بعد ظهور نتيجة الامتحان للطالب: (ليبرالي مدني علماني نخبوي) الشهير بالثورجي بالرسوب للمرة الرابعة على التوالي، أنصحه بأن يترك التعليم ويتعلمله صنعة تنفعه، فبالرغم من أن درجاته تتحسن في كل امتحان عما قبله إلا أن هذا لن يغير الواقع، هو لايزال راسب!!
وبدلا من أن تلعن هذا البلد وتقدح زناد فكرك في تحديد سبب فوز الإخوان بالموافقة على ما يروه هم صحيحا للمرة الرابعة، وهل جاء ذلك بسبب التزوير أم قلة الوعي السياسي للمصريين أم انتشار الأمية أم استغلال النزعة الدينية في التأثير على الناخبين، أم بسبب السلبية التي يتمتع بها 35 مليون لم يشاركوا فى الاستفتاء أصلا، أو ربما فشل الجانب الليبرالي في إقناع أغلب الجماهير بأنه هو الصادق الواعي فعلا... أيا كان السبب.. لا طائلة من التفكير فيه.. فلنترك الماضي لأهله، ونبدأ في التفكير من جديد في المستقبل، المستقبل الأسود، المتطرف، الحاقد، الغارق فى الفقر والفوضى.
وإن كنت حقا شخص عملي، عليك بوضع خطة محكمة للانتقام من هؤلاء الذين وقعوا على شهادة رسوبك وكذبوك، وأحيانا استجهلوك وكفروك وصدقوا خصمك في المعركة، بأن تقدم لهم أسوأ عقاب يستحقونه، اتركهم لقدرهم الذي اختاروه، ولا تكرر أخطاء الماضي، لا تخرج في مظاهرات ضد المجلس العسكري بعدما أقر المواطنون بالموافقة على تعديلاته الدستورية، لا تروج لقائمة تحالف شباب الثورة فى الانتخابات البرلمانية طالما هناك محافظات كاملة لا تقتنع إلا بخبرة "الجماعة" السياسية، لا تقف خارج اللجان تصيح بعلو صوتك وأنت تكاد تبوس أيدي الناخبين للتصويت لصباحي أو أبو الفتوح، طالما هم مصرون على مرسي وشفيق، لا تعيد شرح مساوئ مشروع الدستور الذي وافق أبناء المحروسة عليه، أرجوك أن تتركهم يكتشفونها بأنفسهم.
إلى متى سيظل المصريون يجنحوا للخطأ ويدفع المتظاهرون وحدهم ثمن هذا الاختيار الذي لم يختاروه أصلا؟! كن إيجابيا لمرة واحدة بأن تكون سلبياً اليوم، اترك من قالوا نعم يعرفون معناها، انسحب من الحياة السياسة كاملة، لا تعارض الرئيس الشرعي المنتخب ولا تجعلهم يعلقون عليك تهمة عدم الاستقرار، لا تنتقد قرارات الحكومة ولا إعلانات الرئاسة كأنك لا تراها، لا تطرح بأسماء من تثق بهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة ليصبح البرلمان المصري (شعب وشورى في أيدي الإسلاميين وحدهم)، اترك فرصة لظهور أولاد أبو إسماعيل في برامج الفضائيات، لا تشارك باقتراحات اقتصادية ولا اجتماعية على الحكومة الجديدة، فيكفي ثقافة ورجاحة عقل الإخوان وحدهم أن يديروها، لا تدين ولا تهتف ولا تتظاهر ولا تعتصم ولا تبد حتى رأي.. أنت شخص غير موثوق فيه وغير مرحب بك من قبل أبناء الوطن، فلتكن عندك الشجاعة الكاملة للانسحاب الكامل.
بعد فترة –لن تكن بالطويلة- ستحتاج إلى تغيير دورك من "الشخص السلبي" إلى "اللي عامل روحه مش واخد باله"، لا تعبأ بشكوى عم صبحي من فاتورة الكهرباء التي وصلت ل80 جنيه في عصر النهضة بالرغم من أنه اهتم بارتداء الملابس القطنية والجلوس في الصالة... لا تهدئ من روع أستاذ منير، الذي يعمل مديرا ماليا بإحدى الشركات الخاصة ويسكن بنفس عمارتك، بعدما أخبرته زوجته أن ولده فى حالة خطرة بالمستشفى بعدما اعتدى عليه شابان ملتحيان من جماعة النهي عن المنكر بعدما شاهداه يضع يده حول خصر خطيبته بأحد الشوارع، لن تتمكن وقتها من أن تشرح له أن هذا حق لهما بموجب الدستور –الذي صوت هو بالموافقة عليه-... لا تفهم (الواد حمادة) الذي يعمل بمحل "حلاقة" بشارعكم كيف لن يعود الدوري، لأن الداخلية لا تتحمل إقامة الدوري بسبب الأزمة الأمنية.
لا تستجيب لدعوة رابطة سائقي النقل التي سيوجهوها لنشطاء الأحزاب والحركات السياسية للتضامن معهم في وقفتهم بعد زيادة أسعار السولار، وقل لهم وقتها أنك انضممت للحرية والعدالة... لا تندهش عندما تجد الأغلبية الإسلامية في البرلمان تقر قانون حظر إهانة الرئيس، لتجد كل أسبوع 5أو 6 صحفيين يأخذون صورا تذكارية بالكلابشات... ولا ترسل صورة من المحضر الذي حررته الفتاة ضد سيدة منقبة قامت بقص شعرها لها إلى أي من منظمات حقوق الإنسان، فهذه الجهات لن تتفهم طبيعة الحياة والحريات التي ارتضاها المصريون لأنفسهم... لا تحاول أن تطمئن رواد الفن عن مستقبلهم في حالة إن وجدوا عرض مسرحية تمنع من العرض أو دور سينما تغلق، سواء بصدور قانون يقنن عملها أو بسبب محاصرة بعض الجماعات لها عنوة.
لا تواسي أم شهيد الثورة بعد أن تقبل المحكمة طعن مبارك والعادلي وتعيد محاكمتهما لتجد أنه لا أدلة كافية كباقي القضايا وتخلي سبيلهم طالما صدقوا وعود رئيس ليس بيده من أول يوم أن يعيد محاكمات المتهمين طالما النيابة لم تتحصل على أدلة جديدة في أي قضية كانت، ولم يصدقوك أنت عندما أقسمت لهم ألف مرة أنه لن يستطع إعادة الحق لأصحابه.
اطمئن سيثور هذا الشعب (صاحب النعم الخالدة) في شهور قليلة على من صدقوهم، بعدما يكتشف أنه أصبح على الحديدة، بل حتى الحديدة أخذت منه، وسيعود يبدي ندمه لك، متوسلا أن تتكلم وتتدخل وتحكم، وعندها تستطيع أنت لأول مرة أن "تركب" ثورة لم تقم بها، ولكن يا ترى كم خسائر ستكون قد خسرتها هذه الأمة خلال هذا الوقت؟؟