آية خالد بعد الزواج -خصوصا في الشهور الأولى- قد تصطدم عزيزي الزوج وعزيزتي الزوجة بأن العلاقة الحميمة ليست برومانسية الأحلام التي كانت تراودكما قبل خوض التجربة، كما أنها قد لا تكون مُشبعة بنفس الدرجة التي كانت تبدو عليها في الخيال، ولا جذّابة بالدرجة التي يظهر بها أبطال السينما، ومن هنا تبدأ الكثير من المشكلات والتوترات بين الزوجين، وتبدأ حالة من الحيرة المكتومة، وسؤال بداخل كل منهما لا يفصح عنه حول السبب في العلاقة السيئة، وفي أحيان كثيرة قد تتفاقم الأزمة وتصبح العلاقة الحميمة عبئا على أحد الطرفين. وكي تصبح قادرا على احتواء الموقف من البداية؛ عليك أولا معرفة أهم الأسباب التي تؤدّي إلى تلك الحالة؛ وأهمها.. مشكلة معرفة في مجتمعاتنا الشرقية المتحفّظة، غالبا ما تقتصر معرفتنا عن الحياة الجنسية والعلاقة الحميمة على السينما والتليفزيون وما يصدّره لنا الإعلام خاصة الغربي، وما قد يسمعه البعض ويتناقله من حكايات، أو قراءة مختلسة في إحدى المجلات أو المنتديات عبر الشبكة الإلكترونية. وفي الغالب تكون الصورة عن العلاقة الحميمة لدى الزوجين مشوّشة، وغير واضحة حول طبيعة العلاقة نفسها، وطبيعة احتياجاتهم، وما يجب أن يقوم به كل طرف لإشباع نفسه وإسعاد الآخر، وقد تصيبهما حالة من الارتباك تكون هي السبب في علاقة حميمة غير مشبعة، وقد يؤدّي الأمر إلى عدم رغبة أحد الطرفين في العلاقة.
اختلاف التوقّعات يأتي كل واحد من الزوجين وفي رأسه نموذج معيّن للعلاقة الحميمة المثالية، يرسم لنفسه دورا معيّنا، ويرسم للآخر دورا ينتظره منه، وتأتي الفاجعة عندما لا يجد الآخر متجاوبا مع توقّعاته، بل وقد يرفضها أو يستنكرها أحيانا، وقد يجده بتوقّعات مختلفة تماما، ورغبات مضادة، وعلى سبيل المثال؛ فكثيرا ما تفضّل المرأة الإطالة في فترة المداعبة قبل الجماع، في حين أن كثيرا من الرجال يفضّلون اختصارها في بضع قبلات... وغيرها من الاختلافات في الميول والتوقّعات، والتي كثيرا ما تتسبّب في المشكلات والخلافات، حتى وإن لم يتم الإفصاح أو الحديث عنها، كما أنها قد تترك مسافة بين الزوجين وحالة من الجفاء والتحفّظ والضيق. وللتخلّص من مشاعر الإحباط والوصول بالعلاقة الحميمة لأقصى درجات المتعة، هناك 4 خطوات فارقة لا بد من اتّباعها لإعادة العلاقة إلى مسارها الصحيح: 1- الصراحة راحة الحقيقة أن الأمر يحتاج من كلا الزوجين لدرجة عالية من القدرة على تقبّل وفهم الآخر، فلا توجد علاقة أيا كان نوعها تنجح إلا بوجود مساحة من التفهّم والصراحة؛ فليس من المنطق أن ينتظر أي طرف أن يلبّي الآخر احتياجاته، ويكون محل توقّعاته دون الحديث عنها. وعلى الرغم من أن الحديث حول العلاقة الحميمة عادة ما يكون شديد الإحراج لكلا الطرفين، ويخشى كل طرف فيه أن يجرح الآخر أو يُضايقه؛ فإنه لا يمكن تجاوز الأزمات إلا بمقدار كبير من الصراحة والشفافية والهدوء عند الحديث عن رغبات كل طرف واحتياجاته وتوقّعاته. ولا بأس أبدا من أن يخبر الزوج مثلا زوجته عن الملابس التي يريدها أن ترتديها، أو أن تخبره هي عن العطر الذي تفضّل أن يضعه، وليس هناك حرج في أن يطلب أي منهما من الآخر ما يعجبه أو يفرحه أكثر، ولا شك أن كلا الزوجين سيسعد عندما يرى شريك حياته مستمتعا وسعيدا، حتى وإن كان في مقابل هذا قد قام بعمل بعض التنازلات، أو أن يغيّر بعضا من توقّعاته والافتراضات التي رسمها مسبقا في ذهنه. 2- المرونة لازمة في العلاقات الزوجية، لا يوجد ما هو صواب مطلق ولا ما هو خطأ مطلق -بالطبع فيما عدا ما أمر الشرع الحنيف بتجنّبه- ويتوقّف الأمر دائما على تفضيلات الزوجين وميولهم، والتي قد تكون مختلفة، ومن هنا قد تتسرّب المشكلات والخلافات؛ لذا سيكون على كل منكما عزيزي الزوج وعزيزتي الزوجة أن تقدّما بعض التنازل، وأن توفّرا مقدارا من المرونة؛ بحيث يجرّب كل منكما ما يريده الآخر وما يسعده، دون أن يُبدي استنكارا ورفضا للمبدأ قبل تجربته، ربما مع التجربة تختلف النظرة للأمر، والأمر المؤكّد هو أن شعور أي طرف بأن آخره يبذل ما في وسعه لإسعاده سيكون سببا كافيا لمودة عظيمة وشعور كبير بالامتنان والدفء. 3- اكتشافات متأنية في أحيان كثيرة قد لا يعرف الزوج والزوجة ما الذي يسعدهما تحديدا، وما الذي يريدانه من العلاقة الحميمة، خاصة الزوجة، والتي عادة ما تستغرق وقتا طويلا قد يمتدّ لشهور أو سنوات لتتعلّم الاستمتاع بالعلاقة الحميمة، وهنا يقع العبء على كاهل كلا الزوجين، في أن يتمهلا، وفي أن يستكشفا معا بهدوء ما يسعد الطرف الآخر ويثيره ويرضيه، ولا يجب عليهما تعجّل الحصول على أقصى درجات المتعة المنشودة؛ لأنها في الحقيقة تختلف عن الأحلام، بل تحتاج لمجهود من التعلّم والاستكشاف والتعوّد حتى يستطيع الزوجان أن يكوّنا علاقة متفاهمة ومُرضية ومشبعة لكل منهما. 4- تعلّم مشترك لا عيب في أن يشترك كلا الزوجين سويا في تعلّم ما يخص علاقتهما الحميمة؛ سواء كان ذلك بقراءة الكتب المتخصصة، والتي توضّح على سبيل المثال طبيعة الجهاز التناسلي للرجل والمرأة، وطبيعة استجابته، ومراحل الاستثارة والوصول للنشوة، والأوضاع الجنسية المختلفة، أو عن طريق حضور إحدى الدورات التدريبية التي ينظّمها المتخصّصون لحديثي الزواج، أو حتى زيارة الاستشاري النفسي أو الطبي إذا لزم الأمر، من أجل مزيد من الفهم لتجاوز هذه الأزمة. ****************** وفي كل الحالات يجب أن تدركا جيّدا -عزيزي الزوج وعزيزتي الزوجة- أن مشكلات العلاقة الحميمة أو اختلافها عن الآمال والأمنيات، لا يعني أبدا نقص في حب أحدكما للآخر، أو برودة في مشاعره، ولكنها في معظم الأحيان تكون مشكلات معرفية، نتيجة للأفكار والتصورات القديمة عن العلاقة أو نتيجة لنقص المعرفة؛ لذا يجب عليكما أن يكون كل منكما سندا للآخر، يسمعه ويتفهّم منه، حتى تستطيعا معا تجاوز مشكلة قد تودي باستقرار حياتكما الزوجية لتعبرا سويا إلى برّ الأمان والسعادة.
نرجو من القراء الأعزاء وضع إيميلاتهم داخل الاستشارة قبل إرسالها؛ على أن يكون الإيميل صحيحاً؛ حتى نتمكن من إرسال الردود على بريدكم الإلكتروني الخاص.
ونلفت نظر قرائنا الأعزاء إلى أننا نستقبل استشاراتكم، ولا نقوم بنشرها؛ حفاظا على السرية والخصوصية.