ما بين اليأس والرجاء، يتأرجح أهالى مفقودى الثورة ممن اختفوا بأحداث الثورة ولم يعودوا لمنازلهم حتى الآن، وبسبب عدم وجود أدلة محددة تدين جهة بعينها أو أفراد عن مسئولية ذلك الاختفاء، تتعثر القضية وتضل طريقها فى أجندة اهتمامات الرأى العام والمسئولين، وقد حاولت "بوابة الأهرام" فتح هذا الملف. وأعربت الناشطة نرمين يسرى عن أسفها لعدم الاهتمام بتلك القضية، لافتة إلى أن ذلك دفعها لتدشين حملة "هنلاقيهم" التى بدأت بدعوة شخصية منها على "تويتر"، مشيرة إلى أن الحملة تتعثر بسبب قلة عدد المشاركين بها وكثرة المفقودين الذى استمر عددهم فى الزيادة مع توالى الأحداث بعد التنحى. ولفتت منسقة حملة "هنلاقيهم" إلى أن تصريحات مجلس الوزراء فى عهد عصام شرف فى مارس 2011 أفادت بوجود 1200 بلاغ عن مفقودين خلال الأيام الأولى للثورة، كما كشفت لجنة الحريات بنقابة المحامين عن وجود 1000 بلاغ ، بالإضافة إلى وجود 80 بلاغًا آخرين عن مفقودين بأحداث تلت التنحى مثل 8 إبريل، محمد محمود، العباسية، معربة عن اعتقادها بأن العدد قد يكون أكبر من ذلك نظرا لمحدودية قدرتهم فى الحصر والبحث لطبيعة الملف. وأشارت إلى أنهم توقعوا بأن يكون هؤلاء قد تمت محاكمتهم عسكريًا دون إخبار ذويهم، مدللة على ذلك بأربع حالات اختفاء لكل من: محمود فايز حسنى، جمال فرج، رمضان ماهر عبدالستار، محمد الشافعى إبراهيم والذين تم القبض عليهم فى كمين شرطة عسكرية بدهشور بسبب عدم وجود بطاقات شخصية معهم وتم وعد الشهود ممن كانوا معهم بإحضار البطاقات واستلامهم فى اليوم التالى من قسم الهرم، إلا أن القسم أفاد بأنه لم يتم ترحيلهم لهناك واختفى لهم أى أثر من هذا اليوم. وأوضحت أنهم حاولوا التواصل مع المسئولين بمجلس الوزراء الذى أحالهم لمجلس الشهداء والمصابين ليخبرهم بدوره أنه لا يملك الملف ولا يعلم عنه شيئا، و أن الحملة من جانبها تساعد الأهالى فى توجيههم للأماكن التى قد يبدأون البحث بها مثل السجون والنيابة العسكرية والمستشفيات كى يتأكد من كونهم مفقودين فعلا قبل البدء فى تقديم بلاغات، كما خصصت رقمين للتواصل مع الحملة : 01091831872 – 01007389266. لفتت إلى أن بعض المنظمات الحقوقية مثل منظمة حرية الفكر والتعبير تتبنى مساعدة أهالى المفقودين عبر تقديم بلاغات ضد جهات أمنية بموجب الحق بالمعرفة للكشف عن مصير أولادهم. السيدة منى شقيقة عمرو درويش ،(28 عامًا) الذى يعمل بائع بشارع التوفيقية اختفى منذ 8 إبريل 2011، تروى أنه قرر فى هذا اليوم لأول مرة النزول لميدان التحرير مع بعض أصدقائه لاستكشاف الوضع، إلا أنه لم يعد وفشلت كل محاولاتهم فى البحث على مدى سنتين. تتفق معها حميدة، شقيقة زينب محمود خليفة (27 عام) التى اختفت يوم جمعة الغضب 2011 مع فتاتين آخريتين من صديقاتها ممن قررن النزول معا والمشاركة فى الثورة، قائلة: "سنتين بنلف السجون والمستشفيات والمشرحة فى القاهرة والإسكندرية، ومفيش حاجة، احنا شاكين أنها ممكن تكون معتقلة لأنها لو ماتت أكيد هتظهر لها جثة، وأمها مريضة ونفسها تعرف مصيرها قبل ما تموت، ياريت الرئيس مرسي يتدخل ويساعدنا". ورحلة حافلة خاضها محمد السعيد بحثًا عن شقيقه إبراهيم(39 عاما) الذى يعول 3 أطفال واختفى منذ جمعة الغضب مما دفعه لتبنى القضية والإنضمام للجنة تقصي الحقائق الثانية ممثلا عن أهالى المفقودين ومساعدة عدد من الأهالى فى العثور على ذويهم بالمصادفة خلال رحلته للبحث عن شقيقه مثل الشهيدين زياد بكير وطارق عبداللطيف وكذلك اكتشاف 18 جثة مجهولة تم دفنها فيما بعد بمقابر الصدقات أثير حولها جدلا شديدا فى عهد حكومة عصام شرف. يروى لنا محمد عن وقائع تأكد منها بنفسه وتم ضمها لتقرير اللجنة ووقائع آخرى لم يستطع الحصول على أدلة لها رغم معرفته وتأكده بنفسه منها،على حد قوله، تضمنت حالات للقبض العشوائي على مدنيين فى كمائن أمنية اختفوا بعدها، وعن مفقودين ظهروا فجأة بعد عام من اختفائهم ليكشف أحدهم أنه كان معتقلا وتعرض للتعذيب بالسجن الحربي ليختفى مرة آخرى وعن حالات عثر عليها فاقدة للذاكرة وحالات آخرى رفضت بشدة الكشف عما حدث لها ومكان اختفائها، حسبما يقول. "كعب داير" على محافظات مصر بحثًا عن شقيقه هكذا يصف محمد الأمر، من سجن وادى النطرون لدمنهور مرورا بإيتاى البارود وشبين الكوم وسيناء، مضيفًا: " تعاملت مع بعض معارف ووسايط فى الأمن ومع مسجلين خطر ومسجونين مفرج عنهم وتعرضت للنصب وصرفت الأموال على أمل أن أجده، وفى النهاية لا شيء، أشعر أنه مازال على قيد الحياة، ربما يكون محتجزًا بأحد السجون، المشكلة فى أن كل هؤلاء اختفوا ولا نعرف أين هم أو كيف اختفوا وأين، لا توجد خيوط لنتتبعها ولا ندرى لمن نلجأ بعد الله".