السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أولا باشكركم على الموقع الرائع ونصائحكم في حل مشاكل الزوار. ثانيا أنا شاب عندي 25 سنة، مخلص دراستي وباشتغل والحمد لله باصلي بانتظام من سن 15 سنة، ومن أسرة متوسطة الحال ودخلي كويس والحمد لله. مشكلتي هي إني كنت خاطب من سنتين، أول سنة بعد الخطوبة ماكانش عندي رغبة في الارتباط خالص، وده طبيعي لكل اللي بينفصلوا عن بعض بعد قصة حب، وده كان لسبب تافه جدا لدرجة إنه مايستاهلش أقوله، بجد مش مبالغة، المهم عدوا سنتين ونسيت خطيبتي، وهي اتخطبت خلاص والموضوع انتهى. والدي كبير في السن وخايف بعد عمر طويل إن ربنا يختاره قبل ما أتجوز ويفرح بيّ، وكان مصمم من فترة إني أرتبط بأي واحدة وأتجوز وخلاص، لأنه شايف إن مافيش مشكلة ما دام شقتي موجودة وهاقدر أفتح بيت. هو شايف إن ده كفاية، حاولت كتير أقنعه إن زمنه مختلف.. المجتمع اتغيّر والبنات مابقوش زي الأول، وإني لولا اتأكدت إن خطيبتي الأولانية محترمة ومختلفة عن بقية البنات ماكنتش ارتبطت بيها، المشكلة اللي كانت معقداني من الارتباط عموما إني اتعرفت على بنات في شغلي مجرد زمالة عمل مش أكتر، لكن للأسف لقيت إن معظمهم مش من النوع اللي ينفع أثق فيه وأرتبط بيه، وآمنها على بيتي وشرفي، لدرجة إني خلاص قربت أبصم بالعشرة إن مافيش بنت تنفع للجواز. بجد كل ما أعرف واحدة وأفكر إني ممكن أرتبط بيها أكتشف عنها حاجة تغيّر فكرتي خالص، وحتى كمان مش بالاقي فيه بنات تيجي تشتغل معانا لأن طبيعة شغلنا صعبة، ومافيش بنات بتستحمل المجهود بتاعه، المهم إن والدي فضل يدور لي على أي واحدة من معارفه وأخيرا كلم واحد طلع أخو واحد صاحبي من أيام الدراسة، وقال له إن عندي أختي 20 سنة، متعلمة وملتزمة دينيا جدا ومابتشتغلش ومابتخرجش من البيت أصلا. أنا كنت عارف كده لأني أعرف أخوها التاني من أيام الدراسة وعارف أنهم متربيين كويس شباب وبنات، لكني كنت متجنب أناسب حد من أصحابي علشان لو حصلت مشكلة ولا حاجة ماخسرهمش. رحنا لهم وطلبنا إيد بنتهم ووافقوا واتفقنا على كل حاجة تقريبا وقرينا الفاتحة، بعد شوية حسيت إني عايز ألغي الموضوع بأي حجّة لأني حسيت إني اتسرعت، والدي كلم أخوها من غير حتى ما يقول لي وبعدها بكام يوم لقيته بيقول لي إنه حدد معاد مع والدها عشان نروح نتقدم، حتى ماسألوش علينا زي ما بيحصل لأنهم عارفيني من زمان، وعارفين إن والدي إمام مسجد، ووالدها رحّب بالموضوع جدا من كتر الكلام اللي سمعه من أولاده عني وعن والدي. قبل ما أقول لك أعمل إيه عايز أوضح نقطة مهمة، أنا مابفكرش في خطيبتي الأولانية خالص من قبل حتى ما أعرف إنها اتخطبت، ولأننا سبنا بعض من سنتين وأكتر، يعني ده مالهوش أي دخل في إني فكرت أرجع في كلامي وماخطبش أخت صاحبي، محتار بجد ونفسي أعرف أعمل إيه في المشكلة دي؟
alpashamedo
صديقنا العزيز.. يبدو من رسالتك أمران.. الأول أنك شكّاك جدا والثاني أنك متردد جدا، والصفتان غالبا ما تتصاحبان.. فكونك تحكم على المجتمع كله من خلال شريحة قليلة من البنات اللاتي يعملن معك فهذا شك زائد عن الحد، وأن تتخيل أن كل بنت هي سيئة لمجرد أنها تعمل في موقع عمل صعب لا يطيقه إلا الرجال فهذا تعميم فاسد، وكونك ارتبطت مرة ثم لم تشعر بشيء ففسخت الخطوبة ثم ارتبطت بعد عامين ثم لم تشعر بشيء فهذا غالبا تردد مذموم، والأوْلى يا صديقي أن تتخلص من هذه العيوب الطفيفة التي قد تؤدي بك إلى ما لا تحب.. الشك إذا زاد عن حده أصبح مرضا، والتردد إذا بولغ فيه ألغى شخصية صاحبه تماما.. وأنا لا أطالبك بالكثير، فقط أطالبك بألا تفعل شيئا حتى تفكر فيه مليّا، ولكن بعد أن تقرر وتتخذ الخطوة عليك ألا تعيد التفكير فيها مرة أخرى، هذا علاج التردد.. أن تتخذ قرارات نهائية غير قابلة للنقض ولا للاستئناف.. حتى لو ظهرت لك أخطاء فأن تخطئ في قرار ما خير من أن تلغي شخصيتك كلها ويُحكم عليك بأنك شخص مالكش كلمة.. أما علاج الشك يا صديقي فيسير أيضا لن يكلفك الكثير، فقط عليك أن تحسب أن كل الناس مثلك، نعم الجميع لا يمكن أن يكونوا على نظام واحد، ولكن أنت الشيء الوحيد القابل للقياس بالنسبة إليك، ولماذا تتهم غيرك بأنه مخادع في حين أنك لست مخادعا، أو أنه كاذب في حين أنك لست كاذبا، اللهم إلا إذا كان لديك دليل واضح على ما تتهمه به، وقتها بالدليل فقط يتحول الشك إلى يقين.. ولكن قبل ذلك لا يحق لك أن تتهم غيرك أو تشك فيه.. كما أن حيلة "المجتمع لم يعد فيه خير وأن الجميع فاسدون"، هي حيلة يستخدمها الآثمون ليبرروا لأنفسهم ما يقومون به من منكرات، فمثلا اللص يتهم الجميع بأنهم لصوص على اختلاف درجاتهم، وبالتالي يبرر لنفسه سرقتهم، والمرتشي يتهم الجميع بأنهم مرتشون ويبتزّون غيرهم فلا مانع أن يبتزهم هو أيضا، والخائن يتهم الجميع بأنهم خونة ويستحقون الخيانة.. وهكذا. أليس هذا الطرح صحيحا؟ هو غالبا صحيح، ولكن هناك رابطا واحدا يجمع الأمثلة التي ذكرتها كلها، وهي أن من يحاول أن يلقي التهمة على المجتمع كله يكون هو أول من تنطبق عليه هذه التهمة.. معنى هذا أن الإنسان البسيط البريء الذي يتعامل مع الناس بحرص ولكن بلا تخوين عملا بالمثل الشهير: "حرّص ولا تخوّن" يرى الجمال الكامن في النفوس ويرى الخير وينأى بنفسه عن الشر.. لا ينكر وجوده ولكنه يحاول أن يرى الخير وهو كثير.. الدنيا فيها الخير وفيها الشر يا صديقي، كلاهما يوزعان الحياة بينهما، هذه سُنّة الحياة وطبيعة البشر، {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}.. {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}.. {فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا}، والعشرات من الأمثلة التي تؤكد هذا الكلام، معنى ذلك أنه لا صحة مطلقا لكلام من نوعية أن الدنيا كلها شر وخيانة وفساد ذمم، ولا أيضا أن الدنيا كلها خير وحب وإخلاص وإيمان.. ولكن هناك أماكن وبيئات وظروف يكثر فيها الخير، وأماكن وبيئات وظروف يكثر فيها الشر ويغلب عليها الفساد.. وبالنسبة لموضوع الزواج هذا فقد حذّرنا رسول الله في حديث وُصف بالضعف ولكن فيه الموعظة.. حيث قال: "إياكم وخضراء الدمن.. قيل: ومن هي خضراء الدمن يا رسول الله؟ قال: المرأة الجميلة في المنبت السوء.. فهذا مظنة السوء والشر والخيانة"، وينسحب هذا الحكم على فتاة في أسرة منحلة أو في وسط مليء بالموبقات أو فتاة يعرف عن أبيها شرب الخمر أو قلة الدين، أو أن أمها لها سلوك مشين أو فتاة تعمل في مكان موبوء كالملاهي الليلية وغير ذلك.. ولكن بالمقابل هناك أماكن يكثر فيها الخير، وهو الغالب على طبائع بلادنا الخيّرة، فتاة ابنة والدين طيبين مشهور عنهما الصلاح، الزي الطاهر الذي ينم غالبا عن الشخصية، بيت فيه أخ صالح أحسن تربيته كصاحبك.. هناك خير في كل مكان فقط لو بحثت في المكان المناسب.. وإياك إياك والتعميم، فإن الدنيا تستعصي على من يبحث عن حكم عام لها.. نصيحتي لك أن تتخذ قرارا واضحا مدروسا جيدا، وتسير فيه ولا تلتفت وراءك.. وتُقبل على الحياة، فليس معنى أن ليس لك رغبة في الارتباط مع كونك جاهزا أن قرارك صحيح، ففي الدنيا خير عظيم وطرق سعادة لا تحرم نفسك منها.. وفقك الله إلى الخير وأرضاك بحب طاهر ورزقك نصفك الثاني.. آمين.