تسمى بجلطة الأوردة العميقة deep vein thrombosis، وتعرف اختصاراً ب DVT، وفيها يتجلط الدم في أحد أوردة الجسم الداخلية. في معظم الحالات تحدث الجلطة في الساق، وأحياناً في الحوض، وفي أحيان قليلة في الذراع يصيب المرض واحداً من كل 1000 شخص سنوياً، ووفقاً للإحصائيات الأمريكية؛ فإن جلطة الأوردة العميقة تصيب ما بين 350 إلى 600 ألف أمريكي كل سنة، يموت منهم حوالي 100 ألف تأثراً بها. تشيع الجلطات أكثر في كبار السن، وتحدث بشكل نادر جداً في العمر الأقل من 18 سنة، وهذا بسبب معدل خفقان القلب المرتفع في السن الصغير؛ إضافة إلى أن الأطفال والمراهقين يكونون أكثر نشاطاً وحركة؛ مما يحميهم من حدوث الجلطة. الأعراض في حوالي 50% من حالات جلطات الأوعية العميقة، لا تكون هناك أية أعراض على الإطلاق! في ال 50% الأخرى من الحالات تكون الأعراض كالتالي: • تورّم الساق المصابة، بما فيها القدم والكاحل. • ألم في الساق، واحمرار مع إحساس بالسخونة في المنطقة المصابة. • قد يكون هناك احمرار وتورم في الذراع أو الرقبة إذا أتت الجلطة من هذه المنطقة. أما إذا حدثت الجلطة في الرئة؛ فالأعراض تكون كالتالي: • حدوث ضيق تنفس فجائيّ وغير مبرر. • ألم في الصدر يزيد سوءاً عند أخذ نفس عميق أو عند الكحة. • شعور بدوخة أو إغماء. • خروج دم مع الكحة. • شعور بالقلق والعصبية. ولماذا تحدث الجلطة؟ هناك بعض العوامل التي تزيد من احتمالية حدوث الجلطات، هذه العوامل تتضمن: • الجلوس لفترات طويلة: مثلما يحدث أثناء السفر خاصة بالطائرة ولمسافات طويلة؛ فعندما تظل الساقان ثابتتين لفترة طويلة، وبالتالي لا تنقبض عضلاتهما، لا تعتصر العضلات الأوردة لتدفع الدم فيها إلى أعلى؛ فيظل الدم راكداً في الأوردة لفترة طويلة تكفي لحدوث التجلط. • وجود مرض وراثي يؤدي إلى تجلط الدم. • البقاء في السرير لفترات طويلة جداً، مثلما يحدث للمرضى في المستشفيات، أو في حالة الإصابة بالشلل، أو أي سبب آخر يؤدي إلى البقاء لفترات طويلة بدون حركة. • حدوث إصابة بالأوردة بسبب حادث ما أو بسبب التعرض لجراحة. أيضاً المواد التي تستخدم في تخدير المريض أثناء الجراحة تؤدي إلى توسيع الأوردة؛ مما يؤدي إلى زيادة تجمع الدم وزيادة احتمالية حدوث الجلطة. • الحمل: يزيد الحمل من الضغط على أوردة الحوض والساقين؛ مما يزيد من احتمالية حدوث الجلطة في السيدات اللاتي لديهن استعداد لهذا، ويستمر الخطر لما بعد ولادة الطفل بستة أسابيع. • الإصابة ببعض أنواع السرطان تؤدي إلى زيادة احتمالية حدوث الجلطة. • الإصابة ببعض أمراض القلب؛ حيث لا يستطيع القلب المعتل ضخ الدم بقوة كافية، وهذا يؤدي إلى ركود في الدورة الدموية. • حبوب منع الحمل والهرمونات التعويضية الأنثوية؛ حيث تساعد هذه الهرمونات على زيادة التجلط. • الأشخاص الذين تم تركيب دعامات في بعض الأوردة لديهم، أو الذين رُكِّب لهم منظّم لضربات القلب؛ حيث تعوق هذه الأشياء التدفق السليم للدم، وتؤدي إلى تهيّج جدار الوريد. • السمنة: حيث تؤدي الدهون المتراكمة إلى زيادة الضغط على الأوردة تماماً، كما يحدث في الحمل. • التدخين: لأنه يؤثر على سلامة الدورة الدموية وآليات التجلط. المضاعفات أهم المضاعفات التي قد تترتب على حدوث جلطة الوريد هي الجلطة الرئوية؛ حين تنتقل الجلطة من الساق إلى أحد أوردة الرئتين. الجلطة الرئوية قد تكون مميتة؛ لذا يجب ملاحظة أعراض الجلطة الرئوية -التي ذكرناها بالأعلى- للحصول على مساعدة طبية فورية لإنقاذ حياة المريض إن حدثت. هناك أيضاً متلازمة ما بعد الجلطة، وهي متلازمة تتميّز بشعور بالألم في الساق مع تورّمها وتغيّر لون الجلد، ويحدث هذا بسبب التلف الذي تتعرّض له الأوردة التي حدثت فيها الجلطة؛ حيث يقل تدفّق الدم إلى المنطقة المصابة، وقد تحدث هذه الحالة بعد حدوث الجلطة بسنوات. وعلاج هذه المتلازمة يتضمن الأسبرين ومدرّات البول مع ارتداء الجوارب الضاغطة. قبل الذهاب للطبيب في حالة الاشتباه في وجود جلطة؛ هناك بعض الأشياء البسيطة التي يمكن عملها إلى أن يصل المصاب إلى الطبيب؛ مثل عمل كمادات ماء دافئ على المنطقة المصابة، ووضع الساق على شيء مرتفع. وإذا تناول المريض بعض الأدوية المسكِّنة يجب إخبار الطبيب بها؛ لأن بعض المسكّنات قد تتعارض مع الأدوية التي سيصفها الطبيب في حالة الجلطة. التشخيص لتشخيص الحالة سيسأل الطبيب مجموعة من الأسئلة عن الأعراض التي تبيّن له مدى احتمال وجود جلطة من عدمه، ثم يطلب إجراء مجموعة من التحاليل والأشعّات، مثل إجراء سونار على المنطقة المصابة، أو أشعة رنين مغناطيسيّ، أو أشعة بالصبغة على الأوردة، كما يطلب إجراء تحليل دمّ لقياس نسبة مادة تسمى Ddimer يبيّن وجودها بنسب عالية أن الشخص معرّض لحدوث الجلطات. العلاج يهدف العلاج إلى منع الجلطة من أن يزيد حجمها؛ حتى نمنع الجلطة من أن تنفصل من مكانها وتتحرّك في مجرى الدم لتصل إلى الرئة؛ مما يكون فيه خطورة بالغة على حياة المريض، هذا في المقام الأول. في المقام الثاني يجب أن نعمل على منع تكرار حدوث الجلطة. ويتضمّن العلاج استخدام: • أدوية تزيد من سيولة الدم: وهي أدوية مضادة للتجلط تقلل من قدرة الدمّ على تكوين الجلطات، وبالرغم من أن هذه الأدوية لا تقوم بتفتيت الجلطة؛ إلا أنها تمنع عمليّة زيادة حجمها. يبدأ العلاج بحقن مضادة للتجلط لعدة أيام، ثم توقف الحُقن، ويُعطَى دواء آخر عن طريق الفم لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر. يجب حساب الجرعة المطلوبة بدقة؛ لأنها إذا كانت أقل من الحاجة سيظلّ خطر التجلّط قائماً، وإذا كانت أكبر يكون هناك خطر حدوث نزيف. • في حالات الجلطات الأكثر خطورة مثل الجلطة الرئوية؛ يتم إعطاء حقنٍ وريدية معيّنة تقوم بإذابة الجلطة؛ لكن هذه العقاقير لا تستخدم إلا في الحالات الخطيرة؛ لأنها قد تتسبب في حدوث نزيف حاد. • الجوارب الضاغطة: وتستخدم لعلاج التورّم الذي يصيب الساق في حالة جلطة الساق، يساعد الجورب الضاغط أيضاً على تقليل فرصة حدوث التجلط. يجب على المريض ارتداء هذه الجوارب لسنة على الأقل. المتابعة يجب اتباع بعض الإجراءات لمنع تدهور حالة الجلطة، أو لمنع تكرار حدوثها. • يجب زيارة الطبيب على فترات متقاربة لمتابعة الحالة وتعديل جرعات الأدوية إذا كانت هناك حاجة لذلك. • يجب مراقبة كمية فيتامين (ك) التي يتم تناولها في الطعام. فيتامين (ك) -كما هو معروف- من العوامل الهامة للتجلط، وهو يوجد بوفرة في الخضراوات ذات الورق الأخضر (كالجرجير مثلاً) وزيوت الصويا؛ لذا يجب تقليل تناول هذه الأطعمة قدر الإمكان. • يجب أن يتحرك الشخص باستمرار؛ الحركة تجعل عضلات الساقين تنقبض، وتقوم بعصر الأوردة العميقة لتساعد على صعود الدم إلى أعلى، ومنع ركود الدم الذي يؤدي إلى التجلط. • تقليل الوزن، والتوقف عن التدخين، وعلاج ضغط الدم المرتفع؛ كلها من الأمور الهامة التي يجب مراعاتها لتقليل احتمالية حدوث الجلطات. • ارتداء الجوارب الطبية الضاغطة. • ملاحظة حدوث النزف عند حدوث جرح أو رضوض؛ نظراً لأن الأدوية المانعة للتجلط التي يتعاطاها المريض قد تصعّب من تجلط الدم بالسرعة الكافية عند حدوث جرح.