمنى فوز الأهلي أمام الترجي لحصد السوبر الأفريقي على حسابه    نهائي دوري أبطال أفريقيا.. اليوم الخطيب يستقبل بعثة الترجي في مطار القاهرة    مدرب الزمالك: شيكابالا أفضل من محمد صلاح    الأرصاد تعلن موعد انتهاء الموجة الحارة    هكذا تظهر دنيا سمير غانم في فيلم "روكي الغلابة"    5 أسباب رئيسية للإصابة بالربو ونصائح للوقاية    اليوم.. «اتصالات النواب» تناقش موازنة الهيئة القومية للبريد للعام المالي 2024-2025    وزارة التعليم توجه بتشكيل غرف عمليات لمتابعة امتحانات الدبلومات 2024    باحثة سياسية: مصر تقف حائط صد أمام مخططات التهجير القسري للفلسطينيين    الطالب الحاصل على جائزة «المبدع الصغير» 2024 في الغناء: أهدي نجاحي لوالدتي    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء.. أبرزها باير ليفركوزن ضد أتالانتا في نهائي الدوري الأوروبي    من تبريز إلى مشهد: ما خصوصية المدن التي تمرّ بها مراسم تشييع الرئيس الإيراني؟    رابط نتيجة الصف السادس الابتدائي 2024 الترم الثاني جميع المحافظات والخطوات كاملة    تفاصيل الحالة المرورية اليوم.. كثافات في شارعي رمسيس والهرم (فيديو)    طريقة عمل العجة المصرية، لفطار سريع وبأقل التكاليف    المفتي: نكثف وجود «الإفتاء» على مواقع التواصل.. ونصل عن طريقها للشباب    ما حكم ذبح الأضحية في البلاد الفقيرة بدلا من وطن المضحي؟    فضل يوم النحر وسبب تسميته بيوم الحج الأكبر    الأزهر ينشئ صفحة خاصة على «فيسبوك» لمواجهة الإلحاد    جدول مساحات التكييف بالمتر والحصان.. (مساحة غرفتك هتحتاج تكييف كام حصان؟)    أرقام تاريخية.. كبير محللي أسواق المال يكشف توقعاته للذهب هذا العام    مبلغ صادم.. كم بلغ سعر إطلالة ماجي زوجة محمد صلاح؟    رئيس نادي إنبي يكشف حقيقة انتقال محمد حمدي للأهلي    اليوم.. ختام مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بحضور إلهام شاهين وفتحي عبد الوهاب    معدية أبو غالب.. قصواء الخلالي تنتقد الحكومة: هل هذه آلية عمل.. أين المسؤول!    افتتاح أول مسجد ذكي في الأردن.. بداية التعميم    دراسة: 10 دقائق يوميا من التمارين تُحسن الذاكرة وتزيد نسبة الذكاء    نشرة التوك شو| تفاصيل جديدة عن حادث معدية أبو غالب.. وموعد انكسار الموجة الحارة    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق.. مقترح يثير الجدل في برنامج «كلمة أخيرة» (فيديو)    ب1450 جنيهًا بعد الزيادة.. أسعار استخراج جواز السفر الجديدة من البيت (عادي ومستعجل)    فلسطين.. الاحتلال يقتحم مخيم عايدة شمال بيت لحم    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا    «الثقافة» تعلن القوائم القصيرة للمرشحين لجوائز الدولة لعام 2024    النائب عاطف المغاوري يدافع عن تعديلات قانون فصل الموظف المتعاطي: معالجة لا تدمير    "رايح يشتري ديكورات من تركيا".. مصدر يكشف تفاصيل ضبط مصمم أزياء شهير شهير حاول تهريب 55 ألف دولار    الإفتاء توضح أوقات الكراهة في الصلاة.. وحكم الاستخارة فيها    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    ذبح مواطن في الطريق العام.. النقض تنظر طعن سفاح الإسماعيلية على حكم إعدامه    ضبط طالب إعدادي بتهمة إصابة 4 أشخاص بطلقات نارية بقنا    عاجل.. مسؤول يكشف: الكاف يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم الكونفدرالية    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    بالصور.. البحث عن المفقودين في حادث معدية أبو غالب    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    قبل قدوم عيد الأضحى.. أبرز 11 فتوى عن الأضحية    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



25 يناير.. الشهداء والمصابون الجرح النازف على جدار الثورة


شيماء مطر- احمد سعيد- عمرو بدر

اليوم يمر عامان بالتمام والكمال على ثورة يناير العظيمة التى نادت بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، والغريب أنه لم يتحقق شىء مما نادت به الثورة، بل على العكس لا يزال الدم يسيل فيضانا يحصد فى طريقه أرواح الثوار.

القمع والقتل والإرهاب على ما يبدو هو منهج من يعتلى السلطة، فبعد أن كان مبارك يستخدم وزير داخليته العادلى وجنوده فى حمايته وحماية أسرته، استخدم المشير طنطاوى (الذى تسلم نفس اليد الباطشة من سلفه المخلوع) نفس اليد الباطشة، ولكن هذه المرة ألحق العار بمؤسسة كان الجميع يُكنّ لها الاحترام والإجلال. وبعد أن جاء الدكتور محمد مرسى بعد انتخابات رئاسية وجولة إعادة مضطربة لا تعبر عن مصر الثورة، انتقلت نفس آلة القمع والبطش إلى يد ميليشيات الإخوان، مستعينة برفاق الداخلية.

التكميم والقمع انتقلا من النظام الساقط إلى النظام الحالى، ليسقط أكثر من ألف قتيل، وأكثر من 11 ألف مصاب خلال حكم العسكر ومرسى، (ناهيك بحوادث الإهمال وهى كثيرة جدا، ويتحمل مسؤوليتها النظام الذى يتخاذل دومًا فى حماية مواطنيه).

فى العامين الأخيرين حاولت السلطة تعويض أهالى الشهداء والمصابين، لكنها فشلت، لأن فكرة العدالة نفسها غائبة عن إخواننا الذين فى القصر، فأخذوا يفرّقون بين الشهداء «هذا شهيد وهذا بلطجى.. هذا ثائر وهذا معتدٍ»، وتركوا المصابين فريسة لآلامهم، ينتظرون وعود الرئيس مرسى التى لا تأتى أبدا.

عامان على الثورة.. والمصابون ينتظرون الفرج

تقدموا الصفوف الأولى لثورة 25 يناير فاخترقت رصاصات الغدر والخسة أجسادهم وقلوبهم، فمنهم من استشهد، ومنهم من أصيب بالشلل، فمصابو الثورة ما زالوا يتألمون من جراحهم وعمق الألم فى نفوسهم من الإهمال، ورغم وعود الرئيس مرسى بأن تكون الأولوية فى برنامجه الانتخابى لمصابى الثورة فإنه بخّر وعوده، وكل ما فعله هو تسليم ملف المصابين إلى مستشاره محمد جاب الله، الذى لم يصدر منه سوى مسكنات منها علاج بعض المصابين داخل المركز الطبى العالمى، وسفر عدد آخر للعلاج فى الخارج، ليكون مصير المصابين ال123 سريرا فى غرفة فى مستشفى حكومى فقير، منتظرين أمل العلاج.

أحمد إبراهيم الدسوقى (22 سنة)، أصيب فى جمعة الغضب برصاص غيّر مسار حياته من بطل رياضى فى السباحة إلى شخص يعيش بجهاز صناعى يصيبه بغيبوبة متقطعة. هو مشهور باسم أبو موتة بعد أن سقط مغشيا عليه وتوقف قلبه عن العمل، ودخل ثلاجة الموت، وخلال غسله عاود الجهاز الصناعى العمل مرة أخرى.

أبو موتة، لا تفارق الضحكة وجهه الملائكى، يكره المكوث على السرير بمستشفى قصر العينى الفرنساوى وفقا لتعليمات الأطباء، ويفضل مساعدة طاقم التمريض فى مساعدة المرضى بالمستشفى رغم خطورة الحركة على حياته. أبو موتة قال ل«الدستور الأصلي» إنه أصيب يوم 28 يناير بطلق نارى بالصدر والحوض من أمام المتحف المصرى، مضيفا «من هذه اللحظة بدأت رحلة العلاج بعديد من المستشفيات، وكنت فاقد النطق والحركة، وأجريت أربع عمليات، دخلت المنيرة ومعهد القلب ومعهد ناصر، خصوصا بعد أن كانت الرصاصة بينها وبين القلب 3 سم أزلت الشريان الأورطى، وركبت بدلا منه (بلاتين)، وشريانا آخر تم تركيب بدلا منه ألياف حيوانية، فضلا عن عمليته لتركيب جهاز لتنظيم ضربات القلب صناعيا بديلا للقلب إلا أننى فوجئت عند موتى بعطل الجهاز وبحاجتى إلى جهاز آخر يستلزم السفر إلى الخارج، لكنى فى انتظار وعد مستشار الرئيس بالسفر رغم بقائى بالمستشفى سنة و8 أشهر أعيش على حقن لتوصيل الدم إلى المخ يوميا، بعد الانتهاء من العلاج الطبيعى بقصر العينى الفرنساوى أعادت إلىّ الحركة والنطق».

الدسوقى قال للرئيس «أنا مت مرة واتشليت مرة، حرام عليك اتق ربنا فينا، مهما عمل مرسى مش هيعرف يرجعنى زى ما كنت، لكنه حتى العلاج منعه عننا»، متسائلا: «هى فين الحرية التى ناديت بها ثورة 25 يناير لنحبس فى سرير المرض». وصمم أبو موتة النزول يوم 25 يناير قائلا «فى غضب فى قلوبنا، هاننزل نكمل الموت بعد ما سرق الإخوان البلاد، كفاية إن مرسى موتنا فى السرير ليعطى درسا لكل ثائر ضده أن نهايته الموت أو الرمى على سرير المرض سنوات لإرهاب الثوار».

قرابة السنتين هما عمر إصابة أحمد عبد الخالق خلال أحداث ثورة يناير، وحالات من الشد والجذب بينه وبين المسؤولين عن علاجه والوعود التى تلقاها لإجراء جراحة دقيقة، وحكاية عبد الخالق بدأت بعد أن خرج ليطلب العيش والحرية والعدالة الاجتماعية ليصاب بطلق نارى بالقدم يوم «جمعة الغضب»، ومنذ هذه اللحظة والإهمال الطبى يلاحقه ليصاب بشلل نصفى، ابتداءً من إجراء عملية جراحية بالعظام لتركيب مسامير وشرائح لم تكتمل لهجوم رجال أمن الدولة على مستشفى الدمرداش للقبض على المصابين فقد اختبأ أربع ليالٍ داخل الحمام إلى أن أصيب بصدأ ليدخل فى دوامة 32 عملية جراحية فى العظام ما بين تحمل نفقتها وتحمل المجتمع المدنى الجزء الأكبر بعد تجاهل الرئاسة علاج مصابى الثورة وتجاهل الخطر الذى بات يهدده فى حالة تأخر السفر للعلاج، حيث أخبروه الأطباء باحتمال إصابته بسرطان بالعظام. عبد الخالق أصيب بالاكتئاب بعد فقدان الأمل بنظرة رحمة من الحكومة واستكمال علاجه، خصوصا بعد تدهور حالته واحتياجه ما بين الحين والآخر إلى عملية جراحية أخرى تتحمل نفقاتها هبة السويدى.

فى غرفة رقم «10» فى الدور السابع بمستشفى قصر العينى الفرنساوى يرقد مصابون ضحايا جرائم وحشية ضد الثوار العزل، الأول ضحية العسكر بمجلس الوزراء وبجواره مصاب آخر ضحية الشرطة بجمعة الغضب، ويدعى ربيع محمد ربيع المصاب بطلق نارى فى العين اليسرى أدى إلى تصفية عينه، والتأثير على خلايا بالمخ، ولذا يستلزم إجراء عملية جراحية خطيرة فى أقرب وقت بالعين وشرايين المخ بالخارج.

ربيع هو أحد المصابين فى 28 يناير، قال ل«الدستور الأصلي» إنه رفع دعوى قضائية ضد مبارك متهما إياه بمحاولة قتله، مضيفا «مرسى يتبع نفس النهج فى الجلوس على الكرسى وأطلق ميليشياته على الثوار، مؤكدا أنه لا توجد تفرقة ما بين دم إخوانى ومعارض فدم كل مصرى فى رقبة مرسى». وشعر ربيع بالأسى لاحتجاز أكثر من 13 مصابا، شباب زى الورد، سقطوا ضحايا جرائم وحشية مختلفة، فالدوران السابع والخامس يضمان ضحايا الشرطة بالثورة وموقعة شارع محمد محمود وضحايا العسكر بموقعة مجلس الوزراء وضحايا الإخوان بموقعة «الاتحادية».

العسكرى» والداخلية والإخوان شركاء فى كعكة الجرائم ضد الثوار

الجولة الثانية من القمع، مارسته هذه المرة آلة العسكر، فكانت أكثر عنفا وبشاعة، فبعد مرور نحو عشرة أشهر على اندلاع ثورة يناير ارتكب المجلس العسكرى الذى كان يدير شؤون البلاد وقتها عددا من الانتهاكات، ومارس تعذيبا واعتقالا وسحلا وقتل الثوار فى أكثر من مكان.

كان للداخلية أيضا كعادتها نصيب فى «كعكة الجرائم»، التى ارتكبت فى حق الثوار، فكانت الفاجعة فى نوفمبر 2011، فى شارع محمد محمود أو كما سماه الثوار شارع «عيون الحرية»، وكان العار الذى لوّث الثوب العسكرى المصرى فى ديسمبر من نفس العام، فى ما سمى بموقعة مجلس الوزراء، التى خلفت 53 شهيدا و5173 مصابا.

رغم مرور كل هذه الشهور ورغم وعود الرئيس مرسى بعلاج ضحايا هذه الجرائم الوحشية فإن المصابين يتسولون العلاج بعد تجاهل حقهم فى العلاج، سواء فى الداخل أو فى الخارج، ليعيش طابور طويل من مصابى محمد محمود ومجلس الوزراء ما بين الألم والمصير المجهول بعد إصابة بعضهم بشلل بسبب التأخر فى إجراء عمليات بالخارج، ومنهم المصاب مصطفى عبد الدائم المصاب بطلق نارى فى العمود الفقرى والصدر والبطن بأحداث مجلس الوزراء، واستطاع بعد عدة أشهر من الإصابة استخراج الرصاص فى عمليات على نفقة المجتمع المدنى ليتبقى له قرار السفر إلى الخارج لزرع نخاع.

عبد الدائم يأمل فى السفر بعد وعد مستشار الرئيس له، إلا أن يفاجأ بتحذير من طبيب نمساوى بضرورة تقديم موعد السفر، حتى لا يصاب بشلل مدى الحياة، ورغم علم مستشار الرئيس محمد جاب الله، بالخطر الذى يحيط بمصطفى وغيره من المصابين فإنه تركهم حتى سيطر شبح الشلل الكلى عليه ليرقد طريح الفراش لا أمل فى شفائه.

داخل الغرفة 35 بمستشفى قصر العينى يرقد معوض عادل طالب الصيدلة لا يستطيع الحركة ويعانى من غيبوبة تامة منذ عام وأربعة أشهر. والدته قالت «أنا مش عايزة حاجة من مرسى كل اللى بطلبه منه إن ابنى يسافر للخارج، لأنه بحاجة إلى مركز إفاقة ومركز تأهيل نفسى».

الفريق عبد المنعم رياض، البطل الشهيد الذى تحول إلى رمز وحافز لثوار يناير، لم يكن يعلم أن بعد مرور 42 عاما على استشهاده سترقد ابنته الدكتورة وفاء طريحة الفراش فى موقعة محمد محمود الأولى.

الدكتورة وفاء تروى ل«الدستور الأصلي» مأساة عام كامل بالمستشفيات «كنت أتلقى علاجى بمستشفى قصر العينى الفرنساوى إثر إصابتى بالعمود الفقرى ستباعد بين الفقرات نتيجة الإصابة بالقنابل وجف السائل الغضروفى، ثم اكتشف الأطباء قبل ثلاثة أشهر إصابتى بسرطان بمكان الجراحة فى مراحله الأولى، وقد تعرضت بمستشفى قصر العينى للسرقة حيث كانت تسرق عبوات العلاج الكيماوى التى كانت تشتريها من نفقتها الخاصة، ويصل ثمنه إلى 5 آلاف جنيه للعبوة الواحدة، إلا أنها حررت ضد إدارة المستشفى محضرا ليتم التنكيل بها ومحاولات لمضايقاتها حتى كتب لها الخروج من المستشفى رغم حاجاتها إلى الرعاية الطبية واستكمال العلاج، واضطرت الذهاب إلى مستشفى الحسين الجامعى لتفاجأ بحاجتها إلى عملية عاجلة بالفقرة المكسورة بالعمود الفقرى.

وقالت «عندما ذهبت إلى مستشفى قصر العينى لطلب الإشاعات الخاصة بها والتقرير الطبى لحالتها منذ إصابتها، وجاء رد المستشفى كالآتى «اذهبى كالكلبة للتنازل عن المحضر ضد المستشفى»، ، لتتم معاقبتها بعدم استكمال علاجها حتى اليوم.

ومن ابنة الشهيد عبد المنعم رياض إلى محمد عبد المنعم طالب الهندسة، المصاب بمحمد محمود والملقى بمستشفى قصر العينى الفرنساوى منذ سنة وشهرين منذ إصابته برصاصة غدر بموقعة محمد محمود، استقرت بالعمود الفقرى وإصابته برصاصة أخرى على يد الإخوان بموقعة «الاتحادية» لتصيبه بشلل.

عبد المنعم ظن بالرئيس محمد مرسى خيرا وصدق وعده بأن تكون أولوياته علاج المصابين، حينما قال إن بيته مفتوح لهم فى أى وقت فصدقه وذهب إلى قصر الاتحادية وسط مجموعة من المصابين ليشكو من حسنى صابر أمين صندوق مصابى الثورة، الذى لم يهتم بعلاج المصابين، واكتفى بتعويضه ماليا ب15 ألف جنيه، رغم أنه أجرى 22 عملية تكلفت أكثر من 65 ألف جنيه، فضلا عن حاجته لاستكمال علاجه.

«الحرس الجمهورى رمونى على الأرض وخضعت للتفتيش الذاتى»، هذه الكلمات قالها محمد عبد المنعم فى ذهول مما تعرض له من أول رئيس منتخب بعد الثورة، قائلا «بهدلونى جوه القصر لأن الجهاز أصدر صوتا فظنوا أن معى سلاحا، فاتضح أن الرصاصة المستقرة فى ظهرى هى السبب، وبعد كل البهدلة تخيلت إنى هقابل الرئيس ولكنى قابلت السكرتير، وطالبته بحقوق المصابين فى القصاص من القتلة، وأكدت له أن الداخلية تعلم كل تشكيل الضباط والعساكر الذين تم توزيعهم خلال الأحداث، كما طالبته بحق مصابى الثورة الضائع فكان رده سيتم الاتصال».

عبد المنعم مصاب بطلقتين فى البطن، فضلا عن طلق نارى مستقر فى الفقرة الثالثة بالعمود الفقرى وشظية مستقرة فى الرئة، وبعد إجراء 22 عملية ما زال يخضع للعلاج بالمستشفى، فضلا عن حاجته إلى السفر إلى الخارج لإجراء عملية لاستخراج الطلقة من العمود الفقرى. ووجه طالب كلية الهندسة رسالة إلى محمد مرسى قائلا له «اتق الله فينا إنت أول حاجة قولتها ملف المصابين والشهداء».

مشرحة زينهم: 152 شهيدا فى أحداث الثورة.. و24 فى ماسبيرو.. و43 فى محمد محمود و42 فى بورسعيد

البيانات الكاملة لأعداد المتوفين والحالة الإصابية وسبب الوفاة لكل شهداء أحداث ثورة يناير وماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء ومجزرة بورسعيد، هو ما تضمنته أحدث إحصائية صادرة من دار التشريح التابعة لمصلحة الطب الشرعى، وهى الإحصائية التى حصلت «الدستور الأصلي» على نسخة منها، حيث بلغ عدد شهداء أحداث الثورة وحدها ممن تم تشريحهم فى مشرحة زينهم، 152 شهيدا، جميعهم من الذكور، وتتراوح أعمارهم من العقد الثانى وحتى السادس، حيث تنوعت الإصابات ما بين نارية ورشية واختناق بالغاز وحالات رضية واشتباه باختناق ونارية وخرطوش وإصابات بالرأس وإسفكسيا الخنق.

الإحصائية كشفت أن إجمالى عدد شهداء أحداث ماسبيرو التى وقعت فى 10 أكتوبر 2011، بلغ 24 شهيدا، جميعهم من الذكور أيضا، بينهم 23 مدنيا وعسكرى واحد، و23 منهم أقباط ومسلم واحد، حيث تنوعت إصاباتهم، فقد سقط منهم 8 متأثرين بعيار نارى و13 بإصابات هرسية (دهس) وإصابة واحدة رضية وقطعية بالرأس وأخرى بالعنق ورضية أخيرة بالرأس فقط.

43 شهيدا، هو إجمالى عدد من سقطوا فى أحداث محمد محمود الأولى التى وقعت فى نوفمبر 2011، حسب إحصائية دار التشريح، التى كشفت أن جميعهم من الذكور المسلمين المدنيين، وتنوعت الإصابات ما بين 33 حالة وفاة بعيار نارى وحالة واحدة إصابة هرسية و6 حالات اشتباه باختناق بالغاز و3 حالات بها إصابة رضية بالرأس.

أحداث مجلس الوزراء التى وقعت فى ديسمبر 2011، شهدت سقوط 18 شهيدا، جميعهم من الذكور المدنيين، وتنوعت إصاباتهم ما بين 17 حالة بطلق نارى وحالة واحدة فقط بإصابة رضية بالرأس وكسور بالجمجمة.

بينما بلغ إجمالى ضحايا مجزرة بورسعيد الدامية التى وقعت فى 1 فبراير 2012 ممن تم تشريحهم فى مشرحة زينهم، 42 شهيدا جميعهم من الذكور وتتراوح أعمارهم ما بين العقدين الثانى والثالث، بينهم 41 معلومو الهوية، وشهيد واحد فقط مجهول، حيث تم إجراء كشف ظاهرى لنحو 40 شهيدا وتشريح لجثمانين بناء على قرار النيابة، وقد تنوعت الإصابات ما بين اختناق عن طريق إعاقة حركة الصدر التنفسية، وإصابات رضية بالرأس ونزيف على سطح المخ وعلامات تشير إلى كسر بقاع الجمجمة واشتباه بنزيف دماغى. بينما لم تصدر الإحصائيات الرسمية حتى الآن المتعلقة بعدد الشهداء الذين سقطوا فى عهد الدكتور محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين، سواء ممن سقطوا فى مظاهرات مثل الاتحادية، أو ممن سقطوا فى حوادث واشتباكات متفرقة.

عندما يستشهد الهلال مع الصليب على يد العسكر

آلة العسكر الباطشة لم تفرق بين مسلم ومسيحى فى مجازر ما بعد الثورة. فبعد مذبحة ماسبيرو التى راح ضحيتها العشرات، ارتكب العسكر مذبحة جديدة فى شارع مجلس الوزراء استشهد فيها نحو عشرين متظاهرا، وسالت فيهما دماء زكية. بين الشهداء يبرز اسمان، الأول هو الشيخ عماد عفت الذى لقب بشيخ الثوار، ومينا دانيال شبيه جيفارا.

«شيخ الثوار» هو أول شهيد من مؤسسة الأزهر خلال أحداث الثورة. استشهد إثر إصابته بطلق نارى ورصاصة غدر فى القلب فى أثناء الاشتباكات التى حدثت أمام مجلس الوزراء بين المعتصمين وقوات الجيش. ناضل وتظاهر ضد الظلم وطلب الشهادة ونالها، على أبواب مجلس الوزراء.

كان أحد أمناء دار الإفتاء المصرى. كان وجها يألفه كثير من المصريين، الذين دأبوا على النزول إلى ميدان التحرير والمشاركة فى المليونيات.

تصدى للفلول وأفتى بتحريم التصويت لهم فى الانتخابات، كانت كل أحلامه أن يعيش فى وطن حر ينتهى فيه حكم الاستبداد والظلم، ولذلك كان دائما فى أول صفوف التظاهرات ضد الظلم منذ اندلاع ثورة 25 يناير وحتى تنحى المخلوع، وبعدها نزل مع الملايين ضد استمرار ظلم المجلس العسكرى حتى استشهد فى أحداث مجلس الوزراء. رصاصة الغدر التى استقرت فى قلبه لم يكن مطلقوها يعلمون أنها ستستقر فى قلب وطن كامل ينبض بالحرية والكرامة والمساواة ويحلم بأن يخطو إلى الأمام.

«مينا الصعيدى بن دانيال.. نزل عن صليبه وجانى.. قاللى اللى صلبنى يا خال.. لو أنزل هايصلبنى تانى».. لم يكن هناك أبلغ من كلمات الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودى، التى وصف بها حال الشهيد مينا دانيال وغيره من الشهداء، ممن ضحوا بأنفسهم من أجل الوطن والحرية، وإحساسهم بالمرارة مما تعيشه مصر، وشعورهم بأن أرواحهم زهقت هباء بعد أن وصل الإخوان إلى الحكم.

مينا دانيال.. ذاك الشاب الأسمر النحيل، الذى لقى حتفه فى التاسع من أكتوبر 2011 خلال أحداث ماسبيرو، برصاصات الغدر التى انطلقت من العسكر لتستقر فى قلبه الذى لم يتعد عمره الحادية والعشرين، تلك الرصاصة لم تكن فقط فى قلب الشهيد دانيال ولكنها اخترقت قلوب الملايين غيره، فبات اسمه متجسدا فى كل حركة ووقفة وهتاف وشعار، بل صنع بتضحيته بنفسه حالة متفردة أيقظت جموع المواطنين الصامتين على القمع والتكبيل والتقييد والاستبداد.

الشهيد نجا بأعجوبة من الموت فى موقعة الجمل، بعد أن تلقى رصاصتين حينها واحدة فى كتفه والثانية فى ركبته وأنقذته حينها العناية الإلهية، كان الموت على موعد آخر معه ولكن فى تلك المرة على أيدى المجلس العسكرى، بعد أن استقرت فى قلبه رصاصة الغدر والكراهية، كما لقى 24 مسيحيا حتفهم برصاص العسكر أو دهسا تحت عجلات عرباته المدرعة فى مذبحة أصابت قلب الوطن، ليكون صعود أرواحهم إلى السماء سببا رئيسيا ومحركا لغضبة الملايين من المصريين.

فى شرع الإخوان.. الخارج على الحاكم بلطجى

من بطش مبارك، إلى بطش العسكر، إلى بطش الإخوان. آلة القمع واحدة، وما زال الدم يسيل فى صفوف المتظاهرين والثوار. فلم يكد يمضى فى فترة رئاسة محمد مرسى سوى ستة أشهر، حتى سقط أول شهيد وهو جابر صلاح جابر الشهير ب«جيكا»، الذى شارك مع الثوار فى إحياء ذكرى محمد محمود بشارع عيون الحرية، فأصبح رحيله مسمارا فى نعش نظام الإخوان الذى بدأ بنفس أسلوب النظام البائد، فلطخ يديه بدماء من جاء به من السجن إلى القصر.

بعد جيكا، سقط الشهيد الثانى وهو أحمد نجيب بنفس الطريقة وبطلق خرطوش بالرأس، حيث سقط نحو 104 مصابين بطلق نارى فى جميع أنحاء الجسم، ولم يمض أيام وخرج الرئيس بإعلان دستورى يدخل البلاد فى نفق مظلم، ويحدث على أثره مجزرة دامية على أبواب قصر الاتحادية راح ضحيتها الحسينى أبو ضيف، و644 مصابا، لكن هذه المرة ليست على أيدى قوات الأمن المركزى، لكن على يد ميليشيات الإخوان.

أحمد الظاهر (31 عاما) وهو أحد مصابى «الاتحادية» يقول «أخبرونا فى صندوق مصابى الثورة أن المصابين فى موقعة ذكرى محمد محمود وموقعة الاتحادية بلطجية، وليس لهم حق فى العلاج». وأضاف «الدولة شايفة مصابى الاتحادية ومحمد محمود بلطجية»، مشيرا إلى أن المجتمع المدنى وسيدة الأعمال هبة السويدى يتحملان تكاليف علاجه وبعد إصابته بالشلل بحاجة إلى السفر إلى الخارج، لكن لا أحد يستجيب»، قائلا «محتاج سفر بس مين اللى هيسفرنى إذا كانوا مش معترفين بينا».

ويروى الظاهر عن ليلة إصابته بمحيط قصر الاتحادية قائلا «شاركت مع الآلاف من الشعب للاحتجاج عند قصر الرئيس، ورأيت مع الإخوان قنابل مسيلة للدموع ومسدسات وبنادق لم نكن نراها إلا فى أيدى ضباط الداخلية، قررت النزول لنقل المصابين إلى المستشفيات ليلة الأربعاء الدامية، وفوجئنا بانسحاب قوات الأمن المركزى الساعة الثانية عشرة ليلا، فاستكملنا طريقنا إلى القصر بهتاف موحد وهو (يسقط حكم المرشد ويسقط الإعلان الدستورى)».

الظاهر يقول «هجموا علينا رجال الإخوان المحيطين بالقصر بحجة حمايته بالقنابل المسيلة للدموع والخرطوش، وبدأ المصابون فى السقوط بجانبى فحاولت حمل أحدهم لكن ميليشيات الإخوان استهدفونى من مكان عالٍ بطلق نارى استقرت بالعمود الفقرى، وقتها شعرت بانقسام جسمى إلى نصفين وسقطت مغشيا علىّ، حتى إن من كان بجانبى لقننى الشهادة، ولما ذهبوا بى على موتوسيكل إلى مستشفى منشية البكرى الذى رفض استقبالى ومنه إلى مستشفى حلمية الزيتون والجنزورى، وكلها رفض استقبالى، وأخيرا وبعد نحو 5 ساعات من إصابتى استقبلنى مستشفى قصر العينى الفرنساوى صباح يوم 6 ديسمبر، وأجريت عملية لاستخراج الرصاصة يوم 14 ديسمبر، وخرجت منها طريح الفراش بشلل كلى».

وأكد الظاهر أن الظلم هو القاسم المشترك ما بين حكم مبارك وحكم مرسى، قائلا «فى الثورة كنا نعلم من الذى صوب تجاهنا الرصاص، فالضباط أمامنا معروفون، لكن فى عهد الإخوان أصبت على غدر».

«مصابو الإخوان هم الشرفاء، أما من يعارض الحاكم فهو بلطجى»، هذه الكلمات قالها محمد على البالغ من العمر 24 عاما بعد أن تحمل نفقات علاجه إثر إصابته بطلق نارى فى الرجل قطعت الشريان الرئيسى لتهدده ببتر رجله ما بين الحين والآخر، دفعته للتوقيع على تعهد بمسؤولية بتر الرجل إذا فشلت العملية التى استغرقت تسع ساعات لاستخراج الرصاصة بمستشفى الدمرداش.

على قال إن الإخوان كانوا يستهدفون الثوار بالرصاص فى الرجل والرأس ليسقط أحدهم وسحلوه فى صفوفهم حتى الموت، وهو ما حدث معه بعد إصابته برصاصة فى الأرجل أسقطته فى الصفوف الأمامية، وحاول الإخوان شده، لكنه قاوم حتى هرب ثم وقع مغشيا عليه فى أحد الشوارع الجانبية.

آثار الوحشية والهمجية ما زالت على وجه الدبلوماسى السابق يحيى نجم الذى توجس خوفا على الثوار بعد إعلان الإخوان التوجه ل«الاتحادية»، فقرر المشاركة مع الثوار، لكن المشهد تحول إلى مشهد دموى بمحيط «الاتحادية» بعد أن أصبحت ميليشيات الإخوان هى الدولة الحاكمة التى من حقها السحل والقتل وتحميهم قوات الداخلية، كأنهم اتفقوا على الثأر من الثوار معا، فبدأ الانتقام من كل من عارض الحاكم إطلاق وابل غازات المسيلة للدموع ثم الخرطوش الذى أصيب الدبلوماسى بجانب العين، ليستكمل الوحشية عليه بسحله مسافة 50 مترا وركله وضربه ضربا مبرحا بالأحذية وتجريده من ملابسه، ونطق الدبلوماسى الشهادة أكثر من مرة، ورموه عند بوابة قصر الاتحادية وقيدوه كالأسرى بعد الاستيلاء على كل متعلقاته واستمرار مسلسل الإهانات بالتخوين، إلى أن تم القبض عليه وسط نزيف من كل مكان بجسم الدبلوماسى ورفض أطباء الإخوان معالجته بعد أن قال له «المرشد أصدر أوامر بعدم علاجك»، واتهمته طبيبة من الإخوان بالخيانة، وضربته بالحذاء كلما مرت من جانبه وهو مقيد كالأسرى.

فى البدء كانت الثورة

فى البدء كانت ثورة 25 يناير 2011، مجرد حلم فى ضمير ووجدان الملايين من المقهورين والمقموعين والفقراء، كان الحلم الذى يخاف الجميع أن يصرح به حتى لنفسه، فالسجان على الأبواب «والمخبرين خارجين كلاب سعرانة»، إلى أن جاءت اللحظة الموعودة التى توقف عندها التاريخ، لتتحرك جموع هادرة تأتى من كل اتجاه، يحركها عقل جمعى سئمَ من الظلم والفساد والاستبداد، تهتف بعبارة أوحت بها إلينا ثورة أخرى قامت قبلنا بأيام فى تونس العربية.. الشعب يريد إسقاط النظام.

روح الثورة التى سَرَت فى شرايين المجتمع فأخرجته من الظلمات إلى النور رفعت سقف الطموحات والتوقعات، وهو حق مشروع تماما، فأصبح المصريون على مدار عامين هما عمْر الثورة فى انتظار وطن خالٍ من الفساد والاستبداد، وطن لا مكان فيه لمظلوم ولا لمضطهد، وطن ترفرف عليه رايات العدل والحرية والكرامة الإنسانية، وطن لا مكان فيه لفقير ولا جائع ولا محتاج، وطن للاستنارة والعقل والمواطنة والتقدم والمساواة، انتظر المصريون على مدار عامين، لكن شيئا لم يحدث، فما زال النظام الجديد يحكم بنفس عقلية وثقافة وسياسات النظام القديم، فمرسى لا يختلف عن مبارك، وبينهما المجلس العسكرى الذى ورث النظام الذى ثار عليه المصريون، كلهم واحد، فى السياسة والاقتصاد والحريات والمواقف والأفكار، يتفق مبارك مع مرسى مع المجلس العسكرى، لكن المشهد الآن: شباب وقوى ثورية تناضل ضد حكم الإخوان المسلمين، وإصرار من النظام الحالى على السير فى نفس النفق الذى أوصلنا إلى 25 يناير 2011، وغالبية من المصريين ينتظرون يوم الخلاص، ومن أجل ذلك نازلين اليوم إلى الميادين.

جيكا وأبو ضيف.. شهيدا الحرية فى زمن الإخوان

مخطئ من يظن أن الموت يفرّق. بين الطالب جابر صلاح جابر الشهير ب«جيكا» عضو حركة 6 أبريل وطالب الثانوية، والصحفى والمصور الحسينى أبو ضيف بجريدة «الفجر»، كثير من الاختلافات، لكن الموت فى عهد الإخوان جمعهما. أكثر من أربعين يومًا مرت على فراقهما، والجانى لا يزال مجهولا. فأبو ضيف هو شهيد الصحافة الأول فى عهد الرئيس مرسى، الذى استشهد إثر إصابته بطلق نارى فى المخ أدى إلى وفاته على الفور فى 12 ديسمبر الماضى، فى أثناء تصويره ورصده أحداث «الاتحادية» الدامية والاشتباكات التى نشبت بين معارضى الرئيس مرسى ومؤيديه من جماعة الإخوان المسلمين، فمات متأثرا برصاص الغدر. فلم تكن الجنازة الشعبية الحاشدة بمشاركة الآلاف من الحركات والقوى الثورية والسياسية والصحفيين والشخصيات العامة وغيرهم لأداء صلاة الجنازة عليه بمسجد عمر مكرم، ما هى إلا أبسط دليل على تجسيد رمز الحسينى كشهيد الكلمة والحرية، فمات الحسينى من أجل الإنسانية والمعرفة والوصول إلى الحقيقة، فمات الحسينى ومعه أسرار لا تزال بجواره فى قبره عن حقيقة الإخوان وميليشياتهم المسلحة. لم تكن وفاة أبو ضيف شهيد الصحافة الثانى بعد الصحفى الشهيد أحمد محمود، الذى استشهد فى عهد مبارك تجسيدا حقيقيا لما تتعرض له حرية الصحافة والفكر والرأى من تكميم وتعتيم وتضييق فى عهد الرئيس مرسى وجماعته. الإخوان أيضا لم يكتفوا بقتل أبو ضيف، بل حاولوا أن يسيروا فى جنازته مدعين أنه إخوانى. نبأ استشهاده كان قاسيا ليس فقط على زملائه فى الوسط الصحفى ولا أصدقائه فى جريدة «الفجر» ولا أسرته ووالدته ووالده وخطيبته، بل كان صادمًا ومفزعًا على الكلمة التى تنطق فى زمن الإخوان.

أما جيكا طالب الثانوية المتفوق بن السيدة زينب، فقد توفى خلال اشتباكات إحياء الذكرى الأولى لأحداث محمد محمود بطلق نارى فى الرأس فى أثناء الاشتباكات التى وقعت فى محيط وزارة الداخلية. لم يكن ذنبه أنه يحلم بالحرية وبالحياة الكريمة، حتى يلقى رصاصة غدر أنهت حياته. ولم تكن كلمات جيكا إلا انتفاضة ذاتية ضد معانى القمع والظلم. لم يكن يعلم وهو يقول كلماته لزملائه قبل استشهاده أنها ستكون وصيته ونهايته فى نفس الوقت. قال جيكا «أنا مابحبش أعمل حاجة وحشة عشان لو قابلت ربنا أقابله وأنا نضيف»، بينما كانت آخر تعليقاته على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، «ده بإذن الله آخر بوست هاكتبه لحد ما أرجع بكرة من شارع عيون الحرية.. ده لو رجعت، أنا نازل عشان خاطر دم إخواتنا وعشان الثورة، نازل عشان أعز صاحب ليا اللى شيلته بإيدى وهو مقتول أسامة أحمد، نازل عشان عيون أحمد حرارة، نازل عشان أرجع الثورة اللى راح عشانها آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من المصابين، نازل عشان حمو طه وأحمد يوسف صحابى اللى راحوا فى بورسعيد، نازل عشان بلدى ترجع لنا تانى، لو مارجعتش بقى ماليش غير طلب واحد هو إن الناس تكمل الثورة وتجيب حقنا». كانت صورته وهو محمولا على الأعناق يقود مظاهرة احتفالية بفوز الرئيس محمد مرسى هى الأكثر تداولا، حيث علق الجميع على هذه الصورة «جيكا احتفل بفوز مرسى فى انتخابات الإعادة فى شارع محمد محمود.. ولم يكن يعلم أن مرسى وداخليته سيقتلونه فى نفس الشارع».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.