ورد إلى موقع "بص وطل" سؤال يقول: أنا نفسي أسافر للحج أو حتى أعمل عمرة بس -مع الأسف- إنتم عارفين طبعا إن الحالة صعبة الأيام دي، والحج بقى تكلفته عالية؛ وأنا بصراحة نفسي أطوف بالكعبة، وأزور الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ففكّرت إني أحج أو أعمل عمرة بس بالتقسيط، وكنت عايزة أعرف حكم الشرع في موضوع التقسيط ده إيه؟ هل لو أنا عملت كده ربنا هيتقبّل مني الحج أو العمرة اللي هعملهم؛ ولا ده مخالف للشرع؟ وجاء رد دار الإفتاء كالآتي: من المقرّر شرعا أنه يصحّ بيعُ الأعيان بثمنٍ حالّ وبثمن مؤجّل إلى أجل معلوم، والزيادة في الثمن نظير الأجل المعلوم جائزة شرعا على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء؛ لأنها مِن قبيل المرابحة، وهي نوع من أنواع البيوع الجائزة شرعا التي يجوز فيها اشتراط الزيادة في الثمن في مقابلة الأجل؛ لأن الأجل وإن لم يكن مالا حقيقة إلا أنه في باب المرابحة يُزاد في الثمن لأجله إذا ذُكِر الأجل المعلوم في مقابلة زيادة الثمن؛ قصدا لحصول التراضي بين الطرفين على ذلك، ولعدم وجود موجب للمنع، ولحاجة الناس الماسّة إليه بائعينَ كانوا أو مشترين، ولا يُعدّ ذلك مِن قبيل الربا؛ لأن القاعدة الشرعية أنه إذا توسّطت السلعة فلا ربا، والخدمات التي يُتَعاقَد عليها هي في حكم السلعة. ولا فرق بين المنافع والأعيان في جواز التعاقد عليها وبيعها؛ قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في المغني: "والمنافع بمنزلة الأعيان؛ لأنه يصحّ تمليكها في حال الحياة وبعد الموت, وتضمن باليد والإتلاف, ويكون عوضها عينا ودينا، وإنما اختصت باسم كما اختص بعض البيوع باسم، كالصَّرف والسَّلَم". وقال الفقيه ابن حَجَر الهَيتَمي الشافعي في فتاويه: "المنافع كالأعيان؛ فالقيمة فيها ذاتية، وُجِد راغبٌ بالفعل أم لا". ورحلات الحج والعمرة المنظّمة بالشكل القائم حاليا والذي تكون فيه تكاليفها: من انتقالات وإقامة ورسوم موانئ وأشباه ذلك محددة سلفا، ويتمّ الاتفاق فيها بوضوح بين الطرفين: الجهةِ المتعهدةِ بالرحلة مِن جهةٍ والحاجّ أو المعتمر مِن جهة أخرى لا تعدو أن تكون نوعا من الخدمات التي يكون التعاقد عليها من قبيل التعاقد على المنافع أو المنافع والأعيان معا، وهذا جائز شرعا. وتأخذ هذه الخدمات حكم السلعة في إمكان التعاقد عليها بثمن حالّ أو مُقَسّط، بمُقَدّم أو بغير مقدّم، وبزيادة في السعر مع التقسيط أو بغير زيادة، ويجوز عندئذ دخول جهة ثالثة أو أكثر للتمويل أو الوكالة أو السمسرة، ودفع الجهة الممولة للمال حالا وتحصيله من المستفيد من الرحلة (الحاج أو المعتمر) بزيادة في الثمن مقابل الأجل لا مانع منه شرعا؛ لتوسّط الخدمات المعلومة القدر والوقت القائمة مقام السلعة حينئذ.